حسن التمام  حسن التمام
random

الموضوعات

random
recent
جاري التحميل ...
recent

صحة حديث تداعي الأمم على المسلمين

صحة حديث تداعي الأمم على المسلمين

صحة حديث تداعي الأمم على المسلمين


"يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟! قال: حب الدنيا وكراهية الموت".

صحيح
- أخرجه أبو داود (4297)، والروياني في "مسنده" (654)، وابن أبي عاصم في "ذكر الدنيا والزهد فيها" (268)، والطبراني في "مسند الشاميين" (600)، والبيهقي في "الدلائل" 6/534، والبلاذري في " أنساب الأشراف" (452)، والبغوي في "شرح السنة" (4224)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 8/ 193، والمزي في "تهذيب الكمال" 13/ 47 من طرق عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثني أبو عبد السلام، عن ثوبان، قال: قال رسول الله ﷺ: فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف فإن أبا عبد السلام: مجهول لكنه لم يتفرّد به، فقد تابعه الأزهر الألهاني، وعروة، وأبو أسماء الرحبي:
أما متابعة الأزهر الألهاني:
فأخرجها ابن أبي عاصم في "ذكر الدنيا والزهد فيها" (269) من طريق ثور بن يزيد، عن الأزهر الألهاني، عن ثوبان، عن النبي ﷺ مثله.
قلت: والأزهر الألهاني لم يرو عنه سوي ثور بن يزيد ولم يوثّقه غير ابن حبان 4/ 38.
وأما متابعة عروة:
فأخرجها ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 51/ 60 من طريق أبي سعيد محمد بن أحمد بن عبادة البيروتي بمدينة دمشق، حدثني عبد المؤمن بن المتوكل القاضي بها، حدثني أبو عبد الرحمن مكحول، حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد، عن أبيه، عن عروة، عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ، قال:
"تثور بنو الأصفر بالعرب فتكون بينهم وقعة في موضع يقال له الرأس واللفيكة فيسفك فيها دما حتى تخوض الخيل في الدماء إلى أرساغها، قال ثوبان مولى رسول الله ﷺ: يا رسول الله أفمن قلة؟ قال: لا، ولكن أعمال السوء ولينزع الله تعالى المهابة من صدور أعدائكم، قال رسول الله ﷺ: فيكونون في أعينهم كغثاء السيل، ويقتحمون الملعونتين. قال ثوبان مولى رسول الله ﷺ: يا رسول الله وما الملعونتان ؟! قال أنطاكية وصيدا".
قلت: محمد بن أحمد بن عبادة لم أجد له ترجمة، سوى ما ذكره الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 51/ 60:
"محمد بن أحمد بن عبادة أبو سعيد البيروتي حدث بدمشق عن عبد المؤمن بن المتوكل القاضي البيروتي كتب عنه بعض أهل دمشق".
ثم ذكر له هذا الحديث، وكذا شيخه عبد المؤمن بن المتوكل لم أجد له ترجمة، ولم يرو عنه سوى محمد بن أحمد بن عبادة، وعلي بن محمد بن جعفر المالكي كما في "تاريخ دمشق" 36/ 424 و 51/ 60، و"تاريخ بغداد" 11/ 126.
وأما متابعة أبي أسماء الرحبي:
فأخرجها أحمد 5/ 278، والطبراني 2/ (1452)، وابن أبي الدنيا في "العقوبات" (5)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/182، وابن المخلد في "حديث ابن السماك" (44) من طريق المبارك بن فضالة، حدثنا مرزوق أبو عبد الله الحمصي، حدثنا أبو أسماء الرحبي، عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ، قال: قال رسول الله ﷺ:
"يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها، قال: قلنا: يا رسول الله، أمن قلة بنا يومئذ؟ قال: أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل ينتزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن، قال: قلنا: وما الوهن؟ قال: حب الحياة، وكراهية الموت".
وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 563:
"رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" بنحوه وإسناد أحمد جيد".
قلت: وهو كما قال الهيثمي رحمه الله تعالى، ويصير الحديث صحيحا بما تقدم وبشاهد أبي هريرة كما سيأتي إن شاء الله تعالى، ولا يُعله ما رُوي موقوفا فإن أسانيدها ضعيفة ولا تقاوم الطرق التي تقدّم ذكرها، ودونك بيان ذلك:
أخرجه الطيالسي (1085)، وابن أبي شيبة 15/ 53، وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 6/ 352، والبيهقي في "الشعب" (9887)، والخطيب في "المتفق والمفترق" (1160) عن أبي الأشهب، عن عمرو بن عبيد التميمي العبشمي، عن ثوبان مولى النبي ﷺ، قال: فذكره موقوفا.
وقال البيهقي:
"هكذا روي بهذا الإسناد موقوفا، وقد رويناه من وجه آخر، عن ثوبان، عن النبي، ﷺ، مرفوعا".
قلت: وإسناد الموقوف ضعيف، فيه عمرو بن عبيد: وهو مجهول، قال الخطيب البغدادي:
"عمرو بن عبيد التميمي العبشمي: حدث عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ ولم يذكر في الحديث سماعه منه، روى عنه أبو الأشهب جعفر بن الحارث ولا يحفظ له غير حديث واحد".
وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (2228) من طريق علي بن زرارة الحضرمي من أهل الكوفة، عن عمرو بن قيس، عن رجل قال: حسبت أنه عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان، مولى رسول الله ﷺ، أنه قال: فذكره موقوفا.
وهذا إسناد ضعيف، فيه علي بن زرارة الحضرمي وهو ضعيف، وفيه المبهم، ثم هو منقطع بين سالم وثوبان.
قال محمد بن يحيى الذهلي كما في "تهذيب الكمال" 10/ 132:
"سمعت أحمد بن حنبل وذكر أحاديث سالم بن أبي الجعد عن ثوبان، فقال: لم يسمع سالم من ثوبان ولم يلقه، وبينهما معدان بن أبي طلحة وليست هذه الأحاديث بصحاح".
وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2897)، وأبو داود في "الزهد" (364)، وابن أبي عاصم في "ذكر الدنيا والزهد فيها" (34) مختصرا، والطبراني في "الأوسط" (2340)، وفي "الصغير" (212)، وفي "مسند الشاميين" (548) مختصرا عن ابن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، عن ثوبان، مولى رسول الله ﷺ، قال:
"اشحذ سيفك، فقيل له: وما ذاك يا أبا عبد الله قال: قد قذف في قلوبكم الوهن، ونزع من قلوب عدوكم الرعب. قالوا: وبم ذاك؟! قال: بحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت، وطوبى لمن خرس لسانه، وبكى على خطيئته، ووسعه بيته".
وهذا إسناد جيد، إسماعيل بن عياش: صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيرهم، وهذه منها فشرحبيل بن مسلم شامي وهو صدوق، وهذا الموقوف لا يَعلّ به المرفوع لتغاير اللفظين.

