حسن التمام  حسن التمام
random

الموضوعات

random
recent
جاري التحميل ...
recent

(4) يستدلون على جواز الدخول في البرلمانات الطاغوتية بتولي يوسف عليه السلام أمر خزائن الأرض عند ملك مصر

(4) يستدلون على جواز الدخول في البرلمانات الطاغوتية بتولي يوسف عليه السلام أمر خزائن الأرض عند ملك مصر

(4) يستدلون على جواز الدخول في البرلمانات الطاغوتية بتولي يوسف عليه السلام أمر خزائن الأرض عند ملك مصر

قالوا: ألم يتول يوسف عليه السلام منصب الوزارة عند ملك كافر لا يحكم بما أنزل الله تعالى؟! إذن يجوز المشاركة بالحكومات الكافرة بل والولوج في البرلمانات ومجالس الأمة ونحوها.

الجواب عن هذه الشبهة:

فليعلم كل مسلم أن هذه الدعوى فيها طعن في نبوة يوسف عليه السلام إذ فيها أن يوسف عليه السلام اشترك مع ملك مصر في الحكم بالأحكام الطاغوتية، ولا يخفى أن هذا مخالف لما بعثه اللهُ به، وهو اجتناب الطاغوت {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36]، {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ . وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ . يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ . مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 37 - 40]، إذا تقرّر استحالة أن يركن يوسف عليه السلام إلى الطاغوت فيكون الراجح أن الملك آمن بما جاء به، قال الآلوسي في "روح المعاني" 1/ 254:
"كان اسمه - على المشهور - الريان بن الوليد، وقد آمن بيوسف ومات في حياته".
وإن هذه التهمة للنبي الكريم بن الكرام عليهم السلام لا تقلّ خطورة عما اتهموه به من قبل، فأودعوه بسببه السجن حتى ثبتت براءته، وإن الله برّأه وعصمه مما اتهمه به هؤلاء من الركون إلى الطاغوت فضلا عن أن يحكم بغير ما أنزل الله تعالى.

وهذه عدة وجوه في بيان بطلان هذه الشبهة:

أولاً: 

أنَّ الاحتجاج بهذه الشبهة على الولوغ في البرلمانات التشريعية وتسويغها باطل وفاسد، لأن هذه البرلمانات الشركية قائمة على دين غير دين الله تعالى ألا وهو دين الديمقراطية الذي تكون ألوهية التشريع والتحليل والتحريم فيه للشعب لا لله وحده، وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]، فهل يجرئ زاعمٌ أن يزعم بأنَّ يوسف عليه السلام اتبع دينا غير دين الإسلام أو ملّة غير ملّة آبائه الموحِّدين، أو أقسم على احترامها؟ أو شرَّع وِفقًا لها؟ كما هو حال المفتونين بتلك البرلمانات؟ [1] كيف وهو يعلنها بملء فيه في وقت الاستضعاف فيقول: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ . وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} [يوسف: 37، 38] ويقول: {يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ . مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 39، 40]، أفيُعلنها ويصدع بها ويدعو إليها وهو مستضعف، ثم يُخفيها أو ينقضها بعد التمكين؟!
أجيبونا يا أصحاب الاستصلاحات!
ثم ألا تعلمون يا دهاقين السياسة أن الوزارة سلطة تنفيذية والبرلمان سلطة تشريعية، وبين هذه وهذه فروق وفروق، فالقياس ها هنا لا يصح عند القائلين به [2].
ومنه تعلم أن الاستدلال بقصة يوسف عليه السلام على تسويغ البرلمانات لا يصح أبدًا...

