
التباهي في المساجد وزخرفتها
(230) "لا تقوم الساعة
حتى يتباهى الناس في المساجد".
إسناده صحيح - أخرجه أبو
داود (449) - ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (464) -، والنسائي (689)،
وفي "الكبرى" (770)، وابن ماجه (739)، وأحمد 3/ 134 و 145 و 152 و 230 و
283، والدارمي (1408)، والبزار (6778)، وأبو يعلى (2798) و (2799)، وابن خزيمة
(1322) و (1323)، وابن الأعرابي في "المعجم" (1968)، وابن حبان (1613) و (1614) و (6760)، والطبراني 1/ (752)،
وفي "الأوسط" (8460)، وفي "الصغير" (1087)، والبيهقي 2/ 439، والداني
في "السنن الواردة في الفتن" (413)، والضياء في "المختارة"
(2235) و (2236) و (2237) و (2238)، والبغوي (465) من طرق عن حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم، قال: فذكره.
ولفظ ابن حبان (1613): "نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتباهى الناس في المساجد".
وإسناده صحيح.
وقرن أبو داود، وابن خزيمة
(1323)، وابن الأعرابي، والطبراني، والضياء (2236) و (2237) بأبي قلابة: قتادة، وهو
عند البزار (7263) عن قتادة (وحده)، وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن قتادة
إلا حماد، تفرد به: محمد بن عبد الله الخزاعي، ورواه الناس، عن حماد، عن أيوب، عن أبي
قلابة، عن أنس، فقط".
وأخرجه الشجري في "الأمالي
الخميسية" (2838) - ترتيب: من طريق أبي الحسن علي بن محمد بن عمر السكري، قال:
حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، قال: حدثنا أبو محمد خلف بن سالم، قال:
حدثنا عمرو بن عاصم، قال: حدثنا همام، عن قتادة به.
وإسناده ضعيف، علي بن محمد بن
عمر السكري هو علي بن عمر بن محمد بن الحسن بن شاذان السكري: قال البرقانيُّ: لا يُساوي
شيئا.
ويُنظر "التنكيل"
2/ 590 للعلامة المعلمي.
وأخرجه أبو يعلى (2817)، وابن
خزيمة (1321)، والطبراني في "الأوسط" (7559)، والبغوي (466)، وابن الجوزي
في "مشيخته" (ص 171-172)، والضياء في "المختارة" (2239) من طريق
أبي عامر الخزاز صالح بن رستم، قال: قال أبو قلابة، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى
الله عليه وسلم، قال:
"يأتي على الناس زمان يتباهون
بكثرة المساجد، لا يعمرونها إلا قليلا".
وإسناده فيه ضعف، صالح بن رستم:
ضعّفه ابن معين وغيره، ووثقه أبو داود، وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به.
وعلّقه البخاري في "صحيحه"
1/ 97 موقوفا على أنس.
وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 309، ومسدد
كما في "المطالب العالية" (355) عن إسماعيل ابن علية، عن أيوب، قال: حدثني
رجل، عن أنس بن مالك، قال:
"كان يقال: ليأتين على الناس
زمان يبنون المساجد يتباهون بها، ولا يعمرونها إلا قليلا".
وإسناده ضعيف، فيه من أُبهم.
وأخرج البزار (6537) من طريق هريم
بن سفيان، عن الليث بن أبي سليم، عن أيوب، عن أنس بن مالك، قال:
"نهينا أن نصلي في مسجد مشرف".
والليث بن سليم: ضعيف.
وقد اضطرب فيه:
فأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 309، والترمذي
في "العلل" كما في "بيان الوهم والإيهام" 2/ 503، والطبراني
12/ (13499)، والبيهقي 2/ 439 من طريق هريم، قال: حدثنا ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر
به.
وسأل الترمذيُّ البخاريَّ عنه
فلم يعرفه، وينظر "علل الدارقطني" (3105).
