حسن التمام  حسن التمام
random

الموضوعات

random
recent
جاري التحميل ...
recent

الركوع دون الصف

الركوع دون الصف


الركوع دون الصف


(265) "ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا".


متفق عليه من حديث أبي هريرة، وقد تقدّم تخريجه برقم (219).

وفي الباب عن أبي هريرة أيضًا، وأبي بكرة:

أما حديث أبي هريرة:

فأخرجه الطحاوي 1/ 396، وفي "شرح مشكل الآثار" (5577) من طريق المقدمي، قال: حدثني عمر بن علي، قال: حدثنا ابن عجلان، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"إذا أتى أحدكم الصلاة فلا يركع دون الصف، حتى يأخذ مكانه من الصف".
وحسّن إسناده الحافظ في "الفتح" 2/ 269، والصحيح أنه موقوف على أبي هريرة:
فأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 257، وابن المنذر في "الأوسط" (1997) عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن عجلان، عن الأعرج، عن أبي هريرة: موقوفا.
وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1994) من طريق خالد بن يوسف بن خالد السمتي، قال: حدثنا عبد الله بن رجاء المكي، عن ابن عجلان به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 256 حدثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال:
"لا تكبر حتى تأخذ مقامك من الصف".

وأما حديث أبي بكرة:

فأخرجه البخاري (783)، وفي "القراءة خلف الإمام" (113) - طـ الصميعي، وأحمد 5/ 45، والبيهقي 2/ 90 و 3/ 106، وفي "السنن الصغير" (546)، وفي "المعرفة" (5815)، والبغوي في "شرح السنة" (822) من طريق همام، عن الأعلم وهو زياد، عن الحسن، عن أبي بكرة:
"أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: زادك اللهُ حرصًا ولا تَعُدْ".
وله طرق عن زياد الأعلم:
أ - أخرجه أحمد 5/ 39، والبزار (3651)، وابن الجارود في "المنتقى" (318) من طريق أشعث بن عبد الملك، عن زياد الأعلم، عن الحسن، عن أبي بكرة:
"أنه ركع دون الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا، ولا تعد".
وإسناده صحيح.
ب - أخرجه أبو داود (683) - ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" 4/ 57، وفي "الإحكام" 2/ 61، والبيهقي 3/ 106 -، والنسائي (871)، وفي "الكبرى" (946) عن حميد بن مسعدة، وابن حبان (2195) من طريق أحمد بن المقدام العجلي، كلاهما عن يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عن زياد الأعلم، حدثنا الحسن، أن أبا بكرة حدث:
"أنه دخل المسجد ونبي الله صلى الله عليه وسلم راكع، قال: فركعت دون الصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا ولا تعد".
وإسناده صحيح.
وأخرجه الطحاوي 1/ 395 من طريق الحماني، قال: حدثنا يزيد بن زريع به: مرسلا.
والحماني هو يحيى بن عبد الحميد: ضعيف.
جـ - أخرجه أحمد 5/ 45، والطحاوي 1/ 395، وفي "شرح مشكل الآثار" (5576) عن عفان، والطحاوي 1/ 395، وفي "شرح مشكل الآثار" (5575) من طريق أبي عمر الضرير، وعلي بن عبد العزيز في "المنتخب" كما في "إتحاف المهرة" (17138)، ومحمد بن سنجر في "مسنده" كما في "إتحاف المهرة" (17138)، وابن حزم في "المحلى" 4/ 58 من طريق الحجاج بن منهال، والبيهقي 3/ 105-106 من طريق سليمان بن حرب، أربعتهم عن حماد بن سلمة، أخبرنا زياد الأعلم، عن الحسن، عن أبي بكرة:
"أنه جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من هذا الذي ركع، ثم مشى إلى الصف؟ فقال أبو بكرة: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا، ولا تعد".
وإسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (684) - ومن طريقه البيهقي 3/ 105-106، والبغوي في "شرح السنة" (823)، وفي "الأنوار" (238) - عن موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أخبرنا زياد الأعلم، عن الحسن:
"أن أبا بكرة جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته، قال: أيكم الذي ركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف؟ فقال أبو بكرة: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا ولا تعد".
وهذا مرسل.
وله طرق عن الحسن البصري:
أ - أخرجه البزار (3661) من طريق أبي قتيبة سلم بن قتيبة، قال: حدثنا الربيع بن صبيح، عن الحسن، عن أبي بكرة رضي الله عنه:
"أنه ركع قبل أن يصل الصف فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا ولا تعد".
وإسناده ضعيف: الربيع بن صبيح السعدي: كان عابدًا مجاهدًا لكنه سيء الحفظ.
ب - أخرجه أحمد 5/ 46، وابن حبان في "كتاب الصلاة" كما في "إتحاف المهرة" (17138) عن عبد الرزاق (وهو عنده في "المصنف" (3376) ) أخبرنا معمر، عن قتادة، عن الحسن:
"أن أبا بكرة دخل المسجد والإمام راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا ولا تعد".
وهذا مرسل، قال الدارقطني في "العلل" 12/ 221:
"معمر سيء الحفظ لحديث قتادة والأعمش".
وقال ابن أبي خيثمة في "التاريخ الكبير" 1/ 327 - السفر الثالث:
"سمعت يحيى بن معين يقول: قال معمر: جلست إلى قتادة وأنا صغير، فلم أحفظ أسانيده".
جـ - أخرجه أحمد 5/ 46 حدثنا عبد الرزاق (وهو عنده في "المصنف" (3377) ) سمعت هشاما، يحدث عن الحسن، عن أبي بكرة مثله.
وإسناده صحيح، هشام هو ابن حسان القردوسي.
وأخرجه ابن الأعرابي في "المعجم" (463)، وأبو القاسم المروزي في "المنتقى من حديثه" (65) من طريق حماد بن زيد، عن هشام، عن الحسن، عن أبي بكرة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم:
"أنه ركع وسجد دون الصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا ولا تعد".
