words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

حديث لتنتقون كما ينتقى التمر من أغفاله



"لتنتقون كما ينتقى التمر من أغفاله، فليذهبن خياركم وليبقين شراركم، فموتوا إن استطعتم" (1).

شرح الحديث


 قوله: (لتنتقون كما ينتقى التمر من أغفاله)، يعني كتنقية التمر الجيد من رديئه، والأغفال جمع غُفْل، والغُفْل: مَن لا يُرجى خيرُه، ولا يُخشى شرُّه، ومن الأطعمة الغفل وهو الشيء الرديء.
(لتنتقون كما ينتقى التمر من أغفاله) يعني بالموت، فـــ (يذهب الصالحون الأول فالأول).
والشطر الثاني من الحديث (وليذهبن خياركم ويبقى شراركم) يفسّر قوله: (فموتوا إن استطعتم) أي: إذا تحقق ذلك فموتوا، يريد أن الموت حينئذ خير من الحياة، ومن المعلوم أن الموت ليس بيد الإنسان، ولا يحل له أن يقتل نفسه، لكن تفسير الموت في هذه الحال هو أن الموت يكون خير من الحياة، وهذا إذا غلب الشر وأهله، وخشي الإنسان على نفسه وعظمت الفتنة، ولهذا جاء في الدعاء:
"وإذا أردت بخلقك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون".
"وأحيني ما علمت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرًا لي".
وهذا يشبه الحديث الذي تقدم: "يغربل الناس فيه غربلة".
 والغربلة
 يقصد منها التنقية والتصفية، وهو تنقية الجيد من الرديء، وعبارة عن موت الأخيار وبقاء الأشرار كما يبقى الغربال من حثالة ما يغربله، والتنبؤ بالتناقص التدريجي في استقامة الناس من أشراط الساعة، فيكون معنى الحديث مطابقا لقوله :
"لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم".
رواه البخاري (7068) من حديث أنس.
قال ابن بطال:
"إن موت الصالحين من أشراط الساعة وفيه الندب إلى الاقتداء بأهل الخير والتحذير من مخالفتهم خشية أن يصير من خالفهم ممن لا يعبأ الله به، وفيه أنه يجوز انقراض أهل الخير في آخر الزمان حتى لا يبقى إلا أهل الشر، واستدل به على جواز خلو الأرض من عالم حتى لا يبقى إلا أهل الجهل صرفا ويؤيده الحديث الآتي في الفتن حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا " ذكره عنه الحافظ في "الفتح" 11/ 252.

كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
____________
1 - أخرجه ابن ماجه (4038)، والطبراني في "الأوسط" (4676)، وابن حبان (6851)، وتمام في "الفوائد" (1442) و (1453)، والداني في "السنن الواردة في الفتن" (258): من
حديث أبي هريرة.
 وله شواهد من حديث رويفع بن ثابت، ومرداس الأسلمي، والفزارية امرأة عمر:
الأول: أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3 /338، وابن حبان (7225) وغيرهما: "أنه قرب لرسول الله
تمر ورطب، فأكلوا منه حتى لم يبق منه شيء إلا نواه، فقال رسول الله : "أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: تذهبون: الخير فالخير، حتى لا يبقى منكم إلا مثل هذا".
والثاني: أخرجه البخاري (6434) عن مرداس الأسلمي، قال: قال النبي
: "يذهب الصالحون، الأول فالأول، ويبقى حفالة كحفالة الشعير، أو التمر، لا يباليهم الله بالة".
والثالث: ذكره الحافظ في "الفتح" 11/ 252.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام