
إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم
"إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم، وكانوا هكذا، وشبك بين أصابعه، قال: فقمت إليه، فقلت له: كيف أفعل عند ذلك، جعلني الله فداك؟ قال: الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة".
صحيح - جاء من حديث عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن مسعود، ومحمد بن مسلمة، وأبي هريرة، وسهل بن سعد، وثوبان، وعمر بن الخطاب، وأبي بكر الصدّيق، وأبي ذر:
أما حديث عبد الله بن عمرو، فله عنه طرق:
1 - أخرجه أبو داود (4343)، والنسائي في "الكبرى" (9962)، وأحمد 2/ 212، وابن المبارك في " المسند" (257)، وابن أبي شيبة 15/9، والعقيلي في "الضعفاء" 4/ 347، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (441)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1181)، والشجري في "الأمالي" (1627)، والداني في " السنن الواردة في الفتن" (117)، والحاكم 4/ 282 -283، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4375)، والطبراني في "الدعاء" (1963)، والخطابي في "العزلة" (6) من طرق عن يونس بن أبي إسحاق، عن هلال بن خباب أبي العلاء، قال: حدثني عكرمة، حدثني عبد الله بن عمرو، قال:بينما نحن حول رسول الله ﷺ، إذ ذكروا الفتنة - أو ذكرت عنده - فقال: فذكره.
وقال الحاكم:
"صحيح الإسناد" وأقره الذهبي.
قلت: إسناده حسن من أجل هلال بن خباب فإنه صدوق تغير بأخرة كما قال الحافظ، وقد تفرّد بهذه الزيادة: "الزم بيتك، واملك عليك لسانك"، لكن لها شاهد من حديث ابن مسعود، ومحمد بن مسلمة كما سيأتي بيان ذلك عند تخريج حديث ابن مسعود، وحديث محمد بن مسلمة، ومن حديث أبي ثعلية الخشني، فهي زيادة صحيحة، وقد ضعفها العلّامةُ الألباني رحمه الله تعالى في "الصحيحة" (204)!
وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 315-316 من طريق أحمد بن الفضل، حدثنا محمد بن جرير، حدثنا أبو كريب، حدثنا وكيع، حدثنا يونس ابن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن هلال به.
ولم يذكر هذه الزيادة لكنه زاد في إسناده أبا إسحاق.
وعلته: أحمد بن الفضل الدينوري فإنه صاحب مناكير.
2 - أخرجه أبو داود (4342)، وابن ماجه (3957)، وأحمد 2 / 221، ونعيم بن حماد في "الفتن" (696) و(725)، وأبو الفضل الزهري في "حديثه" (736)، والحاكم 2/ 159 و4/ 435، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1176)، والشجري في "أماليه" (2080)، والداني في "السنن الواردة في الفتن" (253)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 313 من طريق عُمارة ابن عَمرو، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله ﷺ، قال:
"كيف بكم وبزمان أو يوشك أن يأتي زمان يغربل الناس فيه غربلة تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا، فكانوا هكذا وشبك بين أصابعه، فقالوا: وكيف بنا يا رسول الله؟ قال: تأخذون ما تعرفون وتذرون ما تنكرون وتقبلون على أمر خاصتكم وتذرون أمر عامتكم".
وقال أبو داود:
"هكذا روي عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ من غير وجه".
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بهذه السياقة".
وقال في موضع آخر:
"صحيح الإسناد" وأقره الذهبي.
قلت: عمارة بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني ثقة استشهد بالحرة وقيل مع ابن الزبير من كبار الثالثة كما في "التقريب" ولم يرو له الشيخان شيئا، فالحديث صحيح الإسناد فقط.
3 - أخرجه البزار (2484) سمعت أحمد بن محمد بن بلال، يذكر عن عيسى ابن عبد الله، عن عبيد الله بن عمرو، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عقبة بن أوس، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي ﷺ بنحوه.
وقال البزار:
"وهذا الحديث يروى عن عبد الله بن عمرو، من وجوه، ولا نعلم له إسنادا أحسن من إسناد عقبة بن أوس، عن عبد الله بن عمرو".
قلت: وإسناده ضعيف فيه عيسى بن عبد الله: وهو مجهول الحال، وله طريق أخرى عن أيوب بإسناد صحيح:
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4299) حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني عيسى بن سالم الشاشي، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عقبة بن أوس، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال لي رسول الله ﷺ:
"كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس، قد مرجت فيها عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فصاروا هكذا؟ وخالف بين أصبعيه، قالوا: كيف المخرج يا رسول الله؟ قال: خذ ما عرفت، ودع ما أنكرت وعليك بخاصة نفسك، وإياك وعوامهم".
