
ربط الأسير في المسجد
(238)
"بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد، فجاءت
برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال، سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من
سواري المسجد...".
متفق عليه من حديث أبي هريرة،
وقد تقدّم تخريجه تحت الحديث رقم (53).
وفي الباب عن أبي هريرة أيضا، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن عفريتا من الجن تفلت
البارحة ليقطع عليّ صلاتي، فأمكنني الله منه فأخذته، فأردت أن أربطه على سارية من
سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم، فذكرت دعوة أخي سليمان {رب هب لي ملكا لا
ينبغي لأحد من بعدي} [ص: 35]، فرددته خاسئا".
أخرجه البخاري (461) و (1210)
و (3284) و (3423) و (4808)، ومسلم (541)، والنسائي في "الكبرى"
(11376)، وأحمد 2/ 298، وإسحاق بن راهويه (88) و (89)، وأبو عوانة (1729) و (1730)
و (1731)، وابن حبان (6419)، والدارقطني 2/ 190، وأبو نعيم في "دلائل
النبوة" (265) [1]
و (543)، والبيهقي 2/ 219، وفي "دلائل النبوة" 7/ 97، والبغوي في
"شرح السنة" (746) من طرق عن شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة به.
وله طريقان آخران عن أبي
هريرة:
1 - أخرجه النسائي في "الكبرى" (556)، وابن حبان (2349) من
طريق الفضل بن موسى، والبزار (7976)، وأبو يعلى (6122) [2]،
والبيهقي 2/ 264، وفي "المعرفة" (4025) من طريق عمرو بن خليفة البكراوي،
وأبو يعلى (5951)، وابن حبان (6418) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، والبيهقي
2/ 264، وفي "المعرفة" (4025) من طريق سعيد بن عامر، أربعتهم عن محمد بن
عمرو، قال: حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
"اعترض لي الشيطان في
مصلاي فأخذت بحلقه فخنقته، حتى وجدت برد لسانه على كفي، ولولا ما كان من دعوة أخي
سليمان، لأصبح مربوطا تنظرون إليه".
وقال البزار:
"وهذا الحديث لا نعلم
رواه عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة إلا عمرو بن خليفة، وهو أخو هوذة
بن خليفة".
وليس كما قال رحمه الله
تعالى، فقد تابع عمرًا ثلاثةٌ كما في التخريج.
2 - أخرجه النسائي في "الكبرى" (555)، والطبراني في
"مسند الشاميين" (1719) - وعنه أبو نعيم في "دلائل النبوة"
(264) - من طريق بقية، قال: حدثني الزبيدي، قال: أخبرني الزهري، عن سعيد، عن أبي
هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
"بينا أنا قائم أصلي
اعترض لي الشيطان، فأخذت بحلقه فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه على إبهامي، فرحم
الله سليمان لولا دعوته أصبح مربوطا تنظرون إليه".
وله شواهد من حديث أبي الدرداء، وابن مسعود، وأبي سعيد الخدري، وعائشة، وجابر بن سمرة:
أما حديث أبي الدرداء:
فأخرجه مسلم (542)، والنسائي
(1215)، وفي "الكبرى" (554) و (1139)، وابن خزيمة (891)، وأبو عوانة
(1732)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3992) و (5925)، وابن حبان
(1979)، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (266)، والبيهقي 2/ 263، وفي
"دلائل النبوة" 7/ 98 من طريق عبد الله بن وهب، والطحاوي في "شرح
مشكل الآثار" (3992)، والطبراني في "مسند الشاميين" (1925) من طريق
عبد الله بن صالح، كلاهما عن معاوية بن صالح، يقول حدثني ربيعة بن يزيد، عن أبي
إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء، قال:
"قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك. ثم قال: ألعنك بلعنة الله. ثلاثا،
وبسط يده كأنه يتناول شيئا، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله قد سمعناك تقول
في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك؟ قال: إن عدو الله
إبليس، جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي، فقلت: أعوذ بالله منك، ثلاث مرات، ثم
قلت: ألعنك بلعنة الله التامة، فلم يستأخر، ثلاث مرات، ثم أردت أخذه، والله لولا
دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة".
وأما حديث ابن مسعود:
فأخرجه أحمد 1/ 413، وابن أبي
شيبة في "المسند" (410)، والشاشي (935)، والبيهقي 2/ 219، وفي
"دلائل النبوة" 7/ 99 من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن
عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مر عليّ الشيطان
فتناولته فأخذته فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدي. وقال: أوجعتني أوجعتني، ولولا
ما دعا سليمان عليه السلام لأصبح مناطا إلى أسطوانة من أساطين المسجد ينظر إليه
ولدان أهل المدينة".
وإسناده منقطع، أبو عبيدة بن
عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه على الصحيح، وقد حسّن الإمام الترمذي حديث أبي
عبيدة عن أبيه لمعرفته بحديث أبيه وصحتها، قال ابن رجب في "شرح علل الترمذي"
1/ 544:
"قال ابن المديني في
حديث يرويه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه هو منقطع: وهو حديث ثبت.
قال يعقوب بن شيبة: إنما
استجاز أصحابنا أن يدخلوا حديث أبي عبيدة عن أبيه في المسند، يعني في الحديث
المتصل، لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه وصحتها، وأنه لم يأت فيها بحديث منكر".
وأخرج ابن أبي عاصم في
"الآحاد والمثاني" (627)، والحاكم 3/ 258 من طريق عمرو بن أبي قيس، عن
سماك، عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبيه، قال:
"قام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فأومأ بيده ليمسكه فسأله رجل من القوم حين قضى الصلاة، قال:
إن الشيطان ألقى علي شررا من النار ليفتنني عن الصلاة فانتهرته ولو أخذته لربطته
إلى سارية من سواري المسجد حتى يطيف به ولدان أهل المدينة".
وهذا الحديث أخطأ فيه عمرو بن
أبي قيس، فإنه قد رواه أيضا من حديث جابر بن سمرة، وقال أبو داود:
"في حديثه خطأ"،
وقد تابعه على حديث جابر: إسرائيل، وزهير بن معاوية، والمفضل بن صالح، وسيأتي بعد
قليل إن شاء الله تعالى.
وأما حديث أبي سعيد الخدري:
فأخرجه أحمد 3/ 82-83 من طريق
مسرة بن معبد، حدثني أبو عبيد حاجب سليمان، قال: رأيت عطاء بن يزيد الليثي قائما
يصلي، معتما بعمامة سوداء، مرخ طرفها من خلفه، مصفر اللحية، فذهبت أمر بين يديه،
فردني: ثم قال: حدثني أبو سعيد الخدري:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فصلى صلاة الصبح، وهو خلفه، فقرأ، فالتبست عليه القراءة، فلما
فرغ من صلاته قال: لو رأيتموني وإبليس، فأهويت بيدي، فما زلت أخنقه حتى وجدت برد
لعابه بين إصبعي هاتين - الإبهام والتي تليها - ولولا دعوة أخي سليمان، لأصبح
مربوطا بسارية من سواري المسجد، يتلاعب به صبيان المدينة، فمن استطاع منكم أن لا
يحول بينه وبين القبلة أحد فليفعل".
وقال الهيثمي في
"المجمع" 2/ 87:
"رواه أحمد ورجاله
ثقات".
وأخرجه أبو داود (699) من
طريق مسرة بن معبد به مختصرا.
وأخرجه عبد بن حميد في
"المنتخب" (946) أخبرني علي بن عاصم، وإسماعيل الأصبهاني في "دلائل
النبوة" (246) من طريق عبد العزيز بن مسلم، كلاهما عن أبي هارون العبدي، عن
أبي سعيد بنحوه.
وإسناده ضعيف جدا، أبو هارون
العبدي: متروك.
وأما حديث عائشة:
فأخرجه إسحاق بن راهويه
(1453) و (1785) - وعنه النسائي في "الكبرى" (11375)، والطبراني في
"الأوسط" (8219) - أخبرنا يحيى بن آدم، وابن حبان (2350) من طريق محمد
بن أبان، كلاهما عن أبي بكر بن عياش، عن حصين، عن عبيد الله، عن عائشة:
"أن النبيصلى الله عليه وسلمكان يصلي، فأتاه الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حتى وجدت برد لسانه على يدي، ولولا دعوة أخي سليمان عليه السلام،
لأصبح موثقا حتى يراه الناس".
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن عبيد الله إلا حصين، ولا عن حصين إلا أبو
بكر بن عياش، تفرد به: يحيى
بن آدم".
وليس كما قال رحمه الله
تعالى، فقد تابعه محمد بن أبان، وإسناده صحيح، عبيد الله هو ابن عبد الله بن عتبة
بن مسعود الأعمى.
وأما حديث جابر بن سمرة:
فأخرجه أحمد 5/ 104، وعبد
الرزاق (2338)، والطبراني 2/ (1925)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 7/
98-99 عن إسرائيل، وأحمد 5/ 105، والطبراني 2/ (1939) من طريق زهير بن معاوية،
وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (626)، والطبراني 2/ (2048) من طريق
عمرو بن أبي قيس، ثلاثتهم عن سماك بن حرب، أنه سمع جابر بن سمرة يقول:
"صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر، فجعل يهوي بيديه قدامه وهو في الصلاة، فسأله القوم
حين انصرف، فقال: إن الشيطان يلقي علي شرار النار ليفتنني عن الصلاة، فتناولته فلو
أخذته ما انفلت مني حتى يربط إلى سارية من سواري المسجد ينظر إليه ولدان أهل
المدينة".
وإسناده حسن.
وأخرجه الطبراني 2/ (2053)،
والدارقطني 2/ 189 - ومن طريقه البيهقي 2/ 450 - من طريق أحمد بن بديل، حدثنا مفضل
بن صالح، حدثنا سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، قال:
"صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة مكتوبة، فضم يده في الصلاة، فلما صلى قلنا: يا رسول الله
أحدث في الصلاة شيء؟ قال: لا إلا أن الشيطان أراد أن يمر بين يدي فخنقته حتى وجدت
برد لسانه على يدي، وأيم الله لولا ما سبقني إليه أخي سليمان لارتبط إلى سارية من
سواري المسجد حتى يطوف به ولدان أهل المدينة".
والمفضل بن صالح: ضعيف.
وأحمد بن بديل: قال النسائي:
لا بأس به.
ولينه ابن عدي والدارقطني،
وكان عابدا.
يستفاد من الحديث
أولًا: جواز ربط الأسير في المسجد.
ثانيًا: جواز دخول المشرك المسجد.
كتبه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
15 - ربيع الثاني - 1441 هجري.
________________________________
1 - سقط من مطبوعه من هذا الموضع (شعبة).
2 - ووقع محققاه الشيخ حسين
سليم أسد، والشيخ إرشاد الحق الأثري (6096) في خطأ إذ أثبتا في أصله (عمر بن أبي
خليفة) مع أنهما قالا في الحاشية:
"في الأصليين عمرو بن
خليفة!".
فليتهما أثبتا ما جاء في الأصليين
وكتبا ما شاءا في الحاشية، فالحديث عند البزار والبيهقي موافق لما جاء في
الأصليين.
ووقع في "المعجم
الكبير" 23/ (165) في حديث آخر: (عمر بن خليفة البكراوي)، وصوابه: عمرو بن
خليفة البكراوي.
وقال الذهبي في "تاريخ
الإسلام" 4/ 1175:
"عمرو بن خليفة البكراوي
أخو هوذة، يكنى أبا عثمان: شيخ بصري صدوق، روى عن: محمد بن عمرو، وأشعث
الحمراني، وعنه: محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، وغيرهما".
إرسال تعليق