من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه لا يوحى إليه

"من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه لا يوحى إليه، لا ينبغي لصاحب القرآن أن يحد مع من حد، ولا يجهل مع من جهل وفي جوفه كلام الله تعالى".

ضعيف - أخرجه الحاكم 1/ 552، وعنه البيهقي في "الأسماء والصفات" 1/ 403- طبعة دار الكتاب، وفي "الشعب" (2353) من طريق يحيى بن عثمان بن صالح السهمي، حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا خالد بن يزيد، عن ثعلبة بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله ﷺ، قال: فذكره.
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح الإسناد" وأقره الذهبي!
قلت: إسناده ضعيف، وفيه علتان:
الأولى: يحيى بن عثمان بن صالح السهمي: قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه، وكتب عنه أبي، وتكلموا فيه.
وقال مسلمة بن قاسم: يتشيع، وكان صاحب وراقة، يحدث من غير كتبه، فطعن فيه لأجل ذلك.
وخالفه أبو عبيد القاسم بن سلام، فرواه في "فضائل القرآن" (ص 113) حدثنا عمرو بن طارق، عن يحيى بن أيوب، عن خالد بن يزيد، عن ثعلبة بن أبي الكنود، عن عبد الله بن عمرو موقوفا.
وهو المحفوظ عن يحيى بن أيوب المصري موقوفا، فقد رواه عنه أيضا عبد الله بن وهب:
أخرجه أبو الفضل الرازي في "فضائل القرآن" (52) من طريق أبي بكر عبد الله بن أبي داود، حدثنا أبو طاهر أحمد بن عمرو، حدثنا ابن وهب، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن خالد بن يزيد، عن ثعلبة بن أبي الكنود، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال:
"من جمع القرآن فقد حمل أمرا عظيما، لقد أدرجت النبوة بين كتفيه غير أنه لا يوحى إليه ولا ينبغي لحامل القرآن أن يحد مع من يحد، ولا يجهل مع من يجهل، لأن القرآن في جوفه".
والثانية: ثعلبة بن أبي الكنود، قال الحافظ في "إتحاف المهرة" 9/ 440 - بعد ما ذكر رواية الحاكم -:
"ثعلبة بن يزيد ما عرفته، وفي التابعين ثعلبة بن يزيد الكوفي الحماني، عن علي، ليس هو هذا، فإن هذا مصري، ثم وجدت الحديث في كتاب ابن أبي داود: عن أبي الطاهر بن السرح، عن ابن وهب، عن يحيى بن أيوب، فقال: عن خالد بن يزيد، عن ثعلبة بن أبي الكنود، عن عبد الله بن عمرو، موقوفا بزيادة ... فظهرت علة الخبر، وعرف أن ثعلبة هو ابن أبي الكنود، وأن اسم أبي الكنود: يزيد، وهو مصري معروف".
قلت: وثعلبة بن أبي الكنود: مجهول الحال، قال أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" 2/ 463:
"ثعلبة بن أبي الكنود الحمراوي روى عن عبد الله بن عمرو، وعائشة، وأبي موسى الغافقي - اسمه مالك بن عبادة - روى عنه خالد بن يزيد، وسليمان ابن أبي زينب".
وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 175، ومسلم في "الكنى" (2838)، وابن حبان في "الثقات" 4/ 99، لكن قالوا:
" ثعلبة أبو الكنود".
وجاء عند الطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 88، والطبراني 19/ (656)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 87 و 3/ 54، والدارقطني 1/ 213 و 214، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة" (1606) و (4513) و 4/ 1778، و"المستطرف" 2/ 229، والبيهقي 1/ 89، و"الاستيعاب" 3/ 983، و"تاريخ بغداد" 4/ 420، و"أسد الغابة" 3/ 272، و"نهذيب الكمال" 34/ 335، و"التكميل في الجرح والتعديل" 3/ 464، و"الإصابة" 4/ 191، و"تهذيب التهذيب" 12/ 252، و"حسن المحاضرة" 1/ 215 أن الكنود هي كنية والد ثعلبة.

وجاء عند أبي القاسم البغوي في "معجم الصحابة" (2076)، وابن يونس في "فتوح مصر" (ص 148) و (338) أنها كنية ثعلبة، ومهما يكن فإنه مجهول الحال، وله طريق أخرى عن ابن عمرو:

أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "تخريج الكشاف" للزيلعي 2/ 217، وعنه المروزي في "قيام الليل" (ص 175) - مختصره، والطبراني 13/ (14575) عن عيسى بن يونس، والطبراني 13/ (14575) من طريق يحيى بن أبي الحجاج التميمي، وأبو الفضل الرازي في "فضائل القرآن" (51) و (86) من طريق عمر بن هارون، ثلاثتهم عن إسماعيل بن رافع، عن إسماعيل بن عبيد الله بن المهاجر، عن عبد الله بن عمرو به مرفوعا.
وأخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 9/ 403 من طريق سعد بن الصلت، عن إسماعيل بن رافع به إلا أنه عنده (عبد الله بن عمر!).
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (799) أخبرنا إسماعيل بن رافع، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، عن عبد الله بن عمرو بن العاص موقوفا.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 68/ 225 من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن رافع، عن رجل من أهل دمشق، عن إسماعيل بن عبيد الله به موقوفا.
وإسناده ضعيف جدا، إسماعيل بن رافع: واه.
وهو منقطع أيضا فإن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر لم يسمع من الصحابة إلا من السائب بن يزيد كما في "جامع التحصيل" (ص 146).
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 467، وابن الضريس في "فضائل القرآن" (65)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 1/ 197 عن وكيع، عن إسماعيل بن رافع، عن رجل، عن عبد الله بن عمرو موقوفا.
وعند الخطيب (عن إسماعيل بن رافع، عن أبي رافع، عن رجل، عن عبد الله بن عمرو).
وأخرجه البيهقي في "الشعب" (2352) من طريق محرز أبي رجاء الشامي، عن إسماعيل بن عبيد الله، قال: قال عبد الله بن عمرو: فذكره موقوفا.
ومحرز أبو رجاء الشامي هو محرز بن عبد الله الجزري: صدوق يدلس كما في "التقريب" وقد عنعنه، وقد يكون دلّس إسماعيل بن رافع، أو أنه سقط منه.
وإسماعيل بن عبيد الله عن ابن عمرو منقطع كما تقدّم.
وأخرجه القاسم بن سلام في "فضائل القرآن" (ص 113-114) حدثنا عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن أبي يحيى، عن عبد الله بن عمرو، قال:
"من قرأ القرآن فقد اضطربت النبوة بين جنبيه، فلا ينبغي أن يلعب مع من يلعب، ولا يرفث مع من يرفث، ولا يتبطل مع من يتبطل، ولا يجهل مع من يجهل".
وإسناده ضعيف، عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد: صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة كما في "التقريب".
وأبو يحيى: لم يتبيّن من هو فقد بحثت في شيوخ معاوية بن صالح ممن يكنى بأبي يحيى، فوجدت اثنين منهم، وهما: سليم بن عامر الكلاعي الخبائري، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وكلاهما لا رواية لهما عن ابن عمرو، وبحثتُ فيمن يروي عن ابن عمرو ممن كنيته أبو يحيى فوجدت السائب بن مالك، وعمرو بن ميمون الأودي، ومصدع الأعرج المعرقب الكوفي، ومحمد بن هدية الصدفي - وهذا ليس له إلا حديث واحد فمن المستبعد جدا أن يكون هو -، وعطية بن قيس الكلابي، وهؤلاء كلهم لم يرو عنهم معاوية بن صالح، والله أعلم.

وجاء شطر منه في حديث البراء بن عازب:
أخرجه تمام في "الفوائد" (301) أخبرنا أبو الحسين إبراهيم بن أحمد بن الحسن، حدثنا أحمد بن بشر، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، حدثنا طلحة، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:
"زينوا القرآن بأصواتكم ورتلوه، ولا تهذوا القرآن كهذ الشعر، ولا تنثروا نثر الدقل، ينبغي للقارئ أن يفهم ما يقرأ ولتالي آية من كتاب الله عز وجل أفضل مما تحت العرش إلى تخوم الأرضين السفلى السابعة، وما تقرب المتقربون بشيء أحب إلى الله عز وجل مما خرج منه، يعني القرآن، ومن قرأ القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد حقر ما عظم الله عز وجل، وعظم ما حقر الله عز وجل، وأفضل ما عبد الله عز وجل به قراءة القرآن في الصلاة، والعبادة التي تليها قراءة القرآن في غير صلاة، ومن قرأ من القرآن في يوم وليلة مائتي آية نظرا متع ببصره أيام حياته، ورفع له مثل ما في الدنيا من شيء رطب ويابس حسنة، والنظر في المصحف عبادة، ومن قرأ القرآن فكأنما أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه، ومن قرأ القرآن قائما فله بكل حرف مائة حسنة، ومن قرأه في الصلاة قاعدا، فله بكل حرف خمسون حسنة، ومن قرأ في غير صلاة فله بكل حرف عشر حسنات، ومن استمع إليها فله بكل حرف حسنة، ومن قرأ القرآن فأعربه، فله بكل حرف أربعون حسنة، ومن قرأ القرآن بلحن وتطريب فله بكل حرف عشرون حسنة، ومن قرأ القرآن كقراءة العامة فله بكل حرف عشر حسنات، والعجم يقرأ القرآن غضا كما نزل، والقرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوه وتعاهدوه واقتنوه وتغنوا به، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من صدور الرجال من المخاض في العقل. ثم قرأ {يؤتي الحكمة من يشاء ومن
 يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} [البقرة: 269] فالكثير من الله عز وجل ما لا يحصيه إلا الله عز وجل الواحد القهار، وقال رسول الله ﷺ:
ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ مائتي آية لم يحاجه القرآن يوم القيامة، ومن قرأ خمسمائة كتب له قنطار من الأجر".
هذا الحديث عند أبي داود الطيالسي في "مسنده" (774) حدثنا شعبة، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، أن النبي ﷺ قال:
"زينوا القرآن بأصواتكم"، فالحديث بهذا التمام الذي ساقه تمّام ليس بتَمام وهو منكر، ففي إسناده محمد بن يحيى وهو التمار: قال الدارقطني:
" ليس بالمرضي".
وقال الذهبي في "الميزان" 4/ 65:
"أتى بخبر منكر".
وأحمد بن بشر بن حبيب بن زيد أبو عبد الله الصوري: مجهول الحال، ذكره ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 71/ 42، وقال:
"قدم دمشق وحدث بها عن جماعة، وحدث عنه جماعة".
وشيخ تمام: مجهول الحال أيضا، ذكره ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 6/ 262، وسكت عنه.


كتبه أحوج الناس لعفو ربه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
19 - 1 - 1439 هجري.


Comments