ثانيًا: 

أنَّ مُقايسة تولي كثير من المفتونين للوزارة في ظلِّ هذه الدول الطاغوتية التي تشرع مع الله وتحارب أولياء الله وتوالي أعداءه على فِعل يوسف عليه السلام قياس فاسد وباطل من وجوه:
1 - أنَّ متولي الوزارة في ظلِّ هذه الحكومات التي تحكم بغير ما أنزل الله تعالى لا بدّ وأن يحترم دستورهم الوضعي ويدين بالولاء والإخلاص للطاغوت الذي أمره الله أول ما أمره أن يكفر به {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [النساء: 60]، بل لا بد عندهم من القسم على هذا الكفر قبل تولي المنصب مباشرة تمامًا كما هو الحال بالنسبة لعضو البرلمان [3]، ومن يزعم أن يوسف الصدِّيق الكريم بن الكريم بن الكريم كان كذلك مع أن الله زكاه وقال عنه: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24]، فهو من أكفر الخلق وأنتنهم، قد برئ من الملّة ومرق من الدين، بل هو شرٌّ من إبليس اللعين الذي استثنى حين أقسم فقال: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 82، 83]، ويوسف عليه السلام يقينًا وبنص كلام الله تعالى من عباد الله المخلصين بل من ساداتهم.
2 - أنَّ متولي الوزارة في ظلِّ هذه الحكومات - أقسم اليمين الدستورية أم لم يقسم - لا بد له أن يدين بالقانون الكفري الوضعي وأن لا يخرج عنه أو يخالفه، فما هو إلا عبدٌ مخلصٌ له وخادمٌ مطيعٌ لمن وضعوه في الحقِّ والباطل والفسق والظلم والكفر...فهل كان يوسف الصدِّيق كذلك، حتى يصلح الاحتجاج بفعله لتسويغ مناصب القوم الكفرية؟ إنَّ مَن يرمي نبي الله بن نبي الله بن نبي الله بن خليل الله بشيءٍ من هذا لا نشكُ في كفره وزندقته ومروقه من الإسلام، لأن الله تعالى يقول: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36]، فهذا أصل الأصول وأعظم مصلحة في الوجود عند يوسف عليه السلام وسائر رسل الله.
فهل يعقل أن يدعو النَّاس إليه في السراء والضراء وفي الاستضعاف والتمكين ثم هو يناقضه فيكون من المشركين؟ كيف والله قد وصفه بأنه من عباد الله المخلصين؟ ولقد ذكر بعض أهل التفسير أنَّ قوله تعالى: {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ...} [يوسف: 76]، دليل على أنَّ يوسف عليه السلام لم يكن مُطبقًا لنظام الملك وقانونه ولا مُنقادًا له ولا مُلزَمًا بالأخذ به.
فهل يوجد في وزارات الطواغيت أو برلماناتهم اليوم مثل هذا؟ أي: أن يكون حال الوزير فيها كما يقال (دولة داخل دولة)؟ فإن لم يوجد فلا وجه للقياس هاهنا.
3 - أنَّ يوسف عليه السلام تولى تلك الوزارة بتمكين من الله عز وجل، قال تعالى: {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض}، فهو إذن تمكين من الله، فليس للملك ولا لغيره أن يضره أو يعزله من منصبه ذاك، حتى وإن خالف أمر الملك أو حكمه وقضاءه.
فهل لهؤلاء الأراذل المتولين عند الطواغيت اليوم نصيبٌ من هذا في مناصبهم المهترئة التي هي في الحقيقة لعبة بيد الطاغوت، حتى يصح مقايستها على ولاية يوسف عليه السلام تلك وتمكينه ذاك؟
4 - أنَّ يوسف عليه السلام تولى الوزارة (بحصانة) حقيقية كاملة من الملك، قال سبحانه وتعالى: {فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف: 54]، فأطلقت له حرية التصرف كاملة غير منقوصة في وزارته {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ..} [يوسف: 56]، فلا معترض عليه ولا محاسب له ولا رقيب على تصرفاته مهما كانت، فهل مثل هذا موجود في وزارات الطواغيت اليوم أم أنها حصانات كاذبة زائفة، تُزال وتسحب سريعًا إذا لعب الوزير بذيله، أو ظهر عليه شيء من المخالفة أو الخروج عن خط الأمير أو دين الملك؟ فما الوزير عندهم إلا خادمٌ لسياسات الأمير أو الملك يأتمر بأمره وينتهي عن نهيه، وليس له الحق بأن يُخالف أمرًا من أوامر الملك أو الدستور الوضعي ولو كان مضادًا لأمر الله تعالى ودينه.
ومن زعم أن شيئًا من هذا يشبه حال يوسف عليه السلام في ولايته فقد أعظم الفرية وكفر بالله وكذّب تزكيته سبحانه ليوسف عليه السلام.
فإن علم أن حاله عليه السلام ووضعه ذاك غير موجود اليوم في وزارات الطواغيت، فلا مجال للقياس ها هنا، إذن فليترك البطالون عنهم الهذر والهذيان في هذا الباب.

