ذهاب الأخيار وبقاء الأشرار

ذهاب الأخيار وبقاء الأشرار

"لتنتقون كما ينتقى التمر من أغفاله، فليذهبن خياركم وليبقين شراركم، فموتوا إن استطعتم".

صحيح - أخرجه ابن ماجه (4038)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 9/ 25، والحاكم 4/ 316 و 434 من طريق يونس، عن الزهري، عن أبي حميد يعني: مولى مسافع، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: فذكره.
وقال الحاكم:

"هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه " وأقره الذهبي.
قلت: أبو حميد مولى مسافع: مجهول، وقيل هو عبد الرحمن بن سعد المقعد المدني، المخزومي، وثقه النسائي.
وأخرجه أبو الشيخ في "أمثال الحديث" (293) حدثنا عبدان، حدثنا عثمان ابن أبي شيبة، حدثنا طلحة بن يحيى، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة به.
وهذا تصحيف فقد أخرجه ابن ماجه (4038) وغيره بنفس هذا الإسناد من حديث أبي حميد كما تقدم، وليس هو من حديث حميد بن عبد الرحمن!
وله طريق أخرى عن أبي هريرة:
أخرجه ابن حبان (6851)، وتمام في "الفوائد" (1453)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 8/ 222 من طريق إسحاق بن سيار النصيبي، حدثنا جنادة ابن محمد المري، حدثنا ابن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
"ستنتقون كما ينقى التمر من حثالته".
وهذا اسناد حسن في الشواهد، رجاله ثقات سوى ابن أبي العشرين: وهو

عبد الحميد بن حبيب الدمشقي أبو سعيد البيروتي كاتب الأوزاعي وثقه أحمد، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والدارقطني، وقال ابن معين: لا بأس به، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال البخاري: ربما يخالف في حديثه، وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه.
ولخّص الحافظ ترجمته بقوله: صدوق ربما أخطأ. 

وقال البخاري في "التاريخ الكبير" 9/ 25:

"قال جنادة بن محمد: حدثنا عبد الحميد بن أبي العشرين، حدثنا الأوزاعي عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مثله ولم يرفعه!".

كذا قال البخاري، وقد أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4676) حدثنا أبو زرعة، وتمام في "الفوائد" (1452) من طريق أبي القاسم يزيد بن محمد بن عبد الصمد، كلاهما عن جنادة بن محمد المري به مرفوعا، وزادا:

"وليذهبن خياركم ويبقى شراركم، فإن استطعتم أن تموتوا فموتوا". 

وقد تقدم من رواية إسحاق بن سيار النصيبي، عن جنادة مرفوعا.
وتابع عبد الحميد بن أبي العشرين على رفعه الوليد بن مسلم:
أخرجه الداني في "السنن الواردة في الفتن" (258)، وأبو طاهر السلفي في "المشيخة البغدادية" - مخطوط من طريقين عن هشام بن خالد الأزرق، عن الوليد، حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، قال:
"لتنتقون كما ينتقى التمر، فليذهبن خياركم وليبقين شراركم".

وله شواهد من حديث رويفع بن ثابت، ومرداس الأسلمي، والفزارية امرأة عمر:

أما حديث رويفع:

فأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3 /338، وابن حبان (7225)، والحاكم 4/434، والطبراني 5/ (4492) من طرق عن ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكر بن سوادة: أن سحيما حدثه عن رويفع بن ثابت أنه قال: قرب لرسول الله ﷺ تمر ورطب، فأكلوا منه حتى لم يبق منه شيء إلا نواه، فقال رسول الله ﷺ:
"أتدرون ما هذا؟، قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: تذهبون: الخير فالخير، حتى لا يبقى منكم إلا مثل هذا".
وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد" وأقره الذهبي.
قلت: سحيم لم يرو عنه غير بكر بن سوادة، وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 193، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 4/ 303، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، ولم يوثقه غير ابن حبان 4/ 343، وباقي رجاله ثقات.

وأما حديث مرداس الأسلمي:

فأخرجه البخاري في "صحيحه" (4156) و (6434) من طريق قيس بن أبي حازم، عن مرداس الأسلمي، قال: قال النبي ﷺ:
"يقبض الصالحون، الأول فالأول، وتبقى حفالة كحفالة التمر والشعير، لا يعبأ الله بهم شيئا".

وأما حديث الفزارية امرأة عمر:

فقد ذكره الحافظ في "الفتح" 11/252 بقوله:

"أخرجه أبو سعيد بن يونس في "تاريخ مصر" بلفظ "تذهبون الخير فالخير حتى لا يبقى منكم إلا حثالة كحثالة التمر ينزو بعضهم على بعض نزو المعز". وقال: وليس فيه تصريح برفعه لكن له حكم المرفوع".

كتبه

أبو سامي العبدان

حسن التمام

22 - ذو الحجة - 1436 هجري.