وفي الباب عن ابن عباس، وحذيفة، وعبد الله بن مسعود، وعمر بن الخطاب، وعبادة بن الصامت:
أما حديث ابن عباس:
فأخرجه أبو داود (448)، وابن حبان
(1615)، والطبراني 12/ (13003)، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 313، والبيهقي
2/ 438-439، وابن حزم في "المحلى" 4/ 44 و 247-248، والبغوي (463) من طريق
سفيان الثوري، وأبو يعلى (2454) و (2688) و (2689)، والطبراني (13001) و (13002) من
طريق ليث، والطبراني 12/ (13000) من طريق صباح بن يحيى المزني، ثلاثتهم عن أبي فزارة
راشد بن كيسان، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
"إني لم أؤمر بتشييد المساجد.
قال: وقال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى".
وأخرج ابن أبي شيبة 1/ 309 من
طريق الثوري، وليث: الموقوف منه.
وعلّقه البخاري في "صحيحه"
1/ 96-97، وقال الحافظ في "الفتح" 1/ 540:
"وإنما لم يذكر البخاري المرفوع
منه للاختلاف على يزيد بن الأصم في وصله وإرساله".
أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 309، وعبد
الرزاق في "المصنف" (5127) عن الثوري، عن أبي فزارة، عن يزيد بن الأصم -
وكان ابن خالة ابن عباس -، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"ما أمرت بتشييد المساجد.
قال: وقال ابن عباس: أما والله لتزخرفنها".
وأخرج ابن ماجه (740) حدثنا جبارة بن المغلس، قال: حدثنا عبد
الكريم بن عبد الرحمن البجلي، عن ليث، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
"أراكم ستشرفون مساجدكم بعدي،
كما شرفت اليهود كنائسها، وكما شرفت النصارى بيعها".
وإسناده ضعيف، جبارة بن المغلس:
ضعيف.
وليث هو ابن أبي سليم.
وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 309 حدثنا
خلف بن خليفة، عن موسى، عن رجل، عن ابن عباس، قال:
"أمرنا أن نبني المساجد جما،
والمدائن شرفا".
وإسناده ضعيف، خلف بن خليفة: قال
الإمام أحمد بن حنبل: قد أتيته فلم أفهم عنه.
وقال عثمان بن أبي شيبة: صدوق
ثقة، لكنه خرف فاضطرب عليه حديثه.
وقال ابن سعد: أصابه الفالج قبل
موته حتى ضعف وتغير واختلط.
وأخرجه بحشل في "تاريخ واسط"
(ص 122) من طريق هشيم، قال: حدثنا خلف بن خليفة، عن موسى بن الحارث، عن ابن عباس به.
هشيم: ممن سمع من خلف بن خليفة
قبل الاختلاط.
وموسى بن الحارث: لم أتبينه، وذكر
ابن حبان في "الثقات" 5/ 405 موسى بن الحارث، فقال:
"من أهل المدينة يروي عن
جابر بن عبد الله، روى عنه ابنه محمد بن موسى بن الحارث، وعاصم بن سويد الأنصاري".
وهو على كل حال: مجهول، فالإسناد
ضعيف أيضا، والله أعلم.
وأما حديث حذيفة:
فأخرجه أبو نعيم في "الحلية"
5/ 187-188 من طريق القاسم بن مساور الجوهري، عن غسان بن عبيد، حدثنا حمزة النصيبي،
عن مكحول، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"للساعة أشراط. قيل: وما
أشراطها؟ قال: غلو أهل الفسق في المساجد، وظهور أهل المنكر على أهل المعروف. قال أعرابي:
فما تأمرني يا رسول الله؟ قال: دع، وكن حلسا من أحلاس بيتك".
وقال أبو نعيم:
"غريب من حديث مكحول، لم
نكتبه إلا من حديث حمزة".
وإسناده تالف، حمزة النصيبي: متروك
متهم بالوضع.
وغسان بن عبيد الموصلي: قال الإمام
أحمد: كتبنا عنه، قدم علينا ههنا، ثم خرقت حديثه.
وقال المعلمي في تعليقه على
"الفوائد المجموعة" (ص 471):
"ضعيف لم يكن يعقل الحديث".
والقاسم بن مساور الجوهري: مجهول
الحال.