ثالثًا: 

من الردود المبطلة لهذه الشبهة، ما ذكر بعض أهل التفسير من أن الملك قد أسلم، وهو مروي عن مجاهد تلميذ ابن عباس رضي الله عنهما، وهذا القول يدفع الاستشهاد بهذه القصة من أصله.
ونحن ندين الله ونعتقد بأن اتباع عموم أو ظاهر آية في كتاب الله تعالى أولى من كلام وتفسيرات وشقشقات واستنباطات الخلق كلّهم العارية من الأدلة والبراهين ... فمما يدل على هذا القول: قوله تبارك وتعالى عن يوسف عليه السلام: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ} [يوسف: 21 و 56].
وهذا مجمل قد بيّنه الله تعالى في موضع آخر من كتابه فوصف حال من يُمَكِّنَ لهم في الأرض من المؤمنين بقوله: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41].
ولا شك أن يوسف عليه السلام من هؤلاء بل من ساداتهم، الذين إن مكنهم الله أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ولا شك ولا ريب عند من عرف دين الإسلام أن أعظم معروف فيه هو التوحيد الذي كان أصل الأصول في دعوة يوسف وآبائه عليهم السلام، وأعظم منكر هو الشرك الذي كان يحذر منه يوسف ويمقت ويبغض ويُعادي أربابه.
وفي دلالة واضحة وقاطعة على أن يوسف بعد أن مَكَّنَ الله له كان صادعًا بملة آبائه يعقوب واسحاق وإبراهيم، آمرًا بها، ناهيًا محاربًا لكلِّ ما خالفها وناقضها، فلا هو حكم بغير ما أنزل الله، ولا هو أعان على الحكم بغير ما أنزل الله، ولا أعان الأرباب المشرِّعين والطواغيت المعبودين من دون الله ولا ظاهرهم أو تولاهم كما يفعل المفتونون في مناصبهم اليوم.
فضلاً أن يُشاركهم في تشريعاتهم كما يفعل اليوم المفتونون في البرلمانات بل يُقال جزمًا إنه قد أنكر حالهم وغيَّر مُنكرهم وحكم بالتوحيد ودعا إليه ونابذ وأبعد من خالفه وناقضه كائنًا من كان، وذلك بنص كلام الله تعالى، ولا يصف الصدِّيقَ الكريم بن الأكرمين بغير هذا إلا كافرٌ خبيثٌ قد برئ من ملّته الطاهرة الزكية.
ومما يدل على هذا أيضًا دلالة واضحة ويؤكده: بيان وتفسير مجمل قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف: 54]، فما تُرى الكلام الذي كلّم يوسف الملك به هنا، حتى أعجِب به ومكّنه وأمنه؟ أتُراه انشغل بذكر قصة امرأة العزيز وقد انتهت وظهر الحق فيها؟ أم تُراه كلَّمه عن الوحدة الوطنية؟ والمشكلة الاقتصادية!! و .. و ... أم ماذا؟
ليس لأحد أن يرجم بالغيب ويقول ها هنا بغير برهان، فإنْ فعلَ فهو من الكاذبين، لكن المبيِّن المفسر لقوله تعالى: {فلما كلَّمه} واضحٌ صريحٌ في قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65].
وقوله تعالى في وصف أهم المهمات في دعوة يوسف عليه الصلاة السلام: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ . وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ...} [يوسف: 37، 38].
وقوله تعالى عنه: {...أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 39، 40].
لا شك أنَّ هذا أعظم كلام عند يوسف عليه السلام فهو الدين القيِّم عنده وأصلُ أصولِ دعوته وملَّته وملَّة آبائه، فإذا أمر بمعروف فهذا أعظم معروف يعرفه، وإن نهى عن منكر فليس بمنكر عنده أنكر مما يُناقض هذا الأصل ويُعارضه، فإذا تقرر هذا، وكان جوابُ الملك له: {إنك اليوم لدينا مكينٌ أمين} فهو دليلٌ واضحٌ على أنَّ الملك قد تابعه ووافقه عليه وأنه قد ترك ملَّة الكفر واتبع ملَّة إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف عليهم السلام.
أو قُل إنْ شئتَ: على أقلِّ الأحوال أقرّه على توحيده وملَّة آبائه، وأطلق له حرية الكلام والدعوة إليها وتسفيه ما خالفها ولم يعترض عليه في شيءٍ من ذلك ولا كلفه بما يُناقضه أو يخالفه، وحسبك بهذا فرقًا عظيمًا بين حاله عليه السلام هذه، وبين حال المفتونين من أنصار الطواغيت وأعوانهم في وزارات اليوم أو المشاركين لهم بالتشريع في برلماناتهم [4].

