
إقصار الخطبة وإطالة الصلاة
(315) "إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة، وإن من البيان سحرا".
أخرجه مسلم (869)، وأحمد 4/
263، وابن أبي شيبة في "المسند" (445)، والدارمي (1556)، ويعقوب بن
سفيان في "المشيخة" (161)، والبزار (1406)، وأبو يعلى (1642)، وابن
خزيمة (1782)، وأبو عوانة (2759) و (2760) و (2761) طبعة الجامعة الإسلامية، وابن
الأعرابي في "المعجم" (1820)، وابن حبان (2791)، وأبو الشيخ في
"الأقران" (173)، وفي "طبقات المحدثين" 2/ 122، وأبو طاهر
المخلص في "المخلصيات" (1116) و (1550)، وأبو نعيم في
"المستخرج" (1955)، والبيهقي 3/ 208، وفي "الآداب" (313)، وفي
"الشعب" (4635)، وابن حزم في "المحلى" 5/ 60، وابن عساكر في
"تاريخ دمشق" 43/ 439-440، وفي "المعجم" (1)، والمزي في
"تهذيب الكمال" 17/ 259-260 من طرق عن عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر،
عن أبيه، عن واصل بن حيان، قال: قال أبو وائل:
خطبنا عمار، فأوجز وأبلغ،
فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت، فلو كنت تنفست، فقال: إني سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: فذكره
واستدركه الحاكم 3/ 393 على
الشيخين، وفاته أنه عند مسلم بتمامه.
وأخرجه البزار (1407)، وأبو
عوانة (2762) طبعة الجامعة الإسلامية، وابن المنذر في "الأوسط" (1797) [1]،
وتمام في "الفوائد" (1037) من طريق محمد بن بكار، عن سعيد بن بشير، عن
عبد الملك بن أبجر به.
وقال الدارقطني في
"الإلزامات والتتبع" (ص 158):
"هذا الحديث تفرد به ابن
أبجر عن واصل، حدث به عنه ابنه عبد الرحمن وسعيد بن بشير، وخالفه الأعمش وهو أحفظ
لحديث أبي وائل منه، رواه عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله، قوله غير
مرفوع، قاله الثوري وغيره عن الأعمش".
وقال الترمذي في
"العلل" (142):
"قال محمد - يعني:
البخاري -: حديث عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أقصروا الخطب، هو حديث
صحيح".
وله طرق عن عمار:
1 - أخرجه أبو داود (1106)، وأحمد 4/ 320، وابن أبي شيبة 2/ 114، وفي
"المسند" (434)، وأبو يعلى (1621)، والحاكم 1/ 289، والبيهقي 3/ 208،
وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 19 عن عبد الله بن نمير، والبزار
(1430)، وأبو يعلى (1618) من طريق أبي أحمد الزبيري، كلاهما عن العلاء بن صالح، عن
عدي بن ثابت، حدثنا أبو راشد، قال:
"خطبنا عمار، فتجوز في
خطبته، فقال له رجل من قريش: لقد قلت قولا شفاء، فلو أنك أطلت، فقال: إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نهى أن نطيل الخطبة".
وقال البزار:
"ولا نعلم روى أبو راشد
عن عمار إلا هذا الحديث".
وقال الحاكم:
"صحيح الإسناد ولم
يخرجاه" وأقره الذهبي!
قلت: بل إسناده ضعيف، وله
علتان:
الأولى: أبو راشد: مجهول.
والثانية: خالف العلاءَ بن
صالح: مسعرٌ، فرواه عن عدي بن ثابت، عن عمار: مرسلا كما في "العلل"
للدارقطني (835).
2 - أخرجه البزار (1398) حدثنا حميد بن الربيع، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 378 من طريق أبي كريب، كلاهما عن فردوس بن الأشعري، قال: حدثنا مسعود بن سليمان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب، عن عمار بن ياسر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:
"إن طول صلاة الرجل وقصر
خطبته مئنة من فقه الرجل، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطب. قال: وسمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: إن من البيان سحرا".
وقال البزار:
"وهذا الحديث لا نعلم
رواه عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون، عن عمار إلا مسعود بن سليمان، ومسعود بن
سليمان لا نعلم أحدا قال مسعود إلا فردوس، وقد روى غير فردوس بعض أحاديث فردوس، عن
سعاد بن سليمان وهو واحد سعاد ومسعود".
