
النهي عن السدل في الصلاة
(106) عن أبي هريرة، قال:
"نهى رسول الله صلى
الله عليه وسلم عن السدل في الصلاة".
حسن -
أخرجه الترمذي (378)، وأحمد 2/ 295 و 341 و 345، وابن أبي شيبة 2/ 259، وأبو القاسم
البغوي في "الجعديات" (3332)، والبزار (9295)، وابن المنذر في "الأوسط"
(2387)، وابن حبان (2289)، والبغوي في "شرح السنة" (518)، والمزي في
"تهذيب الكمال" 20/ 54-55 من طرق عن حماد بن سلمة، وأحمد 2/ 341 من طريق
وهيب، وأحمد 2/ 348، والدارمي (1379)، والبيهقي 2/ 242 من طرق عن سعيد بن أبي عروبة،
والبيهقي 2/ 242 من طريق شعبة، أربعتهم عن عسل بن سفيان، عن عطاء، عن أبي هريرة: فذكره.
وإسناده ضعيف، من أجل عسل، قال ابن عدي:
قليل الحديث، وهو مع ضعفه يكتب حديثه.
وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات"
7/ 292، وقال:
"يخطئ ويخالف على قلة روايته".
وقال الحافظ مغلطاي في "إكمال تهذيب
الكمال" 9/ 237:
"وفي "كتاب ابن أبي خيثمة":
سمعت يحيى بن معين يقول: كان يروون عنه، ثم ضعف حديثه في حديث رواه عن آخر عن أبي هريرة
في السدل. كذا قال يحيى عن آخر عن أبي هريرة، وإنما هو عسل عن عطاء عن أبي هريرة".
وقال الترمذي:
"حديث أبي هريرة لا نعرفه من حديث
عطاء، عن أبي هريرة مرفوعا إلا من حديث عسل بن سفيان".
قلت: لم يتفرّد به عسل بن سفيان فقد
تابعه: سليمان الأحول:
أخرجه أبو داود (643)، والبخاري في
"التاريخ الكبير" 2/ 293، وابن خزيمة (772) و (918)، وابن حبان (2353)، وابن
المنذر في "الأوسط" (1629) و (2382)، والحاكم 1/ 253، والبيهقي 2/ 242، والبغوي
في "شرح السنة" (519) من طريق الحسن بن ذكوان، عن سليمان الأحول، عن عطاء
به.
وزاد في آخره: "وأن يغطي الرجل
فاه وهو في الصلاة"، وهو بهذه الزيادة عند ابن ماجه (966).
وهذا إسناد ضعيف لضعف الحسن بن ذكوان،
وذكر المزي في "تحفة الأشراف"10/ 261 طريق أبي داود، وجاء فيه "الحسين
بن ذكوان" يعني المعلم وهو ثقة معروف، وذكر أيضا في ترجمة الحسين بن ذكوان المعلم
من "تهذيب الكمال" 6/ 372 أنه يروي عن سليمان الأحول، ورمز لروايته بحرف
(د) يعني أنها في "سنن أبي داود"، ولم يرمز 6/ 146 لرواية الحسن بن ذكوان،
عن سليمان الأحول بشيء، وقد رواه البغوي من طريق أبي داود، فقال فيه: الحسن بن ذكوان
يعني أبا سلمة البصري وهو صدوق يخطئ، وفي مطبوع "سنن أبي داود" (الحسن) بغير
ياء، وقال السهارنفوري في "بذل المجهود" 4/ 307:
"هكذا في نسخ أبي داود الموجودة
عنده بغير ياء، مكبرا".
ووقع أيضا في "مستدرك الحاكم"
(حسين) بإثبات الياء فيه، وصححه على شرط الشيخين، وأقره الذهبي، وقال:
"حسين المعلم"!
وقد رواه البيهقي عن الحاكم، فقال فيه:
(حسن) بغير ياء!
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"
(1280) من طريق عبد الرحمن بن عثمان أبي بحر البكراوي قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة،
عن عامر الأحول، عن عطاء، عن أبي هريرة:
"أن النبي صلى
الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة".
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن عامر إلا
سعيد، تفرد به: أبو بحر".
وإسناده ضعيف، أبو بحر البكراوي: ضعيف،
وقال ابن حبان:
يروي المقلوبات عن الأثبات، فلا يجوز
الاحتجاج به.
وخالفه هشيم:
أخرجه البيهقي 2/ 242 من طريق أبي عبيد،
حدثنا هشيم، أنبأ عامر الأحول، قال:
"سألت عطاء عن السدل فكرهه، فقلت:
أعن النبي صلى الله عليه وسلم؟
فقال: نعم".
وأخرجه عبد الرزاق (1427) عن معمر، عن
رجل قال: - أحسبه عامرا الأحول - عن عطاء بن أبي رباح بنحوه.
قال الدارقطني في "العلل"
8/ 338:
"وروي هذا الحديث عن عطاء، عن النبي
صلى الله عليه وسلم مرسلا، وفي رفعه
نظر، لأن ابن جريج روى عن عطاء بن أبي رباح، أنه كان يسدل في الصلاة".
وقال البيهقي:
"وهذا الإسناد وإن كان منقطعا ففيه
قوة للموصولين قبله".