رابعًا: 

إذا عرفت ما سبق كلَّه وتحقق لديك يقينًا بأنَّ تولي يوسف عليه السلام للوزارة لم يكن مخالفًا للتوحيد ولا مُناقضًا لملَّة إبراهيم كما هو حال توليها في هذا الزمان.
فعلى فرضِ أن الملك بقي على كفره، فتكون مسألةُ تولي يوسف هذه الولاية مسألةً من مسائل الفروع لا إشكال فيها في أصل الدين لما تقرر من قبل بأن يوسف لم يقع منه كفرٌ أو شركٌ أو تولي للكفار أو تشريعٌ مع الله بل كان آمرًا بالتوحيد ناهيًا عن ذلك كلِّه، وقد قال الله تعالى في باب فروع الأحكام: {لكلٍّ جعلنا منكم شِرعةً ومنهاجاً}، فشرائعُ الأنبياء قد تتنوع في فروع الأحكام لكنّها في باب التوحيد واحدة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد" [5]، يعني: إخوةٌ من أمهات مختلفة والأب واحد، إشارةٌ إلى الإتفاق في أصل التوحيد والتنوع في فروع الشريعة وأحكامها، فقد يكون الشيءُ في باب الأحكام في شريعة من قبلنا حرامًا ثم يحل لنا كالغنائم، وقد يحصل العكس، أو شديدًا على من قبلنا فيخفف عنا وهكذا، ولذا فليس كلُّ شرعٍ في شرع من قبلنا شرعًا لنا، خصوصًا إذا عارضه من شرعنا دليل.
وجاء دليلٌ من شرعنا في معارضة هذا الذي كان مشروعًا ليوسف عليه السلام، فروى ابن حبان في "صحيحه" (4586) عن أبي يعلى الموصلي – وهو في "مسنده" (1115) - أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
"ليأتين عليكم أُمراء سفهاء يقربون شرار النّاس، ويُؤخرون الصلاة عن مواقيتها، فمن أدرك ذلك منكم فلا يكونن عريفًا، ولا شرطيًا، ولا جابيًا، ولا خازنًا".
والراجحُ أنَّ هؤلاء الأمراء ليسوا كفارًا بل فُجارًا سفهاء، لأن المحذِّر عادةً إذا حذر فإنما يذكر أعظم المفاسد والمساوئ، فلو كانوا كفاراً لبينه صلى الله عليه وسلم، لكن أعظمَ جرائمهم التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم هنا، هي تقريب شِرار النّاس وتأخيُر الصلاة عن مواقيتها، ومع هذا فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم ها هنا نهيًا صريحًا عن أن يكون المرءُ لهم خازنًا، فإذا كان توالي وظيفة الخازن عند أُمراء الجور منهيًا عنه في شرعنا ومحرمًا، فكيف بتولي وزارة الخزانة عند ملوك الكفر وأُمراء الشرك؟ {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55]، فهذا دليلٌ صحيحٌ وبرهانٌ صريحٌ على أنَّ هذا كان من شرع من قبلنا، وأنه منسوخٌ في شرعنا، والله تعالى أعلم.
وفي هذا الكفاية لمن أراد الهداية، لكن من يُقدِّم استحسانه واستصلاحه وأقاويل الرجال على الأدلة والبراهين، فلو انتطحت الجبال بين يديه لما ظفر بالهدى، { وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا } [المائدة: 41].

وأخيرًا: 

وقبل أن أختم الكلام على هذه الشبهة أُنبِّه إلى أنَّ بعض المفتونين الذين يسوِّغون الشرك والكفر باستحسانهم واستصلاحهم الولوغَ في الوزارات الكفرية والبرلمانات الشركية يخلطون في حججهم وشبههم كلامًا لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حول تولي يوسف عليه السلام الوزارة، وهذا في الحقيقة مِن لَبس الحق بالباطل ومن الإفتراء على شيخ الإسلام وتقويله ما لم يقله، إذ هو رحمه الله تعالى لم يحتج بالقصة لتسويغ المشاركة في التشريع والكفر أو الحكم بغير ما أنزل الله، معاذ الله فإننا نُنزه شيخ الإسلام ودينَه بل نُنزه عقله عن مثل هذا القول الشنيع الذي لم يجرئ على القول به إلا هؤلاء الأراذل في هذه الأزمنة المتأخرة، نقول هذا، حتى ولو لم نقرأ كلامه في هذا الباب، لأن مثل هذا الكلام لا يقوله عاقل، فضلاً عن أن يصدر من عالم رباني كشيخ الإسلام رحمه الله تعالى، فكيف وكلامُه في هذا الباب واضحٌ وجليٌّ، حيث كان كلُّه مُنصبًا على قاعدة درء أعظم المفسدتين وتحصيلِ أعلى المصلحتين عند التعارض، وقد علمتَ أنَّ أعظم المصالح في الوجود هي مصلحةُ التوحيد وأنَّ أعظم المفاسد هي مفسدة الشرك والتنديد، وقد ذَكر أنَّ يوسف عليه السلام كان قائمًا بما قدر عليه من العدل والإحسان، كما في الحسبة [6] حيث يقول في وصف ولايته: 
"وفَعلَ من العدل والخير ما قدر عليه ودعاهم إلى الإيمان بحسب الإمكان" أهـ.
ويقول: "لكنْ فَعلَ الممكنَ من العدل والإحسان" أهـ [7].
ولم يذكر مُطلقًا أنَّ يوسف عليه السلام شرّع مع الله تعالى أو شارك بالحكم بغير ما أنزل الله أو اتبع الديمقراطية أو غيرها من الأديان المناقضة لدين الله، كما هو حالُ هؤلاء المفتونين الذين يخلطون كلامه رحمه الله تعالى بحججهم الساقطة وشبهاتهم المتهافتة ليضلوا الطَغام، وليلبسوا الحق بالباطل والنور بالظلام.
ثم نحن يا أخا التوحيد، قائدنا ودليلنا الذي نرجع إليه عند التنازع هو الوحي لا غير - كلام الله وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم، وكلُّ أحدٍ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيؤخذ من قوله ويرد - فلو أنَّ مثل ما يزعمون صدر عن شيخ الإسلام وحاشاه، لـمَا قبلناه منه ولا ممن هو أعظمُ منه من العلماء، حتى يأتينا عليه بالبرهان من الوحي، {قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ} [الأنبياء: 45]، {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111] و [النمل: 64]، فتنبه لذلك وعَض على توحيدك بالنواجذ، ولا تغتر أو تكترث بتلبيسات وإرجافات أنصار الشرك وخصوم التوحيد، أو تتضرّر بمخالفتهم وكن من أهلِ الطائفة القائمة بدين الله الذين وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا يضرّهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتيَ أمرُ الله وهم كذلك" [8].

نستخلص مما سبق في إبطال وفساد هذا القياس:

أولًا: 

أن ملك مصر هو الذي أرسل إلى يوسف عليه السلام يستدعيه، {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} [يوسف: 50]، فكيف يُقاس مَن طُلِب بمن طَلَب؟! ثم إنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إنا والله لا نولي على هذا العمل أحدا سأله ولا أحدا حرص عليه" متفق عليه من حديث أبي موسى.
فلما تحقق الملك من براءة يوسف ونزاهته أرسل إليه مرة أخرى، {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف: 54].

ثانيًا: 

أن يوسف عليه السلام حينما تولى تلك الولاية فإنه كان نافذ القول بخلاف غيره، وقد جاء هذا صريحًا في قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف: 54]، قال الطبري في "تفسيره" 16/ 147:
"(مكين) أي: متمكن مما أردتَ".
ولقد ذكر بعض أهل التفسير أنَّ قوله تعالى: {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك}، دليل على أنَّ يوسف عليه السلام لم يكن مُطبقا لنظام الملك وقانونه ولا مُنقادا له ولا مُلزما بالأخذ به.

ثالثًا: 

أنَّ يوسف عليه السلام تولى تلك الوزارة بتمكين من الله عز وجل، قال تعالى: {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض}، فهو إذن تمكين من الله، فليس للملك ولا لغيره أن يضره أو يعزله من منصبه ذاك، حتى وإن خالف أمر الملك أو حكمه وقضاءه.

رابعًا: 

أن الملك لم يطلب من يوسف عليه السلام حين ولّاه أن يقسم على احترام قانون الدولة الوضعي {دين الملك}، وإن الذي يتولى في مجالس البرلمانات اليوم يلزم بهذا.

خامسًا: 

أن الوزارة سلطة تنفيذية والبرلمان سلطة تشريعية، والجهة التشريعية أشر من الجهة التنفيذية، فبينهما فروق، فالقياس هنا باطل.

سادسًا: 

أنه قد جاء الدليل في شرعنا على معارضة هذا الذي كان مشروعا ليوسف عليه السلام، وتحريمه علينا، فروى ابن حبان في صحيحه وأبو يعلى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(ليأتين عليكم أُمراء سفهاء يقربون شرار النّاس، ويُؤخرون الصلاة عن مواقيتها، فمن أدرك ذلك منكم فلا يكونن عريفًا، ولا شرطيا، ولا جابيا، ولا خازنا).

سابعًا: 

أن يوسف عليه السلام نبي معصوم ومسدد من الله تعالى فلا يقاس عليه مَنْ لم يكن نبيًا مهما بلغ في التقوى والورع.

________________________________________
[1] - حيث تنص دساتيرهم على أن الأمة أو الشعب هو مصدر السلطات (انظر المادة رقم 6 من الدستور الكويتي والمادة رقم 24 من الدستور الأردني) وأن السلطة التشريعية تُناط بالملك أو الأمير ومجلس الأمة (انظر المادة رقم 51 من الدستور الكويتي والمادة رقم 25 من الدستور الأردني).

[2] - بعض المتعالمين يرون أن الوزارة أخطر من البرلمان وينطلقون من أن البرلمان بزعمهم جبهة معارضة للحكومة فهم يجاهدون في هذه الجبهة جهادًا دستوريًا، ويكافحون فيها كفاحًا قانونيًا، ويُناضلون نضالاً دبلوماسيًا، وتعاموْا على أن التشريع شره أخطر من التنفيذ، خصوصًا وأن تشريعهم هذا الذي سموه جهادًا وكفاحًا لا يكون في البرلمان إلا وِفقًا للدستور وطِبقًا لدين الديمقراطية انظر المادة 24 فرع 2 من الدستور الأردني حيث إن سلطات الأمة التشريعية أو غيرها لا تُمارس إلا على الوجه المبين في الدستور، وما أعضاء البرلمان إلا نواب الأمة صاحبة السلطات الدستورية بزعمهم!
وانظر أختها غير الشرعية في الدستور الكويتي المادة رقم 51 (السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقًا للدستور).

[3] - تنص المادة 43 من الدستور الأردني: (على رئيس الوزراء والوزراء قبل مباشرتهم أعمالهم أن يُقسموا أمام الملك اليمين التالية: "أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصًا للملك، وأن أحافظ على الدستور ... إلخ". ومثلها المادة 79: (على كلِّ عضوٍ من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب قبل الشروع في عمله أن يقسم أمام مجلسه يمينًا هذا نصها: "أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصًا للملك والوطن وأن أحافظ على الدستور ... إلخ". ومثلها في الدستور الكويتي المادتان 126 و 91.
فهل فعل يوسف عليه السلام شيئًا من هذا؟
ولا تغتر بتلبيسات بعض المفتونين الذين يقولون: نقسم ونستثني في نفوسنا: (في حدود الشرع) وقل لهم: ليس اليمين على نية الحالف، ولو كان الأمر كذلك لفسدت عقود الناس وشروطهم ولفتح الباب لكلِّ متلاعب، لكن كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم: (اليمين على نية المستحلف).
فيمينكم هذه ليست تبعًا لنياتكم بل هي على نية الطاغوت الذي استحلفكم.

[4] - ولا يعكر على القول السابق احتجاج من احتج بقوله تعالى في سورة غافر على لسان مؤمن آل فرعون: {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً .. } لوجوه:
1 - أن الآية ليست بصريحة الدلالة على أن المقصود بيوسف هنا هو يوسف بن يعقوب .. فيحتمل أن يكون غيره، ذكر بعض المفسرين هذا الوجه وقالوا هو: يوسف بن افرانيم بن يوسف بن يعقوب أقام فيهم نبيًا 20 سنة، وهذا مرويٌ عن ابن عباس رضي الله عنهما. وانظر تفسير القرطبي، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال.
2 - على فرض أن المقصود في هذه الآية هو يوسف بن يعقوب عليهما السلام فالآية ليست أيضًا بصريحة الدلالة على أنّ الملك بقي على كفره لكن الكلام فيها على غالب بني إسرائيل.
[قال الآلوسي في "روح المعاني" 6/ 398:
"كان الملك يومئذ الريان بن الوليد العمليقي ومات في حياة يوسف عليه السّلام بعد أن آمن به، فملك بعده قابوس بن مصعب فدعاه الى الإيمان فأبى"].
3 - أن الآية لم تذكر الكفر المعلن البواح لكن ذكرت الشك، والشك قد يكون في القلب ويكتم في وقت ثم يظهر في وقت آخر، وإذ قد تقرر أن يوسف قد مُكِّن له في الأرض وكان آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر كما قد تقدم، فلن يرضى عليه السلام من أحد أن يُظهر الشرك أمامه بل لن يجرئ أحدٌ على ذلك لأنه والٍ أو حاكم ورسول في الوقت نفسه وأعظم منكر عنده هو الشرك، لكن ربما كتم ذلك في القلب وأظهر أهلُه الإيمان الظاهر خوفًا من سلطان الحق، وهذا نفاقٌ يعامل أهله في الدنيا بما يظهرون، بل في قوله: {حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً ..} دلالة على إيمانهم ولو ظاهرًا برسالته.
ويجدر التنبيه هنا إلى أنَّ بعض المفتونين قد ذكروا مؤمن آل فرعون أيضًا في شبهاتهم في هذا الباب بحجة أنه كان يكتم إيمانه، فنقول: ما وجه الدلالة في نزاعنا هذا من قصة ذلك المؤمن؟ إن هناك فرقًا شاسعًا بين كتم الإيمان واخفائه للمستضعفين وبين المشاركة في الكفر والشرك والتشريع والتواطئ على دين غير دين الله تعالى، فهل تستطيعون أن تثبتوا لنا أن ذلك المؤمن قد شرع كما تشرعون أو أنه قد شارك بالحكم بغير ما أنزل الله كما تشاركون أو أنه تواطأ على الديمقراطية أو غير دين الله كما تفعلون؟ أثبتوا ذلك أولاً ودونه خرطُ القتاد ثم بعد ذلك استدلوا بفعله، وإلا فخلوا عنكم الهذر والهذيان.

[5] - أخرجه البخاري (3443)، ومسلم (2365) من حديث أبي هريرة.

[6] -  "مجموع الفتاوى" 28/ 68.

[7] - "مجموع الفتاوى" 20/ 56.

[8] - حديث متواتر، انظر تخريجه في "أحاديث الغربة وآثارها" الحديث الثالث.

إرسال تعليق

التعليقات



المتابعون

جميع الحقوق محفوظة لـ

حسن التمام

2015