وإسناده ضعيف، مسعود بن
سليمان: مجهول.
3 - أخرجه أبو يعلى (1648) من طريق محمد بن أبي الوزير، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 19 من طريق سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن عمر بن حبيب، عن عبد الله بن كثير، عن عمار بن ياسر، قال:
"أمرنا رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن نقصر الخطبة، ونطيل الصلاة".
وإسناده منقطع، عبد الله بن
كثير الداري المكي: لم يدرك عمار بن ياسر.
وفي الباب عن جابر بن سمرة، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبي سعيد الخدري، وأبي أمامة، وأبي الدرداء، والحكم بن حزن الكلفي:
أما حديث جابر بن سمرة:
فأخرجه أبو داود (1107)، والطبراني
2/ (2015)، والحاكم 1/ 289، والبيهقي 3/ 207 من طريق الوليد بن مسلم، أخبرني شيبان
أبو معاوية، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة السوائي، قال:
"كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هن كلمات يسيرات".
وإسناده حسن، وقد تقدّم مستوفى
تحت الحديث رقم (313).
وأما حديث عبد الله بن أبي أوفى:
فأخرجه النسائي (1414)، وفي "الكبرى" (1728) - ومن طريقه الضياء في "المختارة" (208) - أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، والترمذي في "العلل الكبير" (670)، وابن أبي الدنيا في "التواضع والخمول" (193)، وابن حبان (6424)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" (42)، والضياء في "المختارة" (209) عن أبي عمار الحسين بن حريث، والدارمي (74)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" (42)، وأبو عبد الرحمن السلمي في "آداب الصحبة" (70) عن محمد بن حميد، وابن حبان (6423)، والطبراني في "الأوسط" (8197)، وفي "الدعاء" (1875) من طريق إسحاق بن راهويه، والطبراني في "المعجم الصغير" (405) من طريق يحيى بن أكثم القاضي، ستتهم عن الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، قال: حدثني يحيى بن عقيل، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى، يقول:
"كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي
مع الأرملة، والمسكين فيقضي له حاجته".
وقال الترمذي:
"سألت محمدا - يعني:
البخاري - عن هذا الحديث؟ فقال: هو حديث حسن".
وقال الطبراني:
"لا يروى عن ابن أبي
أوفى إلا بهذا الإسناد، تفرد به الفضل بن موسى".
وأخرجه الحاكم 2/ 614 - وعنه
البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 329 - حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر الأدمي
القارئ ببغداد، حدثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا أحمد بن نصر بن
مالك الخزاعي، حدثنا علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه به.
وقال الحاكم:
"حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه" وأقره الذهبي!
محمد بن جعفر الأدمي القارئ
البغدادي: قال ابن أبي الفوارس: خلط فيما حدث.
وأخرجه البيهقي في
"الشعب" (7761) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو العباس السياري،
حدثنا إبراهيم بن هلال، حدثنا علي بن الحسن شقيق به.
وإبراهيم بن هلال: لم أجد مَن
ترجمه.
وأما حديث أبي سعيد الخدري:
فأخرجه الحاكم 2/ 614 من طريق
هارون بن سليمان الأصبهاني، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا شعبة، عن قتادة، قال:
سمعت عبد الله بن أبي عتبة، يقول: سمعت أبا سعيد الخدري، يقول:
"كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يستنكف أن
يمشي مع العبد والأرملة حتى يفرغ لهم من حاجتهم".
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه" وأقره الذهبي.
وأما حديث أبي أمامة:
فأخرجه الطبراني 8/ (7662)
حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، وتمام في "الفوائد" (1685) من
طريق يزيد بن محمد، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 338 من طريق الهيثم
بن خالد البغدادي، ثلاثتهم عن يحيى بن صالح الوحاظي، حدثنا جميع بن ثوب، عن يزيد
بن خمير، عن أبي أمامة:
"أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان إذا بعث أميرا قال: أقصر الخطبة، وأقل الكلام، فإن من الكلام سحرا".
وإسناده ضعيف جدا، جميع بن ثوب: متروك، وقد أخرجه الطبراني 8/ (7640) عن أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة الدمشقي - وهو ضعيف - عن يحيى بن صالح الوحاظي بغير ما رواه الجماعة فجعل بدل يزيد بن خمير: زائدة بن حسين.
