words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

أثر لا أصل " أميتوا الباطل بالسكوت عنه "

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " أميتوا الباطل بالسكوت عنه "
لا أصل له بهذا اللفظ , و لكن جاء عنه بلفظ : " إن لله عبادا يميتون الباطل بهجره".
أخرجه أبو نعيم في "الحلية" 1/ 55 : حدثنا الحسن بن علان الوراق، ثنا عبد الله بن عبيد المقرئ، ثنا محمد بن عثمان، ثنا يوسف بن أبي أمية الثقفي، ثنا الحكم بن هشام، عن عبد الملك بن عمير، عن ابن الزبير، قال: قال عمر بن الخطاب:
"إن لله عبادا يميتون الباطل بهجره، ويحيون الحق بذكره، رغبوا فرعبوا، ورهبوا فرهبوا، خافوا فلا يأمنون، أبصروا من اليقين ما لم يعاينوا فخلطوه بما لم يزايلوه، أخلصهم الخوف فكانوا يهجرون ما ينقطع عنهم لما يبقى لهم، الحياة عليهم نعمة والموت لهم كرامة، فزوجوا الحور العين، وأخدموا الولدان المخلدين".
قلت : وهذا إسناد ضعيف , وفيه علل :
الأولى : عبد الملك بن عمير القبطي الكوفي تابعي مشهور من الثقات , مشهور بالتدليس وصفه الدارقطني وابن حبان وغيرهما به , ولم يصرح بالتحديث .
الثانية : يوسف بن أبي أمية الثقفي : مجهول حال .
الثالثة : محمد بن عثمان بن أبي شيبة، أبو جعفر العبسي الكوفي : قال عنه عبد الله بن أحمد بن حنبل : كذاب.
وقال ابن خراش: كان يضع الحديث.
وقال مطين: هو عصا موسى تلقف ما يأفكون.
وقال الدارقطني: يقال إنه أخذ كتاب غير محدث .
وقال البرقانى: لم أزل أسمعهم يذكرون أنه مقدوح فيه.
الرابعة : عبد الله بن عبيد المقرئ : لم أجد له ترجمة .
وله طريق أخرى عن عمر :
أخرجه أبو يوسف في "الخراج" (ص: 23) : حدثني بعض أشياخنا عن عبد الملك بن مسلم عن عثمان بن عطاء الكلاعي، عن أبيه قال: خطب عمر الناس ... وفيه :
"واعلموا أن لله عبادا يميتون الباطل بهجره".
وإسناده مسلسل بالمجاهيل .
وهل يجوز لأحد عنده علم أن يسكت عن الباطل , ألم يكن السلف يردون الباطل ويصدونه بكل ما آتاهم الله من حجج فيرجع صاحبه خاسئا مدحورا , وقد ذكر الله لنا مقالات أهل الباطل رغم قبحها و شناعتها لتفنيدها و الرد عليها و التحذير منها , {وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء } وقال سبحانه { لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم } , وقوله {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} ، و غير ذلك من الأدلة !

السبت، 26 ديسمبر 2015

أكرم الأضياف



عن أبي هريرة، قال: "خرج رسول الله ذات يوم أو ليلة، فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال: ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة ؟، قالا: الجوع يا رسول الله، قال: وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما قوموا، فقاموا معه فأتى رجلا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة، قالت: مرحبا وأهلا، فقال لها رسول الله أين فلان؟، قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء إذ جاء الأنصاري، فنظر إلى رسول الله وصاحبيه ثم قال: الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني، قال: فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب، فقال: كلوا من هذه، وأخذ المدية، فقال له رسول الله : إياك والحلوب. فذبح لهم فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا، قال رسول الله لأبي بكر وعمر: والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم".


أخرجه مسلم (2038) ومن طريقه ابن بشكال في "غوامض الأسماء المبهمة" 2/ 628، وابن ماجه (3180)، وأبو يعلى (6177) و (6181)، وأبو إسحاق الحربي في "إكرام الضيف" (98)، وأبو عوانة (8303) و (8304) و (8306)، والطبري في "التفسير" 30/ 287 وفي "تهذيب الآثار" (1027)، والطبراني (571)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (474)، والبيهقي في "الشعب" (4602) من طرق عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة به.
وأخرجه ماك في "الموطأ (3440) بلاغًا، وعنه حماد بن إسحاق في "تركة النبي" (32) وفي روايته، وأبي عوانة (8304) التصريح باسم الأنصاري وهو أبو الهيثم بن التيهان.
وله طريق أخرى عن أبي حازم:
أخرجه أبو عوانة (8305) من طريق زهير بن معاوية، قال: حدثنا بشير
أبو إسماعيل، أن أبا حازم أخبرهم، عن أبي هريرة به.
وله طريقان آخران عن أبي هريرة:
1 - أخرجه الترمذي (2369)، وفي "الشمائل" (134) ، والنسائي في "السنن الكبرى" (6583) و (11633)، والبخاري في "الأدب المفرد" (256)، وابن المبارك في "الزهد" (1169)، والمعافى بن عمران في "الزهد" (242)، وأبو أمية الطرسوسي في "مسنده" (62)، والطبري في "التفسير" 30/ 287، وفي "تهذيب الآثار" (468) و (1028)، والطبراني (570)، والحاكم 4/ 131، وأبو الشيخ الأصبهاني في "أخلاق النبي " (851)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6021)، والخطيب البغدادي في "الأسماء المبهمة" (ص 283)، وفي "حكايات الطفيليين" (ص 65)، وابن عبد البر في "التمهيد" 24 / 343، وفي "الاستذكار" 8/ 378، والبغوي في "شرح السنة" (3612)  و (4119)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 239 من طرق عن عبد الملك بن عمير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال:
"خرج النبي في ساعة لا يخرج فيها، ولا يلقاه فيها أحد، فأتاه أبو بكر، فقال: ما جاء بك يا أبا بكر؟ فقال: خرجت ألقى رسول الله ، وأنظر في وجهه، والتسليم عليه، فلم يلبث أن جاء عمر، فقال: ما جاء بك يا عمر؟ قال: الجوع يا رسول الله، قال: فقال رسول الله : وأنا قد وجدت بعض ذلك، فانطلقوا إلى منزل أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري، وكان رجلا كثير النخل والشتاء، ولم يكن له خدم، فلم يجدوه، فقالوا لامرأته: أين صاحبك؟ فقالت: انطلق يستعذب لنا الماء، فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربة يزعبها، فوضعها، ثم جاء يلتزم النبي ، ويفديه بأبيه وأمه، ثم انطلق بهم إلى حديقته، فبسط لهم بساطا، ثم انطلق إلى نخلة، فجاء بقنو، فوضعه، فقال النبي : أفلا تنقيت لنا من رطبه؟ فقال: يا رسول الله، إني أردت أن تختاروا، أو قال: تخيروا، من رطبه وبسره، فأكلوا وشربوا من ذلك الماء، فقال رسول الله : هذا، والذي نفسي بيده، من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة: ظل بارد، ورطب طيب، وماء بارد، فانطلق أبو الهيثم ليصنع لهم طعاما، فقال النبي : لا تذبحن ذات در، قال: فذبح لهم عناقا، أو جديا، فأتاهم بها، فأكلوا، فقال النبي : هل لك خادم؟ قال: لا، قال: فإذا أتانا سبي، فائتنا، فأتي النبي برأسين ليس معهما ثالث، فأتاه أبو الهيثم، فقال النبي : اختر منها، فقال: يا نبي الله اختر لي، فقال النبي : إن المستشار مؤتمن، خذ هذا، فإني رأيته يصلي، واستوص به معروفا، فانطلق أبو الهيثم إلى امرأته، فأخبرها بقول رسول الله ، فقالت: ما أنت ببالغ ما قال فيه النبي إلا أن تعتقه، قال: فهو عتيق، فقال النبي : إن الله لم يبعث نبيا، ولا خليفة، إلا وله بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف، وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالا، ومن يوق بطانة السوء، فقد وقي".
وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح غريب".
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه" وأقره الذهبي.