وأما حديث عبد الله بن مسعود:
فأخرجه الطبراني 10/ (10556)، وفي "الأوسط" (4861) - ومن طريقه
الشجري في "الأمالي الخميسية" (2803) - حدثنا أبو عبيدة عبد
الوارث بن إبراهيم العسكري، قال:
حدثنا سيف بن مسكين الأسواري، قال: حدثنا مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن عتي السعدي،
عن ابن مسعود: مرفوعا مطولا، وفيه:
"إن من أعلام الساعة وأشراطها
أن تزخرف المساجد...".
وقال الهيثمي في "المجمع"
7/ 323:
"وفيه سيف بن مسكين وهو ضعيف".
سيف بن مسكين: قال ابن حبان في
"المجروحين" 1/ 347:
"يأتي بالمقلوبات والأشياء
الموضوعات، لا يحل الاحتجاج به لمخالفته الأثبات في الروايات على قلتها".
وقال الدارقطني في "العلل"
1/ 219:
"ليس بالقوي".
وقال المعلمي في حاشية "الموضح"
1/ 348:
"تالف".
وشيخ الطبراني: قال الهيثمي في
"المجمع" 5/ 209:
"لم أعرفه".
وأما حديث عمر بن الخطاب:
فأخرجه ابن ماجه (741)، وأبو يعلى
في "مسنده" كما في "زوائد ابن ماجه" 1/ 94 - ومن طريقه الرافعي
في "أخبار قزوين" 3/ 29-30 -، والعطار في "حديثه" (816) - مطبوع
ضمن مجموعة أجزاء طبعت خطأ باسم "الفوائد لابن منده!"، وأبو نعيم في
"الحلية" 4/ 152، وابن العديم في "تاريخ حلب" 9/ 4262، والذهبي
في "معجم الشيوخ" 2/ 332 عن جبارة بن المغلس، قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد
الرحمن، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم:
"ما ساء عمل قوم قط، إلا
زخرفوا مساجدهم".
وقال أبو نعيم:
"غريب من حديث عمرو، وأبي
إسحاق، تفرد به عنه عبد الكريم".
وقال الذهبي:
"عبد الكريم واه!".
قلت: عبد الكريم بن عبد الرحمن
البجلي الخراز: ذكره ابن حبان في "الثقات" 8/ 423، وقال:
"مستقيم الحديث".
وعلة الحديث: جبارة بن المغلس
فإنه ضعيف.
وفي الباب أثر عن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه، علّقه الإمامُ البخاري في "صحيحه" 1/ 97، ولفظه:
"أمر عمر ببناء المسجد، وقال:
أكِنَّ الناس من المطر، وإيَّاك أن تحمِّر أو تصفِّر، فتَفتن الناس".
وأما حديث عبادة بن الصامت:
فأخرجه الطبراني كما في "جامع المسانيد والسنن" لابن كثير
(4959) من طريق أبي سنان عيسى بن سنان، عن يعلى بن شداد بن أوس، عن عبادة بن الصامت، قال:
"قالت الأنصار: إلى متى يصلي
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا الجريد؟ فجمعوا له دنانير، فأتوه بها، وقالوا:
نصلح هذا المسجد، ونزينه، فقال: ليس لِي رَغْبَةٌ عن أخي موسى، عريش كعرِيش موسى".
وإسناده ضعيف، قال الهيثمي في
"المجمع" 2/ 16-17:
"رواه الطبراني في (الكبير)،
وفيه عيسى بن سنان، ضعفه أحمد وغيره، ووثقه العجلي وابن حبان وابن خراش في رواية".
يستفاد من الحديث
أولًا: النهي عن التباهي برفع المساجد وتطويلها، والمبالغة في ذلك.
ثانيًا: أن المساجد إنما بُنيت لعبادة الله تعالى وذكره، لا للتباهي والتفاخر
والزينة.
ثالثًا: فيه علم من أعلام النبوة، فقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه
وسلم من التباهي بتشييد المساجد والإسراف في زخرفتها وبنائها، والرياء في ذلك، فتجدهم
يكتبون على باب المسجد، مسجد الملك فلان بن فلان، مسجد العشيرة الفلانية.
كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
13 - ربيع الأول - 1441.
إرسال تعليق