
الصلاة في السفينة
(226) "سئل رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في السفينة؟ قال: صل قائما إلا أن تخاف الغرق".
إسناده حسن - أخرجه الدارقطني
2/ 246، ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق" (413)، وفي "العلل المتناهية"
(699) حدثنا محمد بن موسى بن سهل البربهاري من أصله،
حدثنا بشر بن فافا، حدثنا أبو نعيم، حدثنا جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن
عمر: فذكره.
وقال ابن الجوزي:
"بشر: لا يعرف".
قلت: بشر بن فافا: ضعفه الدارقطني
كما في "الميزان" 1/ 323، ولم يتفرّد به:
أخرجه الحاكم 1/ 275، وعنه البيهقي
3/ 155، وفي "المعرفة" (6166)، وفي "الخلافيات" (2220) من طريق
محمد بن الحسين بن أبي الحنين، حدثنا الفضل بن دكين به.
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح الإسناد على
شرط مسلم، ولم يخرجاه وهو شاذ بمرة".
وليس كما قال رحمه الله تعالى،
محمد بن الحسين بن أبي الحنين: لم يرو له مسلم شيئا، وهو ثقة، قال الدارقطني: كان ثقة
صدوقا، قال: حدثنا عنه جماعة من شيوخنا.
وذكره ابن حبان في "الثقات"
9/ 136، وتحرّف في مطبوعة إلى: (ابن أبي الحسين).
وفي "الثقات" لابن قطلوبغا
8/ 246:
"قال مسلمة: اسم أبي الحنين:
الحسين بن أبي الحسن، ومحمد ثقة، أخبرنا عنه ابن الأعرابي، وذكره مسلمة في ابن أبي
الحسين وهو تصحيف".
وقال عبد الغني بن سعيد في
"المؤتلف والمختلف" 1/ 176:
"كوفي مشهور سمع منه ابن
جابر الرَّمْلي، والناس".
ولم يخرج الإمام مسلم حديث أبي
نعيم عن جعفر بن برقان، ولا حديث جعفر عن ميمون بن مهران، ولا حديث ميمون عن ابن عمر.
وقال البيهقي:
"حديث أبي نعيم الفضل بن
دكين حسن".
وقول البيهقي أقرب بحال إسناده.
وأخرجه البيهقي 3/ 155 أخبرنا
أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم الحرضي، أخبرنا أبو بكر محمد بن
حميد بن سهيل الموصلي، حدثنا حامد بن شعيب البلخي، حدثنا الصلت بن مسعود، حدثنا عبد
الله بن داود، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر، قال:
"أمر رسول الله صلى الله
عليه وسلم أصحابه حين خرجوا إلى الحبشة أن يصلوا في السفينة قياما ما لم يخافوا الغرق".
وإسناده ضعيف: أبو بكر محمد بن
حميد بن سهيل: ضعفه البرقاني، وابن الجوزي، ووثقه أبو نعيم.
وقال ابن أبي الفوارس: فيه تساهل
شديد.
وأخرجه البيهقي 3/ 155 أخبرنا
أبو محمد الحرضي، أخبرنا محمد بن حميد، حدثنا حامد البلخي، حدثنا الصلت بن مسعود، حدثنا
عمرو أظنه ابن عبد الغفار الفقيمي، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس،
قال:
"كان جعفر بن أبي طالب رضى
الله عنه وأصحابه حين خرجوا إلى الحبشة يصلون في السفينة قياما".
عمرو الفقيمي: قال أبو حاتم: متروك
الحديث.
وقال ابن عدي: اتهم بوضع الحديث.
وقال البيهقي:
"واختلف فيه على عبد الله
بن داود، وقيل لم يسمعه من جعفر".
بينهما رجل مجهول، فقد أخرجه البزار
(1327)، والدارقطني 2/ 246 - ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق" (412) -،
وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1445) عن إبراهيم بن محمد التيمي، حدثنا عبد
الله بن داود، حدثنا شيخ من ثقيف، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر،
عن جعفر بن أبي طالب:
"أن النبي صلى الله عليه
وسلم أمره أن يصلي في السفينة قائما ما لم يخش الغرق".
وقال البزار:
"ولا نعلم هذا الكلام يروى
عن النبي صلى الله عليه وسلم متصلا من وجه من الوجوه إلا من هذا الوجه، ولا نعلم له
إسنادا إلا هذا الإسناد، ولا نعلم أحدا سمى الشيخ الذي روى عنه عبد الله بن داود".
وأخرجه الدارقطني 2/ 245 حدثنا
محمد بن هارون أبو حامد، حدثنا إبراهيم بن محمد التيمي، حدثنا عبد الله بن داود، عن
رجل من أهل الحديث، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس.
وقال البزار:
"ورأيت بعض أصحابنا يذكر
هذا الحديث عن عمرو بن عبد الغفار، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجعفر. وأحسب أنه غلط فيه، وإنما هو عندي عن ابن عمر
كما رواه ابن داود".
وقال الدارقطني في "العلل"
13/ 475:
"وقيل: عن عبد الله بن داود،
عن عمرو بن عبد الغفار هو الفقيمي، عن جعفر، وهو أشبهها بالصواب، ولعل قول القائل:
رجل من ثقيف، أراد: رجل من فقيم، والله أعلم".
وأخرجه الدارقطني 2/ 246 - ومن
طريقه ابن الجوزي في "التحقيق" (411)، وفي "العلل المتناهية"
(698) -، والضياء في "مناقب جعفر" - مخطوط: من طريق جابر بن كردي، حدثنا
حسين بن علوان الكلبي، حدثنا جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس، قال:
"لما بعث رسول الله صلى
الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة، قال: يا رسول الله كيف أصلي في السفينة؟
قال: صل فيها قائما إلا أن تخاف الغرق".
وقال الدارقطني:
"حسين بن علوان: متروك".
قال ابن حبان في "المجروحين"
1/ 244-245:
"حسين بن علوان: من أهل الكوفة
كان يضع الحديث على هشام بن عروة وغيره من الثقات وضعا، لا تحل كتابة حديثه إلى على
جهة التعجب، كذبه أحمد بن حنبل رحمه الله".
وقال ابن القطان في "بيان
الوهم والإيهام" 3/ 153:
"جابر بن كردي: لا يعرف".
قلت: بل هو معروف، قال النسائي:
لا بأس به.
وقال "في أسامي شيوخه":
ما علمت فيه إلا خيرا.
وقال مسلمة بن قاسم الأندلسي:
ثقة.
وذكره ابن حبان في "الثقات"
كما في "تهذيب الكمال" 4/ 459.
وجاء أثر صحيح في الباب:
أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 266 حدثنا
مروان بن معاوية، والبيهقي 3/ 155 من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، كلاهما عن حميد،
قال:
"سئل أنس عن الصلاة في السفينة؟
فقال عبد الله بن أبي عتبة مولى أنس وهو معنا جالس: سافرت مع أبي سعيد الخدري، وأبي
الدرداء، وجابر بن عبد الله، قال حميد: وأناس قد سماهم، فكان إمامنا يصلي بنا في السفينة
قائما، ونحن نصلي خلفه قياما، ولو شئنا لأرفأنا وخرجنا".
قوله (ولو شئنا لأرفأنا) أي: لأرسينا
يقال: أرسى السفينة بالسين المهملة وأرفى بالفاء إذا وقف بها على الشط.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"
(4557) عن الثوري، عن حميد الطويل، عن عبد الله بن أبي عتبة، قال:
"كنت مع جابر بن عبد الله،
وأبي سعيد الخدري، وأبي الدرداء، وأراه ذكر أبا هريرة في سفينة، فأمنا الذي أمنا قائما،
ولو شئنا أن نخرج لخرجنا".
يستفاد من الحديث
أنه لا تصح الصلاة في السفينة قاعدًا وهو يقدر على القيام، قال عبد اللَّه بن الإمام أحمد:
"سألت أبي عن الصلاة في السفينة،
قيام أو قعود أحب إليك وهي تسير، وإذا كانت موقوفة في الحد؟ قال: فإن صلى في جوفها
فإن أمكنهم قيامًا صلوا، وإن لم يمكنهم قيامًا صلوا قعودًا، وكذلك إذا كانوا في الحد
إن أمكنهم صلوا قيامًا، صلوا وإلا خرجوا إلى الحد حتى يصلوا قيامًا". "مسائل
عبد اللَّه" (244).
وقال إسحاق بن منصور:
"قُلْتُ: الصلاةُ في السَّفينةِ؟
قال: إن قَدَرَ على القيام صَلَّى قائمًا، وإلا صلَّى قاعدًا مستقبلَ القبلة".
"مسائل الكوسج" (371) و "مسائل صالح" (1026) و "مسائل أبي
داود" (533).
قال إسحاق بن راهويه:
"ويَدورُ حيثُ دارت".
وفي "مسائل حرب الكرماني"
(ص: 538) عن الإمام أحمد: "الصلاة في السفينة قائما إن أمكنه، ويدورون مع السفينة
إلى القبلة".
وقال أبو داود:
"سمعتُ أحمد بن حنبل سئل
عن رجل صلَّى في السفينة قاعدًا؟ قال: إن كان يقدرُ على أن يصلي قائمًا فأحبُّ إليَّ
أن يعيدَ". "مسائل أبي داود" (532).
وفي "الروايتين والوجهين"
للفراء 1/ 178، قال: "اختلفت في الصلاة في السفينة مع القدرة على الخروج. فنقل
عبد الله: إذا لم يمكنهم الخروج صلوا في السفينة فأما إذا كان يمكنهم الخروج خرجوا
حتى يصلوا على الأرض. فظاهر هذا منع الصلاة فيها، لأنها ليست حال استقرار أشبه الراحلة.
ونقل أبو الحارث والأثرم وغيرهما
جواز الصلاة فيها مع القدرة على الخروج. لأنه يتمكن في العادة من القيام والركوع والسجود
فأشبه إذا كانت واقفة على الأرض".
وقال ابن حزم في "المحلى"
4/ 185:
"فإن كان قوم في سفينة لا
يمكنهم الخروج إلى البر إلا بمشقة أو بتضييعها فليصلوا فيها كما يقدرون، بإمام وأذان
وإقامة ولا بد، فإن عجزوا عن إقامة الصفوف وعن القيام لميد أو لكون بعضهم تحت السطح
أو لترجح السفينة صلوا كما يقدرون.
وسواء كان بعضهم أو كلهم قدام
الإمام أو معه أو خلفه، إذا لم يقدروا على أكثر، وصلى من عجز من القيام قاعدا ولا يجزئ
القادر على القيام إلا القيام؟ لقول الله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}
[البقرة: 286]، ولقوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78]،
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه
ما استطعتم".
وقال أبو حنيفة: يصلي قاعدا من
قدر على القيام.
وهذا خلاف أمر الله تعالى بالقيام
في الصلاة، واحتج بأن أنسا صلى في سفينة قاعدا؟ فقلنا: وما يدريكم أنه كان قاعدا وهو
يقدر على القيام؟ حاشا لله أن يظن بأنس رضي الله عنه أنه صلى قاعدا، وهو قادر على القيام".
كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
1 - صفر - 1441 هجري.
إرسال تعليق