حسن التمام  حسن التمام
random

الموضوعات

random
recent
جاري التحميل ...
recent

سبب ضعف المسلمين وتسلط أعداءهم عليهم ، وسبيل النصر على الأعداء

سبب ضعف المسلمين وتسلط أعداءهم عليهم ، وسبيل النصر على الأعداء

سبب ضعف المسلمين وتسلط أعداءهم عليهم ، وسبيل النصر على الأعداء؟

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾.
﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا﴾.
﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا. يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما﴾.
أما بعد، فان أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
لقد حلّ بالمسلمين من المصائب والنكبات والخطوب الجسام والرزايا العظام التي يتألم منها كل مؤمن مخلص صادق مع ربه، وقد يسأل سائل ما سبب ضعف الأمة الإسلامية؟!
وما هو سبيل النصر على الأعداء؟
فأقول: الضعف مرض وهو يحتاج إلى دواء فعلينا أولًا أن نشخّص المرض ثم نعالجه بالدواء الناجع، إن معرفة الداء يستلزم صرف الدواء الصحيح للحالة وهو من أعظم أسباب الشفاء والعافية، وإن تشخيص الداء جاء بصريح الكتاب والسنة :قال تعالى ﴿وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير﴾ وقال تعالى:﴿أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم﴾، وقال تعالى:﴿ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك﴾، وقال سبحانه: ﴿ ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ﴾ وقال سبحانه وتعالى: ﴿إنّ اللهَ لا يغيرُ ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسِهم﴾، وقال تعالى: ﴿ومن يتق اللهَ يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾، وقال : ﴿ ومن يتوكل على الله فهو حسبه ﴾ .ورى أبو داود (3462)، وأحمد 2/ 28 و 42 و 84، وأبو يعلى (5659) عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" .
ما هو سبب الذل؟
إنه الركون إلى الدنيا وملذاتها وترك الجهاد في سبيل الله، وإن آخر الحديث فيه الدواء لذلك الداء (حتى ترجعوا إلى دينكم )، أي دين نرجع إليه يا ترى وبأي منهج؟!
فأقول: لا وصول إلى الإسلام الصحيح إلا بمنهج سلف الأمة، فمن هم السلف؟!
هم الصحابة والتابعون وتابعوهم من الأئمة الذين يقتدى بهم كالأئمة الأربعة وسفيان الثوري والبخاري وسفيان بن عيينة وغيرهم من الأئمة الأجلاء الأعلام، الذي شُهد لهم بالإمامة في الدين والورع والتقوى، وهم أهل منهج النقل، ولهذا يعرفون بأهل الحديث والأثر، وإن اتباع الحق من الطائفة المنصورة اليوم ينسبون أنفسهم إلى السلف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" 4/ 149:
"لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق، فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقًا ".
والأدلة على صحة هذا المنهج كثيرة، أذكر منها قوله تعالى: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيكَفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾، فجعل الله سبحانه وتعالى الإيمان بمثل ما آمن به الصحابة علامة على الهداية، وجعل التولي عن ذلك دليلاً على الشقاق والضلال.وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ﴾، وسبيل المؤمنين ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام منهجًا وسلوكًا واعتقاداً، يَحرم الخروج عنها واتباع غيرها، وتوعد الله من أخذ بغير سبيلهم جهنم وسوء المصير.وقوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوزُ الْعَظِيمُ ﴾، فأثنى الله تعالى على من اقتدى بالصحابة بقوله: ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ﴾، وهذا لأن الصحابة رضي الله عنهم تلقوا الدين عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة ففهموا من مقاصده صلى الله عليه وسلم، وعاينوا من أقواله وسمعوا منه مشافهة، وهذا مما لم يحصل لمن بعدهم. قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله:
" فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم على علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، وهم على كشف الأمور كانوا أقوى، وبفضل ما كانوا فيه أولى، فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه ولئن قلتم إنما حدث بعدهم ما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم ورغب بنفسه عنهم، فإنهم هم السابقون، فقد تكلموا فيه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم من مقصر، وما فوقهم من محسر، وقد قصر قوم دونهم فجفوا، وطمح عنهم أقوام فغلوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم ".
أخرجه أبو داود (4612).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء من بعدهم قوم تسبق شهادتهم أيمانهم، وأيمانهم شهادتهم".
أخرجه البخاري (2652) و (3651) و (6429) و (6658).
قال إبراهيم النخعي:
" لو بلغني عنهم - يعني الصحابة - أنهم لم يجاوزوا بالوضوء ظفرا ما جاوزته به، وكفى على قوم وزرا أن تخالف أعمالهم أعمال الصحابة ".
ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا نجاة إذا حصل الافتراق في هذه الأمة، إلا باتباع ما كان عليه صلى الله عليه وسلم هو أصحابه، فقال:
" ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي ".
أخرجه الترمذي (2641)، والمروزي في "السنة" (59)، والحاكم 128/ 1، وابن وضاح في " البدع والنهي عنها" (250)، والآجري في "الشريعة (23)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (264) و (265)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" 2/ 262 من طرق عن عبد الرحمن بن زياد الافريقي، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
وقال الترمذي:
"هذا حديث مفسر غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه".
وجوّده أبو الفضل العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" (ص 1133).
قلت: وهو حديث حسن بهذا اللفظ وقد استوفيت تخريج هذا الحديث وطرقه في كتابي " أحاديث الغربة وآثارها" 1/ 46.
فالسعيد من سار مسار هذه القرون الثلاثة المفضلة ولم يحد عنه يمنة أو يسرة.ثم إنَّ واقعنا الأليم ليس شرا مما كان عليه أهل الجاهلية حينما بُعِث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم، وسبب هذا أننا نعيش في عهد الطائفة المنصورة التي على الحق وبه تعمل وإليه تدعو، فهم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم لا يضرهم مَنْ خالفهم، وإن كثيرًا من المسلمين اليوم ليس لهم من إسلامهم إلا الاسم وذلك أنهم يعبدون الأموات وإليهم يسجدون وينذرون وبهم يستغيثون، فالدواء لمعالجة هذا الداء يحتاج إلى دعوة الناس إلى توحيد ربهم بالعبادة والأسماء والصفات، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل الجاهلية الذين بُعث فيهم، فإن الناس تقول ( لا إله إلا الله ) وهم يشركون بالله، فهم يتلفّظون بها ولا يفقهون معناها، فهل ينتصر الإسلام بهؤلاء، هيهات هيهات، لا بدّ من الرجوع إلى العهد المكي، فتقوم طائفة من دعاة التوحيد بتعليم الناس دين الله الحق ﴿ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين﴾، وقال سبحانه ﴿ وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون﴾ هذا منهج الأنبياء والرسل في دعوتهم لأقوامهم نحن بحاجة ماسة إليه أكثر من الأكل والشرب، توحيد الله، وإلا كيف ننتصر على أعدائنا، وعقيدتنا عقيدة الجاهلية بل هي أشر من ذلك؟ فقد وقعت - ممن يقولون لا إله إلا الله - في شرك الربوبية الذي لم يكن يفعله المشركون الأولون، فكيف يتحقق هذا الدين وينتصر أهله، ولم يتحقق التوحيد في نفوس أدعياؤه؟، فإذا أردنا النجاة والنصر فلا بدَّ مِن الرجوع إلى أصل الاعتقاد ﴿ إن تنصروا الله ينصركم﴾، ﴿إن ينصركمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ﴾.
لَمَّا داهمَ التَّتارُ أهلَ الشّام، خرج المسلمون لمواجهتهم، وكان فيهم أُناس يُشركون بالله فيستغيثون بالأموات، فجعل شيخ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله تعالى يعلّمهم العقيدة الصحيحة دعوة التوحيد، كما قال في ردِّه على البكري 2/ 731 :
" وكان بعض الأكابر من الشيوخ العارفين من أصحابنا يقول هذا أعظم ما بينته لنا، لعلمه بأن هذا أصل الدين وكان هذا وأمثاله في ناحية أخرى يدعون الأموات ويسألونهم ويستجيرون بهم ويتضرعون إليهم وربما كان ما يفعلونه بالأموات أعظم لأنهم إنما يقصدون الميت في ضرورة نزلت بهم فيدعونه دعاء المضطر راجين قضاء حاجتهم بدعائه والدعاء به أو الدعاء عند قبره بخلاف عبادتهم الله تعالى ودعائهم إياه فإنهم يفعلونه في كثير من الأوقات على وجه العادة والتكلف حتى إن العدو الخارج عن شريعة الإسلام لما قدم دمشق خرجوا يستغيثون بالموتى عند القبور التي يرجون عندها كشف ضرهم وقال بعض الشعراء... يا خائفين من التتر ... لوذوا بقبر أبي عمر ... أو قال : عوذوا بقبر أبي عمر ... ينجيكم من الضرر...".
وقال شيخ الإسلام : "فلمّا أصلح الناسُ أمورَهم وصدقوا في الاستغاثة بربِّهم نصَرَهم على عدوِّهم نصرا عزيزا، ولم تُهزم التتار مثل هذه الهزيمة قبل ذلك أصلاً، لما صحّ من تحقيق توحيد الله تعالى وطاعة رسوله ما لم يكن قبل ذلك، فإنَّ اللهَ تعالى ينصرُ رسولَه والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهادُ".نعم لم ينتصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بكثرة عدد ولا عدة، وإنما انتصروا بتطبيق شروط النصر، والنصر تابعٌ لأهله، ليس بالأماني والتخيُّلات قال الله تعالى:
﴿ لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ الله وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً﴾، ها نحن اليوم أمة المليار وأكثر، فما تنفع هذه الكثرة وهي غثاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها "، قال: قلنا: يا رسول الله، أمن قلة بنا يومئذ؟ قال:
" أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل ينتزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن"، قال: قلنا: وما الوهن؟ قال:
"حب الحياة، وكراهية الموت ".
حديث صحيح - أخرجه أبو داود (4297)، وأحمد 5/ 278، وابن أبي عاصم في "ذكر الدنيا والزهد فيها" (269)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 51/ 60 من حديث ثوبان.وأحمد 2/ 359، والطبراني في " الأوسط" (7215) من حديث أبي هريرة، واستوفيت تخريجه في كتابي " أحاديث الغربة وآثارها" 1/ 129.
يُخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن قرب زمن اجتماع فرق الكفر وأمم الضلالة بأن يدعو بعضهم بعضا لمقاتلة المسلمين وكسر شوكتهم وسلب ما ملكوه من الأراضي والأموال.قال في المجمع كما في "عون المعبود":
"أي يقرب أن فرق الكفر وأمم الضلالة أن تداعى عليكم، أي: يدعو بعضهم بعضا إلى الاجتماع لقتالكم وكسر شوكتكم ليغلبوا على ما ملكتموها من الديار، كما أن الفئة الآكلة يتداعى بعضهم بعضا إلى قصعتهم التي يتناولونها من غير مانع فيأكلونها صفوا من غير تعب"
( فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ) هذا شبيه بحالنا: فالمسلمون اليوم عددهم كبير فهم كثير جدا، ولكن حين غربلة هذا العدد كم يبقى القليل منهم، فالإسلام موجود ولكن ما هو حال أهله، حال أكثرهم بدع، ومعاصي، وجهل بدين الله، وبعد عن منهج الإسلام الصحيح فهم غثاء كغثاء السيل وهو ما يحمله السيل من زبد ووسخ مما ارتفع على وجه الماء وحمله السيل من الوسخ والجيف والأعواد مما لا ينفع الناس ولا يقوم به شيء، ومعلوم أن الغثاء تبع للسيل الجارف لا يقوى على المصادمة ولا خيار له في الطريق الذي يسلكه مع السيل، بل شأن هذا الغثاء السمع والطاعة من السيل الذي يحصد كل ما أتى أمامه، والسبب هو مرض الوهن الذي أصاب أعداءنا من قبل فكان هو سبب نصرنا عليهم، فإن حبهم للدنيا كما قال تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾، وكان سبب نصر المسلمين حبهم للشهادة، في سبيل الله، فهذا كان يزرع المهابة في قلوب عدوهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم " نصرت بالرعب مسيرة شهر "، فعدوهم يخاف منهم ويهابهم هذه المسيرة كلها ﴿ إن تنصروا الله ينصركم ﴾.قال الطيبي :
" سؤال عن نوع الوهن أو كأنه أراد من أي وجه يكون ذلك الوهن ( قال حب الدنيا وكراهية الموت ) وهما متلازمان فكأنهما شيء واحد يدعوهم إلى إعطاء الدنية في الدين من العدو المبين، ونسأل الله العافية ".
نعم إن كراهية الموت تُفضي إلى أن يخلد المسلم للدعة، ويقعد عن القيام بالمهام العظيمة ومنها الجهاد في سبيل الله، يشهد له قوله صلى الله عليه وسلم:
" إذا تبايعتم بالعينة، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى تراجعوا إلى دينكم".
أخرجه أبو داود (3462)، وأحمد 2/ 84
إذا تركتم الجهاد، يعني: رضيتم بالدنيا، قعود الذي ركن إلى الدنيا واسترخى، وآثرها على الآخرة، متمتعًا بملذاتها، حينئذ يتسلط عليهم عدوهم، وتكون له الغلبة عليهم، عقوبة من الله تصيب هذه الأمة العزيزة لأنها تركت ما يكون فيه عزّها، وأخلدت إلى الأرض ( سلط الله عليكم ذلًا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ).
قال الألباني:
" الهدف منه - أي هذا الحديث ليس - ... حمل الناس على الرضا بما نحن فيه... بل الغاية منه عكس ذلك تمامًا، وهو تحذيرهم من السبب الذي كان العامل على تكالُب الأمم وهجومهم علينا، ألا وهو حب الدنيا وكراهية الموت، فإن هذا الحب والكراهية هو الذي يستلزم الرضا بالذل، والاستكانة إليه، والرغبة عن الجهاد في سبيل الله على اختلاف أنواعه، من الجهاد بالنفس والمال واللسان وغير ذلك، وهذا هو حال غالب المسلمين اليوم مع الأسف الشديد، فالحديث يشير إلى أن الخلاص مما نحن فيه، يكون بنبذ هذا العامل، والأخذ بأسباب النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، حتى يعودوا كما كان أسلافهم "يحبون الموت كما يحب أعداؤهم الحياة"، وما أشار إليه هذا الحديث قد صرَّح به حديث آخر، فقال صلى الله عليه وسلم:
"إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلًّا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " .
فتأمل كيف اتفق صريح قوله في هذا الحديث: " لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " مع ما أشار إليه الحديث الأول من هذا المعنى، الذى دل عليه كتاب الله تعالى أيضًا، وهو قوله: ﴿إِنَّ اللَّـهَ لَا يُغَيِّرُ ‌مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّر‌وا مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾، فثبت أن هدف الحديث إنما هو تحذير المسلمين من الاستمرار في "حب الدنيا وكراهية الموت" ويا له من هدف عظيم لو أن المسلمين تنبهوا له، وعملوا بمقتضاه ، لصاروا سادة الدنيا، ولما رفرفت على أرضهم راية الكفار، ولكن لا بد من هذا الليل أن ينجلي، ليتحقق ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، من أن الإسلام سيعم الدنيا كلها، فقال عليه الصلاة والسلام:
" ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزًّا يعز الله به الإسلام، وذلًّا يذل الله به الكفر ".
ومصداق هذا الحديث من كتاب الله تعالى قوله عز وجل: ﴿يُرِ‌يدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ‌اللَّـهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّـهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَ‌هُ وَلَوْ كَره الْكَافِرُ‌ونَ . هُوَ الَّذِي أَرْ‌سَلَ رَ‌سُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِره عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَره الْمُشْرِ‌كُونَ﴾، وصدق الله تعالى إذ يقول:﴿ولَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين﴾. قلت : فدلَّ هذا الخبر الكريم على أنَّ ولايةَ الله ونصره يُرفعان عن أهل السوء، وذلك لأنَّ عدوَّ المسلمين لا ينتصرُ عليهم لقوَّتِه، وإنَّما ينتصرُ عليهم حين يتْركُهم ربُّهم، ويَكِلُهم إلى أنفسِهم، فهنالك تكون الغلبة لِمَن غلب .قال الشيخ الطيب العقبي رحمه الله:" إننا نعتقد ولم نزل نعتقد في إيمان وإخلاص بأن الدين وحده هو الذي ينهض بهذه الأمة حديثا كما نهض بها قديما، بالدين فقط نصل إلى حيث نأمل ونبلغ كل ما نرجوه ونتمناه والدين هو رأس مالنا الذي لا خسارة معه، ولا ندامة تلحق العاملين به والمعتصمين بحبله المتين، إذن فالدين قلب كل شيء..".
منقول من جريدة الإصلاح العدد :46 – 19جمادى الأولى 1366هـ
وإن معصية المسلمين وتفريطهم بحقوق ربهم سبب من أسباب جور حكام المسلمين الظلمة على أمتهم وتسلّطهم عليهم بالتعذيب والنكال والقهر، الحُكامَ الظلمة هم عقوبةٌ يسلطهُم اللهُ على الظالمين، بسبب ذنوبِهم وتفريطِهم، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾، سبب من أسباب الضعف لهذه الأمة وهوانها وتَكَالب الأعداء عليها من كل حدبٍ وصوب ﴿ ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ﴾ مصيبةٌ عظيمةٌ وبلاءٌ جسيم أصاب الأمة وما أهونها على الله إذا ضيّعت حقوقه، وهذا الداءُ الذي نزل بأمتنا لا يُمكِنُ عِلاجُه ولا يتحققُ الشفاءُ منه غاية التحقيق إلا بالعودة للإسلام الصحيح عقيدة وسلوكا ومنهجا .قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
" أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم ".
أخرجه ابن ماجه (4019)، وأبو نعيم في " الحلية " 8 / 333 - 334، والروياني (1423)، والحاكم 4 / 540، وابن أبي الدنيا في " العقوبات" (11)، وقال الحاكم:
" صحيح الإسناد " وأقره الذهبي.
وقال الحسن البصري:
" إنَّه ليس ينبغي لمَن عَمِل بالمعصية أن يُنكِرَ العقوبة، وما أظنُّ الذي أنتم فيه إلا مِن شؤمِ الذنوبِ، والسلام ".
وقال رحمه الله تعالى:
" اعلم عافاك الله أنَّ جَوْرَ الملوكِ نِقمةٌ مِن نِقَمِ الله، ونِقمُ اللهِ لا تُلاقى بالسيوف، وإنما تُتقى وتُستدفعُ بالدعاءِ والتوبةِ والإنابةِ، والإقلاعِ عن الذنوب، إنَّ نِقمَ الله متى لُقيتْ بالسيفِ كانتْ هي أقْطَع".
وقال رحمه الله:
"واللهِ لو أنَّ الناسَ إذا ابتُلوا مِن قِبَلِ سُلطانِهم صَبَروا ما لَبِثوا أن يَرفعَ اللهُ
