
من أدعية الصلاة (3)
(210) "اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضاء بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين".
صحيح - أخرجه النسائي
(1305)، وفي "الكبرى" (1229)، وعبد الله بن أحمد في "السنة" (466) و (1189)، والمروزي في
"قيام الليل" (ص 339-340) - مختصره، وأبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي في
"الرد على الجهمية" (188)، وابن أبي عاصم في "السنة" (129) و
(425)، وفي "الآحاد والمثاني" (277)، والبزار (1393)، وابن خزيمة في
"التوحيد" (13)، وابن حبان (1971)، وفي "كتاب الصلاة" كما في
"إتحاف المهرة" (14950)، والطبراني في "الدعاء" (624)، والدارقطني
"الرؤية" (158)، وتمام في "الفوائد" (1387)، وابن منده في
"الرد على الجهمية" (86)، والحاكم 1/ 524، واللالكائي في "شرح أصول
الإعتقاد" (844) و (845)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (227) و
(658)، وفي "الدعوات الكبير" (251)، وقوام السنة في "الحجة"
(219) و (467) من طريق حماد بن زيد، قال: حدثنا عطاء بن السائب، عن أبيه، قال:
"صلى بنا عمار بن ياسر صلاة، فأوجز فيها، فقال له بعض القوم: لقد
خففت أو أوجزت الصلاة، فقال: أما على ذلك، فقد دعوت فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قام تبعه رجل من القوم - هو أَبِي غير
أنه كنى عن نفسه -، فسأله عن الدعاء، ثم جاء فأخبر به القوم: فذكره.
والسياق للنسائي.
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه" وأقره الذهبي.
إسناده صحيح، حماد بن زيد سمع من عطاء بن السائب قبل الاختلاط، وتابعه
حماد بن سلمة، ومحمد بن فضيل:
أخرجه أبو يعلى (1624) من طريق
محمد بن فضيل بن غزوان - وهو عنده في "الدعاء" (82) -، وأبو سعيد عثمان بن
سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" (197)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"
(244) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن عطاء به.
وله طريقان آخران عن عمار رضي
الله عنه:
1 - أخرجه النسائي (1306)، وفي "الكبرى" (1230)، والبزار
(1392)، وقوام السنة في "الترغيب" (1312) من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد،
وابن أبي شيبة 10/ 264-265، وفي "المسند" (442)، وعبد الله بن أحمد في
"السنة" (467) و (1190)، وابن أبي عاصم في "السنة" (128) و
(378) و (424)، وفي "الآحاد والمثاني" (276)، وأبو بكر الشافعي في
"الغيلانيات" (614)، والطبراني في "الدعاء" (625)، والدارقطني
في "الرؤية" (159)، وقوام السنة في "الترغيب" (1312) عن معاوية
بن هاشم، والبزار (1392) من طريق محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي، ثلاثتهم عن شريك،
عن أبي هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، عن عمار به.
وإسناده ضعيف، شريك هو القاضي: أما حاله في نفسه فمن أجلة العلماء وأكابر
النبلاء، فأما في الرواية فكثير الخطأ والغلط والاضطراب فلا يحتج بما ينفرد به أو يخالف.
وأخرجه أحمد 4/ 264 عن أسود بن
عامر، وأحمد 4/ 264، وابنه عبد الله في "السنة" (1191)، وأبو بكر الشافعي
في "الغيلانيات" (613) عن إسحاق الأزرق، كلاهما عن شريك به ليس فيه قيس بن
عباد!
2 - أخرجه الزبير بن بكار في
"الأخبار الموفقيات" (179) حدثنيعمر بن أبي بكر المؤملي، قال: حدثني عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن
عمار بن ياسر، عن جده، عن عمار به.
وإسناده ضعيف جدا، عمر بن أبي بكر المؤملي: ضعفه أبو زرعة، وقال أَبو
حاتم: متروك ذاهب الحديث.
وقال سعيد بن عمرو البرذعي: آفة من الآفات.
غريب الحديث
(وأسألك نعيما لا ينفد) بالدال المهملة، أي: لا يفنى ولا ينقص، وهو نعيم
الجنة، وأما غيره فكل نعيم لا محالة زائل.
يستفاد الحديث
أولًا: مشروعية تطويل
الدعاء في الصلاة.
ثانيًا: التوسل إلى الله
تعالى بصفات كماله وخصال جلاله.
ثالثًا: سؤال الله تعالى
بعلمه المغيبات عن الخلق، وبقدرته عليهم.
