words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الأربعاء، 30 نوفمبر 2016

أحاديث الأحكام رواية ودراية - كتاب الطهارة (النجاسات) حديث رقم (13)


[نجاسة البول ووجوب التنزه عنه، والتوقي منه]

(13) "مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين يعذبان، فقال: «إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة»، ثم أخذ جريدة رطبة، فشقها بنصفين، ثم غرز في كل قبر واحدة، فقالوا: يا رسول الله، لم صنعت هذا؟ فقال: «لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا».

أخرجه البخاري (1361)، ومن طريقه البغوي (183) حدثنا يحيى، والنسائي (2069)، وفي "الكبرى" (2207) أخبرنا هناد بن السري، وابن أبي شيبة 2/ 376-377، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (228)، والبيهقي 2/ 412، وفي "السنن الصغير" (49)، وفي "إثبات عذاب القبر" (118) عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي، والطبري في "تهذيب الآثار" - مسند عمر (898)، وأبو نعيم في "المستخرج" (674) عن أبي كريب، وأبو نعيم أيضا من طريق أحمد بن منيع، والآجري في "الشريعة" (851) من طريق الحسين بن الحسن المروزي, ويعقوب بن إبراهيم الدورقي, وزياد بن أيوب، وأبو نعيم في "المستخرج" (675) من طريق أبي موسى، والسمرقندي في "تنبيه الغافلين" (215) من طريق إبراهيم بن يوسف، كلُهم (يحيى، وهناد، وابن أبي شيبة، وأحمد بن عبد الجبار، وأبو كريب، والحسين بن الحسن المروزي, ويعقوب بن إبراهيم الدورقي, وزياد بن أيوب، وأحمد بن منيع، وأبو موسى محمد بن المثنى، وإبراهيم بن يوسف بن ميمون) عن أبي معاوية محمد بن خازم، عن الأعمش، عن مجاهد، عن طاووس، عن ابن عباس رضي الله عنهما: فذكره.
واللفظ للبخاري، وابن أبي شيبة والبغوي، وفي لفظ النسائي (لا يستبرئ من بوله)، والطبري، والخرائطي (لا يستبرئ من البول)، والآجري (لا يستنزه من بوله)
والسمرقندي، والبيهقي (لا يستنزه من البول)، وللسمرقندي وحده (مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين جديدين).

وتابع أبا معاوية: وكيع، وعبد الواحد بن زياد، وجرير بن عبد الحميد:

أما متابعة وكيع، فجاءت مقرونة به، وغير مقرونة، فأما المقرونة:
فأخرجها البخاري (218) حدثنا محمد بن المثنى، وأحمد 1/ 225، ومن طريقه أبو نعيم في "المستخرج" (674)، وابن أبي شيبة 1/ 122 و 3/ 375، وعنه ابن ماجه (347)، والآجري في "الشريعة" (851) من طريق يوسف بن موسى القطان، وأبو عوانة (495) حدثنا علي بن حرب، خمستُهم (محمد بن المثنى، وأحمد، وابن أبي شيبة، ويوسف بن موسى، وعلي بن حرب) عن أبي معاوية محمد بن خازم، ووكيع بن الجراح، قالا: حدثنا الأعمش ، عن مجاهد ، قال سمعت مجاهدا، يحدث عن طاووس، عن ابن عباس قال: "مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: "إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة" ثم أخذ جريدة رطبة، فشقها نصفين، فغرز في كل قبر واحدة، قالوا: يا رسول الله، لم فعلت هذا؟ قال: "لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا".
واللفظ للبخاري وأبي عوانة، وفي لفظ آخر للبخاري، وابن أبي شيبة 1/ 122 (لا يستتر من بوله)، وفي لفظ لابن أبي شيبةأيضا 3/ 375 (لا يستبرئ من بوله)، ولفظ أحمد، وابن ماجه، والآجري (لا يستنزه من بوله)، ولابن ماجه (مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبرين جديدين).
وأما غير المقرونة به:
فأخرجها البخاري (6052) حدثنا يحيى، ومسلم (292-111) حدثنا أبو سعيد الأشج، وإسحاق بن إبراهيم، ومن طريق إسحاق (وحده) أبو نعيم في "المستخرج" (674) ، ومسلم أيضا، والترمذي (70)، والطبري في "تهذيب الآثار" - مسند عمر (899) عن أبي كريب محمد بن العلاء، وأبو داود (20) حدثنا زهير بن حرب، وأبو داود أيضا، والترمذي (70)، والنسائي (31)، وفي "الكبرى" (27) و (11549)، وعنه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5190) عن هناد بن السري ( وهو عنده في "الزهد" (360) و (575) )، والترمذي أيضا عن قتيبة، وابن أبي شيبة 3/ 377، ومن طريقه الآجري (850)، وأبو نعيم في "المستخرج" (674)، وكذا أبو الشيخ في "التوبيخ" (206)، وابن الجارود (130) حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، وابن خزيمة (56) حدثنا يوسف بن موسى، وأبو عوانة (495) حدثنا عبد الرحمن بن بشر، وابن منده في "الإيمان" (1071)، والبيهقي 1/ 104، وفي "المعرفة" (4956)، وفي "الشعب" (10588)، وفي "إثبات عذاب القبر" (117) من طريق إبراهيم بن عبد الله العبسي، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 149، وابن المنذر في "الأوسط" (688) من طريق ابن نمير، كلُّهم (يحيى، وأبو سعيد الأشج، وإسحاق بن إبراهيم، وأبو كريب، وزهير بن حرب، وهناد، وقتيبة، وابن أبي شيبة، والحسن بن محمد الزعفراني، ويوسف بن موسى، وعبد الرحمن بن بشر، وإبراهيم بن عبد الله العبسي، وابن نمير) عن وكيع ( وهو عنده في "الزهد" 
(444) ) عن الأعمش، قال:
سمعت مجاهدا، يحدث، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:
مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين، فقال: " إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما هذا: فكان لا يستتر من بوله، وأما هذا: فكان يمشي بالنميمة " ثم دعا بعسيب رطب فشقه باثنين، فغرس على هذا واحدا، وعلى هذا واحدا، ثم قال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا».
واللفظ للبخاري، ومسلم، والترمذي، ووكيع، وهناد (575)، وابن خزيمة، وأبي داود، وفي رواية أبي داود عن زهير بن حرب (لا يستنزه من البول)، ولفظ النسائي، والآجري، والبيهقي (لا يستنزه من بوله)، ولفظ هناد في "الزهد" (360) (لا يستبرئ من البول)، ولفظ ابن الجارود، وابن المنذر، والطحاوي (لا يستبرئ من بوله)، ولفظ أبي الشيخ (لا يتوقى من بوله).

وأما متابعة عبد الواحد بن زياد:
فأخرجها مسلم (292)، والدارمي (739)، وأبو عوانة (496)، والبيهقي 2/ 412، وفي "إثبات عذاب القبر" (119)، والجورقاني في "الأباطيل" (347) من طريق عبد الواحد، عن الأعمش بهذا الإسناد غير أنه قال: "وكان الآخر لا يستنزه عن البول - أو من البول -", لفظ أبي عوانة (لا يستتر من البول) ومن طريق عبد الواحد أخرجه عبد بن حميد (620-المنتخب) حدثني فهد بن عوف، ولفظه (لا يتقي البول)، وإسناده ضعيف جدا، فهد بن عوف: متروك.
تركه مسلم، والفلاس.
وقال ابن المديني: كذاب.
وقال أبو زرعة: اتهم بسرقة حديثين.
وقال الدارقطني: ضعيف.
ويُنظر "الجرح والتعديل" 3/ 570-571 لابن أبي حاتم.

وأما متابعة جرير بن عبد الحميد:
فأخرجها البخاري (1378)، وابن حبان (3128)، والآجري في "الشريعة" (851) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: «إنهما ليعذبان وما يعذبان من كبير» ثم قال: «بلى أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة، وأما أحدهما فكان لا يستتر من بوله» قال: ثم أخذ عودا رطبا، فكسره باثنتين، ثم غرز كل واحد منهما على قبر، ثم قال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا»، واللفظ للبخاري، ولفظ ابن حبان، والآجري (لا يستنزه من بوله).
وقال النسائي:
"خالفه منصور، رواه عن مجاهد، عن ابن عباس ولم يذكر طاووسا".
وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح، وروى منصور هذا الحديث، عن مجاهد، عن ابن عباس، ولم يذكر فيه عن طاووس، ورواية الأعمش أصح، وسمعت أبا بكر محمد بن أبان
البلخي مستملي وكيع، يقول: سمعت وكيعا، يقول: «الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصور»".
وقال في "العلل الكبير" (ص 42):
" سألت محمدا - يعني البخاري - عن حديث مجاهد, عن طاووس, عن ابن عباس مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين، فقال: الأعمش يقول: عن مجاهد، عن طاووس، عن ابن عباس، ومنصور يقول: عن مجاهد, عن ابن عباس ولا يذكر فيه: عن طاووس، قلت: أيهما أصح؟ قال: حديث الأعمش".
وقال ابن حبان:
"سمع هذا الخبر مجاهد عن ابن عباس وسمعه عن طاووس عن ابن عباس فالطريقان جميعا محفوظان".
قلت: أما طريق مجاهد عن ابن عباس بلا واسطة:
فأخرجه البخاري (216)، وأبو داود (21)، والنسائي (2068)، وفي "الكبرى" (2206)، والطبري في "تهذيب الآثار" - مسند عمر (901)، وابن خزيمة (55)، والآجري في "الشريعة" (848) من طريق جرير بن عبد الحميد، والبخاري (6055) من طريق عبيدة بن حميد، وأحمد 1/ 225 من طريق شيبان، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (213) من طريق إبراهيم بن طهمان، أربعتُهم عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال:
"مر النبي صلى الله عليه وسلم بحائط من حيطان المدينة، أو مكة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
«يعذبان، وما يعذبان في كبير» ثم قال: «بلى، كان أحدهما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة». ثم دعا بجريدة، فكسرها كسرتين، فوضع على كل قبر منهما كسرة، فقيل له: يا رسول الله، لم فعلت هذا؟ قال: «لعله أن يخفف عنهما ما لم تيبسا» أو: «إلى أن ييبسا» واللفظ للبخاري، وأبي داود، وابن خزيمة، ولفظ النسائي (لا يستبرئ من بوله)، ولفظ الآجري (لا يستنزه من بوله)، ولفظ الخرائطي (إنهما ليعذبان في يسير، مرة أو مرتين، وما هو بيسير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر ففي النميمة).
وأخرجه الآجري في "الشريعة" (849) من طريق زياد بن عبد الله البكائي، عن منصور والأعمش، عن مجاهد به.
وأخرجه الطيالسي (2768) حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على قبرين فقال:
«إنهما ليعذبان في غير كبير، أما أحدهما فكان يأكل لحوم الناس، وأما الآخر فكان صاحب نميمة» ثم دعا بجريدة، فشقها نصفين، فوضع نصفها على هذا القبر، ونصفها على هذا القبر وقال: «عسى أن يخفف عنهما ما دامتا رطبتين».
وهذا اللفظ غير محفوظ، أعني (أما أحدهما فكان يأكل لحوم الناس)، وقد أخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" - مسند عمر (900)، وابن حبان (3129) من طريق محمد بن إبراهيم بن أبى عدي، عن شعبة بهذا الإسناد، ولفظه "إن هذين يعذبان في غير كبير، وبلى، في نميمة والبول..." الحديث.
وأخرجه الخرائطي (214) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن حبيب بن حسان الكوفي، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال:
دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض حوائط الأنصار بالغابة، وإذا بقبرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله، سبحان الله، إن صاحبي هذين
القبرين ليعذبان في غير كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنقي من البول»، وأخذ جريدة رطبة فكسرها، فجعل عند رأس كل واحد منهما نصفا، وقال: «لعله أن يرفه عنهما ما دامت رطبة».
وإسناده ضعيف جدا، حبيب بن حسان الكوفي هو ابن أبي الاشرس: قال أحمد والنسائي: متروك.
وقال ابن معين: ليس بثقة.
وقال البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 313: منكر الحديث.
وقال أبو داود: ليس حديثه بشيء.
وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث.
وقال ابن حبان: منكر الحديث جدا.
وله طريق أخرى عن طاووس:
أخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" مسند عمر (902) حدثنا ابن وكيع، حدثنا عبد الوهاب، عن أيوب، عن عمرو بن دينار، عن طاووس، قال: حدثني أعلمهم بذلك عبد الله بن عباس، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين، فقال: «إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستتر من بوله، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة» ، ثم دعا بعسيب رطب فشقه باثنتين، ثم غرس على هذا واحدا، وعلى هذا واحدا، ثم قال:
«لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا».
وإسناده ضعيف، ابن وكيع هو سفيان وهو ضعيف، وباقي رجاله رجال الشيخين، أيوب هو السختياني، وعبد الوهاب هو ابن عبد المجيد الثقفي.

وله شاهد من حديث أبي بكرة، وجابر، وأبي أمامة، وأبي هريرة، ويعلى بن سيابة، وأنس:

أما حديث أبي بكرة:
فأخرجه أحمد 5/ 35-36 حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 127، والبزار (3636)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" 1/ 154، وابن عدي في "الكامل" 2/ 236، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 2/ 610، وابن عدي في "الكامل" 2/ 236 عن عبد الله بن أبي بكر العتكي، والطبراني في "المعجم الأوسط" (3747)، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (125) عن مسلم بن إبراهيم، ثلاثتهم عن الأسود بن شيبان، حدثنا بحر بن مرار، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، قال: حدثنا أبو بكرة، قال:
"بينا أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيدي، ورجل عن يساره، فإذا نحن بقبرين أمامنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، وبلى، فأيكم يأتيني بجريدة؟ فاستبقنا، فسبقته، فأتيته بجريدة، فكسرها نصفين، فألقى على ذا القبر قطعة، وعلى ذا القبر قطعة، وقال: "إنه يهون عليهما ما كانتا رطبتين، وما يعذبان إلا في البول، والغيبة".
وقال الطبراني:
"لا يروى هذا الحديث عن أبي بكرة، إلا من حديث الأسود بن شيبان، ولم يجوده عن الأسود بن شيبان، إلا مسلم بن إبراهيم، ورواه أبو داود الطيالسي ( في "مسنده" (908-هجر) ) عن الأسود بن شيبان، عن بحر بن مرار، عن أبي بكرة".
ومن طريق أبي داود الطيالسي أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5191)، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (124)، وتابع الطيالسي: وكيع:
أخرجه أحمد 5/ 39، وابن أبي شيبة 1/ 122 و3 /386، وعنه ابن ماجه (349)، وأما قول الطبراني لم يجوده إلا مسلم بن ابراهيم عن شيبان!
فليس كما قال فقد تابعه أربعة: أبو سعيد عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد البصري مولى بني هاشم، وعبد الله بن أبي بكر العتكي، وقد تقدما في التخريج، وسليمان بن حرب كما في "العلل" 3/ 575 لابن أبي حاتم، وعبد الصمد كما في "العلل" للدارقطني 7/ 156.
وقال العقيلي:
"وليس بمحفوظ من حديث أبي بكرة إلا عن بحر بن مرار هذا، وقد صح من غير هذا الوجه".
قلت: وهو صدوق اختلط بآخرة، وقد اضطرب في إسناده فمرة يوصله، ومرة يرسله، وصوّب الدارقطني في "العلل" 7/ 156 الرواية الموصولة.
وقال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه 3/ 574-575 إنها: "أصح".
وأما حديث جابر:
فأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (735)، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (176)، وفي "ذم الغيبة" (38)، وأبو يعلى (2050)، ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" 18/ 130 من طريق النضر، قال: حدثنا أبو العوام عبد العزيز بن ربيع الباهلي قال: حدثنا أبو الزبير محمد، عن جابر بن عبد الله قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى على قبرين يعذب صاحباهما، فقال: «إنهما لا يعذبان في كبير، وبلى، أما أحدهما فكان يغتاب الناس، وأما الآخر فكان لا يتأذى من البول»،
فدعا بجريدة رطبة، أو بجريدتين، فكسرهما، ثم أمر بكل كسرة فغرست على قبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أما إنه سيهون من عذابهما ما كانتا رطبتين، أو: لم تيبسا".
وقال المزي:
"هكذا رواه النضر بن شميل، وخالفه يحيى بن كثير، فرواه عن عبد العزيز، عن عطاء، عن جابر".
أخرجه أبو يعلى (2055) حدثنا الجراح بن مخلد، حدثنا يحيى بن كثير بن درهم العنبري، حدثنا عبد العزيز بن ربيع الباهلي، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر به.
وله طريقان آخران عن أبي الزبير غير صالحين للاعتبار:
الأول:
أخرجه أبو يعلى (2066) حدثنا قاسم بن أبي شيبة، حدثنا أبو داود الطيالسي، عن أبي العوام، عن أبي الزبير، عن جابر نحوه.
إسناده ضعيف جدا، قاسم بن أبي شيبة: قال الخليلي في "الإرشاد" 2/ 575: ضعفوه وتركوا حديثه.
والثاني:
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4628) من طريق عمرو بن خالد الحراني قال: نا ابن لهيعة، عن أسامة بن زيد، عن أبي الزبير، عن جابر قال:
«مر نبي الله صلى الله عليه وسلم على قبور نساء من بني النجار هلكوا في الجاهلية، فسمعهم يعذبون في القبور في النميمة».
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن أسامة بن زيد إلا ابن لهيعة".
وابن لهيعة سيء الحفظ، وفي متنه نكارة، فقد رواه ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول:
"دخل النبي صلى الله عليه وسلم يوما نخلا لبني النجار، فسمع أصوات رجال من بني النجار ماتوا في الجاهلية يعذبون في قبورهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فزعا، فأمر أصحابه أن يتعوذوا من عذاب القبر".
أخرجه أحمد 3/ 295، وعنه عبد الله في "السنة" (1432) حدثنا عبد الرزاق ( وهو في "المصنف" (6742) ) عن ابن جريج به.
وأخرجه أبو يعلى (2149)، وابن أبي داود في "البعث" (13)، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (204) من طريق سفيان، والبزار (871) -كشف، من طريق موسى بن عقبة، كلاهما عن أبي الزبير به.
وخالف أبا الزبير: أبو سفيان طلحة بن نافع فجعله من مسند أم مبشر الأنصارية إمرأة زيد بن حارثة:
أخرجه أحمد 6/ 362، وابن أبي شيبة 3/ 374 و10/ 193-194، ومن طريقه الطبراني 25/ (268)، وهناد في "الزهد" (349)، وابن أبي عاصم في "السنة" (875)، وابن حبان (3125)، والآجري في "الشريعة" (856)، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (95) عن أبي معاوية، عن الأعمش, عن أبي سفيان, عن جابر، عن أم مبشر قالت: "دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في حائط من حائط بني النجار فيه قبور موتى قد ماتوا في الجاهلية قالت:
فخرج وهو يقول: «استعيذوا بالله من عذاب القبر»، قالت: فقلت: يا رسول الله, وإنهم ليعذبون في قبورهم؟ قال: «نعم عذابا تسمعه البهائم».
وقال الدارقطني في "العلل" 15/ 418: "وقول أبي الزبير فيه أشبه بالصواب".
وأخرجه بحشل في "تاريخ واسط" (ص 250) ثنا موسى بن شبيب، قال: ثنا عبد الله بن موسى، قال: ثنا أبو إسرائيل عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطا لأم ميسرة، فإذا بقبرين، فدعا بجريدة رطبة فشقها ثم وضع واحدة على أحد القبرين والأخرى على القبر الآخر، ثم قال: «ترفه عنهما حتى تجفا» . قيل: يا رسول الله، في أي شيء يعذبان؟ قال: «أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يتنزه من البول» وإسناده ضعيف، موسى بن شبيب: لم أجده، وفيه عنعنة الأعمش، و(أبو اسرائيل) لعل الصواب: إسرائيل، و(عبد الله) صوابه: عبيد الله، ومتنه منكر، فهو معروف ليس فيه ذكر أسباب العذاب، والحائط لأم مبشر الأنصارية، وليس لأم ميسرة، وأصله في صحيح مسلم (3012) في حديث طويل من طريق حاتم بن إسماعيل، عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم ... إلى أن قال: حتى أتينا جابر بن عبد الله، ثم ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا جابر هل رأيت مقامي؟» قلت: نعم، يا رسول الله قال: «فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدة منهما غصنا، فأقبل بهما، حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك»، قال جابر: فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحسرته، فانذلق لي، فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا، ثم أقبلت أجرهما حتى قمت مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري، ثم لحقته، فقلت: قد فعلت، يا رسول الله فعم ذاك؟ قال: «إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت، بشفاعتي، أن يرفه عنهما، ما دام الغصنان رطبين».
وأخرجه ابن حبان (6524).

وأما حديث أبي أمامة:
فأخرجه ابن ماجه (245) مختصرٍا، وأحمد 5/ 266، والطبراني 8/ (7869)، والبيهقي في "الزهد الكبير" (298) مختصرا من طريق معان بن رفاعة، حدثني علي بن يزيد قال: سمعت القاسم أبا عبد الرحمن يحدث عن أبي أمامة قال:
مر النبي صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر نحو بقيع الغرقد قال: فكان الناس يمشون خلفه، قال: فلما سمع صوت النعال وقر ذلك في نفسه فجلس حتى قدمهم أمامه لئلا يقع في نفسه شيء من الكبر، فلما مر ببقيع الغرقد إذا بقبرين قد دفنوا فيهما رجلين قال: فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من دفنتم هاهنا اليوم"، قالوا: يا نبي الله، فلان وفلان، قال: "إنهما ليعذبان الآن ويفتنان في قبريهما" قالوا : يا رسول الله فيم ذاك؟ قال: "أما أحدهما فكان لا يتنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة" وأخذ جريدة رطبة فشقها، ثم جعلها على القبرين، قالوا: يا نبي الله، ولم فعلت؟ قال: "ليخفف عنهما"، قالوا: يا نبي الله، وحتى متى هما يعذبان ؟ قال: "غيب لا يعلمه إلا الله"
قال: "ولولا تمريج قلوبكم أو تزيدكم في الحديث لسمعتم ما أسمع".
وإسناده ضعيف، علي بن يزيد وهو الألهاني: ضعيف.
ومعان بن رفاعة السلامي: ليّن الحديث، وقال ابن عدي في "الكامل" 8/ 38: عامة ما يرويه، لاَ يُتَابَعُ عَليه.
وقال البوصيري في "الزوائد": "قال ابن معين علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة هي ضعفاء كلها".
تنبيه:
تحرّف في "الزهد الكبير" معان إلى معاذ.

وأما حديث أبي هريرة:
فأخرجه ابن حبان (824) من طريق محمد بن وهب بن أبي كريمة، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، قال: حدثني زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث، عن أبي هريرة، قال:
"كنا نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمررنا على قبرين، فقام، فقمنا معه، فجعل لونه يتغير حتى رعد كم قميصه، فقلنا: ما لك يا نبي الله؟،
قال: «ما تسمعون ما أسمع؟» قلنا: وما ذاك يا نبي الله؟، قال: «هذان رجلان يعذبان في قبورهما عذابا شديدا في ذنب هين» ، قلنا: مم ذلك يا نبي الله؟، قال: «كان أحدهما لا يستنزه من البول، وكان الآخر يؤذي الناس بلسانه، ويمشي بينهم بالنميمة» فدعا بجريدتين من جرائد النخل، فجعل في كل قبر واحدة، قلنا: وهل ينفعهما ذلك يا رسول الله؟، قال: «نعم، يخفف عنهما ما داما رطبتين».
وإسناده حسن، أبو عبد الرحيم هو خالد بن أبي يزيد الحراني: ثقة. والمنهال بن عمرو، ومحمد بن وهب بن أبي كريمة كلاهما صدوق.
وله طريقان آخران عن أبي هريرة:
الأول:
أخرجه أحمد 2/ 441، وابن أبي شيبة 3/ 376، وإسحاق (207)، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (123) عن محمد بن عبيد، والطبري في "تهذيب الآثار" - مسند عمر (903) من طريق الوليد بن القاسم، كلاهما عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر، فقال:
"ائتوني بجريدتين"، فجعل إحداهما عند رأسه، والأخرى عند رجليه، فقيل: يا نبي الله، أينفعه ذلك؟ قال: "لن يزال يخفف عنه بعض عذاب القبر ما كان فيهما ندو".
وإسناده حسن، أبو حازم هو سلمان الأشجعي، ويزيد بن كيسان هو اليشكري حسن الحديث كما قال الذهبي في "الكاشف" (6351).
والثاني:
أخرجه أبو أحمد الحاكم في "الأسامي والكنى" 4/ 119، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (122) من طريق عمرو بن الحارث، عن عبد العزيز بن صالح، أن أبا الخنساء حدثه، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أنه مر بقبرين فأخذ سعفة أو جريدة فشقها فجعل إحداهما على أحد القبرين، والشقة الأخرى على القبر الآخر. قال ابن وهب: أرى سئل عن فعلته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رجل كان لا يتقي من البول وامرأة كانت تمشي بين الناس بالنميمة فانتظر بهما العذاب إلى يوم القيامة».
وإسناده ضعيف، أبو الخنساء مجهول.
وعبد العزيز بن صالح: عداده فِي أهل مصر، روى عنه ابن لهيعة، وعمرو بن الحارث، و سعيد بن أبي هلال، ويحيى بن أيوب، وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" 6/ 17،
وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 5/ 385، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، ووثقه ابن حبان 7/ 112
وقال الأزدي" "ضعيف مجهول" نقله عنه ابن الجوزي في "الضعفاء والمتروكين" 2/ 109، والعيني في "مغاني الأخيار" 2/ 230.
وقال الذهبي في "المغني" (3735):
"عبد العزيز بن صالح عن ابن لهيعة: مجهول" وكذا في "الميزان" 2/ 629.
وقال الحافظ في "اللسان" 4/ 31: "الصواب يروي عنه ابن لهيعة".

وأما حديث يعلى بن سيابة:
فأخرجه أحمد 4/ 172، وابن أبي شيبة 3/ 376، وعنه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 3/ 242، وعبد بن حميد (404) - المنتخب ، والطبراني 22/ (705)، والبيهقي في "عذاب القبر" (126) من طريق حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن حبيب بن أبي جبيرة، عن يعلى بن سيابة، أن النبي صلى الله عليه وسلم:
"مر بقبر فقال: إن صاحب هذا القبر يعذب في غير كبير ثم دعا بجريدة، فوضعها على قبره، فقال: لعله أن يخفف عنه ما دامت رطبة".
وأخرجه أحمد، والطبراني مطولا، وعند الطبراني: "ثم أتى على قبرين يعذب صاحباهما، فقال: «إنهما ليعذبان بأمر غير كبير»، وأخذ بجريدتين رطبتين فوضعهما على قبرهما ثم قال: «عسى أن يخفف عنهما ما كانتا رطبتين».
وقال البيهقي:
"هكذا رواه حماد وقال: أبان بن يزيد، عن عاصم، عن محمد بن أبي جبيرة، عن يعلى".
وحبيب أو محمد بن أبي جبيرة: مجهول.

وأما حديث أنس:
فأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1054)، وقوّام السنة في "الترغيب" (2233) عن أحمد بن عبد الرحمن الحراني أبي الفوارس، عن أبي جعفر عبد الله بن محمد النفيلي قال: نا خليد بن دعلج، عن قتادة، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مر برجل يعذب في قبره من النميمة، ومر برجل يعذب في قبره من البول".
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 486 بإسناده، والبيهقي في "الشعب" (10589) من طريق الفضل بن محمد البيهقي، وزادا ثالثًا:
"ورجل يعذب في قبره من الغيبة".
وأخرجه البيهقي في "إثبات عذاب القبر" (128) من طريق عثمان بن خرزاذ، عن أبي معاوية به مقتصرًا على الشطر الأول منه.
وإسناده ضعيف، من أجل خليد بن دعلج، وله طريقان آخران عن أنس:
الأول:
أخرجه الطبراني في "الأوسط (7680)، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" (127) من طريق عبيد بن عبد الرحمن البزار، نا عيسى بن طهمان، عن أنس بن مالك قال:
"مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين لبني النجار، يعذبان بالنميمة والبول، فأخذ سعفة، فشقها، فوضع على هذا القبر شقا، وعلى هذا القبر شقا، وقال: «لا يزال يخفف عنهما ما دامتا رطبتين».
وقال الهيثمي في "المجمع"1/ 208:
"رواه أحمد والطبراني في الأوسط، وفيه عبيد بن عبد الرحمن، وهو ضعيف".
وقال الذهبي في "الميزان" 3/ 20: "عبيد بن عبد الرحمن، فيه جهالة، روى عنه أبو أسامة الكلبي خبرا موضوعا".
وتابعه: عبيد بن الصباح:
أخرجه البيهقي في "إثبات عذاب القبر" (127) من طريق أبي العباس الأصم، نا أبو أمامة (كذا!) الكلبي، ثنا عبيد بن الصباح، ثنا عيسى بن طهمان به.
وعبيد بن الصباح: ضعفه أبو حاتم، وقال العقيلي: لا يُتابع.
وقال البزار: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات" 8/ 429.
وأبو أمامة الكلبي: تحريف، والصواب: أبو أسامة فتحرفت السين إلى الميم، وهو عبد الله بن أسامة الكلبي يروي عنه أبو العباس الأصم وغيره وهو ثقة.
والثاني:
أخرجه الضياء في "المختارة" (2218) أخبرتنا الحرة زينب بنت عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بنيسابور، أن أبا الحسن علي بن جامع بن علي القاضي، أخبرهم قراءة عليه أبنا أبو سهل عبد الملك بن عبد الله بن محمد بن أحمد الدشتي، ثنا الأستاذ أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، أبنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، ثنا محمد بن يزيد، ثنا عمر بن عبد الله بن رزين، ثنا سفيان بن حسين، عن شيبة بن مساور، عن أنس بن مالك
قال: "مر سول الله صلى الله عليه وسلم بقبر فنفرت بغلته الشهباء فأخذ القوم فقال خلوا عنها فإن صاحب القبر يعذب فإنه لا يستنزه من البول".
ومحمد بن يزيد لم يتبيّن لي مَن هو إلا أن يكون تحرّف يحيى إلى يزيد، وهو محمد بن يحيى الذهلي، فعنه يروي محمد بن الحسين القطان والله أعلم.

وأما حديث أبي برزة:
فأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 1/ 195، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 100، وكذا ابن حجر في "تغليق التعليق" 2/ 492 من طريق أبي سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي قال: سمعت أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام المروزي يقول: سمعت أحمد بن سيار يقول: حدثنا الشاه بن عمار حدثني أبو صالح سليمان بن صالح الليثي قال: نبأنا النضر بن المنذر بن ثعلبة العبدي، عن حماد بن سلمة، عن قتادة: أن أبا برزة الأسلمي، كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مر على قبر وصاحبه يعذب، فأخذ جريدة فغرسها في القبر وقال: «عسى أن يرفه عنه ما دامت رطبة" فكان أبو برزة يوصي:
إذا مت فضعوا في قبري معي جريدتين.
قال: فمات في مفازة بين كرمان وقومس، فقالوا: كان يوصينا أن نضع في قبره جريدتين وهذا موضع لا نصيبهما فيه.
فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم ركب من قبل سجستان فأصابوا معهم سعفا، فأخذوا منه جريدتين فوضعوهما معه في قبره".
وإسناده ضعيف، وفيه علل:
الأولى: الانقطاع، فإن قتادة لم يسمع من أبي برزة، قال الإمام أحمد بن حنبل: ما أعلم قتادة سمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا من أنس بن مالك قيل له: فابن سرجس؟! فكأنه لم يره سماعا...وصحح أبو زرعة سماعه من عبد الله بن سرجس وزاد بن المديني أبا الطفيل. وانظر "جامع التحصيل" (ص: 255) للعلائي.
وقال أبو حاتم كما في "المراسيل" (ص 175) لابنه: "ولم يلق قتادة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنسا وعبد الله بن سرجس".
الثانية، والثالثة: النضر بن المنذر بن ثعلبة، والشاه بن عمار: لم أجد لهما ترجمه.
الرابعة: أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي: قال الذهبي في "الميزان" 1/ 135:
"قال الحاكم: ثقة مأمون.
وقال ابن أبي الفوارس: ثقة.
وقال الخطيب: الصحيح أنه ثقة، ثبت.
وضعفه أبو نعيم وأبو زرعة الكشي، وقد حدث عنه الدارقطني".
وضعّف الدارقطني حديثا هو أحد رجاله، وقال في حديث آخر من طريقه: رجاله كلهم معروفون بالثقة!.


*****************
غريب الحديث:

(وما يعذبان في كبير) معناه أنهما لم يعذبا في أمر كان يكبر عليهما، أو يشق فعله لو أرادا أن يفعلاه، وهو التنزه من البول، وترك النميمة.
(يستنزه) بنون ساكنة، بعدها زاي ثم هاء، من التنزه وهو البعد.
(لا يستتر) من الاستتار، أي: لا يجعل بينه وبين بوله سترة، تحفظه من رشاشه فهي بمعنى (لا يستنزه).
قال ابن بطال: "معناه لا يستتر جسده ولا ثوبه من مماسة البول ولما عذب على استخفافه بغسله وبالتحرز عنه دل على أن من ترك البول في مخرجه ولم يغسلها أنه حقيق بالعذاب".
(لا يستبرئ) معناه لا يتجنب ويتحرز من بوله.
وذكر النووي أن هذه اللفظة رويت على ثلائة أوجه: "يستتر"، و"يستنزه" و"يستبرئ" ثم قال: "كلها صحيحة، ومعناها لا يتجنبه، ويتحرز منه".

*****************
_____________
يستفاد من الحديث:

أولًا: أن عذاب القبر حق، وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلا، وسؤال الملكين، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به.

ثانيًا: جواز المشي بين المقابر.

ثالثًا: فيه دليل على عظم أمر النميمة، وأنها سبب من أسباب عذاب القبـر، والنميمة: هي نقل الكلام بين الناس، لقصد الإفساد، وإيقاع العداوة والبغضاء بينهم، روى مسلم (2606) من حديث ابن مسعود مرفوعًا: "ألا أنبئكم ما العَضْه؟ هي النميمة الْقَالَةُ بين الناس"، العضه والعضيهة: البهتان، والكذب الذي لا حقيقة له. و(القالة) كثرة القول، وإيقاع الخصومة بين الناس.
قال عبد الرحمن بن حسن في "فتح المجيد" (ص 292): "ذكر ابن عبد البر عن يحيى ابن أبي كثير قال: "يفسد النمام والكذاب في ساعة ما لا يفسد الساحر في سنة". وقال أبو الخطاب في عيون المسائل: ومن السحر السعي بالنميمة والإفساد بين الناس. قال في الفروع: ووجهه أنه يقصد الأذى بكلامه وعمله على وجه المكر والحيلة، أشبه السحر، وهذا يعرف بالعرف والعادة أنه يؤثر وينتج ما يعمله السحر أو أكثر، فيعطى حكمه تسوية بين المتماثلين أو المتقاربين. لكن يقال: الساحر إنما يكفر لوصف السحر وهو أمر خاص ودليله خاص، وهذا ليس بساحر. وإنما يؤثر عمله ما يؤثره فيعطى حكمه إلا فيما اختص به من الكفر وعدم قبول التوبة".
رابعًا: نجاسة بول الناس، ووجوب التنزه عنه، والتوقي منه.

خامسًا: فيه رحمته ولطفه وإحسانه صلى الله عليه وآله وسلم بالمقبورَين.

سادسًا: وضع الجريد على القبر من خصوصياته صلى الله عليه وسلم، قال الخطابي في "معالم السنن" 1/ 19-20:
"وأما قوله (لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا) فإنه من ناحية التبرك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالتخفيف عنهما، وكأنه صلى الله عليه وسلم جعل مدة بقاء النداوة فيهما حدا لما وقعت به المسألة من تخفيف العذاب عنهما, وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس، والعامة في كثير من البلدان تفرش الخوص في قبور موتاهم، وأراهم ذهبوا إلى هذا, وليس لما تعاطوه من ذلك وجه، والله أعلم"
وقال أحمد شاكر في تعليقه على "سنن الترمذي" 1/ 103: "وصدق الخطابي، وقد ازداد العامة إصرارا على هذا العمل الذي لا أصل له، وغلوا فيه، وخصوصا في بلاد مصر تقليدا للنصارى، حتى صاروا يضعون الزهور على القبور، ويتهادونها بينهم، فيضعها الناس على قبور أقاربهم ومعارفهم تحية لهم، ومجاملة للأحياء، وحتى صارت عادة شبيهة بالرسمية في المجاملات الدولية، فتجد الكبراء من المسلمين إذا نزلوا بلدة من بلاد أوروبا ذهبوا إلى قبور عظمائها، أو إلى قبر من يسمونه بـ "الجندي المجهول" ووضعوا عليها الزهور، وبعضهم يضع الزهور الصناعية التي لا نداوة فيها، تقليدا للإفرنج، واتباعا لسنن من قبلهم، ولا ينكر عليهم العلماء أشباه العامة، بل تراهم أنفسهم يصنعون ذلك في قبور موتاهم، ولقد علمت أن أكثر الأوقاف التي تسمى أوقافا خيرية موقوف ريعها على الخوص والريحان الذي يوضع على القبور، وكل هذه بدع ومنكرات لا أصل لها في الدين، لا مستند لها من الكتاب والسنة، ويجب على أهل العلم أن ينكروها، وأن يبطلوا هذه العادات ما استطاعوا".
وقال الألباني: في "أحكام الجنائز" (ص 201-202): "ويؤيد كون وضع الجريد خاصا به صلى الله عليه وسلم وأن التخفيف لم يكن من أجل نداوة شقها أمور:
أ - حديث جابر رضي الله عنه، الطويل في "صحيح مسلم" وفيه قال صلى الله عليه وسلم: "إنى مررت بقبرين يعذبان، فأحببت بشفاعتى أن يرد عنهما ما دام الغصنان رطبين".
فهذا صريح في أن رفع العذاب إنما هو بسبب شفاعته صلى الله عليه وسلم، ودعائه، لا بسبب النداوة، وسواء كانت قصة جابر هذه هى عين قصة ابن عباس المتقدمة كما رجحه العينى وغيره، أو غيرها كما رجحه الحافظ في "الفتح"، أما على الاحتمال الأول فظاهر، وأما على الاحتمال الآخر فلأن النظر الصحيح يقتضي أن تكون العلة واحدة في القصتين للتشابه الموجود بينهما، ولأن كون النداوة سببا لتخفيف العذاب عن الميت مما لا يعرف شرعا ولا عقلا، ولو كان الأمر كذلك لكان أخف الناس عذابا إنما هم الكفار الذين يدفنون في مقابر أشبه ما تكون بالجنان لكثرة ما يزرع فيها من النباتات، والأشجار التي تظل مخضرة صيفا وشتاء! يضاف إلى ما سبق أن بعض العلماء كالسيوطي قد ذكروا أن سبب تأثير النداوة في التخفيف كونها تسبح الله تعالى، فإذا ذهبت من العود ويبس انقطع تسبيحه! فإن هذا التعليل مخالف لعموم قوله تبارك وتعالى: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم}.
ب - في حديث ابن عباس نفسه ما يشير إلى أن السر ليس في النداوة، أو بالأحرى ليست هى السبب في تخفيف العذاب، وذلك قوله: "ثم دعا بعسيب فشقه اثنين" يعني طولا، فإن من المعلوم أن شقه سبب لذهاب النداوة من الشق ويبسه بسرعة، فتكون مدة التخفيف أقل مما لو لم يشق، فلو كانت هى العلة لأبقاه صلى الله عليه وسلم بدون شق، ولوضع على كل قبر عسيبا أو نصفه على الأقل، فإذ لم يفعل دل على أن النداوة ليست هى السبب، وتعين على أنها علامة على مدة التخفيف الذي أذن الله به استجابة لشفاعة نبيه صلى الله عليه وسلم كما هو مصرح به في حديث جابر، وبذلك يتفق الحديثان في تعيين السبب، وإن احتمل اختلافهما في الواقعة وتعددها، فتأمل هذا فإنه شىء انقدح في النفس، ولم أجد من نص عليه أو أشار إليه من العلماء، فإن كان صوابا فمن الله تعالى، وإن كان خطأ فهو مني، وأستغفره من كل ما لا يرضيه.
جـ - لو كانت النداوة مقصودة بالذات، لفهم ذلك السلف الصالح ولعلموا بمقتضاه، ولوضعوا الجريد والآس ونحو ذلك على القبور عند زيارتها, ولو فعلوا لاشتهر ذلك عنهم، ثم نقله الثقات إلينا، لأنه من التي تلفت النظر، وتستدعى الدواعى نقله، فإذ لم ينقل دل على أنه لم يقع، وأن التقرب به إلى الله بدعة، فثبت المراد، وإذا تبين هذا، سهل حينئذ فهم بطلان ذلك القياس الهزيل الذي نقله السيوطي في "شرح الصدور" عمن لم يسمه 1: "فإذا خفف عنهما بتسبيح الجريدة، فكيف بقراءة المؤمن القرآن؟! قال: وهذا الحديث أصل في غرس الأشجار عند القبور".
قلت: فيقال له: أثبت العرش ثم انقش، وهل يستقيم الظل والعود أعوج؟! ولو كان هذا القياس صحيحا لبادر إليه السلف, لأنهم أحرص على الخير منا، فدل ما تقدم على أن وضع الجريد على القبر خاص به صلى الله عليه وسلم، وأن السر في تخفيف العذاب عن القبرين لم يكن في نداوة العسيب بل في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه لهما، وهذا مما لا يمكن وقوعه مرة أخرى بعد انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، ولا لغيره من
بعده صلى الله عليه وسلم, لأن الاطلاع على عذاب القبر من خصوصياته عليه الصلاة والسلام".



كتبه أحوج الناس لعفو ربه
أبو سامي العبدان
حسن التمام



______

1 - قد يكون أخذه من ابن دقيق العيد في شرحه "عمدة الأحكام" 1/ 106-107.


الجمعة، 25 نوفمبر 2016

أحاديث الأحكام رواية ودراية - كتاب الطهارة (النجاسات) حديث رقم (12)

[وجوب إزالة النجاسة تصيب البدن أو الملابس من حين العلم بها]

(12) "إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما".

صحيح - أخرجه أبو داود (650)، ومن طريقه البيهقي 2/ 402 و 431، وفي "المعرفة" (4889)، وأحمد 3/ 20 و 92، والطيالسي (2268)، وابن أبي شيبة 2/ 417 و 418، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 3/ 1052، وعبد بن حميد (880) -المنتخب، والدارمي (1378)، وأبو يعلى (1194)، وابن المنذر في "الأوسط" (732) و (2398)، وابن خزيمة (1017)، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 511، وابن حبان (2185)، والحاكم 1/ 260، وعنه البيهقي 2/ 403 و 431، وفي "المعرفة" (4890)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 2/ 313، والبغوي (299) من طرق عن حماد بن سلمة، قال: حدثنا أبو نعامة السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال:
" بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته، قال: «ما حملكم على إلقاء نعالكم»، قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن جبريل صلى الله عليه وسلم أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا - أو قال: أذى - وقال: فذكره.
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" وأقره الذهبي.
قلت: إسناده صحيح، رجاله رجال مسلم، أبو نضرة هو المنذر بن مالك بن قطعة العبدي لكن لم يخرّج مسلم حديث أبي نعامة عنه، ولا حماد عن أبي نعامة.
وتابع حمادا، الحجاج بن حجاج الباهلي:
أخرجه ابن خزيمة (786)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 306-307 من طريق إبراهيم بن طهمان، عن الحجاج، عن أبي نعامة به.
وأخرجه عبد الرزاق (1516) عن معمر بن راشد، عن أيوب، عن رجل، حدثه، عن أبي سعيد الخدري به.
وأخرجه البيهقي 2/ 403 من طريق أبي الفضل محمد بن إبراهيم الهاشمي، حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن العباس بن عثمان بن شافع الشافعى بمكة، حدثنا عمي، حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن معمر بن راشد عن أيوب عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدرى به.
قلت: رجاله ثقات، أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع: ثقة، وعمه هو إبراهيم بن محمد الشافعي.
وقال البيهقي:
"غير محفوظ".
وجاء من مسند أبي هريرة، وابن مسعود، وأنس:
حديث أبي هريرة:
أخرجه البزار (604) - كشف، من طريق يحيى بن أيوب المصري، عن عباد بن كثير، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالناس فخلع نعليه، فلما حس به الناس خلعوا نعالهم، فلما فرغ من صلاته أقبل على الناس، فقال: إن الملك أتاني فأخبرني أن بنعلي أذى، فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه، فإن رأى فيهما شيئا، فليمسحهما ثم ليصل فيهما".
وإسناده ضعيف جدا، عباد بن كثير: متروك.
وحديث ابن مسعود:
أخرجه البزار (606) - كشف، والطبراني 10/ (9972)، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 511، والحاكم 1/ 140 من طريق أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي، ثنا زهير بن معاوية، ثنا أبو حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال:
"خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعليه وهو يصلي، فخلع من خلفه نعالهم، فقال: «ما حملكم على خلع نعالكم؟» قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا، فقال:
«إن جبريل صلى الله عليه وسلم أخبرني أن في إحداهما قذرا، فخلعتهما لذلك، فلا تخلعوا نعالكم».
وإسناده ضعيف، أبو حمزة هو ميمون الأعور القصاب الكوفي، مشهور بكنيته: ضعيف الحديث.
وحديث أنس:
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (4293)، والحاكم 1/ 139، وعنه البيهقي 2/ 404 من طريق إبراهيم بن الحجاج السامي قال: نا عبد الله بن المثنى قال: نا ثمامة، عن أنس بن مالك قال:
لم يخلع النبي صلى الله عليه وسلم نعليه في الصلاة إلا مرة، فخلع القوم نعالهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لم خلعتم نعالكم؟» قالوا: رأيناك خلعت، فخلعنا فقال: «إن جبريل عليه السلام أخبرني أن بهما قذرا».
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح على شرط البخاري ، فقد احتج بعبد الله بن المثنى ولم يخرجاه، وشاهده الحديث المشهور عن ميمون الأعور" وأقره الذهبي.
قال الحافظ: "عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري وثقه العجلي والترمذي، واختلف فيه قول الدارقطني، وقال ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم: صالح. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال الساجي: فيه ضعف ولم يكن من أهل الحديث وروى مناكير. وقال العقيلي: لا يتابع على أكثر حديثه. قال الحافظ: لم أر البخاري احتج به إلا في روايته عن عمه ثمامة فعنده عنه أحاديث".
قلت: وإبراهيم بن الحجاج السامي لم يرو له البخاري شيئا وهو ثقة.

وله شاهدان من حديث عائشة، وأبي هريرة:

أما حديث أبي هريرة:
فأخرجه أَبو داود (385)، ومن طريقه البغوي (300) من طريق أَبي المغيرة، والوليد بن مزيد، وعمر بن عبد الواحد، عن الأوزاعي، المعنى، قال: أنبئت أن سعيدا المقبري حدث، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صَلى الله عليه وسلم قال:
"إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى، فإن التراب له طهور".
وأخرجه الحاكم 1/ 166، والبيهقي 2/ 430 من طريق الوليد بن مزيد (وحده)
وإسناده ضعيف إذ لم يذكر الأوزاعي من أنبأه، وجاء في طريق أخرى ضعيفة أن الذي أنبأ الأوزاعي هو محمد بن عجلان:
أخرجه أَبو داود (386)، ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" 1/ 93، والبزار (8435)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" 2/ 257، وابن خزيمة (292)، وابن حِبان (1404)، والحاكم 1/ 166، وعنه البيهقي 2/ 430 من طريق محمد بن كثير الصنعاني، عن الأوزاعي، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري به.
وقال البزار:
"وهذا الحديث قد رواه غير الأوزاعي، عن ابن عجلان، عن المقبري، عن رجل, فالحديث لا يثبت".
وقال العقيلي:
"ولا يصح ابن عجلان فيه".
وأما الحاكم فقال:
"هذا حديث صحيح على شرط مسلم فإن محمد بن كثير الصنعاني هذا صدوق وقد حفظ في إسناده ذكر ابن عجلان ولم يخرجاه".
قلت: بل إسناده ضعيف، فإن محمد بن كثير بن أبى عطاء الصنعاني ثم المصيصي: صدوق كثير الخطأ، وقال ابن عدي في "الكامل" 7/ 501: " ومحمد بن كثير له روايات عن معمر والأوزاعي خاصة أحاديث عداد مما لا يتابعه أحد عليه"، ولم يخرج له مسلم شيئا.
وأخرجه ابن حبان (1403) قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن خليل، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: حدثني الوليد، عن الأوزاعي، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري به.
ليس فيه محمد بن عجلان!
وشيخ ابن حبان هو محمد بن الحسن بن الخليل أبو عبد الله النسوي: بعد البحث وجدته عند ابن عساكر فقط في "تاريخ دمشق"
52/ 299 ولم يذكر شيئا من حاله لا بجرح أو تعديل فهو الآن في حيّز الجهالة، وباقي رجاله ثقات.

وأما حديث عائشة:

فأخرجه أبو داود (387)، ومن طريقه البيهقي 2/ 430 من طريق محمد يعني ابن عائذ، حدثني يحيى يعني ابن حمزة، عن الأوزاعي، عن محمد بن الوليد، أخبرني أيضا سعيد بن أبي سعيد، عن القعقاع بن حكيم، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى حديث أبي هريرة الذي سلف قبل قليل.
وأخرجه عبد الرزاق (104) عن عبد الله بن زياد بن سمعان، وابن المنذر في "الأوسط" (735) من طريق موسى بن عقبة، كلاهما عن القعقاع بن حكيم، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا وطئ أحدكم بنعليه في الأذى فإن التراب لهما طهور" واللفظ لابن المنذر.
وقال البيهقي في "الخلافيات" 1/ 143:
"القعقاع لم يسمع من عائشة".
وأخرجه أبو يعلى (4869)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" 2/ 256-257، وابن عدي في "الكامل" 5/ 203، والطبراني في "الأوسط" (2759)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 157 من طريق يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن عبد الله بن زياد بن سمعان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن القعقاع بن حكيم، عن أبيه، عن عائشة به.
وإسناده ضعيف جدا، فإن ابن سمعان متروك، وذكر الدارقطني في "العلل" 8/ 160 طريقه هذه بعد أن ذكر الاختلاف على الأوزاعي في حديث أبي هريرة الذي سلف قبل قليل، وقال:
"وهو أشبهها بالصواب، وإن كان ابن سمعان متروكا".
تنبيه:
حذف محقق مسند أبي يعلى (عن أبيه) فيما بين عائشة والقعقاع مع أنه قال: "في الأصلين (عن القعقاع بن حكيم، عن أبيه، عن عائشة)!".
وأخرجه موقوفا عليها عبد الرزاق (106) عن ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري: أن امرأة سألت عائشة عن المرأة تجر ذيلها إذا خرجت إلى المسجد، فتصيب المكان الذي ليس بطاهر، قالت: فإنها تمر على المكان الطاهر فيطهره.

*****************
غريب الحديث:

(قَذَرًا) بفتحتين، أي: نجاسة.

******************
_____________
يستفاد من الحديث:

أولًا: أن من صلى وفي ثوبه نجاسة لم يعلم بها فإن صلاته مجزية ولا إعادة عليه.

ثانيًا: فيه أن الاتساء برسول الله صلى الله عليه وسلم في أفعاله واجب كهو في أقواله، وهو أنهم لما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم خلع نعليه خلعوا نعالهم.

ثالثًا: من الأدب أن المصلي إذا صلى وحده فخلع نعله وضعها عن يساره وأما إذا كان مع غيره في الصف وكان عن يمينه وعن يساره أناس فإنه يضعها بين رجليه.

رابعًا: أن يسير العمل لا يقطع الصلاة.

خامسًا: أن مسح النعل من النجاسة مطهر له من القذر والأذى.

سادسًا: أن المصلي إذا دخل في الصلاة وهو ملتبس بنجاسة غير عالم بها، أو ناسيا لها، ثم عرف بها في أثناء صلاته أنه يجب عليه إزالتها، ثم يستمر في صلاته، ويبني على ما صلى.

سابعًا: فيه دلالة على شرعية الصلاة في النعال، ودخول المسجد منتعلًا.

ثامنًا: صيانة المسجد عن الأشياء القذرة.


كتبه أحوج الناس لعفو ربه
أبو سامي العبدان
حسن التمام



الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

أحاديث الأحكام رواية ودراية - كتاب الطهارة (باب: المياه) الحديث رقم (11)


[استحباب غسل اليد ثلاثًا عند الإستيقاظ من النوم قبل إدخالها في الإناء]

(11) "إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده".

أخرجه مسلم (278-87)، والبزار (9438)، وابن حزيمة (145)، وأبو عوانة (728)، والبيهقي 1/ 46 من طريق بشر بن المفضل، وابن حبان (1064) ، وأبو طاهر السِّلَفي في "الطيوريات" (646) من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
وأخرجه أحمد 2/ 455، ومن طريقه القطيعي في "جزء الألف دينار" (168)، وابن خزيمة (100)، ومن طريقه البيهقي 1/ 46، وابن حبان (1065)، والدارقطني 1/ 73-الرسالة، وابن شاهين في "جزء من حديثه" (39) عن محمد بن جعفر، وابن المقرىء في "المعجم" (1099)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 523 من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، كلاهما عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا استيقظ أحدكم من منامه، فلا يغمس يده في إنائه حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده منه".
وقال ابن خزيمة:
"خبر غريب".
وقال الدارقطني في "السنن":
"تابعه عبد الصمد بن عبد الوارث, عن شعبة".
وقال في "العلل" 8/ 286:
"وغيره - يعني شعبة - لا يذكرها" أي لفظة "منه".
وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة:

ذكوان أبي صالح السمان، وأبي رزين مسعود بن مالك، وهو الطريق الثاني عنه:
أخرجه مسلم (278) حدثنا أبو كريب، وأبو داود (103)، ومن طريقه البيهقي 1/ 45 حدثنا مسدد، والبيهقي 1/ 45 من طريق أحمد بن عبد الجبار العطاردي، ثلاثتُهم (أبو كريب محمد بن العلاء، ومسدد، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي) عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي رزين، وأبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا قام أحدكم من الليل، فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات، فإنه لا يدري أين باتت يده".
وأخرجه مسلم (278)، وأحمد 2/ 253 و 471، وأبو عوانة (732) من طريق وكيع، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 22 من طريق أبي شهاب الحناط،، كلاهما عن الأعمش به.
وفي رواية أبي شهاب الحناط: "مرتين أو ثلاثا".
وأخرجه أحمد 2/ 253، وأبو عوانة (730) حدثنا علي بن حرب، كلاهما (أحمد، وعلي بن حرب) عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح (وحده) به.
وأخرجه الطيالسي (2540)، ومن طريقه أبو الشيخ في "جزء من حديثه" (1)- انتقاء ابن مردويه، وفي "طبقات المحدثين" 3/ 489، وعنه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 232-233 حدثنا شعبة، وأبو داود (104)، ومن طريقه البيهقي 1/ 45 من طريق عيسى بن يونس، وأحمد 2/ 253، والطحاوي 1/ 22 من طريق زائدة، والسهمي في "تاريخ جرجان" (ص 138) من طريق شجاع بن الوليد، أربعتهم عن الأعمش، عن أبي صالح (وحده) به.
قال شعبة في حديثه: "حتى يصب عليها صبة أو صبتين"، وقال عيسى بن يونس، وزائدة: "مرتين أو ثلاثا".
وتابع الأعمش، سهيل بن أبى صالح:
أخرجه ابن المقرىء في "المعجم" (594)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 147 من طريق إبراهيم بن طهمان، عن هشام، عن سهيل، عن أبيه، عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: 
"إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسل كفه ثلاث مرات فإنه لا يدرى أين باتت يده".
وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 98 عن أبي معاوية، والبيهقي 1/ 45-46 من طريق وكيع، كلاهما عن الأعمش، عن أبي رزين (وحده) به.

