
ذكر آخر في الاستواء بعد الرفع من الركوع
(128) عن رفاعة بن رافع، أنه قال: "كنا يوما نصلي وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة، وقال: سمع الله لمن حمده. قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من المتكلم آنفا؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها، أيهم يكتبهن أولا".
أخرجه البخاري (799)، وأبو داود (770)، والنسائي
(1062)، وفي "الكبرى" (653)، وأحمد 4/ 340، والبزار (3733)، وابن خزيمة
(614)، وابن المنذر في "الأوسط" (1418)، وابن حبان (1910)، والطبراني 5/
(4531)، والحاكم 1/ 225، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2712)، والبيهقي
2/ 95، وفي "الدعوات الكبير" (248)، والخطيب في "الأسماء المبهمة"
2/ 77 من طرق عن مالك (وهو في "الموطأ" 1/ 211-212) عن نعيم بن عبد الله
المجمر، عن علي بن يحيى الزرقي، عن أبيه، عن رفاعة بن رافع، أنه قال: فذكره.
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح من حديث المدنيين ولم
يخرجاه" وأقره الذهبي!
قلت: هذا وهم منه رحمه الله تعالى، فالحديث
عند البخاري.
وأخرجه البزار (3732) من طريق بشر بن عمر،
قال: حدثنا رفاعة بن يحيى، عن ابن رفاعة بن رافع، عن أبيه به.
ابن رفاعة بن رافع اسمه معاذ، وقد وافق [1] يحيى بن خلاد الزرقي في
الرواية التي تقدمت، لكن رواه معاذ أيضا عن رفاعة بن رافع أنه قال:
"صليت خلف رسول الله صلى الله عليه
وسلم فعطست فقلت: الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، مباركا عليه كما يحب ربنا
ويرضى..." فذكر نحو حديث مالك.
أخرجه
أبو داود (773)، ومن طريقه الخطيب في "الأسماء المبهمة" 2/ 77، والطبراني
5/ (4532)، والبيهقي 2/ 95، وفي "الشعب" (4073) عن سعيد بن عبد الجبار، وأبو
داود (773)، ومن طريقه الخطيب في "الأسماء المبهمة" 2/ 77، والترمذي
(404)، والنسائي (931)، وفي "الكبرى" (1005)، والطبراني 5/ (4532)، وأبو
نعيم في "معرفة الصحابة" (2713) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن رفاعة بن يحيى
بن عبد
الله بن رفاعة بن رافع، عن عم أبيه معاذ بن رفاعة بن رافع، عن أبيه به.
وقال الترمذي:
"حديث حسن".
وقال الحافظ في "الفتح" 2/ 286:
"لا تعارض بينهما - يعني الروايتين -
بل يحمل على أن عطاسه وقع عند رفع رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مانع أن يكني
عن نفسه لقصد إخفاء عمله
أو كنى عنه لنسيان بعض الرواة لاسمه...".
قلت: هذا جمع جيد، لو كان الراويان في القوة
سواء، لكن معاذ بن رفاعة وإن قال فيه الإمام أحمد: لم يكن به بأس، ووثقه ابن حبان
5/ 421، فقد حكى أبو الفتح الأزدي، عن عباس الدوري، عن ابن معين أنه قال فيه: ضعيف.
وقال الأزدي: ولا يحتج بحديثه.
قال المعلمي في "التنكيل" 1/
252:
"معاذ بن رفاعة الأنصاري ومعان رفاعة
السلامي: نقل الناس عن الدوري أنه حكى عن ابن معين أنه قال في الثاني وهو معان (ضعيف)،
ونقل أبو الفتح الأزدي عن عباس أنه حكى عن ابن معين أنه قال في الأول وهو معاذ (ضعيف)
فكأنه تصحف على الأزدي".
قلت: وليس كما قال العلّامة المعلمي رحمه الله
تعالى، فقد نقل الدوري في "التاريخ" (5134) تضعيف ابن معين لمعاذ بن رفاعة.
ونقله عنه أيضا ابن شاهين في "تاريخ أسماء
الضعفاء والكذابين" (614)، وسئل يحيى بن معين كما "التاريخ الكبير"
لابن أبي خيثمة - السفر الثالث 2/ 301 عن حديث جرير، عن يحيى بن سعيد، عن معاذ بن رفاعة
الزرقي، عن أبيه، وكان أبوه وجده من أهل العقبة، قال: أتى جبريل النبي صلى الله
عليه وسلم فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ فقال يحيى: ليس بشيء باطل. يعني: عن أبيه باطل".
غريب الحديث
(رأيت بضعة وثلاثين) البضع ما بين الثلاث إلى
التسع.
يستفاد من الحديث
أولًا: أن
الذكر كله من التحميد والتهليل والتكبير جائز في الصلاة وليس بكلام تفسد به الصلاة
بل هو محمود ممدوح فاعله.
قال ابن عبد البر في "التمهيد"
16/ 199:
"إن الذكر كله والتحميد والتمجيد ليس
بكلام تفسد به الصلاة وأنه كله محمود في الصلاة المكتوبة والنافلة مستحب مرغوب فيه
وفي حديث معاوية ابن الحكم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن صلاتنا هذه لا
يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التكبير والتسبيح والتهليل وتلاوة القرآن) فأطلق
أنواع الذكر في الصلاة فدل على أن الحكم في الذكر غير الحكم في الكلام، وبالله التوفيق".
ثانيًا: أنه
لا بأس برفع الصوت وراء الإمام بربنا ولك الحمد لمن أراد الإسماع والإعلام للجماعة
الكثيرة.
ثالثًا: فيه
دليل على عظم ثواب هذا الذكر، ورفعة درجة صاحبه.
رابعًا: أن
لكاتب هذا الذكر من الملائكة أولا قربة عند الله، وإن كان جميعهم يكتبها.
كتبه الفقير إلى الله تعالى
أبو سامي العبدان
حسن التمام
13 - رمضان - 1439 هجري.
[1] - وأخرجه ابن بشكوال في
"غوامض الأسماء المبهمة" (383) أخبرنا أبو الحسن بن مغيث، عن أبي عمر بن
الحذاء، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي يزيد العتكي، قال: أخبرنا عبد الرحمن
بن أحمد بن يونس، قال: حدثنا علي بن أحمد بن يحيى بن وزير، قال: حدثنا يزيد بن سنان،
قال: حدثنا بشر بن عمر، قال: حدثنا رفاعة بن يحيى، قال: سمعت معاذ بن رفاعة بن رافع،
يحدث عن أبيه رفاعة:
"أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب
فعطس رفاعة فقال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى...".
أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي يزيد العتكي:
ترجمته في "تاريخ الإسلام" 9/ 151.
ولم أجد علي بن أحمد بن يحيى بن وزير.
وعبد الرحمن بن أحمد بن يونس إن كان أبو سعيد
المصري الحافظ، صاحب التاريخ فهو ثقة معروف، وإن كان غيره فلم أجده.
إرسال تعليق