رابعًا: سؤال الله تعالى
طول الحياة إذا غلب خير العبد على شره.
خامسًا: جواز سؤال الله
تعالى الوفاة إذا نزل بالعبد فتن يخشى منها الضرر في دينه، روى الشيخان من حديث أنس
مرفوعا: "اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي".
سادسًا: سؤال العبد ربه
توفيقه أن تكون خشيته في العلانية والجلوة مطابقة لخشيته في السر والخلوة، قال الشوكاني
في "نيل الأوطار" 2/ 342-343:
"أي: في مغيب الناس وحضورهم لأن الخشية بين الناس فقط ليست من الخشية
لله بل من خشية الناس".
سابعًا: سؤال العبد ربه
تعالى أن يجعله مستمرًا على النطق بالحق في جميع أحواله وأوقاته، ولا يمنعه الغضب من
الصدع بالحق، ولا يقوده الرضا إلى المداهنة.
ثامنًا: الطلب من الله
تعالى التوفيق على الاستقامة والاعتدال في الفقر والغنى، قال الشوكاني:
"إن بطر الغني ربما جر إلى الإفراط، وعدم الصبر على الفقر ربما أوقع
في التفريط فالقصد فيهما هو الطريقة القويمة".
تاسعًا: سؤال الله تعالى
الجنة وهو النعيم الذي لا يفنى ولا ينقضي ولا ينقص.
عاشرًا: قال الشيخ عبيد
الله المباركفوري في "مرعاة المفاتيح" 8/ 279:
"- قوله - (قرة عين لا تنقطع) يحتمل أن يراد الذرية التي لا تنقطع
بعده بل تستمر ما بقيت الدنيا، ولعله مأخوذ من قوله تعالى {رَبَّنَا هَبْ لَنَا
مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}، وقيل: أراد المداومة على
الصلاة والمحافظة عليها لقوله "وجعلت قرة عيني في الصلاة"، أو المراد ثواب
الجنة الذي لا ينقطع فيكون تأكيدًا لقوله (نعيمًا لا ينفد) فيكون بعد تخصيصًا بعد تعميم،
وقيل: أراد قرة عينه، أي: بدوام ذكر الله وكمال محبته والأنس به".
الحادي عشر: طلب العبد من
ربه أن يوفّقه للرضا بما قضاه وقدّره.
الثاني عشر: سؤال العبد ربه
تعالى أن يرفع روحه بعد مفارقتها الجسد إلى منازل السعداء ومقامات المقربين.
الثالث عشر: إثبات الوجه
إلى الله تعالى، ورؤيته في الدار الآخرة، وسؤال العبد ربه تعالى لذة النظر إليه هو
نظر لطف وجمال، قال الطيبي في "شرح المشكاة" 6/ 1933:
"قيد النظر باللذة لأن النظر إلى الله إما هيبة وجلال في عرصات القيامة،
وإما نظر لطف وجمال في الجنة، ليؤذن بأن المطلوب هذا".
الرابع عشر: طلب الشوق إلى
لقاء الله تعالى في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، قال ابن القيم في "إغاثة اللهفان"
1/ 28:
"جمع في هذا الدعاء العظيم القدر بين أطيب شيء في الدنيا وهو الشوق
إلى لقائه سبحانه، وأطيب شيء في الآخرة وهو النظر إلى وجهه سبحانه".
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" 2/ 343:
"قوله (مضرة) إنما قيد صلى الله عليه وسلم بذلك -
أي: الشوق إلى لقائه تعالى في غير ضراء مضرة - لأن الضراء ربما كانت نافعة آجلا أو
عاجلا فلا يليق الاستعاذة منها، قوله: (مضلة) وصفه صلى الله عليه وسلم بذلك لأن
من الفتن ما يكون من أسباب الهداية، وهي بهذا الاعتبار مما لا يستعاذ به، قال أهل اللغة:
الفتنة الامتحان والاختبار".
الخامس عشر: سؤال العبد ربه
تعالى أن يزيّنه بالإيمان، والثبات على الهداية وطريق اليقين، وأن يكون هاديا مهديا،
قال الطيبي في "شرح المشكاة" 6/ 1933:
"وصف الهداة بالمهديين لأن الهادي إذا لم يكن مهتديا في نفسه لم
يصلح أن يكون هاديا لغيره، لأنه يوقع الخلق في الضلال من حيث لا يشعر".
كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
8 - شعبان - 1440 هجري.
إرسال تعليق