وأما حديث أبي الدرداء:
فأخرجه الحاكم 3/ 86 من طريق
العباس بن محمد الدوري، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو شهاب، حدثنا محمد بن واسع،
عن سعيد بن جبير، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال:
"خطب رسول الله صلى الله
عليه وسلم خطبة خفيفة، فلما فرغ من خطبته، قال: يا أبا بكر، قم فاخطب. فقام أبو
بكر رضي الله عنه فخطب فقصر دون النبي صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ أبو بكر من
خطبته، قال: يا عمر، قم فاخطب. فقام عمر رضي الله عنه فخطب فقصر دون النبي صلى
الله عليه وسلم، ودون أبي بكر رضي الله عنه".
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح الإسناد
ولم يخرجاه".
فتعقبه الذهبي فقال:
"منقطع".
قال ابن عساكر كما في
"الكنز" (37214):
"سعيد بن جبير لم يدرك
أبا الدرداء".
وأما حديث الحكم بن حزن الكلفي:
فأخرجه أبو داود (1096)، وأحمد 4/ 212، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 2/ 869، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" 5/ 516، وابن المنذر في "الأوسط" (1792)، والطبراني 3/ (3165)، والبيهقي في "السنن الصغير" (624) عن سعيد بن منصور، وأحمد 4/ 212، وعبد الله بن أحمد في "زوائده" على "المسند" 4/ 212، وأبو يعلى (6826)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1903)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 354، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 23/ 209 و 209-210، والمزي في "تهذيب الكمال" 7/ 92-93 عن الحكم بن موسى، وابن خزيمة (1452)، والطبراني 3/ (3165)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1903) من طريق عمرو بن خالد، والطبراني 3/ (3165)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 207 [2] من طريق الهيثم بن خارجة، والبيهقي 3/ 206 من طريق يزيد بن خالد بن مرشل بن يزيد بن نمير القرشي، خمستهم عن شهاب بن خراش، حدثني شعيب بن رزيق الطائفي، قال: جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقال له: الحكم بن حزن الكلفي، فأنشأ يحدثنا، قال:
"وفدت إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم سابع سبعة - أو تاسع تسعة - فدخلنا عليه، فقلنا: يا رسول الله،
زرناك فادع الله لنا بخير، فأمر بنا، أو أمر لنا بشيء من التمر، والشأن إذ ذاك
دون، فأقمنا بها أياما شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام
متوكئا على عصا، أو قوس، فحمد الله وأثنى عليه، كلمات خفيفات طيبات مباركات، ثم
قال: أيها الناس، إنكم لن تطيقوا - أو لن تفعلوا - كل ما أمرتم به، ولكن سددوا،
وأبشروا".
وإسناده حسن، شعيب بن رزيق:
صدوق، وباقي رجاله ثقات.
غريب الحديث
(مئنة) أي: علامة تدل على فقه
الرجل.
(فقهه) الفقه هو الفهم.
(سحرا) أي: بعض البيان يعمل
عمل السحر، وشبه بالسحر لميل القلوب إليه، وأصل السحر الصرف، والبيان يصرف القلوب
ويميلها إلى ما يدعو إليه.
يستفاد من
الحديث
أولًا: إطالة صلاة الجمعة، لأن الصلاة مقصودة بالذات والخطبة توطئة لها،
فيصرف العناية إلى ما هو الأهم، وأيضًا فإن الصلاة عبودية العبد والإطالة فيها
مبالغة في العبودية، والخطبة المراد منها التذكير، وما قلّ وقرّ خير مما كثر وفرّ،
والمراد من طول الصلاة الطول الذي لا يدخل فاعله تحت النهي، وقد كان النبي صلى الله
عليه وسلم يصلي الجمعة بسورة الجمعة، والمنافقين، وذلك طول بالنسبة إلى خطبته،
وليس بالتطويل المنهي عنه.
ثانيًا: إقصار الخطبة، وهو أدب قد أخلّ به معظم خطباء هذا الزمان.
كتبه الفقير إلى الله تعالى
أبو سامي العبدان
حسن التمام
_______________
1 - وسقط من مطبوعه: (عبد
الملك بن أبجر).
2 - وفي مطبوعه (شهاب بن خراش،
وشعيب بن رزيق) وهو خطأ إذ يرويه شهاب بن خراش عن شعيب بن رزيق.
إرسال تعليق