– عزَّ وجلَّ – ذلك عنهم، ولكنهم يَفْزعُون إلى السيف فيُوكَلونَ إليه، وواللهِ ما جاؤوا بيومِ خيرٍ قط، ثم تلا قولَه تعالى ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا﴾".
يقول الطرطوشي رحمه الله:
"لم أزل أسمعُ الناسَ يقولون:" أعمالُكُم عُمّالُكم – أي أعمالُكم هي التي تحكُمُكُم - كما تكونوا يُولى عليكم" إلى أن ظَفَرتُ بهذا المعنى في القرآن، قال الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا ﴾ ".
وكان يُقالُ: "ما أنكرتَ من زمانِك، فإنما أفسده عليكَ عملُك" .
قال ابن باز:
" الله ليس بعاجز ولا في حاجة إلى الناس ولكنه يبتلي عباده الأخيار بالأشرار ليعلم صدق الصادقين وكذب الكاذبين، وليعلم المجاهد من غيره، وليعلم الراغب في النجاة من غيره، وإلا فهو القادر على نصر أوليائه وإهلاك أعدائه من دون حرب ومن دون حاجة إلى جهاد وعدة وغير ذلك، كما قال سبحانه: ﴿ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ الله لانتصر مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ وقال سبحانه في سورة الأنفال في قصة بدر: ﴿وَما جعلها الله إلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ﴾ يعني إمدادهم بالمدد من الملائكة ، وقال سبحانه: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلا من عند الله العزيزِ الْحَكِيمِ﴾، وفي آية آل عمران كذلك قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَله اللهُ إِلا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ الله الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ فالنصر من عنده جل وعلا، ولكنه سبحانه جعل المدد بالملائكة، وما يعطي من السلاح والمال وكثرة الجند كل ذلك من أسباب النصر والتبشير والطمأنينة، وليس النصر معلقا بذلك، قال سبحانه:﴿ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين﴾ وكانوا يوم بدر ثلاثمائة وبضعة عشر، والسلاح قليل والمركوب قليل والمشهور أن الإبل كانت سبعين وكانوا يتعاقبونها، وكان السلاح قليلا وليس معهم من الخيل في المشهور سوى فرسين، وكان جيش الكفار حوالي الألف، وعندهم القوة العظمية والسلاح الكثير، ولما أراد الله هزيمتهم هزمهم ولم تنفعهم قوتهم ولا جنودهم، وهزم الله الألف وما عندهم من القوة العظيمة بالثلاثمائة وبضعة عشر وما عندهم من القوة الضعيفة، ولكن بتيسير الله ونصره وتأييده غلبوا ونصروا وأسروا من الكفار سبعين وقتلوا سبعين وهزم الباقون لا يلوي أحد على أحد وكل ذلك من آيات الله ونصره. وفي يوم الأحزاب غزا الكفار المدينة بعشرة آلاف مقاتل من أصناف العرب من قريش وغيرهم وحاصروا المدينة واتخذ النبي صلى الله عليه وسلم الخندق، وذلك من أسباب النصر الحسي، ومكثوا مدة وهم يحاصرون المدينة، ثم أزالهم الله بغير قتال، فأنزل في قلوبهم الرعب وسلط عليهم الرياح وجنودا من عنده حتى لم يقر لهم قرار وانصرفوا خائبين إلى بلادهم، وكل هذا من نصره وتأييده سبحانه وتعالى، ثم خذلوا فلم يغزوا النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، بل غزاهم هو يوم الحديبية وجرى الصلح المعروف، ثم غزاهم في السنة الثامنة في رمضان وفتح الله عليه مكة، ثم دخل الناس أفواجا في دين الله بعد ذلك. فالمقصود أن النصر بيد الله سبحانه وتعالى، وهو الناصر لعباده، ولكنه سبحانه أمر بالأسباب، وأعظم الأسباب طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن طاعة الله ورسوله التعلم والتفقه في الدين حتى تعرف حكم الله وشريعته لنفسك وفي نفسك وفي غيرك وفي جهاد عدوك وحتى تعد العدة لعدوك وحتى تكف عن محارم الله وحتى تؤدي فرائض الله وحتى تقف عند حدود الله وحتى تتعاون مع إخوانك المسلمين