وله شاهد من حديث أبي هريرة:

أخرجه أحمد 2/ 359، وابن أبي عاصم في "ذكر الدنيا والزهد فيها" (270) من طريق أبي جعفر المدائني، أخبرنا عبد الصمد بن حبيب الأزدي، عن أبيه حبيب بن عبد الله، عن شبيل بن عوف، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول لثوبان:
"كيف أنت يا ثوبان، إذ تداعت عليكم الأمم كتداعيكم على قصعة الطعام تصيبون منه؟ " قال ثوبان: أبي وأمي يا رسول الله، أمن قلة بنا؟ قال: لا، بل أنتم يومئذ كثير، ولكن يلقى في قلوبكم الوهن. قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حبكم الدنيا وكراهيتكم القتال".
قلت: وهذا اسناد ضعيف، فيه علتان:
الأولى: عبد الصمد بن حبيب، ويقال: ابن عبد الله بن حبيب الأزدي العوذي، ويقال اليحمدي، البصري: ضعفه أحمد.
وقال أبو حاتم: لين الحديث.
وقال البخاري: لين.
وقال ابن معين: لا بأس به.
وأشار ابن عدي إلى أنه قليل الحديث.
الثانية: أبوه، وهو حبيب بن عبد الله الأزدي اليحمدي البصري: مجهول.
وله طريق أخرى عن أبي هريرة:
أخرجه الطبراني في " الأوسط" (7215) حدثنا محمد بن جابان، حدثنا محمود ابن غيلان، حدثنا مؤمل بن إسماعيل، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ، قال:
"يوشك أن تداعى الأمم على أمتي كما تداعى على الثريد أكلته".
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن إسماعيل إلا عبد العزيز، ولا عن عبد العزيز إلا مؤمل، تفرد به محمود".
قلت: محمود بن غيلان العدوي ثقة، لكن شيخه مؤمل بن سعيد: صدوق سيء الحفظ كما قال الحافظ، وأيضا شيخ الطبراني: مجهول الحال.
وأعلّه الدارقطني في "العلل" 11/ 151 بالوقف، فقال:
"يرويه إسماعيل بن أبي خالد، واختلف عنه، فرواه مؤمل بن إسماعيل، عن
عبد العزيز القسملي، عن إسماعيل، عن قيس، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ.
والمحفوظ عن إسماعيل موقوفا".
وأما البخاري فرجّح في "التاريخ الكبير" 4/ 340 طريق ضرار بن عمرو، عن أبي رافع، عن أبي هريرة بعد أن ذكرها معلقةً على هذه الطريق بقوله إنها:
" أصح!".
والخلاصة أن الحديث بمجموع ما تقدم صحيح بلا ريب، والله الموفق.


كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
9 - ذو الحجة - 1436 هجري.

إرسال تعليق

التعليقات



المتابعون

جميع الحقوق محفوظة لـ

حسن التمام

2015