حسن التمام  حسن التمام
random

الموضوعات

random
recent
جاري التحميل ...
recent

لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة

لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة

لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة 


حديثان في ظاهرهما التعارض:


الأول: 


حديث ثوبان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه ‏وسلم، أنه قال:
"لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة ‏بيضاء، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثورا. قال ثوبان: يا رسول الله
صِفْهُم لنا وَجَلِّهِم لا نكون منهم ونحن لا نعلم؟ قال: أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم، ‏ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم قومٌ إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها".

إسناده حسن - أخرجه ابن ماجه (4245)، والروياني في "مسنده" (651)، والطبراني في "الأوسط" (4632)، وفي "الصغير" (662)، وفي "مسند الشاميين" (680)، والمزي "تهذيب الكمال" 15/ 488 من طريق عقبة بن علقمة بن حديج المعافري، عن أرطاة بن المنذر، عن أبي عامر الألهاني، عن ثوبان به.
وهذا إسناد حسن، عقبة بن علقمة: صدوق، وباقي رجاله ثقات.

من فقه الحديث: 

المراد ‏بالموصوفين بأنهم ينتهكون محارم الله هم من يبتعد عن المعصية ويتظاهر بالصلاح مراعاة للناس، وأمام أعينهم، وبمجرد ‏أن يخلو بنفسه ويغيب عن أعين الناس سرعان ما ينتهك حرمات الله، فهذا قد جعل ‏الله سبحانه أهون الناظرين إليه، فلم يراقب ربه، ولم يخش خالقه كما راقب الناس ‏وخشيهم، أما من يجاهد نفسه لترك المعاصي، ولكن قد يضعف أحيانا من غير مداومة على ‏مواقعة المحرمات، ولا إصرار له عليها، فيُرجى ألا يكون داخلاً في ذلك.‏
ويبان ذلك أن الحديث في أقوام عندهم نوع من النفاق فهم يصلون ويصومون، ولكن الذي أفسد أعمالهم هو النفاق ومرض القلب، فقد ذكر أبو نعيم في "الحلية" 1/ 177 يإثر حديث بنحو حديث الباب: عن مالك بن دينار أنه قال:
"هذا والله النفاق، فأخذ المعلى بن زياد بلحيته فقال: صدقت والله أبا يحيى".
أو يكون هذا في أقوام يراءون الناس بأعمالهم، كما في الثلاثة الذين هم أول من تسعّر بهم النار، أو هو في قوم أوبقتهم أعمالهم بكثرة سيئاتهم، فغلبت سيئاتهم على حسناتهم، فيعاقبون في النار ولا يخلدون فيها إن كانوا مؤمنين.
فالله سبحانه وتعالى أكرم وأعدل من أن يحبط عمل أحد دون سبب، ولن يضيع أجر من أحسن عملاً، يقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:40]، ويقول تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7-8وإنما يحبط أعمال الكافرين والمنافقين لأن من شروط قبول العمل الإيمان والإخلاص كما قال تعالى في شأن الكفار: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} [الفرقان:23].

وأما الحديث الثاني: 


عن أبي هريرة مرفوعا "كل أمتي معافى إلا المجاهرين".
متفق عليه.
فمعناه أن العبد في عفو من الله تعالى ما لم يجاهر بالمعصية، ويستخف بالأوامر الربانية، والأخلاق الإسلامية.
وأما من غلبه هواه على المعصية واستتر بها فهو وإن كان آثما وقد ينال العقوبة ما لم يتب إلى الله تعالى، أو يعفو الله تعالى عنه، فإن الوعيد المذكور في الحديث لا يتناوله.
فإن حديث ثوبان في الذين ينتهكون المحرمات في الخلوة هو محمول على من يظهر زي الصالحين في الملأ وينتهك المحارم في الخلوة.
وهذا الذي بوب عليه الهيتمي في "الزواجر" 2/ 209 وأورد الحديث فيه، فمن كان يتظاهر بالطاعات ويستحيي من الناس، وإذا خلا وحده لم يراقب الله تعالى ولم يستحيي منه، فيُخاف عليه من هذا الوعيد، ذلك أن هذا هو النفاق العملي وهو لا ينافي أخوة الإيمان كما دلَّ عليه قوله صلى الله عليه وسلم "من جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون".
وأما من كان يعمل الطاعات مخلصا لله فيها وتضعف نفسه أحيانا فيغلبه هواه وشيطانه ويكتم معصيته عن الناس فنرجو ألا يكون داخلا في هذا الوعيد، هذا من ناحية العموم.


كتبه أحوج الناس لعفو ربه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
1 – 7 – 1436 هجري.

إرسال تعليق

التعليقات



المتابعون

جميع الحقوق محفوظة لـ

حسن التمام

2015