وحتى تقدم الغالي والنفيس من نفسك ومالك في سبيل الله عز وجل وفي سبيل نصر دين الله وإعلاء كلمته لا في سبيل الوطن الفلاني ولا القومية الفلانية ، فهذا هو الطريق وهذا هو السبيل للنصر على الأعداء بالتعليم الشرعي والتفقه في دين الله من الولاة والرعايا والكبير والصغير، ثم العمل بمقتضى ذلك وترك ما نحن عليه مما حرم الله، قال تعالى ﴿ إن الله لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾، فمن أراد من الله النصر والتأييد وإعلاء الكلمة فعليه بتغيير ما هو عليه من المعاصي والسيئات المخالفة لأمر الله، وربك يقول جل وعلا: ﴿وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ ما قال الله: وعد الله الذين ينتسبون إلى قريش أو العرب أو الذين يبنون القصور ويستخرجون البترول... إلخ، بل علق الحكم بالإيمان الصادق والعمل الصالح سواء كانوا عربا أو عجما ، هذه هي أسباب النصر والاستخلاف في الأرض لا العروبة ولا غير العروبة ولكنه إيمان صادق بالله ورسوله وعمل صالح. هذا هو السبب وهذا هو الشرط وهذا هو المحور الذي عليه المدار، فمن استقام عليه فله التمكين والاستخلاف في الأرض والنصر على الأعداء، ومن تخلف عن ذلك لم يضمن له النصر ولا السلامة ولا العز، بل قد ينصر كافر على كافر، وقد ينصر مجرم على مجرم وقد يعان منافق على منافق ولكن النصر المضمون الذي وعد الله به عباده المؤمنين لهم على عدوهم إنما يحصل بالشروط التي بينها سبحانه وبالصفات التي أوضحها جل وعلا وهو الإيمان الصادق والعمل الصالح. ومن ذلك نصر دين الله قال تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ هذا هو نصر دين الله فمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فقد نصر دين الله، لأن من ضمن ذلك أداء فرائض الله وترك محارم الله. وقال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ باللهِ، وقال سبحانه: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
فأهل الفلاح والنصر والعاقبة الحميدة هم الذين عملوا الصالحات وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ونصروا الله عز وجل، وهم المذكورون في قوله تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ فالدواء واضح والعلاج بيِّن، لكن أين من يريد الدواء وأين من يريد العلاج وأين من يستعمله؟!".
وأخيرًا أختم هذه الكلمة ببشرى لمن فقد الامل برفعة هذه الأمة وانتصارها على أعداءها فإن الله تعالى ينصر دينه ويظهره على كل الأديان وينصر أهله على أهل الأديان، قال النبي صلى الله عليه وسلم :
"بشر هذه الأمة بالسناء، والرفعة، والنصر، والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا، لم يكن له في الآخرة نصيب " .
أخرجه أحمد 5/ 134 بإسناد حسن من حديث أبي بن كعب .وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، يستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها - أو قال من بين أقطارها - حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا ".
رواه مسلم (2889) من حديث ثوبان رضي الله عنه .وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزًا يعز الله به الإسلام، وذلًا يُذل الله به الكفر ".
رواه أحمد 4 / 203، والحاكم 4 / 430431 وقال الحاكم:
" صحيح على شرط الشيخين " وأقره الذهبي.

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوبُ إليك.

كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
1 محرم 1437 من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم

إرسال تعليق

التعليقات



المتابعون

جميع الحقوق محفوظة لـ

حسن التمام

2015