د - أخرجه البخاري في "القراءة خلف الإمام" (170) - طـ الصميعي: عن محمد بن مرداس أبي عبد الله الأنصاري، حدثنا عبد الله بن عيسى أبو خلف الخزاز، عن يونس، عن الحسن، عن أبي بكرة:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الصبح، فسمع نفسًا شديدًا أو بهرا من خلفه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال لأبي بكرة: أنت صاحب هذا النفس؟ قال: جعلني الله فداك، خشيت أن يفوتني ركعة معك فأسرعت المشي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا ولا تعد، صل ما أدركت واقض ما سبقت".
وإسناده ضعيف، فيه عبد الله بن عيسى الخزاز وهو ضعيف.
ومحمد بن مرداس: قال أبو حاتم: مجهول.
وأخرجه الدارقطني في "حديث أبي الطاهر الذهلي" (42) من طريق عباس النرسي، قال: حدثنا وهيب، عن يونس، عن الحسن:
"أن أبا بكرة دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي وقد حفزه النفس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا ولا تعد".
وهذا مرسل.
هـ - أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2196) من طريق عامر بن مدرك، قال: حدثنا زفر، عن إسماعيل، عن الحسن، عن أبي بكرة قال:
"دخلت والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فركعت خارجا من الصف، ثم مشيت حتى دخلت في الصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين انصرف: زادك الله حرصا، ولا تعد".
وقال الطبراني:
"لم يروه عن زفر إلا ابن مدرك".
وإسناده ضعيف، إسماعيل هو ابن مسلم المكي: وهو ضعيف.
وعامر بن مدرك: لين الحديث.
وأخرجه المحاملي في "أماليه" (67) - برواية الفارسي: من طريق شريك، عن إسماعيل المكي، عن الحسن البصري به.
وشريك هو ابن عبد الله النخعي: سيء الحفظ.
حـ - أخرجه الطبراني في "الأوسط" (6947) من طريق أبي حمزة السكري، عن عبد الكريم أبي أمية، عن الحسن، عن أبي بكرة:
"أنه دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع، فركع قبل أن يبلغ الصف، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا بكرة، زادك الله حرصا ولا تعد".
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن عبد الكريم إلا أبو حمزة، تفرد به: علي بن الحسن".
وإسناده ضعيف، أبو أمية عبد الكريم هو ابن أبي المخارق: ضعيف.
ط - أخرجه الطبراني في "الصغير" (1030) حدثنا محمد بن يوسف الصابوني البصري، حدثنا العباس بن الوليد النرسي، حدثنا وهيب بن خالد، حدثنا عنبسة بن أبي رائطة الغنوي، عن الحسن، عن أبي بكرة:
"أنه دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم في الصلاة، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: زادك الله حرصا، ولا تعد".
وقال الطبراني:
"لم يروه عن عنبسة إلا وهيب، تفرد به العباس النرسي".
وإسناده ضعيف، عنبسة بن أبي رائطة الغنوي الأعور: قال ابن المديني: ضعيف.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (8185) حدثنا موسى بن هارون، وابن حبان (2194) أخبرنا محمد بن علي بن الأحمر الصيرفي،كلاهما عن العباس بن الوليد النرسي، قال: حدثنا وهيب بن خالد، عن عنبسة الأعور، عن الحسن: مرسلا.
ي - أخرجه ابن عدي في "الكامل" 6/ 193 من طريق عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، عن خالد بن يزيد، عن المثنى بن الصباح أنه كتب إليه، يذكر أن عمرو بن عبيد أخبره، عن الحسن بن أبي الحسن، أن أبا بكرة أخبره:
"أنه دخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع فبادر فركع فمشى راكعا، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا، ولا تعد".
وإسناده ضعيف، وفيه علل:
الأولى: عمرو بن عبيد هو المعتزلي المشهور، قال الإمام أحمد: ليس بأهل أن يحدث عنه.
وقال ابن معين: ليس بشيء.
وقال أبو حاتم: متروك الحديث.
وقال النسائي: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه.
والثانية: المثنى بن الصباح: ضعيف اختلط بأخرة.
والثالثة: عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد: صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة.
ك - أخرجه ابن عدي في "الكامل" 6/ 520 و 7/ 562 من طريق عبد الواحد بن سليمان البراء، عن ابن عون، عن الحسن، عن أبي بكرة، قال:
"دخلت المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فركعت ثم دخلت في الصف فلما صلى، قال: زادك الله حرصا، ولا تعد".
وإسناده ضعيف، عبد الواحد بن سليمان البراء: قال أبو حاتم: مجهول.
وقال ابن عدي: يتفرد بما لا يتابع عليه من الثقات.
ل - أخرجه محمد بن الحسن في "الآثار" (127) عن مبارك بن فضالة، عن الحسن البصري، عن أبي بكرة رضي الله عنه:
"أنه ركع دون الصف ثم مشى حتى وصل الصف، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: زادك الله حرصا ولا تعد".
وإسناده ضعيف، مبارك بن فضالة: قال أبو زرعة: إذا قال: حدثنا فهو ثقة.
م - أخرجه الطيالسي (917) حدثنا أبو حرة، عن الحسن، عن أبي بكرة:
"أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو منبهر [1] فركع دون الصف فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال: من فعل هذا؟ قال أبو بكرة: أنا قال:
زادك الله حرصا ولا تعد".
وإسناده ضعيف، أبو حرة هو واصل بن عبد الرحمن: قال الإمام البخاري: يتكلمون في روايته عن الحسن.
وقال عبد الله بن أحمد في "العلل": حدثني يحيى بن معين، حدثني غندر، قال: وقف أبو حرة على حديث الحسن، فقال: لم أسمعه من الحسن، قال غندر: فلم يقل في شيء منه أنه سمعه إلا حديثا واحدا.
وقال النسائي في "الكنى": أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت
يحيى بن معين عن أبي حرة؟ فقال: صالح، وحديثه عن الحسن ضعيف، يقولون: لم يسمعها من الحسن.
وقال الساجي: قال أحمد بن حنبل: قال لي أبو عبيدة الحداد: لم يقف أبو حرة على شيء مما سمع من الحسن إلا على ثلاثة أحاديث.
وقال ابن سعد: كان فيه ضعف.
وله طرق عن أبي بكرة:
1 - أخرجه أحمد 5/ 50، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 201 عن هوذة بن خليفة، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة، قال:
"جئت ونبي الله صلى الله عليه وسلم راكع قد حفزني النفس، فركعت دون الصف، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال:
أيكم ركع دون الصف؟ قلت: أنا، قال: زادك الله حرصا، ولا تعد".
وإسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان.
2 - أخرجه أحمد 5/ 42 من طريق بشار الخياط، قال: سمعت عبد العزيز بن أبي بكرة يحدث:
"أن أبا بكرة جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت نعل أبي بكرة وهو يحضر، يريد أن يدرك الركعة، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قال: من الساعي؟ قال أبو بكرة: أنا، قال: زادك الله حرصا، ولا تعد".
وهذا مرسل ضعيف، بشار الخياط: هو بشار بن عبد الملك المزني كما قال الحافظ في "تعجيل المنفعة" 1/ 343، وقد ضعفه ابن معين كما في "الجرح والتعديل" 2/ 415، ووثقه ابن حبان 6/ 113!
وأخرجه ابن الأعرابي في "المعجم" (638) من طريق مسلم بن إبراهيم، حدثنا بكار أبو بكرة بن عبد العزيز بن أبي بكرة، قال: سمعت أبي يحدث:
"أن أبا بكرة دخل المسجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة قائما، قال: فسعيت حتى دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، قال:
فلما أن قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال: من الساعي؟ قال أبو بكرة: قلت: أنا يا نبي الله، قال: زادك الله حرصا ولا تعد".
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/ 217 من طريق خالد بن خداش أبي الهيثم، وابن عبد البر في "الاستذكار" 2/ 317 من طريق أحمد بن إسحاق الحضرمي،
كلاهما عن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبيه، عن أبي بكرة به.
وقال ابن عدي في بكار: وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم.
3 - أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 55/ 205 من طريق محمد بن محمد بن سليمان، حدثنا محمد بن محمد بن مرزوق البعلبكي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد، عن سالم الخياط، عن محمد بن سيرين أنه حدثهم، عن أبي بكرة:
"أنه دخل المسجد والناس ركوع، فركع ثم دب راكعا حتى دخل الصف، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا ولا تعد".
وإسناده ضعيف، سالم بن عبد الله الخياط: ليّن الحديث.
وزهير بن محمد: رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، وهذه منها.
ومحمد بن محمد بن مرزوق البعلبكي: مجهول، ذكره ابن عساكر، وسكت عنه.

يستفاد من الحديث


قال الحافظ في "الفتح" 2/ 119:
"استدل به على أن من أدرك الإمام راكعًا لم تحسب له تلك الركعة للأمر بإتمام ما فاته، لأنه فاته الوقوف والقراءة فيه، وهو قول أبي هريرة وجماعة بل حكاه البخاري في "القراءة خلف الإمام" عن كل من ذهب إلى وجوب القراءة خلف الإمام، واختاره ابن خزيمة، والضبعي وغيرهما من محدثي الشافعية، وقوّاه الشيخ تقي الدين السبكي من المتأخرين - والله أعلم - وحجة الجمهور حديث أبي بكرة حيث ركع دون الصف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (زادك الله حرصا ولا تعد) ولم يأمره بإعادة تلك الركعة".
قلت: وليس فيه أيضا أنه اجتزأ بتلك الركعة، وأنه لم يقضها، فلا حجة فيه، والدعاء له بالحرص لا يستلزم الاعتداد بها، لأن الدخول مع الإمام مأمور به على أي حال كان، سواء كان الشيء الذي يدركه المأموم معتدًا به أم لا كما في قوله صلى الله عليه وسلم (إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئًا)، ولا يجوز الاحتجاج بفعل قد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، بقوله (ولا تَعُدْ) بفتح أوله وضم العين من العود، أي: لا تعد ثانيًا إلى مثل ذلك الفعل، ثم إن قصة أبي بكرة واقعة عين غير كافية لتخصيص النصوص العامة الموجبة للقيام، ولقراءة الفاتحة، ولأمر المسبوق بقضاء ما فاته، وقال ابن حزم في "المحلى" 3/ 244 - 246:
"أما قوله عليه الصلاة والسلام (من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة) فحق، وهو حجة عليهم، لأنه مع ذلك لا يسقط عنه قضاء ما لم يدرك من الصلاة، هذا ما لا خلاف فيه من أحد، وليس في الخبر، أنه إن أدرك الركوع فقد أدرك الوقفة وكذلك قوله عليه السلام: (من أدرك الركعة فقد أدرك السجدة) حق لا شك فيه، ولم يقل إنه إن أدرك الركعة فقد أدرك الوقفة التي قبل الركوع، فلا يجوز لأحد أن يقحم في كلامه صلى الله عليه وسلم ما ليس فيه، فيقول عليه ما لم يقل، وأما حديث أبي بكرة فلا حجة لهم فيه أصلا، لأنه ليس فيه أنه اجتزأ بتلك الركعة، وأنه لم يقضها، فسقط تعلقهم به جملة، ولله الحمد، فإذ قد سقط كل ما تعلقوا به من الآثار فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما حدثناه عبد الله بن ربيع، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا ابن الأعرابي، حدثنا أبو داود، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (ائتوا الصلاة وعليكم السكينة، فصلوا ما أدركتم، واقضوا ما سبقكم)، وصح عنه أيضا عليه السلام: (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)، وبيقين يدري كل ذي حس سليم أن من أدرك الإمام في أول الركعة الثانية فقد فاتته الأولى كلها، وأن من أدرك سجدة من الأولى، فقد فاتته وقفة، وركوع، ورفع، وسجدة، وجلوس، وأن من أدرك الجلسة بين السجدتين، فقد فاته الوقفة، والركوع، والرفع، وسجدة، وأن من أدرك الرفع، فقد فاتته الوقفة، والركوع، وأن من أدرك السجدتين، فقد فاتته الوقفة، والركوع، وأن من أدرك الركوع، فقد فاتته الوقفة، وقراءة أم القرآن، وكلاهما فرض، لا تتم الصلاة إلا به وهو مأمور بنص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقضاء ما سبقه وإتمام ما فاته، فلا يجوز تخصيص شيء من ذلك بغير نص آخر، ولا سبيل إلى وجوده، والقوم أصحاب قياس بزعمهم فكيف وقع لهم التفريق بين فوت إدراك الوقفة، وبين فوت إدراك الركوع والوقفة؟! فلم يروا على أحدهما قضاء ما سبقه، ورأوه على الآخر، فلا القياس طردوا، ولا النصوص اتبعوا، وقد أقدم بعضهم على دعوى الإجماع على قولهم، وهو كاذب في ذلك، لأنه قد روي من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ابن عجلان، عن عبد الرحمن بن هرمز، الأعرج، عن أبي هريرة (إذا أتيت القوم وهم ركوع فلا تكبر حتى تأخذ مقامك من الصف)، وروي عنه أيضا (أن لا يعتد بالركعة حتى يقرأ بأم القرآن)، وروينا من طريق عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن زيد بن وهب، قال: (دخلت أنا وابن مسعود المسجد والإمام راكع فركعنا ثم مضينا حتى استوينا بالصف، فلما فرغ الإمام قمت أقضي، فقال ابن مسعود: قد أدركته).
قال ابن حزم: فهذا إيجاب القضاء عن زيد بن وهب وهو صاحب من الصحابة [2] فإن قيل: فلم ير ابن مسعود ذلك قلنا: نعم، فكان ماذا فإذا تنازع الصاحبان فالواجب الرجوع إلى ما قاله الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يحل الرد إلى سوى ذلك، فليس قول ابن مسعود حجة على زيد، ولا قول زيد حجة على ابن مسعود، لكن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الحجة عليهما وعلى غيرهما من كل إنس وجن، وليس في هذا الخبر رجوع زيد إلى قول ابن مسعود، ولو رجع لما كان في رجوعه حجة، والخلاف لابن مسعود منه قد حصل، وروينا من طريق الحجاج بن المنهال، حدثنا الربيع بن حبيب، قال: سمعت محمد بن سيرين يقول: (إذا انتهيت إلى القوم وهم في الصلاة فأدركت تكبيرة تدخل بها في الصلاة، وتكبيرة الركوع، فقد أدركت تلك الركعة، وإلا فاركع معهم واسجد، ولا تحتسب بها).
قال ابن حزم: وروينا عن أحمد بن حنبل رحمه الله أنه قال كلاما معناه: (من ادعى الإجماع فقد كذب وما يدريه والناس قد اختلفوا، هذه أخبار الأصم، وبشر المريسي).
قال ابن حزم: صدق أحمد رضي الله عنه من ادعى الإجماع فيما لا يقين عنده بأنه قول جميع أهل الإسلام بلا شك في أحد منهم، قد كذب على الأمة كلها، وقطع بظنه عليهم، وقد قال عليه السلام: (الظن أكذب الحديث)".
وأما قولهم لولا أن أبا بكرة كان يرى أنه بإدراكه الركوع يدرك الركعة لما بادر إلى الركوع قبل أن يبلغ الصف، فقد أجاب عنه العلّامة المعلمي - في رسالة له بعنوان "هل يدرك المأموم الركعة بإدراكه الركوع مع الإمام؟ " 16/ 125 - 133 (مطبوعة ضمن آثار الشيخ العلامة المعلمي) - بقوله: "لماذا لا يبادر لإدراك فضل الركوع مع النبي صلى الله عليه وسلم، وإن علم أنه لا تحسب له ركعة؟ بل قد يقال: إن هذا هو الذي ينبغي أن يظن بالصحابي، لا أن يظن به أنه حرص على إدراك الركعة، وإن فاته الخير الكثير فيها تفاديًا من أن يكون عليه ركعة أخرى بعد سلام الإِمام، فإن هذا يدل على الكسل والتبرم بالتعب اليسير في العبادة، والرغبة عن زيادة الأجر، فإنه إذا أدرك بعض الركعة، ولم تحسب له، ثم صلاها بعد سلام الإِمام كتب له أجر الصلاة كاملة وزيادة أجر ما أدركه من تلك الركعة، فأما من لم يدرك إلا بعض الركعة، وحسبت له ركعة، فإنه يفوته بعض أجر الصلاة كما لا يخفى، وقول النبي صلى الله عليه وسلم (زادك الله حرصًا، ولا تعد)، يشعر بما ذكرنا، فإنه يدل أن ذاك الحرص محمود، فلذلك دعا له بالزيادة منه، وإنما نهى عن العود إلى الإخلال بالمشروع من السكينة والوقار ونظم الصلاة، والحرص المحمود، وهو الحرص على زيادة الأجر، لا على التخلص من زيادة العمل غير مبال بما فيها من زيادة الأجر....".


كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام.


 1 - منبهر: من البُهر وهو تتابع النفَس عند السعي الشديد والعَدو.

 2 - زيد بن وهب من كبار التابعين، وليس صحابيا، قال الحافظ في "الإصابة" 2/ 534: "زيد بن وهب الجهنيّ، أبو سليمان، نزيل الكوفة، كان في عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم مسلما ولم يره، وروى أبو نعيم من طريق الخريبي، عن يحيى بن مسلم، عن زيد بن وهب، قال: (خرجت وأنا أريد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فبلغتني وفاته في الطّريق)، وأخرجه البخاريّ من هذا الوجه في "التّاريخ"، وأغرب ابن حزم في "المحلّى" فذكر صفة الصّلاة من "المحلّى" بعد أن ذكر رواية منصور، عن زيد بن وهب، قال: دخلت أنا وابن مسعود المسجد ... فذكر قصّة.
قال ابن حزم: زيد بن وهب صاحب من الصّحابة، فإن خالفه ابن مسعود لم يبق في واحد منهما حجّة".

إرسال تعليق

التعليقات



المتابعون

جميع الحقوق محفوظة لـ

حسن التمام

2015