2 - أخرجه السهمي في "تاريخ جرجان" (ص 359) من طريق كميل بن جعفر، حدثنا أبو جعفر أحمد بن يوسف البحيري، أخبرنا عبيد بن يعيش، حدثنا المحاربي، عن يحيى بن عبيد، عن أبيه، عن أبي هريرة قال:
"انطلقت أنا وعمر مع النبي إلى رجل يقال له الوامضي فأراد أن يذبح شاة فقال له رسول الله : إياك وذات الدر. قال: ثم جاءنا بثريد.... (هنا سقط) النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة".
وهذا إسناد ضعيف جدًا، وفيه علتان:
الأولى: جهالة عبيد الله بن عبد الله بن موهب القرشي، قال الامام أحمد:
" لا يعرف " ينظر سؤالات أبي داود للامام أحمد (565).
الثانية: يحيى بن عبيد الله بن عبد الله بن موهب القرشي: متروك وأفحش الحاكم فرماه بالوضع.
وله طرق أخرى عن المحاربي ولكن صيّروه من مسند أبي بكر:
أخرجه أبو يعلى (78)، والمروزي في "مسند أبي بكر" (55) من طريق المحاربي، حدثنا يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: حدثني أبو بكر: فذكره مطولًا.

وله شواهد من حديث جابر بن عبد الله، وأبي عسيب، وابن عباس، وابن عمر، وابن مسعود، وأبي الهيثم بن التيهان، ومن مرسل المنذر بن مالك، وعطاء بن يسار، وأَبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، والشعبي، ويزيد بن رومان:

أما حديث جابر:
فأخرجه النسائي (3639)، وفي "الكبرى" (6433) وأحمد 3/ 338 و351، والطيالسي (1799)، وابن حبان (3411)، وأبو يعلى (1790) و (2161)، والطبري في "تفسيره" 30/ 286، والطبراني (572)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (470)، والبيهقي في "الشعب" (4599) و (4600)، والخطيب البغدادي في "الأسماء المبهمة" (ص 282)، وابن عبد البر في "التمهيد" 24 / 343: مطولًا ومختصرًا من طرق عن حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن جابر بن عبد الله، قال:
" كان ليهودي على أبي تمر، فقتل يوم أحد، وترك حديقتين، وتمر اليهودي يستوعب ما في الحديقتين، فقال النبي : هل لك أن تأخذ العام بعضه، وتؤخر بعضه؟، فأبى اليهودي، فقال النبي : يا جابر إذا حضر الجداد، فآذني فآذنته، فجاء هو وأبو بكر، فجعل يجد ويكال من أسفل النخل، ورسول الله يدعو بالبركة، حتى وفينا جميع حقه من أصغر الحديقتين فيما يحسب عمار، ثم أتيتهم برطب وماء، فأكلوا وشربوا، ثم قال: هذا من النعيم الذي تسألون عنه" والسياق للنسائي، وإسناده صحيح على شرط مسلم.

وأما حديث أبي عسيب:
فأخرجه أحمد 5/ 81، وابن أبي الدنيا في "الجوع" (272)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (468)، والطبري في "تفسيره" 24 / 607 و608، وأبو الحسين الكلابي في "أحاديثه" (62)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 27، وفي "معرفة الصحابة" 5/ 2968، والواحدي في "الوسيط" 4 / 550، والبيهقي في "الشعب" (4281)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4 / 134 و 295 من طرق عن حشرج بن نباتة، عن أبي نصيرة، عن أبي عسيب، قال:
"خرج رسول الله ذات ليلة، فمر بي فدعاني، فخرجت إليه، ومر بأبي بكر فدعاه، فخرج إليه، ثم مر بعمر فدعاه، فخرج إليه، فانطلق حتى دخل حائطا لبعض الأنصار، فقال لصاحب الحائط: أطعمنا بسرا، فجاء بعذق، فوضعه، فأكل رسول الله وأصحابه، ثم دعا بماء بارد فشرب، فقال: لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، فأخذ عمر العذق، فضرب به الأرض حتى تناثر البسر، قيل: يا رسول الله، إنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة؟ قال: نعم، إلا من ثلاثة: خرقة تكف بها عورتك، وكسرة تسد بها جوعتك، وبيت تدخل فيه من الحر والقر".
وقال أبو نعيم:
"رواه أبو نعيم، وأبو الصلت، وأبو الوليد، ويونس بن محمد، وسعيد بن سليمان كلهم: عن حشرج، واختلفت ألفاظهم".
قلت: وإسناده ضعيف من أجل حشرج بن نباتة الأشجعي: وثقه أحمد وجماعة، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال النسائي: ليس بالقوي، وفي أخرى قال: ليس به بأس.
وقال الساجي: ضعيف.
وقال ابن حبان: كان قليل الحديث، منكر الرواية، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد.
وقال الحافظ: صدوق يهم.

وأما حديث ابن عباس:
فأخرجه ابن حبان (5216)، والطبراني في "الأوسط" (2247)، وفي "الصغير" (185)، والضياء في "الأحاديث المختارة" 12/ 122-123، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" 2/ 630 من طريق علي بن خشرم، قال: أخبرنا الفضل بن موسى، عن عبد الله بن كيسان، قال: حدثنا عكرمة عن ابن عباس، قال:
"خرج أبو بكر بالهاجرة إلى المسجد، فسمع بذلك عمر، فقال: يا أبا بكر، ما أخرجك هذه الساعة؟ قال: ما أخرجني إلا ما أجد من حاق الجوع، قال: وأنا والله ما أخرجني غيره، فبينما هما كذلك، إذ خرج عليهما النبي ، فقال: ما أخرجكما هذه الساعة؟ قالا: والله ما أخرجنا إلا ما نجد في بطوننا من حاق الجوع، قال: وأنا والذي نفسي بيده ما أخرجني غيره، فقوما، فانطلقوا حتى أتوا باب أبي أيوب الأنصاري، وكان أبو أيوب يدخر لرسول الله طعاما أو لبنا، فأبطأ عنه يومئذ، فلم يأت لحينه، فأطعمه لأهله، وانطلق إلى نخله يعمل فيه، فلما انتهوا إلى الباب، خرجت امرأته، فقالت: مرحبا بنبي الله وبمن معه، فقال لها نبي الله : فأين أبو أيوب؟ فسمعه وهو يعمل في نخل له، فجاء يشتد، فقال: مرحبا بنبي الله وبمن معه، يا نبي الله، ليس بالحين الذي كنت تجيء فيه، فقال له النبي : صدقت. قال: فانطلق، فقطع عذقا من النخل فيه من كل التمر والرطب والبسر، فقال النبي : ما أردت إلى هذا، ألا جنيت لنا من تمره؟  فقال: يا نبي الله، أحببت أن تأكل من تمره ورطبه وبسره، ولأذبحن لك مع هذا. قال: إن ذبحت، فلا تذبحن ذات در، فأخذ عناقا أو جديا، فذبحه، وقال لامرأته: اخبزي واعجني لنا وأنت أعلم بالخبز، فأخذ الجدي، فطبخه وشوى نصفه.
فلما أدرك الطعام، وضع بين يدي النبي وأصحابه، فأخذ من الجدي، فجعله في رغيف، فقال: يا أبا أيوب أبلغ بهذا فاطمة، فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام، فذهب به أبو أيوب إلى فاطمة فلما أكلوا وشبعوا، قال النبي : خبز ولحم تمر وبسر ورطب. ودمعت عيناه، والذي نفسي بيده، إن هذا لهو النعيم الذي تسألون عنه، قال الله جل وعلا: ﴿ثم لتسألن يومئذ عن النعيم﴾ [التكاثر:8]، فهذا النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة. فكبر ذلك على أصحابه، فقال: بل إذا أصبتم مثل هذا، فضربتم بأيديكم، فقولوا: بسم الله، وإذا شبعتم، فقولوا: الحمد لله الذي هو أشبعنا، وأنعم علينا وأفضل، فإن هذا كفاف بها. فلما نهض، قال لأبي أيوب: ائتنا غدا، وكان لا يأتي إليه أحد معروفا إلا أحب أن يجازيه، قال: وَإِنَّ أَبَا أيوب لم يسمع ذلك، فقال عمر: إن النبي أمرك أن تأتيه غدا، فأتاه من الغد، فأعطاه وليدته فقال: يا أبا أيوب، استوص بها خيرا، فإنا لم نرى إلا خيرا ما دامت عندنا، فلما جاء بها أبو أيوب من عند رسول الله قال: لا أجد لوصية رسول الله خيرا من أن أعتقها، فأعتقها".
وقال الطبراني:
"لم يروه عن عبد الله بن كيسان إلا الفضل بن موسى".
وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 317-318:
"رواه الطبراني في "الصغير" و "الأوسط" وفيه عبد الله بن كيسان المروزي، وقد وثقه ابن حبان وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح".
وقال ابن علان في "دليل الفالحين" 4/ 441:
"وحسن الحافظ الحديث وقال: وفيه غرابة من وجهين: ذكر أبي أيوب والمشهور في هذا قصة أبي الهيثم، والثاني: ما في آخره من التسمية والحمد".
قلت: في تحسين الحافظ نظر ذلك أن عبد الله بن كيسان المروزي: لا يحتج بحديثه.
قال المزي في "تهذيب الكمال":
"قال البخاري: له ابن يسمى إسحاق منكر الحديث.
وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث.
وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات".
وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب":
"زاد (أي ابن حبان): يتقى حديثه من رواية ابنه عنه.
وقال في موضع آخر: يخطئ، وليس هو الذي روى عن عبد الله بن شداد.
وقال ابن عدي: له أحاديث عن عكرمة غير محفوظة، وعن ثابت كذلك، ولم يحدث عنه ابن المبارك.
وقال العقيلي: في حديثه وهم كثير.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال الحاكم: هو من ثقات المراوزة، ممن يجمع حديثه.
وقد ذكرت في ترجمة ابنه حديثا موضوعا رواه عن أبيه، عن عكرمة، وعنه
 عبد العزيز".
ولخّص الحافظ ترجمته بقوله: "صدوق يخطئ كثيرا".
وله طريق أخرى عن عكرمة:
أخرجه أبو يعلى (250)، والحاكم 3/ 286 و4/ 234 مختصرًا من طريق
 عبد الله بن عيسى، حدثنا يونس بن عبيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: "خرج رسول الله عند الظهيرة، فوجد أبا بكر في المسجد، فقال: ما أخرجك هذه الساعة؟، قال: أخرجني الذي أخرجك يا رسول الله، وجاء عمر ابن الخطاب، فقال: يا ابن الخطاب، ما أخرجك؟، قال: أخرجني الذي أخرجكما، يا رسول الله، فقعد عمر، وأقبل رسول الله يحدثهما، ثم قال: هل بكما من قوة فتنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعاما وشرابا وظلا؟، قلنا: نعم، قال: مروا بنا إلى ابن التيهان أبي الهيثم الأنصاري، فتقدم رسول الله بين أيدينا فسلم، فاستأذن ثلاث مرات، وأم الهيثم وراء الباب تسمع الكلام وتريد أن يزيدها رسول الله ، فلما أراد رسول الله أن ينصرف خرجت أم الهيثم تسعى خلفهم، فقالت: يا رسول الله، قد والله سمعت تسليمك، ولكني أردت أن تزيدنا من سلامك، فقال لها رسول الله : خيرا، وقال: أين أبو الهيثم ما أراه؟، قالت: هو قريب، ذهب يستعذب لنا من الماء، ادخلوا فإنه يأتي الساعة إن شاء الله، فبسطت لهم بساطا تحت شجرة، فجاء أبو الهيثم، وفرح بهم، وقرت عينه بهم، وصعد على نخلة فصرم لهم عذقا، وقال رسول الله : حسبك يا أبا الهيثم، قال: يا رسول الله، تأكلون من بسره ومن رطبه ومن تذنوبه، ثم أتاهم بماء فشربوا عليه، فقال رسول الله : هذا من النعيم الذي تسألون عنه، وقام أبو الهيثم ليذبح لهم شاة، فقال له رسول الله : إياك واللبون، وقامت أم الهيثم تعجن لهم وتخبز، ووضع رسول الله وأبو بكر، وعمر رءوسهم للقائلة، فانتبهوا وقد أدرك طعامهم، فوضع الطعام بين أيديهم وأكلوا وشبعوا وحمدوا الله عز وجل، وردت عليهم أم الهيثم بقية الأعذاق، فأكلوا من رطبه ومن تذنوبه، فسلم عليهم رسول الله ودعا لهم".
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وأقره الذهبي!
وأخرجه الضياء في "المختارة" 1/ 289-190 من طريق أبي يعلى به عن ابن عباس أنه سمع عمر.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (19463)، والبزار (205)، والطبراني 19/ (253)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 362 من طريق عبد الله بن عيسى به ولكن من رواية ابن عباس عن عمر!
وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 316:
"رواه البزار وأبو يعلى والطبراني وفي أسانيدهم عبد الله بن عيسى أبو خلف وهو ضعيف".

وأما حديث ابن عمر:
فأخرجه الحاكم 4/ 132 تعليقًا بقوله: رواه بكار السيريني، حدثنا عبد الله ابن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر:
"أن رسول الله خرج في ساعة لم يكن يخرج فيها وخرج أبو بكر فقال: ما أخرجك يا أبا بكر؟ قال: الجوع - الحديث.
وقال الذهبي في "التلخيص":
 "على شرط البخاري ومسلم!".
قلت: وما أدري لعلّه خطأ في طبعة "التلخيص"، فإن الحافظ الذهبي نفسه قال في موضع آخر متعقبًا الحاكم بقوله: "فيه بكّار السِّيرِيني، وهو ذاهب الحديث، قاله أبو زرعة".
وأيضًا العمري: ضعيف.
 وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 321:
"رواه الطبراني، وفيه بكار بن محمد السيريني، وقد ضعفه الجمهور، ووثقه ابن معين، وبقية رجاله ثقات".

وأما حديث ابن مسعود:
فأخرجه الطبراني (10496) من طريق همام بن يحيى، عن الكلبي، حدثني الشعبي، عن الحارث، عن عبد الله بن مسعود:
 "أن أبا بكر خرج لم يخرجه إلا الجوع، وأن عمر خرج لم يخرجه إلا الجوع، وأن النبي خرج عليهما، وأنهما أخبراه أنه لم يخرجهما إلا الجوع، فقال: انطلقوا بنا إلى منزل رجل من الأنصار يقال له أبو الهيثم بن التيهان، فإذا هو ليس في المنزل، ذهب يستسقي، قال: فرحبت المرأة برسول الله وبصاحبيه، وبسطت لهم شيئا فجلسوا عليه، فسألها النبي : أين انطلق أبو الهيثم؟ قالت: ذهب يستعذب لنا، فلم يلبث أن جاء بقربة فيها ماء، فعلقها وأراد أن يذبح لهم شاة، فكأن النبي كره ذاك لهم، قال: فذبح لهم عناقا، ثم انطلق فجاء بكبائس من النخل، فأكلوا من ذلك اللحم والبسر والرطب، وشربوا من الماء، فقال أحدهما، إما أبو بكر وإما عمر: هذا من النعيم الذي نسأل عنه، فقال النبي : المؤمن لا يثرب على شيء أصابه في الدنيا، إنما يثرب على الكافر".
وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 319:
 "رواه الطبراني، وفيه محمد بن السائب الكلبي، وهو كذاب".

وأما حديث أبي الهيثم بن التيهان:
فأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 1/ 360 أخبرنا أبو سعيد، قال: حدثنا
 أبو يحيى بن أبي مسرة، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه: أن رجلا أخبره عن أبي الهيثم بن التيهان: فذكره مطولًا.
وإسناده ضعيف لجهالة الراوي عن أبي الهيثم.

وأما مرسل المنذر بن مالك:
فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 13/ 233، والطبري في "تفسيره"
24/ 608 من طريق إسماعيل بن إبراهيم ابن علية، عن الجريري، عن أبي نضرة، قال:
"أكل رسول الله وناس من أصحابه أكلة من خبز شعير لم ينخل بلحم، وشربوا من جدول، وقال: هذه أكلة من النعيم، تسألون عنها يوم القيامة".

وأما مرسل عطاء بن يسار:
فأخرجه الخطابي في "غريب الحديث" 1/ 481-482 أخبرنا محمد بن المكي، حدثنا الصائغ، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا فليح بن سليمان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار:
"أنه جاء - يعني: رسول الله - إلى منزل أبي الهيثم بن التيهان ومعه أبو بكر وعمر، وقد خرج أبو الهيثم يستعذب الماء فدخلوا فلم يلبث أن جاء أبو الهيثم يحمل الماء قربة يزعبها ثم رقي عذقا له فجاء بقنو فيه زهوه ورطبه فأكلوا منه وشربوا من ماء الحسي، ثم قال: يا أبا الهيثم ألا أرى لك هانئا فإذا جاءنا السبي أخدمناك خادما".
قلت: وهو على إرساله ضعيف الإسناد فإن محمد بن المكي: مجهول، وفليح ابن سليمان: صدوق كثير الخطأ كما في "التقريب".


وأما مرسل أَبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف:
فأخرجه أحمد في "الزهد" (174)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (473) من طريقين عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه سمعه منه يقول:
"انطلق رسول الله في نفر من أصحابه إلى أبي الهيثم بن التيهان، وهو مالك ابن التيهان فدخل على امرأته، فقال: أين أبو الهيثم؟ قالت: ذهب يستعذب لنا فبينما هم كذلك إذ جاء، فقال لامرأته: ويحك! ما صنعت لرسول الله شيئا؟ قالت: لا، قال: قومي، فعمدت إلى شعير لها، فطحنته، وقام إلى غنم له، فذبح لهم شاة، فقال رسول الله : لا تذبحن ذات در. فطبخ لهم، وقدمه بين أيديهم، فأكلوا، ثم تناول شنا أو دلوا فشرب ومن معه، فقال رسول الله : لتسألن عن هذه الشربة".
قلت: عمر بن أبي سلمة: صدوق يخطئ.

وأما مرسل الشعبي:
فأخرجه أحمد في "الزهد" (172) حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا عطاء بن السائب، عن عامر قال:
 " أكل النبي ، وأبو بكر، وعمر رضوان الله عليهما لحما، وخبز شعير، ورطبا، وماء باردا، فقال: هذا وربكما لمن النعيم".


وأما مرسل يزيد بن رومان:
فأخرجه ابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" 2/ 629 من طريق
 عبد الرحمن بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أحمد بن دحيم، حدثنا إبراهيم بن حماد، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: حدثنا ابن أبي أويس، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموال، عن يزيد بن رومان أنه قال:
"خرج رسول الله إلى المسجد فجاء علي، وأبو بكر، وعمر ... فذكره.
وهذا إسناد ضعيف فيه ابن أبي أويس وهو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله ابن أويس بن مالك بن أبي عامر وفيه ضعف، ومحمد بن اسحاق لم أعرفه، وباقي رجاله ثقات، عبد الرحمن بن أحمد التجيبي أبو بكر: فقيه قرطبي محدث مشهور.



 كتبه الفقير إلى الله تعالى
أبو سامي العبدان
حسن التمام
15 - ربيع الأول - 1437 هجري

الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

عيش الغرباء

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : " إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة , فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم ,
 فقالوا : هذه كدية عرضت في الخندق , فقال : " أنا نازل " , ثم قام وبطنه معصوب بحجر , ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا , فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فضرب , فعاد كثيبا أهيل أو أهيم , فقلت : يا رسول الله ائذن لي إلى البيت , فقلت
 لامرأتي : رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئا ما كان في ذلك صبر , فعندك شيء , قالت : عندي شعير وعناق , فذبحت العناق وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البرمة , ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج , فقلت : طعيم لي فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان , قال : " كم هو " , فذكرت له , قال : 
" كثير طيب " , قال : " قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي " , فقال : قوموا فقام المهاجرون والأنصار , فلما دخل على امرأته قال : ويحك جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم , قالت : هل سألك , قلت : نعم , فقال : " ادخلوا ولا تضاغطوا فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم ويخمر البرمة  والتنور إذا أخذ منه ويقرب إلى أصحابه , ثم ينزع فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقي بقية , قال : " كلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة " .

أخرجه البخاري (4101), وأحمد 3/ 300 و301 ,ووكيع في "الزهد" (124) ,  وهناد في "الزهد" (765), وابن أبي شيبة في "المصنف" 14/ 418 ، والدارمي (42) ,  وأبو عوانة 4/ 354 -355 , والبيهقي في "دلائل النبوة" 3 /415-417 و 422-424 , وحماد بن إسحاق في "تركة النبي" (35) , والفريابي في "دلائل النبوة" (18),  والكلاباذي في "بحر الفوائد" ص: 65-66 ( ووقع عنده عبدالرحمن بن أيمن بدل عبدالواحد بن أيمن , وهو حتما خطأ ) والبغوي في "شرح السنة" 14/ 5 ,  وفي "الأنوار في شمائل النبي المختار" (358) : مطولا ومختصرا من طرق عن عبد الواحد بن أيمن ، عن أبيه، عن جابر به .

وله طريقان آخران عن جابر :

الأول : 
أخرجه البخاري (3070) و (4102) ، ومسلم (2039) ، وأبو عوانة 4/ 355-358 و5/ 378-380، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص 254، والحاكم 3/30-31، 
والفريابي في "دلائل النبوة" (17) والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 425-426 : من طريق حنظلة بن أبي سفيان، عن سعيد بن ميناء، قال: سمعت جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما قال: لما حفر الخندق رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم
 خمصا شديدا، فانكفأت إلى امرأتي، فقلت: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برسول الله صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا، فأخرجت إلي جرابا فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة داجن فذبحتها، وطحنت الشعير، ففرغت إلى فراغي، وقطعتها في برمتها، ثم وليت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه، فجئته فساررته، فقلت: يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك، فصاح النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أهل الخندق، إن جابرا قد صنع سورا، فحي هلا بكم» 
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنزلن برمتكم، ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء». فجئت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الناس حتى جئت امرأتي، فقالت: بك وبك، فقلت:
 قد فعلت الذي قلت، فأخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك، ثم قال: «ادع خابزة فلتخبز معي، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها» وهم ألف، فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغط كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو".

وله طريق أخرى عن عن سعيد بن ميناء :

أخرجه أحمد 3/ 377 : من طريق ابن اسحاق ، حدثني سعيد بن ميناء، عن جابر بن عبد الله بنحوه .

الثاني : طريق مختصرة :
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (2004): من طريق إسماعيل بن عبد الملك، عن أبي الزبير، عن جابر قال:
"  لما كان يوم الخندق نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته قد وضع حجرا بينه وبين إزاره يقيم صلبه من الجوع ".
وقال الهيثمي في "المجمع" 10/ 314: "  ورجاله وثقوا على ضعف في إسماعيل بن عبد الملك ".

وله طريق أخرى عن أبي الزبير :
أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 424: من طريق أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير، قال: أخبرني جابر بن عبد الله، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة رجل نحفر الخندق، 
فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حجرا فجعله بين بطنه وإزاره، يقيم بطنه من الجوع، فلما رأيت ذلك قلت: يا رسول الله، ائذن لي فإن لي حاجة في أهلي، فأتيت المرأة فقلت: قد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا غاظني، فهل عندك من شيء؟ فقالت: هذه العناق فاذبحها، وهذا صاع من شعير فاطحنه، فطحنته وذبحت العناق، وقلت: اطبخي حتى آتي رسول الله
 صلى الله عليه وسلم فاستتبعته، فانطلقت إليه فقلت: يا رسول الله، إني قد ذبحت عناقا، وطحنت صاعا من شعير، فانطلق معي، فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم في القوم: 
"ألا أجيبوا جابر بن عبد الله " . قال: فرجعت إلى المرأة فقلت: قد افتضحت، جاءك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه، فقالت: بلغته وبينت له؟ فقلت: نعم، قالت: فارجع إليه فبين له، فأتيته فقلت: يا رسول الله، إنما هي عناق، وصاع من شعير، قال: «فارجع ولا تحركن شيئا من التنور، ولا من القدر حتى آتيها، واستعر صحافا» ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا الله 
عز وجل على القدر والتنور، ثم قال: " اخرجي واثردي " ، ثم أقعدهم عشرة عشرة، فأدخلهم فأكلوا، وهم ثلاثمائة، وأكلنا وأهدينا لجيراننا. فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب ذلك:".
وهذا اسناد ضعيف من أجل أحمد بن عبدالجبار العطاردي .

وله شواهد من حديث البراء بن عازب , وابن عباس , وعبدالله بن عمرو , وسلمان , وكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده, ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

أما حديث البراء :

فأخرجه أحمد 4/ 303 , والنسائي في "الكبرى" (8858) ، وأبو يعلى (1685), وابن أبي شيبة 14/ 421 - 422 , والروياني (410) , وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (430)( وتصحّف عنده عوف عن ميمون إلى عوف بن ميمون) , والبيهقي في
 "دلائل النبوة" 3/ 421 : من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، عن ميمون أبي عبد الله ، عن البراء بن عازب قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق، قال: وعرض لنا صخرة في مكان من الخندق، لا تأخذ فيها المعاول، قال: فشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عوف:، وأحسبه قال: وضع ثوبه 
ثم هبط إلى الصخرة، فأخذ المعول فقال: " بسم الله " فضرب ضربة فكسر ثلث الحجر، وقال: " الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا ". ثم قال: 
" بسم الله " وضرب أخرى فكسر ثلث الحجر فقال: " الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا " ثم قال: " بسم الله " وضرب ضربة أخرى فقلع بقية الحجر فقال: " الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا".
وقال الهيثمي في "المجمع" 6/ 130- 131 : " رواه أحمد، وفيه ميمون أبو عبد الله، وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات".
 ميمون أبي عبد الله- ويقال له: ميمون بن أستاذ- وهو البصري، نقل الأثرم عن أحمد قوله: أحاديثه مناكير، وقال ابن معين: لا شيء، وقال أبو داود: تُكلم فيه، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: كان يحيى القطان سيئ الرأي فيه، وقال النسائي وأبو أحمد الحاكم:
ليس بالقوي، وقال ابن المديني: سألت يحيى بن سعيد عن ميمون أبي عبد الله الذي روى عنه عوف، فحمض وجهه وقال: زعم شعبة أنه كان فسلا.
قلت : معنى فسل في اللغة :الرديء الرذل من كل شيء  , واصطلاحا : ضعيف متكلم فيه .

وأما حديث ابن عباس : 

فأخرجه الطبراني (12052) : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني سعيد بن محمد الجرمي، ثنا أبو تميلة، ثنا نعيم بن سعيد العبدي، أن عكرمة حدث، عن ابن عباس، قال: احتفر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق وأصحابه قد شدوا الحجارة على بطونهم من الجوع، فلما رأى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: «هل دللتم على رجل يطعمنا أكلة؟» قال رجل: نعم، قال: «أما لا فتقدم فدلنا عليه» 
فانطلقوا إلى الرجل فإذا في الخندق يعالج نصيبه منه، فأرسلت امرأته أن جئ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتانا، فجاء الرجل يسعى، فقال: بأبي وأمي وله معزة ومعها جديها، فوثب إليها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الجدي من ورائنا" فذبح الجدي، وعمدت المرأة إلى طحينة لها فعجنتها وخبزت فأدركت القدر فثردت قصعتها، فقربتها 
إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم إصبعه فيها، فقال:: "بسم الله اللهم بارك فيها اطعموا» فأكلوا منها حتى صدروا ولم يأكلوا منها إلا ثلثها وبقي ثلثاها، فسرح أولئك العشرة الذين كانوا معه أن اذهبوا وسرحوا إلينا بعدتكم فذهبوا وجاء أولئك العشرة مكانهم فأكلوا منها حتى شبعوا، ثم قام ودعا لربة البيت وسمت 
عليها وعلى أهل بيتها، ثم تمشوا إلى الخندق فقال: اذهبوا بنا إلى سلمان فإذا صخرة بين يديه قد ضعف عنها، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «دعوني فأكون أول من ضربها» 
فقال: "بسم الله" فضربها فوقعت فلقة ثلثها فقال: "الله أكبر قصور الروم ورب الكعبة" ثم ضرب بأخرى فوقعت فلقة فقال: "الله أكبر قصور فارس ورب الكعبة» فقال عندها المنافقون: 
نحن نخندق على أنفسنا وهو يعدنا قصور فارس والروم".
وقال الهيثمي في "المجمع" 6/ 131 : "رجاله رجال الصحيح، غير عبد الله بن أحمد ونعيم العبدي، وهما ثقتان".
قلت : نعيم بن سعيد العبدي لا أدري أين وجد الهيثمي توثيقه , فإني لم أقف له على ترجمة رغم حرصي الشديد ومع دقة البحث في كل كتب التراجم والله أعلم  .

وأما حديث ابن عمرو :

فأخرجه الطبراني 13/ (86) : حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف، قال: ثنا أحمد بن صالح، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني حيي بن عبد الله المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهم يخندقون حول المدينة، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الفأس، فضرب به ضربة، فقال: «بهذه الضربة 
يفتح الله كنوز الروم» ، ثم ضرب الثانية، وقال: «بهذه يفتح الله كنوز فارس» ، ثم ضرب الثالثة، فقال: «بهذه الضربة يأتي الله بأهل اليمن أنصارا وأعوانا».
قلت : وهذا إسناد ضعيف , شيخ الطبراني إسماعيل بن الحسن الخفاف المصري : لم أجد له ترجمة ,وحيي بن عبدالله فيه ضعف لكنه لم يتفرّد به فقد تابعه عبدالرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي   :

أخرجه الطبراني 13/ (54) : حدثنا هارون بن ملول، قال: ثنا أبو عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو، قال:
 لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالخندق، فخندق على المدينة، قالوا: يا رسول الله إنا وجدنا صفاة، لا نستطيع حفرها، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، وقمنا معه، فلما أتى أخذ المعول، فضرب به ضربة وكبر، فسمعت هدة لم أسمع مثلها قط، فقال: «فتحت فارس» ثم ضرب أخرى وكبر، فسمعت هدة، لم أسمع مثلها قط، فقال: «فتحت الروم» ثم ضرب أخرى وكبر، فسمعت
 هدة لم أسمع مثلها قط، فقال: «جاء الله بحمير، أعوانا وأنصارا».
وهذا إسناد ضعيف من أجل عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي , وأبو عبدالرحمن هو  عبد الله بن يزيد المقرئ :  ثقة فاضل .


وأما حديث سلمان :

فأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 417 : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس، عن ابن إسحاق، قال: 
حُدثت عن سلمان، قال: ضربت في ناحية من الخندق فغلظت علي صخرة ، فعطف علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قريب مني، فلما رآني أضرب، ورأى شدة المكان علي نزل فأخذ المعول من يدي، فضرب به ضربة فلمعت تحت المعول برقة، ثم ضرب ضربة أخرى فلمعت تحته برقة أخرى ثم ضرب الثالثة فلمعت تحته برقة أخرى، فقلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي، ما هذا
 الذي رأيت يلمع تحت المعول، وأنت تضرب به؟ فقال: أوقد رأيت ذلك يا سلمان؟ فقلت: نعم، فقال: أما الأولى فإن الله- عز وجل- فتح علي بها اليمن، وأما الثانية، فإن الله- عز وجل- فتح علي بها الشام والمغرب، وأما الثالثة، فإن الله فتح علي بها المشرق".
 وهذا إسناد منقطع بين ابن اسحاق وسلمان .

وأما حديث  كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده :

فأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 418-420 : أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، رحمه الله قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علون المقرئ ببغداد قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يونس القرشي قال: حدثنا محمد بن خالد بن عثمة، قال: حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، قال: حدثني أبي، عن أبيه، قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق عام الأحزاب من أجم 
السمر طرف بني حارثة حين بلغ المداد، ثم قطع أربعين ذراعا بين كل عشرة، فاختلف المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، وكان رجلا قويا، فقالت الأنصار: سلمان منا، وقالت المهاجرون: سلمان منا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سلمان منا أهل البيت». قال عمرو بن عوف: كنت أنا، وسلمان، وحذيفة بن اليمان، والنعمان بن مقرن، وستة من 
الأنصار، في أربعين ذراعا، فحفرنا حتى إذا بلغنا الثدي أخرج الله من بطن الخندق صخرة بيضاء مدورة، فكسرت حديدنا، وشقت علينا، فقلنا: يا سلمان، ارق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
 فأخبره خبر هذه الصخرة، فإنا إن نعدل عنها فإن المعدل قريب، وإما أن يأمرنا فيها بأمره فإنا لا نحب أن نجاوز خطه، فرقي سلمان حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ضارب عليه قبة تركية، فقال: يا رسول الله، بأبينا أنت وأمنا، خرجت صخرة بيضاء من الخندق مدورة فكسرت حديدنا، وشقت علينا حتى ما يحيك فيها قليل ولا كثير، فمرنا فيها بأمرك،
 فإنا لا نحب أن نجاوز خطك، فهبط رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سلمان في الخندق، ورقينا عن الشقة في شقة الخندق , فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المعول من سلمان، فضرب الصخرة ضربة صدعها، وبرقت منها برقة أضاء ما بين لابتيها، يعني لابتي المدينة، حتى لكأن مصباحا في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة فتح، فكبر المسلمون. ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم الثانية فصدعها، وبرق منها برقة أضاء لها ما بين لابتيها، حتى لكأن مصباحا في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة فتح، وكبر المسلمون.
 ثم ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم الثالثة، فكسرها، وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها، حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة فتح، وكبر
 المسلمون. ثم أخذ بيد سلمان فرقي، فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد [ص:420] رأيت شيئا ما رأيته قط، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القوم فقال: 
«هل رأيتم ما يقول سلمان؟» قالوا: نعم يا رسول الله، بأبينا أنت وأمنا، قد رأيناك تضرب، فخرج برق كالموج، فرأيناك تكبر، ولا نرى شيئا غير ذلك، فقال: «صدقتم، ضربت ضربتي الأولى، فبرق الذي رأيتم، أضاءت لي منها قصور الحيرة، ومدائن كسرى، كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها. ثم ضربت ضربتي الثانية، فبرق الذي رأيتم، 
أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها. ثم ضربت ضربتي الثالثة، فبرق منها الذي رأيتم، أضاءت منها قصور 
صنعاء كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا يبلغهم النصر، وأبشروا يبلغهم النصر، وأبشروا يبلغهم النصر» . فاستبشر المسلمون وقالوا: 
الحمد لله موعود صادق بأن الله وعدنا النصر بعد الحصر، فطلعت الأحزاب فقال المسلمون: {هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما} [الأحزاب: 22] . 
وقال المنافقون: ألا تعجبون: يحدثكم ويمنيكم، ويعدكم بالباطل، يخبركم أنه بصر من يثرب قصور الحيرة، ومدائن كسرى، وأنها تفتح لكم، وأنتم تحفرون الخندق، ولا تستطيعون 
أن تبرزوا؟ وأنزل القرآن: {وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا} [الأحزاب: 12]".
قلت : وهذا إسناد ضعيف جدًا, وفيه ثلاث علل :
الأولى : كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف : متروك .
الثانية : محمد بن يونس وهو الكديمي :   ضعيف .
الثالثة :أبو بكر محمد بن علون المقرئ : لم أجد له ترجمة . 
وأخرجه الحاكم 3/ 598 مختصرًا : حدثنا علي بن حمشاذ العدل ، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، وإسماعيل بن أبي أويس ، قالا : حدثنا ابن أبي فديك ، عن كثير بن عبد الله المزني ، عن أبيه ، عن جده.
وقال الذهبي في "التلخيص" : "سنده ضعيف".

وأما حديث الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
 فأخرجه النسائي (3176), وفي "الكبرى" (4385)  أخبرنا عيسى بن يونس، قال: حدثنا ضمرة، عن أبي زرعة السيباني، عن أبي سكينة رجل من المحررين، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال:
لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق، عرضت لهم صخرة حالت بينهم وبين الحفر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ المعول، ووضع رداءه ناحية الخندق، وقال: {تمت كلمة ربك صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم}، فندر ثلث الحجر، وسلمان الفارسي قائم ينظر، فبرق مع ضربة رسول الله صلى الله عليه وسلم برقة، ثم ضرب الثانية، وقال: {تمت كلمة ربك صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم}، فندر الثلث الآخر، فبرقت برقة فرآها سلمان، ثم ضرب 
الثالثة، وقال: {تمت كلمة ربك صدقا وعدلا، لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم}، فندر الثلث الباقي، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رداءه وجلس، قال سلمان: يا رسول الله، رأيتك حين ضربت، ما تضرب ضربة إلا كانت معها برقة، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا سلمان، رأيت ذلك» فقال: إي والذي بعثك بالحق يا رسول الله، قال: «فإني حين ضربت الضربة 
الأولى رفعت لي مدائن كسرى وما حولها ومدائن كثيرة، حتى رأيتها بعيني» قال له من حضره من أصحابه: يا رسول الله، ادع الله أن يفتحها علينا ويغنمنا ديارهم، ويخرب بأيدينا بلادهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، «ثم ضربت الضربة الثانية، فرفعت لي مدائن قيصر وما حولها، حتى رأيتها بعيني»، قالوا: يا رسول الله، ادع الله أن يفتحها علينا ويغنمنا ديارهم، 
ويخرب بأيدينا بلادهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، «ثم ضربت الثالثة، فرفعت لي مدائن الحبشة وما حولها من القرى، حتى رأيتها بعيني»، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 
"عند ذلك دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم".

قلت : وإسناده ضعيف ، فإن أبا سكينة مجهول , وقال الحافظ : "  مختلف فى صحبته ". 




كتبه أحوج الناس لعفو ربه
أبو سامي العبدان
حسن التمام
الحادي عشر من ربيع الأول 1437 من هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم 



الأحد، 13 ديسمبر 2015

قل إن الهدى هدى الله

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } [سورة المائدة 51]، وقال سبحانه: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين } [سورة المائدة 67]، وقال سبحانه:
{... إن الله لا يهدي القوم الفاسقين} [سورة المنافقون 6 ]، وقال سبحانه: {... فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [سورة الأنعام 144]، وقال سبحانه: {فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين } [سورة القصص 50] 
وقال سبحانه: {... إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار} [سورة الزمر 3 ]، وقال سبحانه: {قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } [سورة الأحقاف 10]، وقال سبحانه: {ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين } [سورة يونس 13 ]، وقال سبحانه: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين } [سورة القصص 56 ].
قال ابن كثير في "تفسيره":
"يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم إنك يا محمد لا تهدي من أحببت أي ليس إليك ذلك ، إنما عليك البلاغ، والله يهدي من يشاء، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة، كما قال تعالى: ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء [البقرة: 272] وقال تعالى: وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين [يوسف: 103] وهذه الآية أخص من هذا كله، فإنه قال: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين } أي: هو أعلم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية وقد ثبت في الصحيحين إنها نزلت في أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان يحوطه وينصره ويقوم في صفه ويحبه حبا شديدا طبعيا لا شرعيا ، فلما حضرته الوفاة وحان أجله، دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان والدخول في الإسلام. فسبق القدر فيه واختطف من يده، فاستمر على ما كان عليه من الكفر، ولله الحكمة التامة.قال الزهري: حدثني سعيد بن المسيب عن أبيه، وهو المسيب بن حزن المخزومي رضي الله عنه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عم قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله) فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعرضها عليه ويعودان له بتلك المقالة حتى كان آخر ما قال : هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك )، فأنزل الله تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} [التوبة: 113] وأنزل في أبي طالب {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} أخرجاه من حديث الزهري ، وهكذا رواه مسلم في صحيحه، والترمذي من حديث يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: لما حضرت وفاة أبي طالب أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (يا عماه قل لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة) فقال: لولا أن تعيرني ​​بها قريش يقولون ما حمله عليه إلا جزع الموت، لأقررت بها عينك، لا أقولها إلا لأقر بها عينك، فأنزل الله تعالى: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين وقال الترمذي : حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن كيسان، ورواه الإمام أحمد عن يحيى بن سعيد القطان عن يزيد بن كيسان : حدثني أبو حازم عن أبي هريرة فذكره بنحوه، وهكذا قال ابن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي وقتادة : إنها نزلت في أبي طالب حين عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول لا إله إلا الله ، فأبى عليه ذلك، وقال: "أي ابن أخي ملة الأشياخ، آخر ما قاله وكان هو على ملة عبد المطلب. 
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله تعالى- في" تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " يخبر تعالى أنك يا محمد -وغيرك من باب أولى- لا تقدر على هداية أحد ، ولو كان من أحب الناس إليك، فإن هذا أمر غير مقدور للخلق هداية للتوفيق، وخلق الإيمان في القلب، وإنما ذلك بيد الله سبحانه تعالى، يهدي من يشاء، وهو أعلم بمن يصلح للهداية فيهديه ، ممن لا يصلح لها فيبقيه على ضلاله.وأما إثبات الهداية للرسول في قوله تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} فتلك هداية البيان والإرشاد، فالرسول يبين الصراط المستقيم، ويرغب فيه، ويبذل جهده في سلوك الخلق له، وأما كونه يخلق في قلوبهم الإيمان ، ويوفقهم بالفعل، فحاشا وكلا".
قلت: فالهداية المنفية في هذه الآية هي هداية التوفيق والإعانة والتي يسميها العلماء هداية التوفيق والإلهام ، ومعناها: أن الله عز وجل يجعل في قلب العبد من الإعانة الخاصة على قبول الهدى ما لا يجعله لغيره بحيث يقبل الهدى ويسعى فيه وهي نفاها الله سبحانه عن نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله : {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء} [البقرة: 272]، وقد كان أبو طالب من أنفع قرابة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- له ومع ذلك لم يستطع أن يهديه لأن هذه الهداية لله وحده، فإن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وقال سبحانه: {وما توفيقي إلا بالله} [هود: 88]، هذا حصر التوفيق من الله عزوجل دون ما سواه ، لهذا نفاها ربنا عزوجل عن نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء } [القصص: 56]، فنفى الله تعالى في هذه الآية عن نبيه صلى الله عليه وآله وسلم هذه الهداية وجعلها له سبحانه ، مع إثباتها لنبيه صلى الله عليه وسلم في قوله عزوجل: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ...} [الشورى: 52 53] فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يهدي بمعنى : أنه يدل ويرشد ويعلم، إلى آخر هذه المعاني، وليس بيده هداية التوفيق والإعانة، إنما هذه لله عز وجل وحده فهو الذي يوفق ويعين العبد ويصرف عنه السوء ، ويعينه على الطاعة، ويصرف عنه الشياطين حتى يهتدي بمعنى حتى يستقيم على أمر الله عز وجل ، لأن هدى الناس المنفي عنه صلى الله عليه وآله وسلم هو الهدى الخاص بالله عز وجل لأن التوفيق بيد الله وحده ، وإلى هذين المعنيين ترد كل الأعمال المسندة إلى العبد ، فإن المهتدي هو من هداه الله وبهدي الله اهتدى ، وبإرادة الله تعالى كان ذلك، لا أنه مستقل بالهدى، فالبشر هيأهم الله عز وجل، وجعل فيهم القابلية للهدى كما قال تعالى: {وهديناه النجدين} [البلد: 10] وقال سبحانه: {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا} [الإنسان: 3]
فمن تسبب من البشر في كسب الهداية، وجاهد نفسه في حصولها رزقه الله هداية التوفيق كما قال تعالى : {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} [العنكبوت: من الآية 69].
وقد ذكر العلماء أسبابا للهداية من أهمها:
 
1 - الإيمان بالله، قال تعالى: {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} [التغابن: من الآية 11]. 
2 - المتابعة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، قال تعالى: {واتبعوه لعلكم تهتدون} [لأعراف: من الآية 158]، وقال سبحانه: {وإن تطيعوه تهتدوا} [النور: من الآية 54].
3 -  الحرص على تعلم الوحي والعمل بما علم منه، قال تعالى: {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا * وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما } [النساء: 66-68].
4 - المواظبة على العبادات من صلاة وزكاة وصوم وغيرها، قال تعالى: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين } [التوبة: 18].
5 - حمد الله وشكره على نعمة الهداية، قال الله تعالى: { وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد } [إبراهيم: 7] وقال تعالى عن عباده الصالحين: {وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله } [الأعراف: 43] فحمدوا الله وردوا الفضل له سبحانه، وهكذا ينبغي أن تكون حال كل مهتد.6 - دعاء الله تبارك وتعالى بالثبات على هذا الهدى حتى الممات ، فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكثر أن يدعو : "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".
والخلاصة أن الهداية نوعان: عامة وخاصة، فالأولى: هي هداية الإرشاد، وهي عامة لجميع الناس قال تعالى عن القرآن: {هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان} [البقرة: 185]، وقال تعالى عن ثمود: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى } [فصلت: 17].
والثانية: هي هداية التوفيق، وهي خاصة للمؤمنين بأن يوفق الله المرء للعمل بما علم ، مثاله: قوله تعالى {هدى للمتقين}، وقوله تعالى: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} [فصلت: 44].

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

كتبه أحوج الناس لعفو ربه 
أبو سامي العبدان 
حسن التمام 
الثاني من ربيع الأول 1437 من هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم

حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام