حسن التمام  حسن التمام
random

الموضوعات

random
recent
جاري التحميل ...
recent

الرد على شبهة سالم الطويل بقوله : إن ترك إعانة أهل غزة إنما هو وفاء بالمواثيق العالمية الدولية

  




الرد على شبهة الجهميّ الضّال سالم الطويل [1] بقوله: إن ترك إعانة أهل غزة إنما هو وفاء بالمواثيق العالمية الدولية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن هذه المقالة النتنة إنما جاءت بسبب استدلال ضعيف بل هي أوهى من بيت العنكبوت فقد تركوا إعانة إخواننا المسلمين، وزعموا أن هذا وفاء بالمواثيق التي بين حكوماتهم الطاغوتية وبين دول الكفر، واستدلوا بقوله تعالى {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ}، وهذا سالم الطويل لمن لا يعرف حاله فهو من سدنة الطواغيت، ولكن الرد على شبهته هذه واجب علينا، وسأرد عليها باختصار، فالجواب على هذه الشبهة من أربعة وجوه:

الوجه الأول: أن هذا الأمر في حق من ترك الهجرة وبقي في ديار الحربيين، كما قال تعالى في أول الآية {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال:72]، قال ابن كثير رحمه الله في "التفسير" 2/ 330:

"قوله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ} هؤلاء الأعراب الذين لم يهاجروا في قتال ديني على عدوٍ لهم فانصروهم، فإنه واجب عليكم نصرهم لأنهم إخوانكم في الدين، إلا أن يستنصروكم على قوم من الكفار بينكم وبينهم ميثاق، أي: مهادنة إلى مدة فلا تخفروا ذمتكم ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم". والآية ظاهرة في هذا الأمر، فلا لبس فيه ولا إشكال ولله الحمد.
وقال القرطبي رحمه الله في "التفسير" 8/ 57:
"قوله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ} يريد إن دعوا هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا من أرض الحرب عونكم بنفير أو مال لاستنقاذكم فأعينوهم، فذلك فرض عليكم فلا تخذلوهم، إلا أن يستنصروكم على قوم كفار بينكم وبينهم ميثاق فلا تنصروهم عليهم ولا تنقضوا العهد حتى تتم مدته".

الوجه الثاني: أن هذا الأمر أيضا منسوخ كما صرح به جمع من أهل العلم، "أحكام الجصاص" 3/ 113، وقد قال ابن العربي رحمه الله في "أحكام القرآن" 2/ 440:

"ثم نسخ الله ذلك بفتح مكة والميراث بالقرابة، سواء كان الوارث في دار الحرب أو في دار السلام، لسقوط اعتبار الهجرة بالسنة، إلا أن يكونوا أسراء مستضعفين، فإن الولاية معهم قائمة، والنصرة لهم واجبة بالبدن بألا يبقى منا عين تطرف حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك، أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم، حتى لا يبقى لأحد درهم، كذلك قال مالك وجميع العلماء، فإنا لله وإنا إليه راجعون على ما حل بالخلق في تركهم إخوانهم في أسر العدو، وبأيديهم خزائن الأموال وفضول الأحوال والعدة والعدد، والقوة والجلد".
قلت: رحمك الله يا ابن العربي، كيف لو رأيت حالنا اليوم؟!!.

الوجه الثالث: أن هذا الأمر إنما يكون في جهاد الطلب، أما جهاد الدفع فليس محل خلاف مطلقًا، وجهاد الدفع من أعظم الجهاد، كما قال شيخ الإسلام في "الفتاوى" 28/ 359:

"فأما إذا أراد العدو الهجوم على المسلمين فإنه يصير دفعه واجبًا على المقصودين كلهم، وعلى غير المقصودين، لإعانتهم، كما قال الله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ}، وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصر المسلم ، وسواء أكان الرجل من المرتزقة للقتال، أو لم يكن، وهذا يجب بحسب الإمكان على كل أحد بنفسه وماله، مع القلة والكثرة، والمشي والركوب، كما كان المسلمون، لما قصدهم العدو عام الخندق ولم يأذن الله في تركه أحدًا كما أذن في ترك الجهاد ابتداء لطلب العدو، الذي قسمهم فيه إلى قاعد وخارج، بل ذم الذين يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً} [الأحزاب: من الآية 13]، فهذا دفع عن الدين والحرمة والأنفس، وهو قتال اضطرار، وذلك - يعني جهاد الطلب - قتال اختيار، للزيادة في الدين وإعلائه ولإرهاب العدو، كغزاة تبوك ونحوها".

الوجه الرابع: أننا لو تنزلنا درجات، وسلمنا أن هذا الحكم غير منسوخ، وأن بين المسلمين وبين دول الكفر (مواثيق لم ينقضوها)، وأن هذا الأمر ليس فيمن ترك الهجرة، فإن غايته ترك نصرة أولئك المسلمين فقط، ولا يدل بحال من الأحوال على نصرة الكفار عليهم، فليس يخفى على أحد ما تقدمه الحكومات العربية لأمريكا (وهي أم الخبائث) التي تنصر اليهود بالمال والسلاح وبكل مدد بل بكل ما أوتيت من قوة، فالله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.


كتبه
حسن التمام
28 ربيع الآخر 1446
_____________________________________________________
1 - إن نبينا صلى الله عليه وسلم غرس في نفوس أمته أنهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو - ولو في آخر الدنيا - تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، هذا ما غرسه رسولنا صلى الله عليه وسلم في نفوس أمته، اليوم الغرب الكافر اليهود والنصارى ووكلائهم في المزارع التي قسمها سايكس بيكو، يحاولون أن يقتلوا هذا الغرس الذي غرسه النبي صلى الله عليه وسلم من الجذور وأن يستبدلوه بغرس خبيث، فيجعلوا الأمة تتعصب لهذه التقسيمات التي قسمها سايكس بيكو، فلا دخل للكويتي بالفلسطيني، ولا دخل للإماراتي بالسوري، ولا دخل للفلسطيني بالسوري، ولا دخل للسوري باللبناني، كل يحجّم موالاته بحدود سايكس بيكو، وهذا الذي نجح فيه الغرب مع جمهور الأمة، فلا غرابة فيه في زمن الغثائية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن أمته ستكون كالغثاء في زمان تداعي الأمم عليها رغم كثرتها، فلا عجب من هذا، لكن العجيب الغريب أن يساهم في تعزيزهذه المعاني وترسيخها أناس يشار إليهم بالبنان ممن يسمون علماء أو دعاة أو أصحاب لحى طويلة، فتجدهم يغرسون هذا الغرس الخبيث في نفوس الأمة، فيقول: أحدهم أنا لا شأن لي بفلسطين، أو أن الله سبحانه وتعالى لن يسألني عن فلسطين أو لن يسالني عن سوريا أو لن يسألني عن أفغانستان، يعني هناك من هؤلاء من أصحاب اللحى الطويلة من يقول فلينتصراليهود على الفلسطينيين، لأن الفلسطينيين كذا وكذا وكذا، وترون في المقاطع أناسا ملتحين يقال عنهم شيوخ في بلدانهم ويشار إليهم بالبنان أنهم دعاة، ويتكلمون بمثل هذا الكلام، يشمتون بقتل الفلسطينيين، ويشمتون بأهل غزة بل يظهرون ويعلنون بأن اليهود من حقهم أن يفعلوا ما يفعلوه من المجازر في فلسطين، فتتعجب، ويتعجب الناس هل هؤلاء علماء؟! هل هؤلاء شيوخ؟! هل هذا هو الدين؟!
لا، حاشا لله أن يكون هذا الدين، لو فتشت عن جذور هؤلاء الناس المتكلمين بهذا الكلام الأعوج وهذا الكلام الخبيث، وهذا الذرع المنتن الذي يتوافق مع اليهود ويتناغم مع رغبات الغرب اليهودي النصراني، لوجدتهم من علماء السلاطين من مداخلة جامية كلهم ممن تجمعهم عقيدة الإرجاء، فإذا سألت ما هو الإرجاء؟ فمن الكلمة ستعرف أن الإرجاء: هو إرجاء العمل، يعني: فصل العمل عن الإيمان، والآن منهم طوائف تزعم بأن جنس العمل ليس من الإيمان، ولو ترك الإنسان كل الأعمال، فمجرد أن يعتقد ويؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر حتى لو كان لا يصلي ولا يصوم ولا يزكي ولم يركع لله ركعة واحدة فهو مؤمن ولو عاش حياته كلها على ذلك ثم مات على هذا فهو مؤمن، فدين المرجئة يقوم على أي شيء يقوم على فصل العمل عن الإيمان، منهم من كان يقول: إن إيمانه كإيمان جبريل على أساس أن الإيمان هو التصديق أو المعرفة او الكلمة، فكانوا يزكون أنفسهم، وكذلك كانوا يجادلون عن العصاة، فكانوا يقولون لا يضر مع الإيمان ذنب، والمعاصرين من المرجئة في هذا الزمان يقولون: لا يضر مع الإيمان كفر، فهم يجادلون عن أولياء أمورهم الذين يوالون أمريكا واليهود والنصارى، يجادلون عمن يعطل شرائع الله يجادلون عمن يمتنع عن تحكيم الشريعة ممن يلزم الناس بالقوانين الوضعية، يجادلون عنهم، ويدعون أنهم لم يرتكبوا كفرا يخرج فاعله من الملة، فعلى قاعدتهم هو كفر دون كفر، فكفرهم غير مخرج من الملة ولا يخلد فاعله في النار، وهذا هو الذي جعلهم يقتربون من اليهود حتى يؤاخونهم، لأن اليهود عندهم نفس هذه الطامات، فاليهود كانوا يزكون أنفسهم ويزعمون أنهم شعب الله المختار، وكانوا يقولون: نحن أبناء الله وأحباؤه، وبولس يهودي وهو من رؤوس النصارى الذين أفسدوا النصرانية، كان يهوديا وادعى أنه اتبّع ديانة المسيح، وكان يقول للمسيحيين لا داعي لاتباع الشريعة، فهو من دعاة الإرجاء، وكان يقول: لا داعي للختان ولا داعي للعمل بالتوراة ولا داعي للعمل بأحكام الشريعة، هكذا كان يقول، ويقول المسيح جاء ليفدينا فلماذا نعمل، هذا بولس، فإذن الإرجاء واليهودية متقاربان أخوان من حيث تزكية العصاة والكفار، ومن حيث إهمال الأعمال، ولذلك تجدهم اليوم أقرب الى اليهود من المسلمين، والله سبحانه وتعالى قال عن اليهود: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [آل عمران: 23]، يتولون عن الحكم وهم معرضون، مستخفين بحكم الله عندما يدعون إليه، لاحظ في الحكم في موضوع الحكم الذي ميّعه المرجئة أيضا، لماذا يستخفون بالحكم، اليهود {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ } [آل عمران: 24]، ما الذي غرهم أنهم قالوا: إننا لن نخلد في نار جهنم، رغم أننا عبدنا العجل سندخل النار أربعين يوما فقط عدد الأيام التي عبدنا فيها العجل مدة غياب موسى عليه السلام، قالوا: سندخل النار ثم نخرج منها، إذن عبادة العجل عند اليهود كفر دون كفر، ولذلك استخفوا في الحكم عندما يدعون الى كتاب الله ليحكم بينهم يتولون، وهكذا المرجئة المعاصرة، إذا أنكرنا على حكامهم وطواغيتهم تعطيل الشريعة وتحكيم القوانين الوضعية، قالوا: كفر دون كفر، يعني: كفر غير مخلد في النار، يعني لن تمسهم النار، لن تمس طواغيتهم النار إلا أياما معدودات، نفس كلام اليهود، فإذن هناك أخوّة بين اليهود وبين هؤلاء المرجئة، إذن لا نتعجب بعد هذا كله إذا عرفنا أن عبد الله بن الامام أحمد قد روى في "كتاب السنة" عن الإمام سعيد بن جبير أنه قال: المرجئة يهود القبلة.
نفهم الآن لماذا المرجئة يهود القبلة لأنهم إخوان مع اليهود، فلا تتعجبوا عندما تروا لحى كثيفة، وألقابا عريضة يجادلون عن اليهود، ويتبرؤون من المسلمين، ويقفون بجانب طواغيتهم في التطبيع، وفي التصهين، وفي غير ذلك، فلو فتشتم عن الجذور ستجدونهم من المرجئة بل من غلاة المرجئة الذين هم إخوة لليهود، يهود القبلة، أعاذنا الله وإياكم منهم.

إرسال تعليق

التعليقات



المتابعون

جميع الحقوق محفوظة لـ

حسن التمام

2015