
"رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره".
حديث صحيح جاء من حديث أبي هريرة، وأنس، وحارثة بن وهب الخزاعي، وأبي أمامة، وعائشة، وثوبان، ومعاذ، وحذيفة، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود، وجابر، وعمر:
أما حديث أبي هريرة:
فأخرجه مسلم (2622) و (2854)، وابن حبان (6483)، وأبو الحسن الطيوري في "الطيوريات" 2 / 669، والبيهقي في "الشعب" (10482)، والخطيب البغدادي في "تلخيص المتشابه" 2 / 806، وفي "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2 / 19 من طريق حفص بن ميسرة، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ، قال: فذكره.وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (4069) من طريق مسلم، وسقط من إسناده شيخ مسلم (سويد بن سعيد).
وله طرق أخرى عن أبي هريرة:
1 - أخرجه الحاكم 4/ 328 من طريق الحسن بن علي بن زياد، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ، قال:
"رب أشعث أغبر ذي طمرين، تنبو عنه أعين الناس، لو أقسم على الله لأبره".
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح الإسناد، أظن مسلما أخرجه من حديث حفص بن عبد الله بن أنس" وأقره الذهبي!
قلت: إسناده ضعيف، فيه ثلاث علل:
الأولى: المطلب لم يدرك أحدا من أصحاب النبي ﷺ إلا سهل بن سعد، وأنسا وسلمة بن الأكوع.
الثانية: الحسن بن علي بن زياد مجهول الحال لكنه لم يتفرد به، فقد تابعه ابن أبي داود عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (674).
الثالثة: كثير بن زيد: صدوق يخطئ.
والحديث ليس كما ظن الحاكم، إنما أخرجه مسلم من حديث حفص بن ميسرة العقيلي وطبقته من الوسطى من أتباع التابعين، وأما حفص بن عبيد الله حفيد أنس بن مالك فهو من الطبقة الوسطى من التابعين، وحديثه في هذا الباب عن أنس ولم يروه مسلم كما سيأتي في التخريج.
2 - أخرجه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 7 من طريق محمد بن نصر الصائغ، حدثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري، حدثنا ابن أبي حازم، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ فذكره.
فجعله كثير من حديث الوليد بن رباح!، وقد يكون له شيخان في هذا الحديث.
3 - أخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (39)، والطبراني في "مسند الشاميين" (1012) من طريق بقية، قال: حدثنا صفوان بن عمرو، قال: حدثنا عبد الله بن ربيعة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، قال:
"أفلح عند الله المجاهد ذو الطمرين لو أقسم على الله لأبر قسمه، وخاب صاحب القطيفة".
وإسناده ضعيف، فإن عبد الله بن ربيعة الحضرمي مجهول الحال، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 85، وابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل" 5/ 51 ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، ووثقه ابن حبان 5/ 27 على قاعدته في توثيق المجاهيل!
4 - أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4263) حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ:
"ألا أخبركم بأهل الجنة؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: كل ضعيف متضعف، ذي طمرين، لا يؤبه به، لو أقسم على الله لأبره، ألا أنبئكم بأهل النار؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: كل جظ جعظ مستكبر، قلت: يا رسول الله، ما الجظ؟ قال: الضخم، قلت: فما الجعظ؟ قال: العظيم في نفسه".
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن أبي يحيى القتات إلا إسرائيل، ولا رواه عن مجاهد إلا أبو يحيى القتات".
قلت: وإسناده ضعيف، فإن شيخ الطبراني عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، قال فيه ابن عدي في "الكامل" 5/ 419:
"يحدث عن الفريابي وغيره بالبواطيل" وساق له بعض الأحاديث ثم قال:
"إما أن يكون مغفلا لا يدري ما يخرج من رأسه أو يتعمد فإني رأيت له غير حديث مما لم أذكره أَيضًا هَاهُنا غير محفوظات".
وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" 6/ 767:
"وقد أضر بأخرة".
وأبو يحيى القتات: لين الحديث كما في "التقريب".
وأما حديث أنس:
فأخرجه عبد بن حميد (1236-المنتخب)، والبزار (6459)، وابن منده في "التوحيد" (226)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (680)، والطبراني في "الأوسط" (861) من طريق أسامة بن زيد، عن حفص، عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ:"رب أشعث أغبر لا يؤبه له، ولو أقسم على الله لأبره".
وقال البزار:
"وهذا الحديث لا نعلم رواه عن حفص إلا أسامة بن زيد، وقد روي من وجوه عن أنس".
قلت: وأسامة بن زيد الليثي مولاهم، أبو زيد المدني: صدوق يهم كما في "التقريب".
وجاء بهذا اللفظ بزيادة "منهم البراء بن مالك".
أخرجه الترمذي (3854)، والضياء في "الأحاديث المختارة" (1595) و (1566) من طريق سيار، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا ثابت، وعلي ابن زيد، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ:
" كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك ".
وقال الترمذي:
"هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه".
قلت: سيار هو ابن حاتم العنزي: صدوق له أوهام، وجاء مطولًا من حديث الزهري عن أنس:
أخرجه البزار (6339)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (676)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 330-331، والحاكم 3/ 291-292، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 6، واللالكائي في "كرامات الأولياء" (112)، والبيهقي في "الشعب" (10482)، وفي "دلائل النبوة" 6/ 368، وفي "الاعتقاد إلى سبيل الرشاد" 1 / 244 من طريق محمد بن عزيز الأيلي، حدثني سلامة بن روح، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ:
" كم من ضعيف متضعف ذي طمرين، لو أقسم على الله لأبر قسمه منهم البراء بن مالك. فإن البراء لقي زحفا من المشركين، وقد أوجع المشركون في المسلمين، فقالوا: يا براء، إن رسول الله ﷺ قال:
"إنك لو أقسمت على الله لأبرك"، فأقسم على ربك، فقال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم، ثم التقوا على قنطرة السوس، فأوجعوا في المسلمين، فقالوا له: يا براء، أقسم على ربك، فقال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم، وألحقتني بنبيك ﷺ، فمنحوا أكتافهم، وقتل البراء شهيدا".
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه" وأقره الذهبي!
قلت: إسناده ضعيف، فإن محمد بن عزيز الأيلي: فيه ضعف، وقد تكلموا في صحة سماعه من عمه سلامة.
وسلامة بن روح: صدوق له أوهام.
وقال البزار:
"وهذا الحديث قد روي بعض كلامه عن النبي ﷺ من وجوه، وبعضه لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه، وسلامة كان ابن أخي عقيل بن خالد، ولم يتابع على حديث أكثر أهل الجنة البله على أنه لو صح كان له معنى".
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 350، وفي "أخبار أصبهان" 2 / 225، وفي "معرفة الصحابة" (1153)، والضياء في "الأحاديث المختارة" (2659) من طريق سعيد بن محمد، عن مصعب بن سليم، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله ﷺ:
"رب ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك. فلما كان يوم تستر انكشف الناس، فقالوا له: يا براء أقسم على ربك، فقال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم وألحقتني بنبيك، قال: فاستشهد".
وهذا اسناد ضعيف من أجل سعيد بن محمد.
وأخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 4/ 664 من طريق إسحاق ابن إسماعيل بن يعقوب، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن يحيى بن هابيل البغدادي، قال: حدثنا معاوية بن عمرو، قال: حدثنا زائدة، عن الأعمش، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس، أن النبي ﷺ قال:
"رب ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره".
ولم أجد ترجمة لإسحاق بن إسماعيل بن يعقوب ولم يزد الخطيب في ترجمة شيخه على قوله: " أظنه سكن بخارى أو بعض نواحيها، وحدث عن معاوية بن عمرو " ثم ذكر له هذا الحديث!
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 448 من طريق الأسود بن عامر، أخبرنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس، قال: قال النبي ﷺ:
"المؤمن ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره".
وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه الضياء في "المختارة" (1624) من طريق حماد، عن ثابت، عن أنس، عن النبي ﷺ، قال:
"المؤمن أشعث أغبر مغفر ذو طمرين، لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره".
وأخرجه أحمد 3/ 145 حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي النضر، عن أنس بن مالك، عن النبي ﷺ أنه قال:
" ألا أخبركم بأهل النار وأهل الجنة؟ أما أهل الجنة، فكل ضعيف متضعف، أشعث ذي طمرين، لو أقسم على الله لأبره، وأما أهل النار، فكل جعظري جواظ، جماع مناع، ذي تبع".
وإسناده ضعيف لأجل ابن لهيعة فإنه صدوق خلط بعد احتراق كتبه.
وأخرجه مسلم (1675)، والنسائي (4755)، وأحمد 3/ 284، وعبد بن حميد (1350)، وأبو يعلى (3396) و (3519)، وابن حبان (6491) من طريق حماد بن سلمة، قال: حدثنا ثابت، عن أنس: أن أخت الربيع أم حارثة جرحت إنسانا، فاختصموا إلى النبي ﷺ، فقال رسول الله ﷺ:
"القصاص القصاص. فقالت أم الربيع: يا رسول الله، أيقتص من فلانة؟، لا والله لا يقتص منها أبدا، فقال رسول الله ﷺ: سبحان الله يا أم الربيع، القصاص كتاب الله. قالت: لا والله، لا يقتص منها أبدا فما زالت حتى قبلوا الدية، قال: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره".
وعلّقه البخاري في "صحيحه" كتاب: الديات، باب القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات.
قال الحافظ في "الفتح" 12/ 215:
"في القصتين مغايرات منها هل الجانية الربيع أو أختها؟! وهل الجناية كسر الثنية أو الجراحة؟!
وهل الحالف أم الربيع أو أخوها أنس بن النضر؟!
وأما ما وقع في أول الجنايات عند البيهقي من وجه آخر عن حميد عن أنس قال: لطمت الربيع بنت معوذ جارية فكسرت ثنيتها. فهو غلط في ذكر أبيها والمحفوظ أنها بنت النضر عمة أنس كما وقع التصريح به - من رواية حميد - في صحيح البخاري".
قلت: حماد بن سلمة بن دينار الإمام العلم أبو سلمة البصري أطنب الأئمة في عدالته وفضله وأمانته وعلمه.
قال الذهبي في "الميزان" 1/ 590:
"ثقة له أوهام ".
وهو من أثبت الناس في ثابت إلا أنه اختلط بأخرة، قال البيهقي كما في "تهذيب التهذيب":
"أحد ائمة المسلمين إلا أنه لما كبر ساء حفظه فلذا تركه البخاري وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ اثني عشر حديثا أخرجها في الشواهد".
قلت: لم يتركه البخاري وقد استشهد بحديثه وروى له تعليقًا كما سيأتي في تخريج حديث حميد الطويل.
وقال ابن سعد كما في "الكواكب النيرات" لأبي البركات:
"قالوا: ثقة كثير الحديث وربما حدث بالحديث المنكر".
فهو على ثقته وجلالته قد يقع له أوهام وقد خالفه في هذه الرواية جمع من الثقات الذين رووه عن عمه حميد الطويل، بينما مدار رواية ثابت عليه، وحديث حميد:
أخرجه البخاري (2703) و (2806) و (4499) و (4500) و (4611) و (6894)، وأبو داود (4595)، والنسائي (4757) وابن ماجه (2649)، وأحمد 3/ 128 و167، وابن أبي شيبة 9/ 222، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2 / 309، وابن حبان (6490)، والبزار (6567)، وابن منده في "التوحيد" (225)، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 176-177 و4/ 271، وفي "شرح مشكل الآثار" (675) و (4951) و (4952)، والطبراني (664) و (768)، وابن أبي عاصم في "الديات" (143)، وابن الجارود في "المنتقى" (841)، والحاكم 2/ 273، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1002) و (1003) و (1004)، والبيهقي 8/ 25 و64، والبغوي (2529)، وفي "التفسير" (66)، وابن عبد البر في "الإستذكار" 8/ 185، وابن حزم في "المحلى" 11 / 15 من طرق عن حميد، عن أنس:
"أن الربيع عمته، كسرت ثنية جارية، فطلبوا إليها العفو، فأبوا فعرضوا الأرش، فأبوا فأتوا رسول الله ﷺ وأبوا إلا القصاص، فأمر رسول الله ﷺ بالقصاص، فقال أنس بن النضر: يا رسول الله، أتكسر ثنية الربيع، لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فقال رسول الله ﷺ: يا أنس، كتاب الله القصاص. فرضي القوم فعفوا، فقال رسول الله ﷺ: إن من عباد الله، من لو أقسم على الله لأبره".
وأما حديث حارثة:
فأخرجه البخاري (4918) و (6071) و(6657)، ومسلم (2853)، وأبو داود (4801)، والنسائي في "الكبرى" (11615)، وأحمد 4/ 306، وابن أبي شيبة 8/ 516، وعبد بن حميد (480-المنتخب)، وأبو يعلى (1477)، والطيالسي (1238)، وابن حبان (5679)، والطبراني (3255) و(3256) و(3257)، والبيهقي 10/ 194، وفي "الشعب" (8173) و (8174) و(10484)، والبغوي في "شرح السنة" (3593) من طريق معبد بن خالد، قال: سمعت حارثة بن وهب الخزاعي، قال: سمعت النبي ﷺ يقول:"ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار: كل عتل، جواظ مستكبر".
وأما حديث أبي أمامة:
فأخرجه الطبراني (7768 )، وفي "مسند الشاميين" (529) من طريق حفص بن عمر الجدي، حدثنا مروان بن معاوية، عن محمد بن سعيد، عن عروة بن رويم، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله ﷺ:"عليكم بالتواضع، فإن التواضع في القلب، ولا يؤذين مسلم مسلما، فلربما متضاعف في أطمار، لو أقسم على الله لأبره".
وهذا إسناد تالف، فيه ضعيفان:
الأول: محمد بن سعيد المصلوب: وهو كذاب.
والثاني: حفص بن عمر الجدي: منكر الحديث، قاله الأزدي كما في "ميزان الاعتدال" 1/ 567.
وأما حديث عائشة:
فأخرجه الطبراني في "الأوسط" (5686)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43 / 411 من طريق عيسى بن قرطاس، حدثنا عمرو بن صليع، قال: سمعت عائشة رضي الله عنها، تقول: عن النبي ﷺ، قال:" كم من ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره منهم عمار بن ياسر".
وإسناده ضعيف جدًا، فإن عيسى بن قرطاس: متروك.
وأما حديث ثوبان:
فأخرجه الطبراني في "الأوسط" (7548) من طريق سهل بن عثمان، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان، قال: قال رسول الله ﷺ:"إن من أمتي من لو جاء أحدكم فسأله دينارا لم يعطه، ولو سأله درهما لم يعطه، ولو سأله فلسا لم يعطه، ولو سأل الله الجنة لأعطاه إياها ذو طمرين، لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره".
قال محمد بن يحيى الذهلي: سمعت أحمد بن حنبل وذكر أحاديث سالم بن أَبِي الجعد، عن ثوبان، فقال: لم يسمع سالم من ثوبان، ولم يلقه، وبينهما معدان بن أَبِي طلحَة، وليست هذه الأحاديث بصحاح".
وجاء من مرسل سالم بن أبي الجعد وهو أشبه:
أخرجه أسامة بن أبي الحارث (1103- بغية الباحث)، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال رسول الله ﷺ: فذكره.
وأخرجه هناد في "الزهد" (587)، وابن أبي الدنيا في "التواضع والخمول" (1) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش به.
وأما حديث معاذ:
فأخرجه ابن ماجه (4115)، والطبراني 20/ (159)، وفي "مسند الشاميين" (1192)، والآجري في "الغرباء" (29)، والبيهقي في "الشعب" (10006) من طريق سويد بن عبد العزيز، عن زيد بن واقد، عن بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله ﷺ:"ألا أخبرك عن ملوك الجنة؟ قلت: بلى، قال: رجل ضعيف، مستضعف ذو طمرين، لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره".
وإسناده ضعيف من أجل سويد بن عبد العزيز.
وأما حديث حذيفة:
فأخرجه أحمد 5/ 407 حدثنا موسى بن داود، حدثنا محمد بن جابر، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن حذيفة قال:"كنا مع النبي ﷺ في جنازة، فلما انتهينا إلى القبر قعد على شفته، فجعل يردد بصره فيه، ثم قال: يضغط المؤمن فيه ضغطة تزول منها حمائله، ويملأ على الكافر نارا، ثم قال: ألا أخبركم بشر عباد الله؟ الفظ المستكبر، ألا أخبركم بخير عباد الله؟ الضعيف المستضعف ذو الطمرين، لو أقسم على الله لأبر الله قسمه".
وهذا إسناد ضعيف، فيه علتان:
الأولى: محمد بن جابر وهو ابن سيار بن طلق السحيمي الحنفي،
أبو عبد الله اليمامي: سيء الحفظ.
الثانية: الانقطاع، قال العلائي في "جامع التحصيل" (242):
"سعيد بن فيروز أبو البختري الطائي: كثير الإرسال عن عمر وعلي وابن مسعود وحذيفة وغيرهم".
وقال الحافظ في "القول المسدد" (ص 29):
" أبو البختري اسمه سعيد بن فيروز لم يدرك حذيفة".
وأما حديث زيد بن ثابت:
فأخرجه الطبراني (4931) حدثنا أحمد بن محمد الجمال الأصبهاني، حدثنا أبو يوسف العلوي، حدثنا عبد الله بن غالب العباداني، حدثنا هشام بن عبد الرحمن، عن معبد بن خالد الخزاعي، عن أبي عبد الله الجدلي، عن زيد ابن ثابت، قال: قال رسول الله ﷺ:"ألا أخبركم بأهل الجنة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ قال: كل عتل جواظ".
وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 265:
"رواه الطبراني، وإسناده حسن".
قلت: إسناده ضعيف، أبو يوسف العلوي هو يعقوب بن إسحاق فقد جاء التصريح باسمه عند الطبراني نفسه في "المعجم الكبير" 18/ 124، ولقد ظن الألباني في "الصحيحة" 4/ 658 أن (العلوي) مصحّف من (القلوسي)!، ولا يوجد تصحيف، فإن (العلوي) نسبة له، وهو القلوسي فإن المزي ذكره في "تهذيب الكمال" 15/ 423 ضمن تلاميذ العباداني بقوله:
" أبو يوسف يعقوب بن إِسحاق القلوسي".
وذكره الحافظ في "تهذيب التهذيب" 5/ 355 ضمن تلاميذ العباداني بقوله:
" أبو يوسف يعقوب بن إسحاق العلوي" وهو ثقة له ترجمة في "تاريخ بغداد" 16/ 416.
وقال الحافظ في ترجمة شيخه من "التقريب":
"مستور!".
وهذا فيه نظر، فإن البزار قال فيه كما في "كشف الأستار" 2/ 436:
" ليس به بأس".
ولم يجرحه أحد، ولا يوجد له رواية منكرة، وروى عنه جمع فحديثه حسن.
وهشام بن عبد الرحمن هو الكوفي: مجهول العين، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 199، ولم يزد فيه على قوله: "هشام بن عبد الرحمن، الكوفي، عن الأعمش، روى عنه: عبد الله بن غالب العباداني".
ولم يعرفه الهيثمي في "المجمع" في موضعين 8/ 65 و10/ 311، فكيف حسّن إسناده هنا؟!
وأما حديث عبد الله بن مسعود:
فأخرجه البزار (2035) حدثنا عبد الله بن الصباح العطار، حدثنا جارية ابن هرم، حدثنا حميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود، رفعه، قال:"رب ذي طمرين، لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره".
وقال البزار:
"وهذا الكلام لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا بهذا الإسناد".
وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 264:
"رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح غير جارية بن هرم، وقد وثقه ابن حبان على ضعفه!".
قلت: هذا تساهل بيّن، جارية بن هرم: متروك كما في "ديوان الضعفاء" (718)، وقال في "الميزان" 1/ 385:
"هالك".
وهو لم يتفرّد به، فقد تابعه: يحيى بن يعلى عند ابن أبي شيبة في "المسند" (414)، وعثام بن علي العامري عند تمام في "الفوائد" (614) لكن حميد الأعرج قد أطبق الأئمة على ضعفه، وقال ابن حبان: يروى عن عبد الله بن الحارث، عن ابن مسعود نسخة كأنها موضوعة.
وقال الدارقطنى: متروك، وأحاديثه تشبه الموضوعة.
وهو منقطع أيضا، فإن عبد الله بن الحارث الزبيدي النجراني الكوفي، المكتب: لم يسمع من عبد الله بن مسعود.
قال العلائي في "جامع التحصيل (ص 208):
"قال ابن المديني لم يسمع من عبد الله بن مسعود شيئا".
وقال أبو حاتم:
"لا نعلم لعبد الله بن الحارث عن ابن مسعود شيئا".
وأما حديث جابر:
فأخرجه ابن حبان (7024) أخبرنا أحمد بن مكرم بن خالد البرتي، حدثنا علي بن المديني، حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير بن بشير بن فاكه السلمي، قال: سمعت طلحة بن خراش، قال: سمعت جابرا يقول:"جاء عمرو بن الجموح إلى رسول الله ﷺ يوم أحد فقال: يا رسول الله، من قتل اليوم دخل الجنة؟ قال: نعم. قال: فوالذي نفسي بيده، لا أرجع إلى أهلي حتى أدخل الجنة، فقال له عمر بن الخطاب: يا عمرو، لا تأل على الله، فقال رسول الله ﷺ: مهلا يا عمر، فإن منهم من لو أقسم على الله لأبره: منهم عمرو بن الجموح، يخوض في الجنة بعرجته".
وإسناده فيه ضعف، فإن موسى بن إبراهيم بن كثير، ذكره ابن حبان في
" الثقات" 7/ 449 وقال:
" كان ممن يخطئ ".
وقال الحافظ في "التقريب":
"صدوق يخطئ".
وأما حديث عمر بن الخطاب:
فأخرجه مسلم (2542)، وأحمد 1/ 38-39، وابن أبي شيبة 12 / 153، والبزار (342)، وابن سعد 6 / 161 – 162، وأبو نعيم في "الحلية" 2 /79-80 من طريق أسير بن جابر، قال:"كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن، سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى على أويس فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم، قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم، قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم، قال: لك والدة؟ قال: نعم، قال سمعت رسول الله ﷺ، يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن، من مراد، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل. فاستغفر لي، فاستغفر له، فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي.
قال: فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم، فوافق عمر، فسأله عن أويس، قال: تركته رث البيت، قليل المتاع، قال: سمعت رسول الله ﷺ، يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه، إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل. فأتى أويسا، فقال: استغفر لي، قال: أنت أحدث عهدا بسفر صالح، فاستغفر لي، قال: استغفر لي، قال: أنت أحدث عهدا بسفر صالح، فاستغفر لي، قال: لقيت عمر؟ قال: نعم، فاستغفر له، ففطن له الناس، فانطلق على وجهه، قال أسير: وكسوته بردة، فكان كلما رآه إنسان قال: من أين لأويس هذه البردة" والسياق لمسلم.
واستدركه الحاكم 3/ 403 على الشيخين بقوله:
"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة".
كذا قال رحمه الله تعالى وقد أخرجه مسلم بأتم منه مع اختلاف يسير في اللفظ، والله أعلم.
كتبه الفقير إلى الله تعالى
أبو سامي العبدان
حسن التمام
29 - شهر الله المحرم - 1437 هجري.
إرسال تعليق