الطريق الثالث، أبي سلمة بن عبد الرحمن:
أخرجه مسلم (278)، والنسائي (1)، وأحمد 2/ 241، والشافعي 1/ 29-ترتيب السندي، والحميدي (951)، والدارمي (766)، وابن الجارود (9)، وأبو يعلى (5961)، وابن خزيمة (99)، وأبو عوانة (726)، وابن حبان (1062)، والبيهقي 1/ 45، وفي "المعرفة" (54)، والبغوي (208)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 17/ 193-194 من طريق سفيان بن عيينة، والترمذي (24)، وابن ماجه (393) من طريق الأوزاعي، والنسائي (161)، وأحمد 2/ 259 من طريق معمر، ثلاثتُهم عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في وضوئه حتى يغسلها ثلاثا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده".
وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح".
وله طريق أخرى عن أبي سلمة:
أخرجه أحمد 2/ 348 و 382، وابن أبي شيبة 1/ 98، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 22، وأبو يعلى (5973)، والهروي في "ذم الكلام" (298) من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا قام أحدكم من نومه، فليفرغ على يديه من إنائه، فإنه لا يدري أين باتت يده". فقال قين الأشجعي: كيف إذا جئنا مهراسكم هذا؟ قال: "أعوذ بالله من شرك يا قين".
وأقحمت الواو فيما بين محمد بن عمرو، وأبي سلمة في المطبوع من "شرح المعاني".
وفي "مسند الإمام أحمد" (قيس) وهو تحريف، والصواب: قين الأشجعي: وهو تابعي من أصحاب عبد اللَّه بن مسعود، ذكر أبو نعيم في "معرفة الصحابة" 4/ 2363 قصته هذه مع أبي هريرة، وكذا ابن مندة في "معرفة أحوال الرجال" 2/ 301، وابن نقطة في "إكمال الإكمال" 4/ 679، وياقوت في "معجم البدان" 5/ 232، والحافظ في "الإصابة" 5/ 292.
قال المعلمي في "الأنوار الكاشفة": "كره أبو هريرة أن يقول مثلًا: إن المهراس ليس بإناء، والعادة أن يكون ماء الإناء قليلًا، وماء المهراس كثيرًا، أو يقول: أرأيت لو كانت يدك ملطخة بالقذر؟ أو يقول: إن وجدت ماء غيره أو وجدت ما تغرف به فذاك وإلا رجوت أن تعذر، أو نحو ذلك، لأن أبا هريرة رضي الله عنه كان يتورع تشقيق المسائل، ويدع ذلك لمن هو أجرأ وأشد غوصًا على المعاني فيه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلتزم في الوضوء أن يغسل يديه ثلاثًا قبل إدخالهما الإناء، ثبت ذلك من حديث عثمان، وعبد الله بن زيد، ولا يخفى ما في ذلك من رعاية النظافة والصحة".

الطريق الرابع، سعيد بن المسيب:
أخرجه مسلم (278)، وأحمد 2/ 265 و 284، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 22، وأبو عوانة (731)، والبيهقي 1/ 244 عن عبد الرزاق، عن معمر،
عن الزهري، عن ابن المسيب، أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا استيقظ أحدكم فلا يدخل يده في إنائه - أو قال: في وضوئه - حتى يغسلها ثلاث مرات، فإنه لا يدري أين باتت يده".
وأخرجه الترمذي (24)، وابن ماجه (393) من طريق الوليد بن مسلم، والبيهقي 1/ 244 من طريق عبد القدوس بن الحجاج، كلاهما عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما حدثاه: أن أبا هريرة كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا استيقظ أحدكم من الليل فلا يدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثا، فإن أحدكم لا يدري فيم باتت يده".
وأخرجه الطحاوي 1/ 22 من طريق عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، قال: حدثني ابن شهاب، عن سعيد، وأبي سلمة به.
وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح".
وأخرجه النسائي (441) من طريق إسماعيل بن عبد الله، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 12-22 و 22 من طريق بشر بن بكر، والفريابي، كلاهما
عن الأوزاعي، عن الزهري، عن ابن المسيب (وحده) به.

الطريق الخامس، عبد الرحمن بن هرمز الأعرج:
أخرجه البخاري (162) وعنده زيادة في أوله، وأحمد 2/ 465، والشافعي 1/ 29، ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط" 1/ 371، وابن حبان (1063)، والبيهقي 1/ 45، وفي "المعرفة" (152)، والبغوي (207)، وابن حجر في "موافقة الخُبر الخَبَر" 1/ 400-401 عن مالك بن أنس ( وهو في "الموطأ" 1/ 21 )، ومسلم (278-88) ، والبيهقي 1/ 118، وابن حجر في "موافقة الخُبر الخَبَر" 1/ 400 من طريق المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي،
والشافعي 1/ 29، ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط" 1/ 143، والحميدي (952)، ومن طريقهما أبو عوانة (727)، والبيهقىِ في "المعرفة" (152) عن ابن عيينة، ثلاثتُهم عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده".
وأخرجه ابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد" 2/ 127 أخبرنا ياقوت بن عبد الله الرومي الحمامي قال: حدثنا محمد بن ناصر الحافظ من لفظه قال: أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي قراءة عليه، حدثنا أبو الوليد عتبة بن عبد الملك العثماني أنبأنا أبي، أنبأنا أبو العباس أحمد بن يحيى اللبناني بتنيس، أنبأنا يحيى بن بكير عن مالك بن أنس عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في إنائه حتى يغسلها ثلاثا فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده".
يحيى بن بكير: ثقة فى الليث وتكلموا فى سماعه من مالك كما في "التقريب".
قال الذهبي في "السير: "احتج به الشيخان وذكره ابن حبان في " الثقات "، وأما أبو حاتم فقال: لا يحتج به. قال: وكان يفهم هذا الشأن.
وقال النسائي: ضعيف".
واللبناني تصحيف، والصواب:المليانيّ، ولم أجد له ترجمة!
وعبد الملك بن عاصم بن الوليد الأموي: لم أجده.
وأبو الوليد عتبة بن عبد الملك العثماني: قال أبو الفضل بن خَيْرون: كان رجلًا صالحًا، قد كتبتُ عنه كما في "تاريخ الإسلام" 30/ 83
والمبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي المعروف بابن الطيوري البغدادي: كان مكثرا من الحديث ثقة صالحا عابدا كما في "الكامل في التاريخ" 8/ 548 لابن الأثير.
والحافظ محمد بن ناصر السلامي: حافظ بغداد في زمانه، قال تلميذه أبو الفرج ابن الجوزي: كان حافظًا، ضابطًا، ثقة، متقنًا، من أهل السُّنَّة، لا مَغْمَزَ فيه.
و ياقوت بن عبد الله شهاب الدِّين الرُّوميّ الحموي البَغْداديّ: صاحب كتاب "معجم البلدان" مؤرخ ثقة، قال ابن النجار: كان ذكياً حسن الفهم، ورحل في طلب النسب إلى بلاد الشام ومصر والبحرين وخراسان.
وتحديد عدد الغسلات عن الإمام مالك منكر، قال ابن عبد البر في "التمهيد" 18/ 227:
" لم تختلف الرواية عن مالك في حديث أبي الزناد هذا في قوله فليغسل يده قبل أن يدخلها بغير توقيت ولا تحديد في الغسلات".
وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (9130) حدثنا مسعدة بن سعد، وابن عدي في "الكامل" 5/ 303 حدثنا أحمد بن زيد بن هارون القزاز بمكة، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" 2/ 300 حدثنا محمد بن إسماعيل، ثلاثتهم عن إبراهيم بن المنذر، ثنا عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، عن هشام بن عروة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها؛ فإنه لا يدري أين باتت، ويسمي قبل أن يدخلها".
وقال الطبراني:
"لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، تفرد به إبراهيم بن المنذر، ولا قال أحد ممن روى هذا الحديث عن أبي الزناد: "ويسمي قبل أن يدخلها"، إلا هشام بن عروة".
وقال ابن عدي:
"وهذا غريب الإسناد والمتن فمن قبل الإسناد من حديث هشام بن عروة، عن أبي الزناد لا أعلم يرويه عن هشام بن عروة غير عبد الله بن محمد بن يحيى، وغربة المتن "ويسمى قبل أين يدخلها" وهذه اللفظة غريب في هذا الحديث"، ثم ساق أحاديث من رواية عبد الله بن محمد بن يحيى، وقال: عامتها مما لا يتابعه عليه الثقات".
وقال العقيلي:
"وله - يعني عبد الله بن محمد بن يحيى - غير حديث عن هشام بن عروة، لا يتابع عليه، مناكير، وهذا الحديث من حديث أبي هريرة صحيح الإسناد من غير وجه، وليس فيه يسمي قبل أن يدخلهما".
قلت: عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير المدني: متروك الحديث قاله أبو حاتم.
وقال الدارقطني: كثير الخطأ على هشام، وهو ضعيف الحديث.
وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات.

الطريق السادس، عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني، مولى الحرقة:
أخرجه مسلم (278-88)، وأبو عوانة (735)، والبيهقي 1/ 118 من طريق العلاء ابن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا قام أحدكم من النوم إلى الوضوء فليفرغ على يديه من الماء، فإنه لا يدري أين باتت يده".

الطريق السابع، أبي مريم الأنصاري:
أخرجه أبو داود (105)، ومن طريقه البيهقي 1/ 46، وابن حبان (1061)، والدارقطني 1/ 74-الرسالة من طريق معاوية بن صالح، عن أبي مريم، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإن أحدكم لا يدري أين باتت أو أين كانت تطوف يده".

الطريق الثامن، همام بن المنبه:
أخرجه مسلم (278-88)، وأحمد 2/ 316، وأبو عوانة (733)، والبيهقي 1/ 234، وفي "السنن الصغير" (22) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه ( وهو في "صحيفته" (69) )، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يضع يده في الوضوء حتى يغسلها، إنه لا يدري أحدكم أين باتت يده".

الطريق التاسع، جابر بن عبد الله:
أخرجه مسلم (278-88)، وأبو عوانة (729)، والبيهقي 1/ 47 من طريق معقل بن عبيد الله، عن أبي الزبير، عن جابر، عن أبي هريرة، أنه أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا استيقظ أحدكم فليفرغ على يده ثلاث مرات قبل أن يدخل يده في إنائه، فإنه لا يدري فيم باتت يده".
وأخرجه أحمد 2/ 403، وأبو يعلى (5863) عن موسى بن داود، قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، قال: أخبرني جابر، أن أبا هريرة، أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة.
وأخرجه ابن ماجه (395)، والدارقطني 1/ 73، والخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 449 من طريق زياد بن عبد الله البكائي، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا قام أحدكم من النوم، فأراد أن يتوضأ، فلا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها، فإنه لا يدري أين باتت يده، ولا على ما وضعها".
وقال الدارقطني:
"إسناد حسن!".
قلت: إسناده ضعيف، عبد الملك بن أبي سليمان: صدوق له أوهام.
وزياد بن عبد الله البكائي: في حديثه لين، وما أدري العهدة على أيهما في جعله من مسند جابر!
وهذه الزيادة "ولا على ما وضعها" منكرة.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 8/ 92 من طريق سليمان بن عبيد الله الرقي، حدثنا مصعب بن إبراهيم، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عطاء بن أبي رباح،
عن جابر بن عبد الله، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا قام أحدكم من منامه فلا يغمس يده في وضوئه حتى يغسلها فإنه لا يدري أين باتت يده".
وقال ابن عدي:
"وهذا بهذا الإسناد باطل من حديث ابن أبي عروبة، وقتادة، ولا يرويه عن ابن أبي عروبة غير مصعب بن إبراهيم هذا".
قلت: مصعب بن إبراهيم القيسي: قال العقيلي: في حديثه نظر.
وقال ابن عدي: منكر الحديث. وقال أيضا: وهو مجهول وأحاديثه عن الثقات ليست بالمحفوظة.

الطريق العاشر، ثابت مولى عبد الرحمن بن زيد:
أخرجه مسلم (278-88)، وأحمد 2/ 271، وأبو عوانة (734) من طريق ابن جريج قال: أخبرني زياد، أن ثابتا مولى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره، أنه سمع أبا هريرة يقول يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا كان أحدكم نائما ثم استيقظ فأراد الوضوء، فلا يضع يده في الإناء حتى يصب على يده، فإنه لا يدري أين باتت يده".

الطريق الحادي عشر، محمد بن سيرين:
أخرجه مسلم (278-88)، والبزار (10013) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، وأحمد 2/ 507 حدثنا يزيد، وابن أبي شيبة 1/ 98 و 14/ 202 حدثنا أبو خالد الأحمر، وابن شاذان في "الفوائد المنتقاة" (67) من طريق محمد بن مروان العقيلي، أربعتهم عن هشام بن حسان، عن محمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا استيقظ أحدكم من منامه، فلا يغمس يده في طهوره حتى يفرغ عليها فيغسلها، فإنه لا يدري أين باتت يده".
وله طريقان آخران عن ابن سيرين:
1- أخرجه أحمد 2/ 395، وأبو طاهر السِّلَفي في "المشيخة البغدادية" - مخطوط، والخطيب في "تاريخ بغداد" 17/ 90، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 60/ 257 عن هوذة، حدثنا عوف، عن محمد بن سيرين به.
وإسناده حسن.
2- أخرجه الطبراني في "الأوسط" (945) حدثنا أحمد قال: نا عمرو قال: نا زهير بن محمد، عن سالم الخياط قال: سمعت محمد بن سيرين، يقول: قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا استيقظ أحدكم من منامه، فلا يغمسن يده في طهوره حتى يفرغ عليها ثلاث مرات، فإنه لا يدري أين باتت يده".
قلت: ذكر التحديد في الغسل عن ابن سيرين منكر، سالم بن عبد الله الخياط: قال ابن معين: لا يسوى فلسا.
وقال النسائي: ليس بثقة.
وقال أبو حاتم: ليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به.
وقال ابن حبان: يقلب الأخبار، ويزيد فيها ما ليس منها ويجعل روايات الحسن عن أبي هريرة سماعا ولم يسمع الحسن من أبي هريرة شيئا، لا يحل الاحتجاج به.
وقال الدارقطنى: لين الحديث.
قال يحيى بن آدم، عن سفيان: حدثنا سالم المكي و كان مرضيا.
ووثقه الإمام أحمد، وقال ابن عدي: ما أرى بعامة ما يرويه بأسا.
وذكره ابن خلفون، وابن شاهين في "الثقات".
وقال الحافظ علاء الدين مغلطاي في "إكمال تهذيب الكمال" 5/ 190:
"وقول المزي: قال ابن حبان في "الثقات": سالم المكي مولى عكاشة روى عن عطاء، وابن أبي مليكة، روى عنه أبو عاصم. موهما أنه الخياط، ليس بجيد، لما أسلفناه من تضعيف ابن حبان له ولا يلتئم أن ابن حبان يوثق شخصا ثم يضعفه بهذا التضعيف، وأيضا- أنه لما ذكره في الضعفاء لم يعرفه بالمكي إنما قال: بصري حدث بالشام فلو كان واحدا لما فرق بين النسبتين، فينظر".
الخلاصة: أن سالما الخياط: ليّن الحديث.
وزهير بن محمد: رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، وهذه منها، فإن عمرا هو ابن أبى سلمة التنيسي الدمشقي.
وشيخ الطبراني هو أحمد بن مسعود المقدسي الخياط، قال الذهبي في "السير" 13/ 244-الرسالة: المحدث الإمام.

الطريق الثاني عشر، موسى بن يسار:
أخرجه أحمد 2/ 500 حدثنا يزيد، حدثنا محمد - يعني ابن إسحاق - عن موسى بن يسار، عن أبي هريرة، وعن الزهري، وغيره، قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحدكم فلا يضعن يده في الغسل حتى يغسلها ، فإنه لا يدري أين باتت يده".
وهذا يرويه محمد بن اسحاق عن عمه موسى بن يسار بإسناد متصل، والثاني عن الزهري، وغيره مرسل، فإن قوله (قالوا) يرجع إلى صحابي الحديث، ومَن ذُكر بعده.


الطريق الثالث عشر، نعيم بن عبد الله المجمر:
أخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 474 حدثنا الحسين بن عبد الله القطان، حدثنا أيوب الوزان، حدثنا أبو الجنيد الضرير، عن عثمان بن مقسم، عن نعيم بن عبد الله، عن أبي هريرة، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
"إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسل كفيه ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده".
وإسناده ضعيف جدا، عثمان بن مقسم البري: متروك.
وخالد بن الحسين الضرير أبو الجنيد: قال ابن معين: ليس بثقة.

الطريق الرابع عشر، الحسن البصري:
أخرجه ابن عدي في "الكامل" 8/ 106 ترجمة أبي الحسن المعلى بن الفضل قال: حدثنا الربيع بن صبيح، عن الحسن، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثم ليتوضأ فإن غمس يده في الإناء من قبل أن يغسلها فليهريق ذلك الماء".
وقال ابن عدي:
"وقوله في هذا المتن "فليهريق ذلك الماء" منكر لا يحفظ".
قلت: والربيع بن صبيح: قال فيه ابن حبان: "كان من عباد أهل البصرة وزهادهم، وكان يشبه بيته بالليل ببيت النحل من كثرة التهجد، إلا أن الحديث لم يكن من صناعته، فكان يهم فيما يروى كثيرا، حتى وقع فى حديثه المناكير من حيث لا يشعر، لا يعجبنى الاحتجاج به إذا انفرد".
هذا ملخّص ما قيل فيه، وقال ابن عدي في معلى بن الفضل: في بعض ما يرويه نكرة.
والحسن لم يسمع من أبي هريرة رضي الله عنه.
وأخرجه الدارقطني في " حديث أبي الطاهر الذهلي" (99) عن موسى بن زكريا، قال: حدثنا الحسن بن علي الواسطي، قال: حدثنا خالد، عن يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات".
وإسناده ضعيف جدا، موسى بن زكريا هو التستري، قال الدارقطني: متروك.

وله شواهد من حديث علي، وابن عمر، وعائشة:

أما حديث علي:
فأخرجه أبو داود (112)، والنسائي (91)، وأحمد 1/ 135، والقاسم بن سلام في "الطهور" (75) و (290) و (335) و (347)، والدارمي (701)، والبزار (791)، وأبو يعلى (286)، وابن خزيمة (147)، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 35، وابن المنذر في "الأوسط" (352)، وابن حبان (1056) و (1079)، والدارقطني 1 /155 و 186 -الرسالة، والبيهقي 1/ 47 و48 و58 و59 و74 مطولا ومختصرا من طرق عن زائدة بن قدامة، عن خالد بن علقمة، حدثنا عبد خير قال: "جلس علي بعدما صلى الفجر في الرحبة، ثم قال لغلامه: ائتني بطهور، فأتاه الغلام بإناء فيه ماء وطست - قال عبد خير: ونحن جلوس ننظر إليه - "فأخذ بيمينه الإناء فأكفأه على يده اليسرى، ثم غسل كفيه، ثم أخذ بيده اليمنى الإناء، فأفرغ على يده اليسرى ثم غسل كفيه، فعله ثلاث مرار - قال عبد خير: كل ذلك لا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات - ثم أدخل يده اليمنى في الإناء فمضمض، واستنشق ونثر بيده اليسرى فعل ذلك ثلاث مرات، ثم أدخل يده اليمنى في الإناء، فغسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى ثلاث مرات إلى المرفق، ثم غسل يده اليسرى ثلاث مرات إلى المرفق، ثم أدخل يده اليمنى في الإناء حتى غمرها الماء، ثم رفعها بما حملت من الماء، ثم مسحها بيده اليسرى، ثم مسح رأسه بيديه كلتيهما مرة، ثم صب بيده اليمنى ثلاث مرات على قدمه اليمنى، ثم غسلها بيده اليسرى، ثم صب بيده اليمنى على قدمه اليسرى، ثم غسلها بيده اليسرى ثلاث مرات، ثم أدخل يده اليمنى فغرف بكفه فشرب "، ثم قال: " هذا طهور نبي الله صلى الله عليه وسلم، فمن أحب أن ينظر إلى طهور نبي الله صلى الله عليه وسلم، فهذا طهوره" والسياق لأحمد، وإسناده صحيح، وله طرق أخرى عنه:
1-أخرجه أبو داود (117)، وأحمد 1/ 83، والبزار (463) و (464)، وأبو يعلى (600)، والطحاوي 1/ 32 و34 و35، وابن خزيمة (153)، وابن حبان (1080)، والبيهقي 1/ 53-54 و 74 من طرق عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن عبيد الله الخولاني، عن ابن عباس قال: دخل عليّ عليُ بن أبي طالب وقد أهراق الماء، فدعا بوضوء، فأتيناه بتور فيه ماء حتى وضعناه بين يديه، فقال: يا ابن عباس، ألا أريك كيف كان يتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى، قال: فأصغى الإناء على يده فغسلها، ثم أدخل يده اليمنى فأفرغ بها على الأخرى، ثم غسل كفيه، ثم تمضمض واستنثر، ثم أدخل يديه في الإناء جميعا، فأخذ بها حفنة من ماء، فضرب بها على وجهه، ثم ألقم إبهاميه ما أقبل من أذنيه، ثم الثانية، ثم الثالثة مثل ذلك، ثم أخذ بكفه اليمنى قبضة من ماء فصبها على ناصيته، فتركها تستن على وجهه، ثم غسل ذراعيه إلى المرفقين ثلاثا ثلاثا، ثم مسح رأسه وظهور أذنيه، ثم أدخل يديه جميعا فأخذ حفنة من ماء فضرب بها على رجله وفيها النعل ففتلها بها، ثم الأخرى مثل ذلك، قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين، قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين، قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين".
وإسناده حسن.
2- أخرجه النسائي (95) من طريق حجاج بن محمد، والبخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 242، والبزار (510) مختصرا من طريق أبي عاصم النبيل، كلاهما عن ابن جريج، حدثني شيبة، أن محمد بن علي أخبره قال: أخبرني أبي علي، أن الحسين بن علي قال:
دعاني أبي علي بوضوء، فقربته له، فبدأ فغسل كفيه ثلاث مرات قبل أن يدخلهما في وضوئه، ثم مضمض ثلاثا، واستنثر ثلاثا، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا، ثم اليسرى كذلك، ثم مسح برأسه مسحة واحدة، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاثا، ثم اليسرى كذلك، ثم قام قائما، فقال: ناولني. فناولته الإناء الذي فيه فضل وضوئه فشرب من فضل وضوئه قائما ". فعجبت فلما رآني قال: «لا تعجب؛ فإني رأيت أباك النبي صلى الله عليه وسلم يصنع مثل ما رأيتني صنعت يقول لوضوئه هذا وشرب فضل وضوئه قائما".
وإسناده صحيح، شيبة هو ابن نصاح المخزومي.
وأخرجه عبد الرزاق (123) عن ابن جريج قال: أخبرني من أصدق أن محمد بن علي ابن حسين: فذكره.
وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" 4/ 273، وفي "شرح مشكل الآثار" (2103) من طريق عبد الله بن وهب قال: أخبرني ابن جريج، عن محمد بن علي بن الحسين به مختصرا.
وابن جريج له رواية عن محمد بن علي لكنه مدلس، وقد عنعنه!
3- أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 100، وعنه ابن ماجه (396) حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن الحارث، قال:
"دعا علي بماء، فغسل يديه قبل أن يدخلهما الإناء، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع".
وإسناده ضعيف لضعف الحارث: وهو ابن عبد الله الأعور، وأبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي.
وأخرجه عبد الرزاق (122) عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الكريم، عن الخارفي به مطولا.
والخارفي هو الحارث بن عبد الله الأعور.
وعبد الكريم هو ابن أبى المخارق البصري: ضعيف.

وأما حديث ابن عمر:
فأخرجه ابن ماجه (394) مختصرًا عن حرملة بن يحيى، وابن خزيمة (146)، والدارقطني 1/ 74، ومن طريقه البيهقي 1/ 46 عن أحمد بن عبد الرحمن بن
وهب، وابن عدي في "الكامل" 4/ 481 من طريق أحمد بن عمرو أبي الطاهر بن السرح، ثلاثتُهم عن عبد الله بن وهب، أخبرني ابن لهيعة، وجابر بن إسماعيل الحضرمي، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات, فإنه لا يدري أين باتت يده أو أين طافت يده". فقال له رجل: أرأيت إن كان حوضا, فحصبه ابن عمر, وقال: أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: أرأيت إن كان حوضا".
وقال ابن خزيمة:
"ابن لهيعة ليس ممن أخرج حديثه في هذا الكتاب إذا تفرد برواية، وإنما أخرجت هذا الخبر، لأن جابر بن إسماعيل معه في الإسناد".
قلت: الراجح أن حديث ابن لهيعة حسن ممن روى عنه قبل احتراق كتبه، ومنهم ابن وهب.
قال الفضل بن زياد كما في "المختلطين" للعلائي (ص 66): سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن ابن لهيعة فقال: من كتب عنه قديما فسماعه صحيح.
وذكر أبو الفضل ابن طاهر في كتاب "المنثور" كما في "إكمال تهذيب الكمال" 8/ 144: "قال عبد الغني: إذا روى العبادلة ابن وهب وابن المبارك والمقرئ عن ابن لهيعة فهو سند صحيح".
و ذكر الساجي وغيره مثله كما في "تهذيب التهذيب" 5/ 377.
وفي "الروض الأنف" 2/ 286 للسهيلي: "وكان مالك بن أنس يحسن فيه القول، ويقال إنه الذي روي عنه حديث بيع العربان في "الموطأ" مالك عن الثقة عنده عن عمرو بن شعيب، فيقال إن الثقة هاهنا ابن لهيعة، ويقال: إن ابن وهب حدث به عن ابن لهيعة".
وبنحوه ذكره ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 176، وقال:
"وابن لهيعة أحد العلماء إلا أنه يقال إنه احترقت كتبه فكان إذا حدث بعد ذلك من حفظه غلط وما رواه عنه ابن المبارك وابن وهب فهو عند بعضهم صحيح، منهم من يضعف حديثه كله وكان عنده علم واسع وكان كثير الحديث إلا أن حاله عندهم ما وصفنا".
وقال الذهبي في "تذكرة الحفاظ" 1/ 174:
"حدث عنه ابن المبارك، وابن وهب، وأبو عبد الرحمن المقرئ، وطائفة، قبل أن يكثر الوهم في حديثه وقبل احتراق كتبه فحديث هؤلاء عنه أقوى وبعضهم يصححه ولا يرتقي إلى هذا...".
وقال في "السير" 7/ 126:
"وما رواه عنه ابن وهب والمقرئ والقدماء فهو أجود".
وقال في "ديوان الضعفاء"
"حديث ابن المبارك وابن وهب والمقري عنه أحسن وأجود، وبعض الأئمة صحح رواية هؤلاء عنه واحتج بها".
وقال الحافظ في "التقريب:
"صدوق، خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك، وابن وهب عنه أعدل من غيرهما".
وقال الدارقطني:
"إسناد حسن".
وجاء في طبعة من سنن الدارقطني كتاب الطهارة، باب: غسل اليدين لمن استيقظ من نومه، حديث رقم (3) "فإنه لا يدري أين باتت يده منه"
لفظة (منه) غير موجودة في المطبوع من سنن الدارقطني طبعة الرسالة، وقد أخرجه البيهقي من طريق الدارقطني فلم يذكرها، وليست هي في صحيح ابن خزيمة، فثبت يقينا أنها مقحمة فيها والله أعلم.
وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 22 من طريق أصبغ بن الفرج، قال: ثنا ابن وهب، عن جابر بن إسماعيل، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من النوم أفرغ على يديه ثلاثا".
وإسناده ضعيف لتفرّد جابر بن إسماعيل الحضرمي وهو مجهول، وقد تابعه ابن لهيعة من قوله صلى الله عليه وسلم وهو حسن والله أعلم.
وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير" (15)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 481 عن سفيان بن وكيع، حدثنا ابن وهب، عن يونس، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه به.
وقال الترمذي:
"سألت محمدا - يعني البخاري - عن هذا الحديث فقال: وهم فيه, إنما روى ابن وهب هذا عن جابر بن إسماعيل, عن عقيل, عن ابن شهاب, عن سالم، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال ابن عدي:
"وهذا قد زل فيه سفيان بن وكيع أو لقن أو تعمد حيث، قال: حدثنا ابن وهب، عن يونس، عن الزهري وكان هذا الطريق أسهل عليه وإنما يرويه ابن وهب هذا، عن ابن لهيعة، وجابر بن إسماعيل الحضرمي، عن عقيل، عن الزهري".
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 182 من طريق الحسن بن أبي الحسن البغدادي من كتابه، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري عن سالم، عن أبيه نحوه.
وقال ابن عدي:
"وهذا الحديث، عن ابن عيينة، عن الزهري بهذا الإسناد غير محفوظ، وإنما يروي هذا الحديث ابن وهب، عن ابن لهيعة وجابر بن إسماعيل الحضرمي عن عقيل، عن الزهري".
وقال: "الحسن بن أبي الحسن المؤذن بغدادي: منكر الحديث عن الثقات ويقلب الأسانيد".

وأما حديث عائشة:
فأخرجه الطيالسي (1590) - هجر، حدثنا ابن أبي ذئب، حدثني من سمع أبا سلمة، يحدث عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"من استيقظ من منامه فلا يغمس يده في طهوره حتى يفرغ على يده ثلاث غرفات"، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ يفعل ذلك حتى يفرغ على يده ثلاثا".
قال ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 636-637:
"سئل أبو زرعة عن حديث رواه ابن أبي ذئب، عمن سمع أبا سلمة ابن عبد الرحمن، يحدث عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :
"إذا استيقظ أحدكم من النوم، فليغرف على يده ثلاث غرفات قبل أن يدخلها في وضوئه، فإنه لا يدري حيث باتت يده".
ورواه الزهري ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -...هذا الحديث؟
فقال أبو زرعة: هذا عندي وهم، يعني: حديث ابن أبي ذئب".


*******************
_____________

يستفاد من الحديث:

الأول: أن الأمر بغسل اليد عقب القيام من النوم، قد يكون لخوف نجاسة على اليد، مثل مرورها على موضع الاستجمار مع العرق، كما قال الشافعى، وأحمد وغيرهما، وقد يكون تعبديًا كما قال مالك، قال الخطابي: "الأمر فيه أمر استحباب لا أمر إيجاب، وذلك لأنه قد علقه بالشك، والأمر المضمن بالشك لا يكون واجبا، وأصل الماء الطهارة وكذلك بدن الانسان، وإذا ثبتت الطهارة يقينا لم تزل بأمر مشكوك فيه".

الثاني: العمل بالاحتياط في العبادة.

الثالث: الكناية عما يستحيا منه إذا حصل الإفهام بها.

الرابع: أن القليل من الماء لا يصير مستعملا بإدخال اليد فيه لمن أراد الوضوء.

الخامس: اختلفوا في أن علة الأمر التنجيس أو التعبد، فمنهم من قال، وهو قول الجمهور: إن ذلك لاحتمال النجاسة ومقتضاه إلحاق من يشك في ذلك، ولو كان مستيقظا، ومفهومه أن من درى أين باتت يده، كمن لف عليها خرقة مثلا، فاستيقظ وهو على حالها فلا كراهة، وإن كان غسلها مستحبا كما في المستيقظ، ومنهم من قال، ومنهم مالك: بأن ذلك للتعبد، فلا فرق بين الشاك والمتيقن.

السادس: فإذا غمس يده في الإناء قبل الغسل فلا يفسد الماء، والقرينة الصارفة التقييد بالثلاث في غير النجاسة العينية، فإنه يدل على ندبية الغسل، فلو كانت علته النظافة ما احتيج إلى التكرير إذ ذلك يحصل في مرة واحدة.
ويُقال أيضا أن اليقين لا يزول بالشك، فطهورية الماء ثابتة بيقين، والغمس لا يقتضي إبطال طهوريته، لأنه إن كان لوهم النجاسة، فالوهم لا يزول به يقين الطهورية.

السابع: الحديثُ يقتضي تعليقَ الحُكمِ بما يُسمَّى إناءً.




كتبه أحوج الناس لعفو ربه
أبو سامي العبدان
حسن التمام



حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام