
تغميض عيني الميت والدعاء له
(370) "دخل رسول الله ﷺ على أبي سلمة وقد شق بصره، فأغمضه، ثم قال: إن الروح إذا قبض تبعه البصر. فضج ناس من أهله، فقال: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون. ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، اللهم افسح في قبره، ونور له فيه".أخرجه مسلم (920- 7)، وأبو داود (3118)، والنسائي في "الكبرى" (8227) و (8285)، وابن ماجه (1454)، وأحمد 6/ 297، وأبو يعلى (7030)، وابن حبان (7041)، والطبراني 23/ (712)، وفي "الدعاء" (1154)، وفي "مسند الشاميين" (2143)، والدارقطني في "العلل" 15/ 208، وأبو نعيم في "المستخرج" (2059)، والبيهقي 3/ 384- 385، وفي "السنن الصغير" (1018)، وفي "المعرفة" (7313)، والبغوي في "شرح السنة" (1468)، وفي "الأنوار" (668)، والمزي في "تهذيب الكمال" 19/ 26- 27 من طرق عن أبي إسحاق الفزاري، ومسلم (920- 8)، والطبراني 23/ (713)، وفي "الدعاء" (1155)، وفي "مسند الشاميين" (2144)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 344، والدارقطني في "العلل" 15/ 208 و 209، وأبو نعيم في "المستخرج" (2060)، والمزي في "تهذيب الكمال" 19/ 27 من طريق عبيد الله بن الحسن، والطبراني 23/ (714)، وفي "الشاميين" (2145)، والدارقطني في "العلل" 15/ 209 من طريق مخلد بن هلال، وابن بشران في "أماليه" (729) من طريق الأوزاعي، أربعتهم عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن قبيصة بن ذؤيب، عن أم سلمة، قالت: فذكره.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 241، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 343 من طرق عن سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن قبيصة بن ذؤيب: مرسلا.
وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (2925) من طريق خالد بن عبد الله، قال: حدثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن زينب بنت أم سلمة:
"أن رسول الله ﷺ ولي أبا سلمة وولي تغميضه، وقال: إن الروح إذا خرج تبعه البصر...الحديث".
فلم يذكر قبيصة، وجعله من مسند زينب بنت أم سلمة.
وأخرجه عبد الرزاق (6067)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 241- 242 من طريق أيوب السختياني، عن أبي قلابة به نحوه.
فلم يذكر قبيصة ولا أم سلمة في الإسناد.
ورواه الزهري، واختلف عليه فيه:
فأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 191 من طريق ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب، عن أم سلمة، قالت:
"لما حضر أبا سلمة الموتُ حضرة رسول الله ﷺ، فلما شخص أغمض رسول الله ﷺ عينيه".
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 241 من طريق ابن أبي ذئب، ويونس بن يزيد، وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع الأنصاري، والبغوي في "شرح السنة" (1467) من طريق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، أربعتهم عن الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب: مرسلا.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 241 من طريق ابن أبي ذئب، عن الزهري، عمن سمع قبيصة بن ذؤيب يحدث:
"أن النبي ﷺ أغمض أبا سلمة حين مات".
وقال الدارقطني في "العلل الدارقطني" 15/ 208:
"وكذلك قال يونس، عن الزهري قال: أخبرني من سمع قبيصة، وأرسله أيضا، وهو أشبهها بالصواب عن الزهري".
وأخرجه مسلم (919)، والترمذي (977)، وابن ماجه (1447)، وأحمد 6/ 291، وإسحاق بن راهويه (1908)، وابن أبي شيبة 3/ 236، والطبراني 23/ (940)، وفي "الدعاء" (1151)، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 181- 182 عن أبي معاوية، وأبو داود (3115)، وأحمد 6/ 322، وعبد الرزاق (6066)، وابن حبان (3005)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" (863) و (864)، والطبراني 23/ (722)، وفي "الدعاء" (1148)، وأبو نعيم في "تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن الفضل بن دكين عاليا" (62) عن الثوري، والنسائي (1825)، وفي "الكبرى" (1964) و (10841)، وفي "عمل اليوم والليلة" (1069)، وأحمد 6/ 306 عن يحيى بن سعيد القطان، وأحمد 6/ 306، والبيهقي 4/ 64 عن عبد الله بن نمير، وإسحاق بن راهويه (1907) عن عيسى بن يونس، وعبد بن حميد (1537)، والبيهقي 3/ 383- 384 و 384 عن عبيد الله بن موسى، وأبو يعلى (6964) من طريق جرير بن عبد الحميد، والطبراني في "المعجم الصغير" (631)، وفي "الدعاء" (1149) - وعنه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 62 - من طريق عيسى بن الضحاك، والطبراني في "الدعاء" (1150) من طريق أبي إسحاق الفزاري، والحاكم 4/ 16 من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، والبغوي في "شرح السنة" (1461) من طريق محاضر بن المورع، كلهم جميعا عن الأعمش، عن أبي وائل، عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله ﷺ:
"إذا حضرتم الميت أو المريض فقولوا خيرا، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون. قالت: فلما مات أبو سلمة، أتيت النبي ﷺ، فقلت: يا رسول الله، إن أبا سلمة قد مات، فقال: قولي: اللهم اغفر لي وله، وأعقبني منه عقبى حسنة. قالت: فقلت، فأعقبني الله عز وجل من هو خير لي منه، محمدا ﷺ".
وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح".
وأخرجه الطبراني 23/ (723) من طريق يحيى الحماني، حدثنا شريك، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله ﷺ:
"إذا أصيب أحدكم بمصيبة، فليقل: اللهم أجرني في مصيبتي وأعقبني خيرا بها. فلما مات أبو سلمة، فقلت: من يعقبني الله بعد أبي سلمة، قالت: فأعقبني الله خيرا منه محمدا رسول الله ﷺ".
وشريك هو النخعي: سيئ الحفظ.
ويحيى الحماني: قال البخاري:
"رماه أحمد بن حنبل وابن نمير" يعني: بالكذب.
وقال الحافظ:
"حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث".
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (725)، وفي "الدعاء" (1234) من طريق واصل بن حيان، عن أبي وائل، قال: قالت أم سلمة:
"لما مات أبو سلمة، قلت: يا رسول الله كيف أقول؟ قال: قولي اللهم اغفر له، وأعقبني منه عقبى نافعة. فقلتها، فأعقبني رسول الله ﷺ".
وأخرجه الطبراني في "الدعاء" (1152) من طريق عثمان بن سعيد الأنماطي، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي، عن عمرو بن أبي قيس، عن عاصم، عن أبي وائل، عن مسروق، عن أم سلمة به.
وإسناده ضعيف، عمرو بن أبي قيس الرازي: وثق، وله أوهام.
وله شواهد من حديث أبي بكرة، وشداد بن أوس، وأبي هريرة:
أما حديث أبي بكرة:
فأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 112- 1123 عن خليفة بن خياط، والبزار (3669) عن عمرو بن مالك، والطبراني في "الدعاء" (1156) مختصرا من طريق أبي غسان مالك بن عبد الواحد المسمعي، ثلاثتهم عن عون بن كهمس، عن محمد بن أبي النوار مولى لقريش، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة، قال:"دخل رسول الله ﷺ على أبي سلمة، وهو في الموت، فلما شق بصره مد رسول الله ﷺ يده، فأغمضه، فلما أغمضه صاح أهل البيت، فسكتهم رسول الله ﷺ، وقال: إن النفس إذا خرجت يتبعها البصر، وإن الملائكة تحضر الميت، فيؤمنون على ما يقول أهل البيت. ثم قال ﷺ: اللهم ارفع درجة أبي سلمة في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يوم الدين".
وقال البزار:
"لا نعلم رواه بهذا اللفظ إلا أبو بكرة، ولا نعلم له عنه طريقا إلا هذا الطريق".
وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (8411) عن موسى بن عيسى الجزري البصري، حدثنا صهيب بن محمد بن عباد بن صهيب، حدثنا عباد بن صهيب، حدثنا محمد بن أبي النوار مولى قريش، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، حدثنا أبو بكرة، قال:
"دخلت مع رسول الله ﷺ على أبي سلمة وهو بالموت، فلما شق بصره أهوى إليه رسول الله ﷺ فأغمضه، وصوت أهله فسكنهم، ثم قال: إن النفس إذا خرجت اتبعها البصر، وإن الملائكة تحضر الميت يؤمنون على ما يقول أهل الميت. ثم قال: اللهم ارفع درجة أبي سلمة في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله رب العالمين".
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن أبي بكرة إلا من حديث محمد بن أبي النوار، ولم يروه عن محمد بن أبي النوار إلا عباد بن صهيب، وعون بن كهمس، ولم يروه عون بهذا التمام، ولا وصل إسناده، ورواه عن محمد بن أبي النوار، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبي بكرة، ولم يقل عن أبيه".
وقال الهيثمي في "المجمع" 2/ 330:
"رواه البزار والطبراني في (الأوسط) بنحوه، وفيه محمد بن أبي النوار وهو مجهول".
قلت: محمد بن أبي النوار: وثّقه ابن حبان، والدارقطني، وإنما المجهول هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكرة.
وأما حديث شداد بن أوس:
فأخرجه ابن ماجه (1455)، وأحمد 4/ 125، والبزار (3478)، وابن حبان في "المجروحين" 2/ 216، والطبراني 7/ (7168)، وفي "الأوسط" (1015) و (5975)، وفي "الدعاء" (1153)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 72، وأبو الحسن السكري في "الفوائد المنتقاة"، والإسماعيلي في "معجم شيوخه" 1/ 414، والحاكم 1/ 352 من طرق عن قزعة بن سويد، عن حميد الأعرج، عن الزهري، عن محمود بن لبيد، عن شداد بن أوس، قال: قال رسول الله ﷺ:"إذا حضرتم موتاكم، فأغمضوا البصر، فإن البصر يتبع الروح، وقولوا خيرا، فإنه يؤمن على ما قال أهل الميت".
وفي لفظ: "فإنه يؤمن على ما قال أهل البيت".
وقال الطبراني:
"تفرد به قزعة بن سويد".
وقال ابن عدي:
"وهذا الحديث لا أعلمه رواه عن حميد غير قزعة".
وإسناده ضعيف، قزعة بن سويد الباهلي: ضعيف.
وأما حديث أبي هريرة:
فأخرجه مسلم (921)، وأبو نعيم في "المستخرج" (2061)، والبيهقي 3/ 385 من طرق عن عبد الرزاق - وهو في "مصنفه" (6069) - عن ابن جريج، ومسلم (921- 9)، وأبو نعيم في "المستخرج" (2062) من طريق عبد العزيز الدراوردي، كلاهما عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي، قال: أخبرني أبي، أنه سمع أبا هريرة، يقول: قال رسول الله ﷺ:"ألم تروا الإنسان إذا مات شخص بصره؟ قالوا: بلى، قال: فذلك حين يتبع بصره نفسه".
يستفاد من الحديث
أولًا: استحباب تغميض عيني الميت لمن حضره، قال الطيبي في "شرح المشكاة" 4/ 1373:"قوله: (إن الروح إذا قبض تبعه البصر) يحتمل أن يكون علة للإغماض، كأنه قال: أغمضته، لأن الروح إذا فارق في الذهاب، فلم يبق لانفتاح بصره فائدة، وأن يكون علة للشق، والمعنى: أن المحتضر يتمثل له الملك المتوفي لروحه فينظر إليه شزرًا، ولا يرتد طرفه حتى يفارقه الروح، وتضمحل بقايا قوى البصر، ويبقى البصر على تلك الهيئة، ويعضده ما روى أبو هريرة عنه أنه قال: قال رسول الله ﷺ: ألم تروا الإنسان إذا مات شخص بصره؟ قالوا: بلي، قال: فذلك حين يتبع بصره نفسه. أخرجه مسلم".
ثانيًا: أن الروح أجسام لطيفة متخللة في البدن وتذهب الحياة من الجسد بذهابها.
ثالثًا: أن الموت ليس بإفناء وإعدام وإنما هو انتقال وتغير حال، وإعدام الجسد دون الروح إلا ما استثني من عجب الذنب.
رابعًا: النهي عن الدعاء عند الميت إلا بخير.
خامسًا: استحباب الدعاء للميت عند موته ولأهله وذريته بأمور الآخرة والدنيا.
كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام.
إرسال تعليق