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن أيوب إلا معمر، ولا عن معمر إلا عبيد الله بن عمرو، تفرد به: عيسى بن سالم".
قلت: وكلهم ثقات.
4 - أخرجها أحمد 2 / 220 من طريق حسين بن محمد، حدثنا محمد بن مطرف، عن أبي حازم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي ﷺ، أنه قال:
"يأتي على الناس زمان يغربلون فيه غربلة، يبقى منهم حثالة، قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فكانوا هكذا - وشبك بين أصابعه - قالوا: يا رسول الله، فما المخرج من ذلك؟ قال: تأخذون ما تعرفون، وتدعون ما تنكرون، وتقبلون على أمر خاصتكم، وتدعون أمر عامتكم".
وهذا إسناد حسن.
5 - أخرجه أحمد 2 / 220، وهناد في "الزهد" (1238)، والطبراني 13/ (9) و (10) و (11) و (12) و (13) و (14)، وفي "الأوسط" (2086)، وتمام في "الفوائد" (575)، وأبو الحسن الأسواري في "أماليه" (7)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (362)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 159، والداني في "السنن الواردة في الفتن" (256) من طرق عن الحسن، أن عبد الله بن عمرو، قال: قال لي رسول الله ﷺ:
"كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس؟ قال: قلت: يا رسول الله، كيف ذلك؟ قال: إذا مرجت عهودهم وأماناتهم، وكانوا هكذا - وشبك يونس بين أصابعه، يصف ذاك - قال: قلت: ما أصنع عند ذاك يا رسول الله؟ قال: اتق الله عز وجل، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصتك، وإياك وعوامهم".
وزاد تمام: "قال الحسن: فترك والذي لا إله غيره أمر رسول الله ﷺ، وخبط فيها خبط العشواء في الظلمة".
قلت: الحسن هو ابن أبي الحسن البصري في سماعه من ابن عمرو خلاف، وأيهما كان فهو مدلس وقد عنعنه، ورواه الحارث (772 - بغية الباحث) عن أبي الأشهب، وجرير بن حازم، كلاهما عن الحسن مرسلا.
وأخرجه عبد الرزاق كما في "الجامع لمعمر" (20741)، ومن طريقه ابن بطة في "الإبانة الكبرى" (373) عن معمر، عن غير واحد منهم الحسن:
"أن النبي ﷺ، قال لعبد الله بن عمرو: يا عبد الله بن عمرو كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا، فكانوا هكذا - وشبك بين أصابعه -؟ قال: قلت: فبم تأمرني يا رسول الله؟ قال: عليك بما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك وخاصتك، وإياك وعوامهم".
وهذا مرسل.
وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (4221) أخبرنا أبو سعيد الطاهري، أخبرنا جدي عبد الصمد البزاز، حدثنا محمد بن زكريا العذافري، أخبرنا إسحاق الدبري، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن غير واحد، منهم قتادة، عن الحسن، أن النبي ﷺ، قال لعبد الله بن عمرو: فذكره.
وهذا مرسل ضعيف، فإن شيخ البغوي وشيخ شيخه كلاهما مجهولان.
6 - أخرجه البزار (2484) حدثنا روح بن حاتم، قال: أخبرنا شهاب بن عباد، قال: أخبرنا ذواد بن علبة، قال: أخبرنا مطرف، عن سعيد بن زربي، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله ﷺ:
"يا عبد الله بن عمرو كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فصاروا هكذا؟ وشبك بين أصابعه، قال: فكيف أصنع يا رسول الله؟ قال: خذ - أحسبه قال - خذ ما عرفت، ودع ما أنكرت، وعليك بخويصتك، وإياك وعوامهم".
وهذا إسناد ضعيف من أجل ذواد بن علبة.
7 - أخرجه البخاري (478) و (479) حدثنا حامد بن عمر، عن بشر، حدثنا عاصم، حدثنا واقد، عن أبيه، عن ابن عمر أو ابن عمرو، قال:
"شبك النبي ﷺ أصابعه".
ثم أخرجه معلقًا (480) بقوله: وقال عاصم بن علي: حدثنا عاصم بن محمد، سمعت هذا الحديث من أبي فلم أحفظه فقومه لي واقد، عن أبيه، قال: سمعت أبي وهو يقول: قال عبد الله قال رسول الله ﷺ:
"يا عبد الله بن عمرو كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس بهذا".
وذكر الحافظ في " تغليق التعليق" 2/ 242 مَنْ وصله بقوله:
"رواه إبراهيم الحربي في "غريب الحديث" له، قال: حدثنا عاصم بن علي، حدثنا عاصم بن محمد، عن واقد، سمعت أبي، يقول: قال عبد الله: قال
رسول الله ﷺ:
"كيف بك يا عبد الله بن عمرو إذا بقيت في حثالة من الناس، قد مرجت عهودهم، وأماناتهم".
وأنبأنا أبو الحسن بن أبي المجد، عن عيسى بن عبد الرحمن، وغيره، عن جعفر ابن علي، أن السلفي أخبرهم، أخبرنا محمد بن علي بن أبي العلاء السلمي بدمشق، أخبرنا الخطيب، أخبرنا أبو الحسين بن رزق، أخبرنا أبو عمرو بن السَّاكِ، أخبرنا حنبل بن إسحاق، حدثنا عاصم بن علي، فذكره مثل ما ساقه البخاري.
وقال بعد قوله: في حثالة من الناس، قد مرجت عهودهم، وأماناتهم، واختلفوا، فصاروا هكذا وشبك بين أصابعه. قال: كيف تأمرني يا رسول الله؟ قال: تأخذ بما تعرف، وتدع ما تنكر، وتقبل على خاصتك، وتدعهم وغوغاءهم".
وأما حديث عبد الله بن مسعود :
فأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 17/ 440 من طريق إبراهيم بن عبد الله العبسي، أخبرنا وكيع، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن عدسة، قال:"مر بنا ابن مسعود، فأهدي له طائر، فقال ابن مسعود: وددت أني حيث صيد هذا الطائر، لا يكلمني أحد ولا أكلمه "، وقال رسول الله ﷺ لعبد الله بن عمر (كذا):
" إذا رأيت الناس مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم، فالزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر".
قلت: وهذا اسناد رجاله ثقات.
وقد جاء نحوٌ منه موقوفا عليه:
أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (527)، والطبري في "التفسير" 11/ 138 -139 و141، والطبراني (9072) عن الحسن، عن ابن مسعود في هذه الآية قال: "قولوها ما قبلت منكم، فإذا ردت عليكم فعليكم أنفسكم".
والحسن لم يسمع من ابن مسعود، لكن له طريق أخرى عند أبي عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (526)، والطبري في "التفسير" 11/ 143 -144، والبيهقي 10/ 92 من طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن عبد الله بن مسعود، أنه ذكرت عنده هذه الآية:
﴿يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم﴾، فقال: "لم يجئ تأويل هذه بعد، إن القرآن أنزل حين أنزل ومنه آي قد مضى تأويلهن قبل أن ينزلن وكان منه آي قد وقع تأويلهن على عهد النبي ﷺ وكان منه آي وقع تأويلهن بعد النبي ﷺ بيسير، ومنه آي يقع تأويلهن بعد اليوم، ومنه آي يقع تأويلهن عند الساعة، ومنه آي يقع تأويلهن يوم الحساب بين الجنة والنار، فأما ما دامت قلوبكم واحدة وأهواؤكم واحدة، ولم تلبسوا شيعا ولم يذق بعضكم بأس بعض، فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، فإذا اختلفت القلوب والأهواء وألبستم شيعا وذاق بعضكم بأس بعض فاجروا وتقدموا، عند ذلك جاء تأويل هذه الآية".
قلت: واسناده ضعيف، فيه أبو جعفر الرازي وهو عيسى بن ماهان: صدوق سيء الحفظ خصوصا عن مغيرة كما في "التقريب".
وأما حديث محمد بن مسلمة :
فأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 55/ 261 و 284 عن حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي بردة، قال: مررنا بالربذة، فإذا فسطاط محمد بن مسلمة، فقلت: لو خرجت إلى الناس، فأمرت ونهيت، فقال: قال النبي ﷺ: "يا محمد بن مسلمة، ستكون فرقة وفتنة واختلاف، فاكسر سيفك، واقطع وترك، واجلس في بيتك"، ففعلت الذي أمرني به النبي ﷺ.واسناده ضعيف، فيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.
ويشهد لها أيضا حديث أبي ثعلبة:
أخرجه أبو داود (4341)، والترمذي (3058)، وابن ماجه (4014)، ونعيم ابن حماد في "الفتن" (1741)، والقاسم بن سلام في "الناسخ والمنسوخ" (524)، وابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف" (2)، وفي "الصبر" (2)، وفي "العقوبات" (41)، والمروزي في "السنة" (31)، وابن حبان (385)، وابن أبي عاصم في "ذكر الدنيا والزهد فيها" (266)، والطبراني 22/ (587)، وفي "مسند الشاميين" (753)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1171)، والحاكم 4/ 319، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 30، والبيهقي 10/ 90، وفي "الشعب" (7147) و (7148)، وفي "الاعتقاد إلى سبيل الرشاد" 1/ 204، وفي "الآداب" (151)، وابن وضاح في "البدع والنهي عنها" (192)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (363)، والداني في "السنن الواردة في الفتن" (293) و (294) و (295)، والبغوي في "شرح السنة" (4156) من طرق عن عتبة بن أبي حكيم قال: حدثني عمي عمرو بن جارية، عن أبي أمية الشعباني، قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت: كيف تصنع بهذه الآية ؟ قال: أية آية؟ قال: قلت: قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم﴾، قال: أما والله، لقد سألت عنها خبيرا ، سألت عنها رسول الله ﷺ، فقال:
"بل أنتم ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، ورأيت أمرا لا يدان لك به، فعليك نفسك، ودع عنك أمر العوام، فإن من ورائك أيام الصبر، الصبر فيهن مثل قبض على الجمر، للعامل فيهن كأجر خمسين رجلا، يعملون مثل عمله".
وقال ابن المبارك:
"وزادني غيره – يعني عتبة بن أبي حكيم -: قال: يا رسول الله، أجر خمسين منهم؟ قال: "أجر خمسين منكم".
وقال الترمذي:
"هذا حديث حسن غريب".
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه " وأقره الذهبي.
قلت: إسناده ضعيف فيه عتبة بن حكيم: صدوق يخطئ كثيرا كما قال الحافظ في "التقريب".
وعمه عمرو بن جارية، قال في ترجمته من "التقريب":
" مقبول" يعني حيث يتابع، وإلا فلين الحديث، وكذا أبو أمية الشعباني: مقبول، وقد تقدّم تخريج شواهده مستوفي عند الحديث الرابع من هذا الكتاب.
وأما حديث أبي هريرة :
فأخرجه ابن حبان ( 5950) و (5951) و (6730)، والطبراني في "الأوسط" (8791)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1182)، والدولابي في "الأسماء والكنى" (1296)، والداني في "السنن الواردة في الفتن" (255) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ، قال لعبد الله بن عمرو:"كيف بك يا عبد الله إذا كنت في حثالة من الناس قد مرجت أماناتهم وعهودهم واختلفوا فكانوا هكذا وأدخل بعض أصابعه في بعض؟ قال
عبد الله: فكيف تأمرني يا رسول الله؟ قال رسول الله ﷺ: تعمل ما تعرف وتدع ما تنكر وتعمل بخاصة نفسك وتدع عنك عوام الناس".
وهذا إسناد حسن.
وأما حديث سهل بن سعد:
فأخرجه ابن أبي الدنيا في " العقوبات" (42)، وفي "الأمر بالمعروف" (29)، وفي "مكارم الأخلاق" (276)، وابن شاهين في "جزء من حديثه" (41)، والطبراني (5984) من طريق سويد بن سعيد، قال: حدثنا صالح بن موسى، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي: قال رسول الله ﷺ يوما لعبد الله بن عمرو:"كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم، فاختلفوا فصاروا هكذا؟، وشبك بين أصابعه، قال: الله ورسوله أعلم، قال: اعمل بما تعرف، ودع ما تنكر، وإياك والتلون في دين الله عز وجل، وعليك بخاصة نفسك، ودع عوامهم".
قلت: وهذا اسناد ضعيف جدًا، صالح بن موسى بن عبيد الله بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله: متروك.
وله طريق أخرى عن أبي حازم:
أخرجه الطبراني (5868)، وابن شاهين في "جزء من حديثه" (42) من طريق أبي الطاهر بن السرح، حدثنا بكر بن سليم، حدثني أبو حازم به.
وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 279:
"رواه الطبراني بإسنادين، رجال أحدهما ثقات".
قلت: اسناده ضعيف من أجل بكر بن سليم الصواف، قال ابن عدي:
"يحدث عن أبى حازم وغيره ما لا يوافقه أحد عليه، وعامة ما يرويه غير محفوظ، ولا يتابع عليه، وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم".
ولخّص الحافظ ترجمته من "التقريب" بقوله: "مقبول" يعني حيث يُتابع وإلا فليّن الحديث.
وقال الذهبي في "الكاشف":
"صدوق".
وله طريق أخرى عن سهل:
أخرجه الروياني في "مسنده" (1118) حدثنا أحمد، حدثنا عمي، أخبرني ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن أبي عياش المعافري، عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعًا به.
وإسناده ضعيف من أجل شيخ الروياني وهو ابن أخي عبد الله بن وهب، واسمه أحمد بن عبد الرحمن بن وهب بن مسلم: صدوق تغير بأخرة كما في "التقريب".
وأما حديث ثوبان:
فأخرجه البزار (4165) من طريق يزيد بن ربيعة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أبي عثمان، عن ثوبان، عن رسول الله ﷺ، قال:"من أحدث حدثا أو آوى محدثا أو دعا إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل.
وقال رسول الله ﷺ: كيف أنتم في قوم مرجت عهودهم وأماناتهم وصاروا حثالة؟ وشبك بين أصابعه. قالوا: فكيف نصنع يا رسول الله؟ قال: اصبروا وخالقوا الناس بأخلاقهم وخالفوهم في أعمالهم".
وقال البزار:
"قد روي بعضه من وجوه، وبعضه لا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".
وقال الهيثمي في " المجمع" 7/ 555:
"رواه البزار وفيه يزيد بن ربيعة وهو متروك وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به".
وأما حديث عمر بن الخطاب:
فأخرجه الطبراني في "الأوسط" (6252)، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 138 من طريق إسماعيل بن داود المخرافي، حدثنا سليمان بن بلال، عن أبي الحسين الأيلي، عن الحكم بن عبد الله الأيلي، أن محمد بن كعب القرظي، حدثه أن الحسن بن أبي الحسن، حدثه أنه سمع شريحا وهو قاضي عمر بن الخطاب، يقول: قال عمر بن الخطاب: قال رسول الله ﷺ:"ستغربلون حتى تصيروا في حثالة من الناس، قد مرجت عهودهم، وخرجت أماناتهم. فقال قائل: فكيف بنا يا رسول الله؟ قال: تعملون بما تعرفون، وتتركون ما تنكرون، وتقولون أحد أحد، انصرنا على من ظلمنا، واكفنا من بغانا".
وقال الطبراني:
"لا يروى هذا الحديث عن شريح القاضي إلا بهذا الإسناد، تفرد به يعقوب ابن حميد".
وقال أبو نعيم :
"غريب من حديث محمد بن كعب، والحسن، وشريح، ما علمت له وجها غير هذا".
وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 555:
"رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه من لم أعرفهم".
قلت: إسناده ضعيف جدًا، إسماعيل بن داود المخرافي: منكر الحديث، وأبو الحسين الأيلي: مجهول، والحكم بن عبد الله: متروك.
وأما حديث أبي بكر الصديق:
فأخرجه ابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف" (91) من طريق الحكم بن عبد الله ابن سعيد (كذا) الأيلي، أنه سمع محمد بن عبد الله التيمي يحدث، عن أبيه، عن أبي بكر الصديق، أن رسول الله ﷺ، قال:"ستغربلون حتى تصيروا في حثالة في قوم قد مرجت عهودهم، وخربت أماناتهم. قال: فكيف بنا؟ قال: تعرفون ما تعرفون، وتنكرون ما تنكرون".
وإسناده ضعيف جدا، فيه الحكم بن عبد الله بن سعد الأيلي: متروك.
وأما حديث أبي ذر:
فأخرجه الحاكم 3/ 343 من طريق أبي توبة الربيع بن نافع، حدثنا ربيعة بن يزيد، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله ﷺ:"يا أبا ذر ، كيف أنت إذا كنت في حثالة ؟ وشبك بين أصابعه قلت: يا رسول الله، فما تأمرني؟ قال: اصبر، اصبر، اصبر، خالقوا الناس بأخلاقهم، وخالفوهم في أعمالهم".
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
فتعقبه الذهبي بقوله:
"ابن يزيد لم يخرجوا له".
قلت: وهذا التعقب لا شيء فإن ربيعة بن يزيد من رجال الشيخين، ولكن اسمه مقلوب، فقد أخرج هذا الحديث البيهقي في "الزهد الكبير" (203) من طريق الحاكم نفسه، وفيه (يزيد بن ربيعة)، ومما يؤكد ذلك أن الطبراني أخرجه في "الأوسط" (470) عن أحمد بن خليد بن يزيد، قال: حدثنا أبو توبة، قال: حدثنا يزيد بن ربيعة، عن أبي الأشعث الصنعاني به.
والذي يروي عن أبي الأشعث الصنعاني إنما هو يزيد بن ربيعة: وهو منكر الحديث.
كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
18 - ذو الحجة - 1436 هجري.
الله يبارك فيك ياشيخ
ردحذفوفيك بارك الله أخانا الحبيب...
حذف