
(9) يقولون: ما الذي نستفيده نحن اليوم من تشهير سلاح التكفير على الحكام أو على بعض أتباع الحكام؟!!
الجواب: إنَّ تكفير الطواغيت وغيرهم من الكافرين: هو موقف إيماني عقدي لا يمكن تجاوزه، وهو من لوازم عقيدة البراء الواجب على المسلمين نحو الكافرين، وهو من جهة أخرى قد تعبدنا الله به لا مناص منه، بغض النظر عن الاستفادة الدنيوية المرجوة منه، قال تعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذا قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تبعدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} [الممتحنة: 4]، هذه هي ملة إبراهيم التي أمرنا باتباعها، والتي لا يرغب عنها إلا من سفه نفسه كما قال تعالى: {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه} [البقرة: 13].
ثم
إن عدم تكفير طواغيت الكفر وغيرهم من الكافرين يترتب عليه المحاذير التالية:
(منها):
تعطيل حكم الله فيهم، والله تعالى يقول: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}
[المائدة: 44]، إذن لا بد من أن نحكم بما أنزل الله فيهم، ونشير إليهم بالحكم الذي
أشار الله إليهم فيه، وإلا فإن آيات سورة المائدة الثلاث تطالنا، ونقع فيما وقعت فيه
يهود من كتمانهم لحكم الله استرضاء لشرفائهم وحكامهم.
و
(منها): أن عدم تكفيرهم يعتبر من كتمان العلم الذي أمرنا ببيانه، وبخاصة عندما تتأكد
الضرورة للبيان وإظهار الحق، وكاتم العلم في هذه الحالة - رهبة أو رغبة - يطاله قوله
تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما
يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم
. أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار}
[البقرة: 174 - 175].
و
(منها): أن عدم تكفيرهم يترتب عليه إضلال الناس عن حقيقة الطواغيت وكفرهم وجرمهم، وبخاصة:
إنْ أظهرناهم كمسلمين وأكسيناهم ثوب الإسلام والإيمان! ولا
شك أن في ذلك يتحقق من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله تعالى.
و
(منها): أن اعتبار تكفير طواغيت الحكم وغيرهم من الكافرين هو من ضروب العبث إذ لا فائدة
فيه -كما صرح بذلك بعضهم - هذا يلزمهم أن يقولوا - والعياذ بالله - أن تكفير النبي
صلى الله عليه وسلم للطواغيت المعاصرين له، وغيرهم من الكافرين بأعيانهم وتسميته لهم
بالكافرين كما في سورة "الكافرون" هو أيضا من العبث! إذ
كانت ظروف المرحلة المكية وظروف شعاب أبي طالب ليست أفضل من حيث القوة والظهور من المرحلة
الحالية التي نعيشها، ومع ذلك لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يتوقف عن تكفيرهم وتعييب
دينهم وسب آلهتهم.
بل
إن من الأنبياء من لم يتبعه من أمته إلا الرجل الواحد، ومع ذلك لم يكن ضعفه هذا يمنعه
من التبليغ وبيان حكم الله في الكافرين وما ينتظرهم من العقاب والعذاب، أفيجوز أن يقال
في صنيع الأنبياء هذا هو من العبث؟!
و
(منها): أن عدم تكفيرهم يجعل طواغيت الحكم يزدادون في طغيانهم وغيهم وظلمهم ويتصرفون
مع شعوبهم على أن لهم عليهم حق الطاعة والانقياد، حيث أن السادة العلماء مشايخ الإرجاء
لم يكفروهم وقد حكموا لهم بالإسلام!
وإليك
أخيرًا هذه الكلمات لشيخ التوحيد محمد بن عبد الوهاب عسى الله أن ينفعك بها، حيث يقول:
"فالله
الله يا أخوتي تمسكوا بأصل دينكم، وأوله وآخره وأسه ورأسه شهادة أن لا إله إلا الله،
واعرفوا معناها، وأحبوها وأحبوا أهلها واجعلوهم إخوانكم ولو كانوا بعيدين، واكفروا
بالطواغيت وعادوهم وابغضوهم، وابغضوا من أحبهم أو جادل عنهم أو لم يكفرهم أو قال: ما
عليّ منهم أو قال ما كلفني الله بهم، فقد كذب هذا على الله وافترى، فقد كلفه الله بهم
وافترض عليه الكفر بهم والبراءة منهم ولو كانوا إخوانه وأولاده، فالله الله تمسكوا
بذلك لعلكم تلقون ربكم لا تشركون به شيئا، اللهم توفنا مسلمين، وألحقنا
بالصالحين". عن "مجموعة التوحيد" (ص 111)، و"الدرر السنية"
2/ 119-120.
إرسال تعليق