وله شاهد من حديث ابن مسعود، وأبي جحيفة:
أما حديث ابن مسعود:
فأخرجه البيهقي 2/ 243 من طريق عبد الرزاق،
أخبرنا بشر بن رافع، عن يحيى بن أبى كثير، عن أبى عبيدة، عن ابن مسعود:
"أنه كره السدل في الصلاة، وذكر
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يكرهه".
وقال البيهقي:
"تفرد به بشر بن رافع وليس بالقوي".
قلت: وهو منقطع أيضا، فإن أبا عبيدة
لم يسمع من ابن مسعود شيئا.
وأما حديث أبي جحيفة:
فأخرجه البزار (4215) من طريق أبي نعيم
النخعي، قال: حدثنا أبو مالك النخعي، عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة رضي الله عنه:
"أن النبي صلى
الله عليه وسلم مر برجل يصلي سادلا ثوبه فقطعه عليه".
وفي "كشف الاستار" (595)،
و"مختصر زوائد البزار" 1/ 171 (فعطفه عليه).
وأخرجه الطبراني 22/ (353) من طريق محبوب
بن محرز القواريري، عن أبي مالك النخعي به، وفيه "فضمه".
وقال البزار:
"وهذا الحديث أخطأ فيه أبو مالك،
وإنما يرويه الثقات، عن علي بن الأقمر عن أم عطية، وأبو مالك ليس بالحافظ".
وأبو مالك النخعي: متروك الحديث.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"
(6164)، وفي "الصغير" (867) حدثنا محمد بن حنيفة الواسطي قال: حدثنا أحمد
بن الفرج الجشمي المقرئ الجوري، قال: حدثنا حفص بن أبي داود قال: حدثنا الهيثم بن حبيب
الصيرفي، عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة قال:
"أبصر رسول الله صلى
الله عليه وسلم، رجلا يصلي، وقد سدل ثوبه، فدنا منه رسول
الله صلى الله عليه وسلم،
فعطف عليه ثوبه".
وإسناده ضعيف جدا، حفص بن أبي داود:
متروك، وقد اضطرب فيه فجعله من حديث عون بن أبي جحيفة بدلا عن علي بن الأقمر كما سيأتي.
وأحمد بن الفرج الجشمي: ضعفه الحسين
بن أحمد بن عبد الله بن بكير الحافظ قاله الخطيب في "تاريخ بغداد" 5/
102.
وشيخ الطبراني: ليس بالقوي قاله الدارقطني.
وأخرجه الطبراني 22/ (283)، وابن عدي
في "الكامل" 3/ 270، والبيهقي 2/ 243 من طريق أبي الربيع الزهراني، حدثنا
حفص بن أبي داود، عن الهيثم بن حبيب، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال:
"مر النبي صلى
الله عليه وسلم برجل يصلي قد سدل ثوبه فقطعه عليه".
غريب الحديث
(السدل في الصلاة) قال أبو عبيد في
"غريب الحديث" 3/ 482:
"السدل: هو إسبال الرجل ثوبه من
غير أن يضم جانبيه بين يديه فإن ضمه فليس بسدل".
وقال ابن الأثير في "النهاية"
2/ 355:
"هو أن يلتحف بثوبه ويدخل يديه
من داخل، فيركع ويسجد وهو كذلك، وكانت اليهود تفعله فنهوا عنه، وهذا مطرد في القميص
وغيره من الثياب.
وقيل: هو أن يضع وسط الإزار على رأسه
ويرسل طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على كتفيه".
وفي "الصحاح" 5/ 1728
"سدل ثوبه يسدله بالضم سدلا أي أرخاه. وشعر منسدل".
وقال الخطابي في "معالم السنن"
1/ 179:
"السدل: إرسال الثوب حتى يصيب الأرض".
قال الشوكاني في "نيل الأوطار"
2/ 91:
"على هذا السدل والإسبال واحد،
قال العراقي: ويحتمل أن يراد بالسدل: سدل الشعر، ومنه حديث ابن عباس (أن النبي صلى
الله عليه وسلم سدل ناصيته)،
وفي حديث عائشة (أنها سدلت قناعها وهي محرمة) أي
أسبلته اهـ. ولا مانع من حمل الحديث على جميع هذه المعاني إن كان السدل مشتركا بينها،
وحمل المشترك على جميع معانيه هو المذهب القوي، وقد روي أن السدل من فعل اليهود، أخرج
الخلال في "العلل"، وأبو عبيد في "الغريب" من رواية عبد الرحمن
بن سعيد بن وهب، عن أبيه، عن علي: (أنه خرج فرأى قوما يصلون قد سدلوا ثيابهم، فقال:
كأنهم اليهود خرجوا من قهرهم)، قال أبو عبيد: هو موضع مدارسهم الذي يجتمعون فيه".
يستفاد من الحديث
النهي عن السدل في الصلاة، وقد حمل على
عدة معاني كما تقدّم، قال الشوكاني: "ولا مانع من حمل الحديث على جميع هذه المعاني
إن كان السدل مشتركا بينها، وحمل المشترك على جميع معانيه هو المذهب القوي".
كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام.
إرسال تعليق