مباشرة الحائض
(77) عن عائشة رضي الله عنها، قالت:
"كانت إحدانا إذا كانت حائضا، فأراد رسول الله ﷺ أن يباشرها
أمرها أن تتزر في فور حيضتها، ثم يباشرها، قالت: وأيكم يملك إربه، كما كان النبي ﷺ
يملك إربه".
أخرجه
البخاري (302)، ومسلم (293-2)، وأبو داود (273)، وابن ماجه (635)، وابن أبي شيبة
4/ 254، وإسحاق (1492)، والطبري في "تفسيره" (4265)، وأبو عوانة (893) و
(894)، والبيهقي 1/ 310-311، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 167-168 من
طرق عن أبي إسحاق الشيباني، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة فذكره.
واستدركه
الحاكم رحمه الله تعالى 1/ 172 على الشيخين فوهم.
وأخرجه
أحمد 6/ 143 و 235 من طريق الحجاج، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة،
قالت:
"
كان رسول الله ﷺ إذا أراد أن يباشر إحدانا وهي حائض أمرها فاتزرت، وإذا أراد أن
ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة ".
والحجاج
هو ابن أرطأة: ضعيف.
وأخرجه
البخاري (300) و (2030)، ومسلم (293-1)، وأبو داود (268)، والترمذي (132)،
والنسائي (286) و (374)، وفي "الكبرى" (274) و (9070) و (9079)، وابن
ماجه (636)، وأحمد 6/ 55 و 134 و 174 و 189 و 209، وعبد الرزاق في
"المصنف" (1031) و (1237) و (1248)، والطيالسي (1375)، وابن أبي شيبة 4/
253، وإسحاق (1493) و (1524)، والدارمي (1037)، وأبو يعلى (4810)، وأبو القاسم
البغوي في "الجعديات" (879)، وابن المنذر في "الأوسط" (788)،
وابن الجارود في "المنتقى" (106)، والطبري في "التفسير"
(4264)، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 36، وأبو عوانة (891) و (892)،
وابن الأعرابي في "المعجم" (686)، وابن حبان (1364) و (1367)، وأبو نعيم
في "أخبار أصبهان" 1/ 196-197، والبيهقي 1/ 189 و 310، وفي
"المعرفة" (2146) و (2148) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/
166، والبغوي في "شرح السنة" (317) من طريق منصور، عن إبراهيم، عن
الأسود، عن عائشة قالت:
"كان
رسول الله ﷺ يأمر إحدانا إذا حاضت، أن تأتزر، ثم يباشرها".
وقال
الترمذي:
"حديث
حسن صحيح".
وله
طرق أخرى عن عائشة:
1 -
أخرجه ابن حبان (1368) من طريق أبي معاوية الضرير، عن الشيباني، عن عبد الله بن
شداد، عن عائشة، قالت:
"كان
رسول الله ﷺ إذا أراد أن يضاجع بعض نسائه وهي حائض أمرها فاتزرت".
قال
الدارقطني في "العلل" (4020):
"رواه
هشيم، وعلي بن عاصم، وعباد بن العوام، وعلي بن مسهر، وابن عيينة، والثوري، وحفص بن
غياث، وأسباط بن محمد، وأبو حمزة السكري، وزائدة، عن الشيباني، عن عبد الله بن
شداد، عن ميمونة، ورواه أبو معاوية، عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن عائشة،
والصحيح: عن ميمونة".
2 -
أخرجه أحمد 6/ 91 حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد ابن أبي حبيب، عن
سويد بن قيس، عن ابن قريط الصدفي، قال: قلت لعائشة رضي الله عنها، أكان رسول الله ﷺ
يضاجعك وأنت حائض؟ قالت: نعم، إذا شددت علي إزاري، ولم يكن لنا إذ ذاك إلا فراش
واحد، فلما رزقني الله عز وجل فراشا آخر، اعتزلت رسول الله ﷺ".
وهذا
إسناد ضعيف، ابن قريط الصدفي: مجهول، وفي "التاريخ الكبير" 8/ 353 (ابن
قرط)، وسويد بن قيس هو التجيبي المصري: ثقة، وجاء اسمه في "التاريخ
الكبير" 8/ 353 يزيد بن قيس، وأما في "الجرح والتعديل" 9/ 284،
فقال ابن أبي حاتم: "يزيد بن قيس ويقال: سويد بن قيس روى عن ابن قرط أو ابن
قريط روى عنه يزيد بن أبي حبيب سمعت أبي يقول ذلك".
3 -
أخرجه الدارمي (1061)، والنسائي في "الكبرى" (11564)، وأبو يعلى (4939)،
والبيهقي 1/ 311-312 و 312 من طريق المقدام بن شريح بن هانئ، عن أبيه، عن عائشة
قالت:
"كنت
أوتى بالإناء فأضع فمي فاشرب وأنا حائض فيضع رسول الله ﷺ فمه على المكان الذي وضعت
فيشرب، وأوتى بالعرق فانتهس فيضع فاه على المكان الذي وضعت فينتهس ثم يأمرني فأتزر
وأنا حائض وكان يباشرني".
وأخرجه
مسلم (300)، وأبو داود (259)، والنسائي (70) و (279) و (280) و (281) و (282) و
(341) و (377) و (378) و (379) و (380)، وفي "الكبرى" (61) و (62) و
(268) و (269) و (270) و (9071)، وابن ماجه (643)، وأحمد 6/ 62 و 64 و 127 و 192 و
210 و 214، وعبد الرزاق (388) و (1253)، والطيالسي (1617)، والحميدي (166)، وإسحاق
(1574) و (1575) و (1576)، وأبو عبيد في "الطهور" (195)، وأبو القاسم
البغوي في "الجعديات" (2284)، وابن خزيمة (110)، وابن المنذر في
"الأوسط" (787)، وأبو عوانة (900) و (901)، وابن حبان
(1293) و (1360) و (1361) و (4181)، والبيهقي 1/ 312 من طريق المقدام به، ليس فيه
"ثم يأمرني فأتزر وأنا حائض وكان يباشرني".
4 -
أخرجه أحمد 6/ 113 و 204 و 206، وإسحاق (1593) و (1594) من طريق إسرائيل، عن أبي
إسحاق، عن أبي ميسرة، عن عائشة، قالت:
"كان
النبي ﷺ يباشرني وأنا حائض، ويدخل معي في لحافي وأنا حائض، ولكنه كان أملككم
لإربه".
وهذا
إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، وإسرائيل سماعه من جده أبي إسحاق السبيعي في غاية
الإتقان للزومه إياه.
وأخرجه
أحمد 6/ 174 و 182، والطيالسي (1624)، والدارمي (1048)، والبيهقي 1/ 314 عن شعبة،
وأحمد 6/ 160-161 من طريق زكريا بن أبي زائدة، والطبراني في "الأوسط"
(5154) من طريق عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي، ثلاثتهم عن أبي إسحاق بإسناده، ولفظه
"كان النبي ﷺ يأمرنا إذا كانت إحدانا حائضا
أن تتزر، ثم تدخل معه في لحافه".
وأخرجه
النسائي (285) و (373)، وفي "الكبرى" (275)، وعنه الدولابي في
"الكنى" (1897)، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 169، والدارمي
(1047) من طريق أبي الأحوص،
حدثنا
أبو إسحاق بإسناده، ولفظه "كان رسول الله ﷺ يأمر إحدانا إذا كانت حائضا ان تشد
عليها إزارها ثم يباشرها".
وأخرجه
الطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 37، وأبو الفضل الزهري في
"حديثه" (615)، والبيهقي 1/ 314 من طريق زهير، حدثنا أبو إسحاق، عن أبى
ميسرة، عن عائشة قالت:
"كان
رسول الله ﷺ يباشرنى في شعار واحد وأنا حائض، ولكنه كان أملككم لإربه أو يملك
إربه".
وزهير
بن معاوية: كان سماعه من أبي إسحاق بأخرة.
5 -
أخرجه النسائي (375)، وأبو يعلى (4865) مطولا من طريق أبي بكر بن عياش، وأحمد 6/
123 من طريق عبد الواحد بن زياد، كلاهما عن صدقة بن سعيد الحنفي، حدثنا
جميع بن عمير قال:
دخلت
على عائشة مع أمي وخالتي فسألتاها كيف كان رسول الله ﷺ يصنع إذا حاضت إحداكن؟
قالت: كان يأمرنا إذا حاضت إحدانا أن تتزر بإزار واسع، ثم يلتزم صدرها
وثدييها".
وهذا
إسناد واه، جميع بن عمير هو التيمي: واه، قال البخاري: فيه نظر.
وقال
ابن نمير: كان من أكذب الناس.
وقال
ابن عدي: وما قاله البخاري كما قاله، في أحاديثه نظر، وعامة ما يرويه لا يتابعه
عليه أحد.
وتناقض
فيه ابن حبان، فذكره مرة في "الثقات" 4/ 115، ومرة أخرى في
"المجروحين" 1/ 218، وقال: "كان رافضيا يضع الحديث".
وقد
أغرب أبو حاتم فقال: محله الصدق، صالح الحديث!
وأما
العجلي فقال: تابعي ثقة!
وصدقة
بن سعيد الحنفي: قال أبو حاتم: شيخ.
وقال
البخاري: عنده عجائب كذا في "الميزان" 2/ 310، وأيضا في "تهذيب
التهذيب" 4/ 415، ولم أجد هذا الكلام في "التاريخ الكبير" 4/ 293،
وقال الحافظ مغلطاي في "إكمال تهذيب الكمال" 6/ 361: "قال البخاري
في "تاريخه" روى عن جميع، وجميع عنده عجائب".
وقال
الساجى: ليس بشيء.
وقال
محمد بن وضاح: ضعيف.
وذكره
ابن حبان في "الثقات" 6/ 466!
6 -
أخرجه أحمد 6/ 187 و 219-220، والطيالسي (1517)، والدارمي (1052)، وأبو يعلى
(4487)، والبيهقي 1/ 312 من طرق عن حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، عن يزيد بن
بابنوس، عن عائشة قالت: "كان النبي ﷺ يتوشحني وينال من رأسي، وأنا
حائض".
وأخرجه
السهمي في "تاريخ جرجان" (ص 238) من طريق الحارث بن عبيد، عن أبي عمران
الجوني به.
وإسناده
ضعيف، يزيد بن بابنوس: مجهول، لم يرو عنه غير أبي عمران الجوني، وقال أبو حاتم:
مجهول.
وقال
البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 323: "وكَانَ من الشّيعة الذين
قاتلوا عليا".
وقال
الدارقطني: لا بأس به!
وذكره
ابن حبان في كتاب "الثقات" 5/ 548!
وأخرجه
أبو يعلى (4962) مطولا من طريق عوبد، عن أبيه، عن ابن بابنوس قال:
"دخلت
أنا ورجلان آخران على عائشة أم المؤمنين، فقال لها رجل منا: يا أم المؤمنين ما
تقولين في العراك؟ قالت: وما العراك؟ المحيض هو؟ قال: نعم، قالت: فهو المحيض كما
سماه الله، قالت: كأني إذا كان ذاك اتزرت بإزاري،
فكان له ما فوق الإزار...الحديث".
وإسناده
ضعيف جدا، عوبد بن أبي عمران الجونى البصري: قال ابن معين: ليس بشيء.
وقال
البخاري: منكر الحديث.
وقال
الجوزجاني: آية من الآيات.
وقال
النسائي: متروك.
وجاء
موقوفًا على عائشة:
أخرجه
الدارمي (1033) أخبرنا خالد، وابن المنذر في "الأوسط" (790) من طريق
القعنبي، والبيهقي 7/ 190-191، وفي "المعرفة" (14015) من طريق الشافعي،
ثلاثتهم عن مالك (وهو عنده في "الموطأ" 1/ 64- رواية أبي مصعب الزهري،
وكذا رواية محمد الشيباني (73) ) عن نافع، أن عبد الله بن عمر:
"أرسل إلى عائشة زوج النبي ﷺ يسألها هل
يباشر الرجل امرأته وهي حائض؟ فقالت: لتشد إزارها على أسفلها ثم ليباشرها إن
شاء".
وفي
رواية يحيى للموطأ 1/ 58 (عبيد الله بن عبد الله بن عمر) بدل (عبد الله بن عمر)،
وأثبت الأعظمي في تحقيقه للموطأ 2/ 79 بدل (عبيد الله): عبد الله بن عبد الله بن
عمر.
وأخرجه
عبد الرزاق في "المصنف" (1241) عن ابن جريج، عن موسى، عن نافع، أن ابن
عمر:
"أرسل
إلى عائشة يستفتيها في الحائض أيباشرها؟ قالت عائشة: نعم، تجعل على سفلتها
ثوبا".
وأخرجه
الطبراني في "الأوسط" (6875) و (6885)، وأبو نعيم في "أخبار
أصبهان" 1/ 268 من طريق الحجاج بن أرطاة، عن نافع، عن ابن عمر، عن عائشة،
قالت:
"كنت
أغطي سفلتي وأنا حائض، ثم يباشرني رسول الله ﷺ".
والحجاج
بن أرطأة: ضعيف.
وأخرجه
الطبري في "التفسير" (4247) من طريق ابن علية قال، أخبرنا أيوب، عن
نافع: أن عائشة قالت - في مضاجعة الحائض -: "لا بأس بذلك إذا كان عليها
إزار".
وهذا
إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وأخرج
عبد الرزاق (1260) عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن مسروق قال:
"دخلت
على عائشة، فقلت: يا أم المؤمنين ما يحل للرجل من امرأته حائضا؟ قالت: ما دون
الفرج، قال: فغمز مسروق بيده رجلا كان معه أي اسمع قال: قلت: فما يحل لي منها
صائما؟ قالت:
كل
شيء إلا الجماع".
وهذا
إسناد صحيح.
وأخرجه
الطبري في "التفسير" (4245) من طريق عبد الوهاب قال، حدثنا أيوب، عن
كتاب أبي قلابة: أنّ مسروقًا، وفيه "كل شيء إلا فرجها".
واختُلف
فيه على أيوب السختياني:
فأخرجه
الطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 38 من طريق عمرو بن خالد الحراني، عن عبيد
الله بن عمرو، عن أيوب، عن أبي قلابة، أن رجلا سأل عائشة:
"ما
يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضا؟ فقالت: كل شيء إلا فرجها".
وأخرجه
الطحاوي أيضا 3/ 38 من طريق عمرو بن خالد قال: حدثنا عبيد الله، عن أيوب، عن أبي
معشر، عن إبراهيم، عن مسروق، عن عائشة، مثل ذلك.
أبو
معشر هو زياد بن كليب التميمي، وإبراهيم هو ابن يزيد النخعي.
وأخرجه
الطبري في "التفسير" (4248) من طريق ابن علية، عن أيوب، عن أبي معشر
قال: سألتُ عائشة فذكره.
وأبو
معشر لم يدرك عائشة.
وله
طريق أخرى عن مسروق:
أخرجه
الطبري في "التفسير" (4244) من طريق عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن
قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن مسروق قال: قلت لعائشة: ما يحرم على الرجل من
امرأته إذا كانت حائضًا؟ قالت: فرجها".
وأخرجه
الدارمي (1039) من طريق عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن، عن مروان الأصفر، عن مسروق،
قال: قلت لعائشة رضي الله عنها، ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضا؟ قالت:
كل
شيء غير الجماع. قال: قلت: فما يحرم عليه منها إذا كانا محرمين؟ قال: كل شيء غير
كلامها".
وأخرج
ابن أبي شيبة 4/ 254 عن وكيع، والدارمي (1038) عن محمد ابن يوسف، وأبو شعيب
الحراني في "الفوائد" - مخطوط من طريق يحيى، ثلاثتهم عن الأوزاعي، حدثني
ميمون بن مهران، قال: سُئلت عائشة: ما يحل للرجل من
امرأته وهي حائض؟ قالت: ما فوق الإزار".
وأخرجه
الطبري في "التفسير" (4246) من طريق الحجاج بن أرطأة، عن ميمون به.
وأخرجه
سعيد بن منصور في "سننه" (2144) أخبرنا سعيد، حدثنا هشيم، حدثنا ليث، عن
ميمون به.
وأخرج
الفضل بن دكين في "الصلاة" (11) حدثنا الحسن بن علي العمري، قال: حدثتنا
الصهباء بنت كريم، أنها سألت عائشة:
"ما
للرجل من امرأته وهي حائض؟ قالت: كل شيء منها إلا الجماع".
وأخرج
الطحاوي في "شرح معاني" 3/ 38 من طريق بكير الأشج، عن أبي مرة مولى عقيل،
عن حكيم بن عقال قال:
"سألت
عائشة ما يحرم علي من امرأتي إذا حاضت؟ قالت: فرجها".
وجاء
من حديث ميمونة رضي الله عنها:
أخرجه
البخاري (303)، ومسلم (294)، وأبو داود (2167)، وأحمد 6/ 335 و 336، وابن أبي شيبة
4/ 254، وعبد بن حميد (1551) - المنتخب، والدارمي (1046)، وأبو يعلى (7082) و
(7092)، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 36، وأبو عوانة (895)، والبيهقي
1/ 311 و 7/ 191، وفي "السنن الصغير (155) من طرق عن أبي إسحاق الشيباني، عن
عبد الله بن شداد، عن ميمونة قالت:
"كان
النبي ﷺ يباشر نساءه فوق الإزار وهن حيض".
غريب الحديث:
(يباشرها) المراد بالمباشرة هنا التقاء
البشرتين، وليس معنى المباشرة الجماع، إنما هي ملاقاة البشرة البشرة، ولذلك قالت
عائشة رضي الله عنها "وأيكم يملك إربه".
(فور
حيضتها) بفتح الفاء وسكون الواو، وفي آخره راء، قال الخطابي: فور الحيض أوله
ومعظمه.
وقال القرطبي: فور الحيضة معظم صبها من فوران
القدر وغليانها.
(إربه)
بكسر الهمزة وسكون الراء ثم موحدة، قيل: المراد عضوه الذي يستمتع به، وقيل: حاجته
والحاجة تسمى إربا بالكسر ثم السكون وأربا بفتح الهمزة والراء.
يستفاد من الحديث:
أولًا: مباشرة الحائض فيما فوق الإزار في فور حيضتها.
ثانيًا: أن هذه المباشرة إنما تجوز له إذا كان يضبط نفسه ويمنعها من الوقوع
في الجماع، وإن كان لا يملك ذلك فلا يجوز له ذلك، لأن من رعى حول الحمى يوشك أن
يقع فيه، وعليه بعض الشافعية، واستحسنه النووي.
ثالثًا: قال الحافظ في "الفتح" 1/ 404: "ذهب كثير من السلف
والثوري وأحمد وإسحاق إلى أن الذي يمتنع من الاستمتاع بالحائض الفرج فقط، وبه قال
محمد بن الحسن من الحنفية، ورجحه الطحاوي، وهو اختيار أصبغ من المالكية، وأحد
القولين أو الوجهين للشافعية، واختاره ابن المنذر، وقال النووي: هو الأرجح دليلا
لحديث أنس في مسلم - (302) - "اصنعوا كل شيء إلا الجماع"، وحملوا
حديث الباب وشبهه على الاستحباب جمعا بين الأدلة، وقال ابن دقيق العيد: ليس في
حديث الباب ما يقتضي منع ما تحت الإزار لأنه فعل مجرد انتهى. ويدل على الجواز أيضا
ما رواه أبو داود - (272) - بإسناد قوي عن عكرمة عن بعض أزواج النبي ﷺ "أنه
كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها ثوبا"، واستدل الطحاوي على
الجواز بأن المباشرة تحت الإزار دون الفرج لا توجب حدا ولا غسلا فأشبهت المباشرة
فوق الإزار".
رابعًا: أن التقييد بقولها (في فور حيضتها) يدل على الفرق بين ابتداء الحيض
وما بعده، ويشهد لذلك ما رواه ابن ماجه في "سننه" بإسناد حسن عن أم
سلمة، رضي الله تعالى عنها أنه ﷺ: "كان يتقي سورة الدم ثلاثا
ثم يباشرها بعد ذلك" ولا منافاة بينه وبين الأحاديث الدالة على المباشرة
مطلقا، لأنها تجمع بينها على اختلاف الحالتين، والله تعالى أعلم. أفاده العيني في
"عمدة القاري" 3/ 268.
تنبيه
قوله إن (ابن ماجه - روى - في "سننه" بإسناد حسن عن أم سلمة، رضي الله
تعالى عنها أنه ﷺ: "كان يتقي سورة الدم ثلاثا ثم يباشرها بعد ذلك")
لعلّه اقتبسه من "فتح الباري" 1/ 404، وهو وهم فلم يروه ابن ماجه، إنما
أخرجه ابن الأعرابي في "المعجم" (448)، والطبراني 23/ (864)، وفي
"الأوسط" (4682)، وفي "مسند الشاميين" (2676)، والإسماعيلي في
"معجم شيوخه" (349)، ومن طريقه الخطيب في "تاريخ بغداد" 11/
223 من طريق محمد بن بكار قال: حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن أمه، عن
أم سلمة، قالت: "كان رسول الله ﷺ يكره سورة الدم ثلاثا، ثم يباشر بعد
الثلاث"، وزاد الطبراني في "الشاميين"، والاسماعيلي والخطيب
"بغير إزار".
ولفظ
ابن الأعرابي "نهى أن يجامع المرأة في سور الدم ثلاثا".
وتحرّف
في "مسند الشاميين" جملة (يكره سورة الدم ثلاثا) إلى (يكون سرده ثلاثا)!
وإسناده
ضعيف لضعف سعيد بن بشير.
خامسًا: قال ابن كثير في "التفسير" 1/ 440: "الذي أجمع
العلماء على تحريمه هو المباشرة في الفرج، ثم من فعل ذلك فقد أثم، فيستغفر الله
ويتوب إليه، وهل يلزمه مع ذلك كفارة أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما:
نعم، لما رواه الإمام أحمد وأهل السنن عن ابن عباس، عن النبي ﷺ "في الذي يأتي
امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو نصف دينار" [1]، وفي لفظ
للترمذي "إذا كان دما أحمر فدينار، وإن كان دما أصفر فنصف دينار"
وللإمام أحمد أيضا عنه أن رسول الله ﷺ "جعل في الحائض تصاب دينارا، فإن
أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل، فنصف دينار".
والقول
الثاني: وهو الصحيح الجديد من مذهب الشافعي وقول الجمهور أنه لا شيء في ذلك، بل
يستغفر الله عز وجل لأنه لم يصح عندهم رفع هذا الحديث، فإنه قد روي مرفوعا كما
تقدم، وموقوفا وهو الصحيح عند كثير من أئمة الحديث".
هذا آخر باب من أبواب كتاب الطهارة، ويليه إن شاء الله تعالى كتاب
الصلاة.
٭ ٭ ٭
[1] -
قال الحافظ المنذري: "وهذا الحديث قد وقع الاضطراب في إسناده ومتنه، فروي
مرفوعا وموقوفا، ومرسلا ومعضلا"، ويُنظر كلام الحافظ ابن عبد الهادي
في
"تعليقة على العلل لابن أبي حاتم" (ص 108-119).