
موقف المأموم الواحد من الإمام
(261)
"نمت عند ميمونة، والنبي صلى الله عليه وسلم عندها تلك الليلة، فتوضأ، ثم قام
يصلي، فقمت على يساره، فأخذني، فجعلني عن يمينه، فصلى ثلاث عشرة ركعة، ثم نام حتى
نفخ، وكان إذا نام نفخ، ثم أتاه المؤذن، فخرج، فصلى ولم يتوضأ".
متفق عليه من حديث ابن عباس،
وقد تقدّم تخريجه تحت الحديث رقم (258).
وفي الباب عن جابر، وأنس:
أما حديث جابر:
فأخرجه مسلم (3010) مطولا،
وأبو داود (634)، وابن الجارود في "المنتقى" (172)، والطحاوي في
"شرح المعاني" 1/ 307، وابن المنذر في "الأوسط" (1972) و
(2378)، وابن حبان (2197)، والبيهقي 2/ 239 و 3/ 95، وفي "المعرفة"
(5802)، والبغوي في "شرح السنة" (827) من طريق حاتم بن إسماعيل، حدثنا
يعقوب بن مجاهد أبو حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال:
"أتينا جابرا يعني ابن
عبد الله، قال: سرت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة، فقام يصلي، وكانت علي
بردة ذهبت أخالف بين طرفيها فلم تبلغ لي، وكانت لها ذباذب فنكستها، ثم خالفت بين
طرفيها، ثم تواقصت عليها لا تسقط، ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأخذ بيدي فأدارني، حتى أقامني عن يمينه فجاء ابن صخر، حتى قام عن يساره
فأخذنا بيديه جميعا، حتى أقامنا خلفه، قال: وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
يرمقني وأنا لا أشعر ثم فطنت به فأشار إلي أن أتزر بها فلما فرغ: رسول الله صلى
الله عليه وسلم، قال: يا جابر. قال: قلت: لبيك يا رسول الله، قال: إذا كان واسعا
فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقا فاشدده على حقوك".
واستدركه الحاكم 1/ 254 على
الشيخين فوهم.
وله طرق عن جابر:
1 - أخرجه الطبراني في "الأوسط" (8918) من طريق أسد بن موسى،
حدثنا ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:
"قام رسول الله صلى الله
عليه وسلم يصلي، فقمت عن يساره، فحولني عن يمينه، ثم أتى جبار بن صخر، فقام عن
يساره، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمنا خلفه".
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن
خالد بن يزيد إلا ابن لهيعة".
وإسناده ضعيف، ابن لهيعة:
اختلط بعد احتراق كتبه.
2 - أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 86 حدثنا أبو خالد الأحمر، عن يحيى بن سعيد،
عن شرحبيل، عن جابر، قال:
"صليت مع النبي صلى الله
عليه وسلم فأقامني عن يمينه".
وأخرجه ابن ماجه (974)، وأحمد
3/ 326، وابن خزيمة (1535) من طريق الضحاك بن عثمان، حدثني شرحبيل، عن جابر، قال:
"قام النبي صلى الله
عليه وسلم يصلي المغرب، فجئت فقمت إلى جنبه عن يساره، فنهاني، فجعلني عن يمينه،
فجاء صاحب لي، فصففنا خلفه، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوب واحد
مخالفا بين طرفيه".
وإسناده ضعيف من أجل شُرَحبيل
بن سعد.
3 - أخرجه ابن خزيمة (1536) و (1674)، وابن المنذر في
"الأوسط" (1971) من طريق الليث، عن خالد وهو ابن يزيد، عن سعيد وهو ابن
أبي هلال، عن عمرو بن أبي سعيد، أنه قال:
"دخلت على جابر بن عبد
الله أنا، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، فوجدناه قائما يصلي عليه إزار، فذكر بعض
الحديث وقال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج لبعض حاجته، فصببت له
وضوءا، فتوضأ فالتحف بإزاره، فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه، وأتى آخر فقام عن
يساره، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وصلينا معه، فصلى ثلاث عشرة ركعة
بالوتر".
وإسناده ضعيف، عمرو بن أبي
سعيد: تحريف، والصواب أنه: عمرو أبو سعيد، قال ابن أبي حاتم في "الجرح
والتعديل" 6/ 271:
"عمرو أبو سعيد: روى عن
جابر بن عبد الله، روى عنه سعيد بن أبي هلال، سمعت أبي يقول ذلك".
وقال ابن حبان في
"الثقات" 5/ 184:
"عمرو بن عبد الله أبو
سعيد: شيخ يروي عن جابر بن عبد الله، روى عنه سعيد بن أبي هلال".
وجاء اسمه في الموضع الأول من
صحيح ابن خزيمة - وهو المثبت في "الأوسط" لابن المنذر -: (عمرو بن
سعيد)، وانظر "إتحاف المهرة" (3072)، وأما الألباني فأعلّ الحديث بـ
(سعيد بن أبي هلال)!، وهذا قصور، فإن سعيد بن أبي هلال: ثقة ثبت، احتجّ به
الجماعة، ووثقه ابن سعد، وأبو حاتم، والعجلي، وابن خزيمة، والدارقطني، وابن حبان،
وآخرون كما نقله الحافظ في "هدي الساري" (ص 406).
وقال ابن حبان في
"مشاهير علماء الأمصار" (ص 301):
"وكان أحد المتقنين وأهل
الفضل في الدين".
وقال الساجي:
"صدوق كان أحمد يقول: ما
أدري أي شيء يخلط في الأحاديث".
وكلام الإمام أحمد لا يلزم
منه الرد المطلق لحديث سعيد بن أبي هلال، وهو محمول على ما ثبت فيه تخليطه بمخالفة
الثقات.
وقال الحافظ الذهبي في
"الميزان" 2/ 162:
"ثقة معروف حديثه في
الكتب الستة ... قال ابن حزم وحده: ليس بالقوي!!".
وقال الحافظ في
"التقريب" (2410):
"صدوق لم أر لابن حزم في
تضعيفه سلفا إلا أن الساجي حكى عن أحمد أنه اختلط".
وردّ تضعيف ابن حزم في
"هدي الساري" (ص 406)، فقال:
"ولم يصب في ذلك - والله
أعلم - احتج به الجماعة".
وقال حماد الأنصاري بعد
أن نقل كلام الساجي وابن حزم:
"وقد تبع ابنَ حزم في
تضعيفه الألبانيُّ ولم يصب في ذلك".
وأما حديث أنس بن مالك:
فأخرجه مسلم (660)، وأبو داود
(609)، والنسائي (803) و (805)، وفي "الكبرى" (880)، وابن ماجه (975)،
وأحمد 3/ 194-195 و 258 و 261، وابن أبي شيبة 2/ 86 و 88، وأبو القاسم البغوي في
"الجعديات" (1503)، وابن خزيمة (1538)، وأبو عوانة (1516) و (1517)،
وابن المنذر في "الأوسط" (1975)، وابن حبان (2206)، والبيهقي 3/ 95 و
106-107 من طرق عن شعبة، عن عبد الله بن المختار، سمع موسى بن أنس، يحدث عن أنس بن
مالك:
"أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم صلى به وبأمه، أو خالته، قال: فأقامني عن يمينه، وأقام المرأة
خلفنا".
وأخرجه مسلم (660-268)، والبخاري
في "الأدب المفرد" (88)، والنسائي (802)، وأحمد 3/ 217، والطيالسي
(2139)، وعبد بن حميد (1267)، وأبو يعلى (3328)، وأبو عوانة (1521)، والبيهقي 3/
53 و 95 من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، قال:
"دخل النبي صلى الله
عليه وسلم علينا وما هو إلا أنا، وأمي، وأم حرام خالتي، فقال: قوموا فلأصلي بكم في
غير وقت صلاة. فصلى بنا، فقال رجل لثابت: أين جعل أنسا منه؟ قال: جعله على يمينه،
ثم دعا لنا أهل البيت بكل خير من خير الدنيا والآخرة، فقالت أمي: يا رسول الله
خويدمك ادع الله له، قال: فدعا لي بكل خير، وكان في آخر ما دعا لي به، أن قال:
اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيه".
وأخرجه أبو داود (608)، وأحمد
3/ 160 و 184 و 204 و 239 و 242 و 248، وعبد بن حميد (1326)، وأبو عوانة في
"المناقب" كما في "إتحاف المهرة" (543)، وابن المنذر في
"الأوسط" (1973)، والطبراني في "الأوسط" (5173)، والبيهقي 2/
436 من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك:
"أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم دخل على أم حرام فأتوه بسمن وتمر، فقال: ردوا هذا في وعائه، وهذا في
سقائه، فإني صائم. ثم قام فصلى بنا ركعتين تطوعا، فقامت أم سليم وأم حرام خلفنا، قال
ثابت: ولا أعلمه إلا قال: أقامني عن يمينه على بساط".
وأخرجه ابن حبان (2207) من
طريق عمر بن موسى الحادي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، عن ثابت به.
وإسناده ضعيف، فيه عمر بن
موسى الحادي.
يستفاد من الحديث
أولًا: أن موقف المأموم الواحد يكون عن يمين الإمام.
ثانيًا: أن من قام عن يسار الإمام، فحوله إلى يمينه لم تفسد صلاتهما.
ثالثًا: أن العمل اليسير في الصلاة لا يفسدها.
كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام.
إرسال تعليق