words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الخميس، 22 يونيو 2017

أحاديث الأحكام رواية ودراية - كتاب الطهارة (الحيض) حديث رقم (77)

مباشرة الحائض


(77) عن عائشة رضي الله عنها، قالت:
"كانت إحدانا إذا كانت حائضا، فأراد رسول الله ﷺ أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها، ثم يباشرها، قالت: وأيكم يملك إربه، كما كان النبي ﷺ يملك إربه".

أخرجه البخاري (302)، ومسلم (293-2)، وأبو داود (273)، وابن ماجه (635)، وابن أبي شيبة 4/ 254، وإسحاق (1492)، والطبري في "تفسيره" (4265)، وأبو عوانة (893) و (894)، والبيهقي 1/ 310-311، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 167-168 من طرق عن أبي إسحاق الشيباني، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة فذكره.
واستدركه الحاكم رحمه الله تعالى 1/ 172 على الشيخين فوهم.
وأخرجه أحمد 6/ 143 و 235 من طريق الحجاج، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة، قالت:
" كان رسول الله ﷺ إذا أراد أن يباشر إحدانا وهي حائض أمرها فاتزرت، وإذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة ".
والحجاج هو ابن أرطأة: ضعيف.
وأخرجه البخاري (300) و (2030)، ومسلم (293-1)، وأبو داود (268)، والترمذي (132)، والنسائي (286) و (374)، وفي "الكبرى" (274) و (9070) و (9079)، وابن ماجه (636)، وأحمد 6/ 55 و 134 و 174 و 189 و 209، وعبد الرزاق في "المصنف" (1031) و (1237) و (1248)، والطيالسي (1375)، وابن أبي شيبة 4/ 253، وإسحاق (1493) و (1524)، والدارمي (1037)، وأبو يعلى (4810)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (879)، وابن المنذر في "الأوسط" (788)، وابن الجارود في "المنتقى" (106)، والطبري في "التفسير" (4264)، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 36، وأبو عوانة (891) و (892)، وابن الأعرابي في "المعجم" (686)، وابن حبان (1364) و (1367)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 196-197، والبيهقي 1/ 189 و 310، وفي "المعرفة" (2146) و (2148) ، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 166، والبغوي في "شرح السنة" (317) من طريق منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت:
"كان رسول الله ﷺ يأمر إحدانا إذا حاضت، أن تأتزر، ثم يباشرها".
وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح".
وله طرق أخرى عن عائشة:
1 - أخرجه ابن حبان (1368) من طريق أبي معاوية الضرير، عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن عائشة، قالت:
"كان رسول الله ﷺ إذا أراد أن يضاجع بعض نسائه وهي حائض أمرها فاتزرت".
قال الدارقطني في "العلل" (4020):
"رواه هشيم، وعلي بن عاصم، وعباد بن العوام، وعلي بن مسهر، وابن عيينة، والثوري، وحفص بن غياث، وأسباط بن محمد، وأبو حمزة السكري، وزائدة، عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة، ورواه أبو معاوية، عن الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن عائشة، والصحيح: عن ميمونة".
2 - أخرجه أحمد 6/ 91 حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد ابن أبي حبيب، عن سويد بن قيس، عن ابن قريط الصدفي، قال: قلت لعائشة رضي الله عنها، أكان رسول الله ﷺ يضاجعك وأنت حائض؟ قالت: نعم، إذا شددت علي إزاري، ولم يكن لنا إذ ذاك إلا فراش واحد، فلما رزقني الله عز وجل فراشا آخر، اعتزلت رسول الله ﷺ".
وهذا إسناد ضعيف، ابن قريط الصدفي: مجهول، وفي "التاريخ الكبير" 8/ 353 (ابن قرط)، وسويد بن قيس هو التجيبي المصري: ثقة، وجاء اسمه في "التاريخ الكبير" 8/ 353 يزيد بن قيس، وأما في "الجرح والتعديل" 9/ 284، فقال ابن أبي حاتم: "يزيد بن قيس ويقال: سويد بن قيس روى عن ابن قرط أو ابن قريط روى عنه يزيد بن أبي حبيب سمعت أبي يقول ذلك".
3 - أخرجه الدارمي (1061)، والنسائي في "الكبرى" (11564)، وأبو يعلى (4939)، والبيهقي 1/ 311-312 و 312 من طريق المقدام بن شريح بن هانئ، عن أبيه، عن عائشة قالت:
"كنت أوتى بالإناء فأضع فمي فاشرب وأنا حائض فيضع رسول الله ﷺ فمه على المكان الذي وضعت فيشرب، وأوتى بالعرق فانتهس فيضع فاه على المكان الذي وضعت فينتهس ثم يأمرني فأتزر وأنا حائض وكان يباشرني".
وأخرجه مسلم (300)، وأبو داود (259)، والنسائي (70) و (279) و (280) و (281) و (282) و (341) و (377) و (378) و (379) و (380)، وفي "الكبرى" (61) و (62) و (268) و (269) و (270) و (9071)، وابن ماجه (643)، وأحمد 6/ 62 و 64 و 127 و 192 و 210 و 214، وعبد الرزاق (388) و (1253)، والطيالسي (1617)، والحميدي (166)، وإسحاق (1574) و (1575) و (1576)، وأبو عبيد في "الطهور" (195)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (2284)، وابن خزيمة (110)، وابن المنذر في "الأوسط" (787)، وأبو عوانة (900) و (901)، وابن حبان (1293) و (1360) و (1361) و (4181)، والبيهقي 1/ 312 من طريق المقدام به، ليس فيه "ثم يأمرني فأتزر وأنا حائض وكان يباشرني".
4 - أخرجه أحمد 6/ 113 و 204 و 206، وإسحاق (1593) و (1594) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، عن عائشة، قالت:
"كان النبي ﷺ يباشرني وأنا حائض، ويدخل معي في لحافي وأنا حائض، ولكنه كان أملككم لإربه".
وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، وإسرائيل سماعه من جده أبي إسحاق السبيعي في غاية الإتقان للزومه إياه.
وأخرجه أحمد 6/ 174 و 182، والطيالسي (1624)، والدارمي (1048)، والبيهقي 1/ 314 عن شعبة، وأحمد 6/ 160-161 من طريق زكريا بن أبي زائدة، والطبراني في "الأوسط" (5154) من طريق عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي، ثلاثتهم عن أبي إسحاق بإسناده، ولفظه
 "كان النبي ﷺ يأمرنا إذا كانت إحدانا حائضا أن تتزر، ثم تدخل معه في لحافه".
وأخرجه النسائي (285) و (373)، وفي "الكبرى" (275)، وعنه الدولابي في "الكنى" (1897)، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 169، والدارمي (1047) من طريق أبي الأحوص،
حدثنا أبو إسحاق بإسناده، ولفظه "كان رسول الله يأمر إحدانا إذا كانت حائضا ان تشد عليها إزارها ثم يباشرها".
وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 37، وأبو الفضل الزهري في "حديثه" (615)، والبيهقي 1/ 314 من طريق زهير، حدثنا أبو إسحاق، عن أبى ميسرة، عن عائشة قالت:
"كان رسول الله ﷺ يباشرنى في شعار واحد وأنا حائض، ولكنه كان أملككم لإربه أو يملك إربه".
وزهير بن معاوية: كان سماعه من أبي إسحاق بأخرة.
5 - أخرجه النسائي (375)، وأبو يعلى (4865) مطولا من طريق أبي بكر بن عياش، وأحمد 6/ 123 من طريق عبد الواحد بن زياد، كلاهما عن صدقة بن سعيد الحنفي، حدثنا جميع بن عمير قال:
دخلت على عائشة مع أمي وخالتي فسألتاها كيف كان رسول الله ﷺ يصنع إذا حاضت إحداكن؟ قالت: كان يأمرنا إذا حاضت إحدانا أن تتزر بإزار واسع، ثم يلتزم صدرها وثدييها".
وهذا إسناد واه، جميع بن عمير هو التيمي: واه، قال البخاري: فيه نظر.
وقال ابن نمير: كان من أكذب الناس.
وقال ابن عدي: وما قاله البخاري كما قاله، في أحاديثه نظر، وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد.
وتناقض فيه ابن حبان، فذكره مرة في "الثقات" 4/ 115، ومرة أخرى في "المجروحين" 1/ 218، وقال: "كان رافضيا يضع الحديث".
وقد أغرب أبو حاتم فقال: محله الصدق، صالح الحديث!
وأما العجلي فقال: تابعي ثقة!
وصدقة بن سعيد الحنفي: قال أبو حاتم: شيخ.
وقال البخاري: عنده عجائب كذا في "الميزان" 2/ 310، وأيضا في "تهذيب التهذيب" 4/ 415، ولم أجد هذا الكلام في "التاريخ الكبير" 4/ 293، وقال الحافظ مغلطاي في "إكمال تهذيب الكمال" 6/ 361: "قال البخاري في "تاريخه" روى عن جميع، وجميع عنده عجائب".
وقال الساجى: ليس بشيء.
وقال محمد بن وضاح: ضعيف.
وذكره ابن حبان في "الثقات" 6/ 466!
6 - أخرجه أحمد 6/ 187 و 219-220، والطيالسي (1517)، والدارمي (1052)، وأبو يعلى (4487)، والبيهقي 1/ 312 من طرق عن حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، عن يزيد بن بابنوس، عن عائشة قالت: "كان النبي ﷺ يتوشحني وينال من رأسي، وأنا حائض".
وأخرجه السهمي في "تاريخ جرجان" (ص 238) من طريق الحارث بن عبيد، عن أبي عمران الجوني به.
وإسناده ضعيف، يزيد بن بابنوس: مجهول، لم يرو عنه غير أبي عمران الجوني، وقال أبو حاتم: مجهول.
وقال البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 323: "وكَانَ من الشّيعة الذين قاتلوا عليا".
وقال الدارقطني: لا بأس به!
وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" 5/ 548!
وأخرجه أبو يعلى (4962) مطولا من طريق عوبد، عن أبيه، عن ابن بابنوس قال:
"دخلت أنا ورجلان آخران على عائشة أم المؤمنين، فقال لها رجل منا: يا أم المؤمنين ما تقولين في العراك؟ قالت: وما العراك؟ المحيض هو؟ قال: نعم، قالت: فهو المحيض كما سماه الله، قالت: كأني إذا كان ذاك اتزرت بإزاري، فكان له ما فوق الإزار...الحديث".
وإسناده ضعيف جدا، عوبد بن أبي عمران الجونى البصري: قال ابن معين: ليس بشيء.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال الجوزجاني: آية من الآيات.
وقال النسائي: متروك.
وجاء موقوفًا على عائشة:
أخرجه الدارمي (1033) أخبرنا خالد، وابن المنذر في "الأوسط" (790) من طريق القعنبي، والبيهقي 7/ 190-191، وفي "المعرفة" (14015) من طريق الشافعي، ثلاثتهم عن مالك (وهو عنده في "الموطأ" 1/ 64- رواية أبي مصعب الزهري، وكذا رواية محمد الشيباني (73) ) عن نافع، أن عبد الله بن عمر:
 "أرسل إلى عائشة زوج النبي ﷺ يسألها هل يباشر الرجل امرأته وهي حائض؟ فقالت: لتشد إزارها على أسفلها ثم ليباشرها إن شاء".
وفي رواية يحيى للموطأ 1/ 58 (عبيد الله بن عبد الله بن عمر) بدل (عبد الله بن عمر)، وأثبت الأعظمي في تحقيقه للموطأ 2/ 79 بدل (عبيد الله): عبد الله بن عبد الله بن عمر.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1241) عن ابن جريج، عن موسى، عن نافع، أن ابن عمر:
"أرسل إلى عائشة يستفتيها في الحائض أيباشرها؟ قالت عائشة: نعم، تجعل على سفلتها ثوبا".
وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (6875) و (6885)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 268 من طريق الحجاج بن أرطاة، عن نافع، عن ابن عمر، عن عائشة، قالت:
"كنت أغطي سفلتي وأنا حائض، ثم يباشرني رسول الله ﷺ".
والحجاج بن أرطأة: ضعيف.
وأخرجه الطبري في "التفسير" (4247) من طريق ابن علية قال، أخبرنا أيوب، عن نافع: أن عائشة قالت - في مضاجعة الحائض -: "لا بأس بذلك إذا كان عليها إزار".
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
وأخرج عبد الرزاق (1260) عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن مسروق قال:
"دخلت على عائشة، فقلت: يا أم المؤمنين ما يحل للرجل من امرأته حائضا؟ قالت: ما دون الفرج، قال: فغمز مسروق بيده رجلا كان معه أي اسمع قال: قلت: فما يحل لي منها صائما؟ قالت:
كل شيء إلا الجماع".
وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه الطبري في "التفسير" (4245) من طريق عبد الوهاب قال، حدثنا أيوب، عن كتاب أبي قلابة: أنّ مسروقًا، وفيه "كل شيء إلا فرجها".
واختُلف فيه على أيوب السختياني:
فأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 38 من طريق عمرو بن خالد الحراني، عن عبيد الله بن عمرو، عن أيوب، عن أبي قلابة، أن رجلا سأل عائشة:
"ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضا؟ فقالت: كل شيء إلا فرجها".
وأخرجه الطحاوي أيضا 3/ 38 من طريق عمرو بن خالد قال: حدثنا عبيد الله، عن أيوب، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن مسروق، عن عائشة، مثل ذلك.
أبو معشر هو زياد بن كليب التميمي، وإبراهيم هو ابن يزيد النخعي.
وأخرجه الطبري في "التفسير" (4248) من طريق ابن علية، عن أيوب، عن أبي معشر قال: سألتُ عائشة فذكره.
وأبو معشر لم يدرك عائشة.
وله طريق أخرى عن مسروق:
أخرجه الطبري في "التفسير" (4244) من طريق عبد الأعلى قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن مسروق قال: قلت لعائشة: ما يحرم على الرجل من امرأته إذا كانت حائضًا؟ قالت: فرجها".
وأخرجه الدارمي (1039) من طريق عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن، عن مروان الأصفر، عن مسروق، قال: قلت لعائشة رضي الله عنها، ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضا؟ قالت:
كل شيء غير الجماع. قال: قلت: فما يحرم عليه منها إذا كانا محرمين؟ قال: كل شيء غير كلامها".
وأخرج ابن أبي شيبة 4/ 254 عن وكيع، والدارمي (1038) عن محمد ابن يوسف، وأبو شعيب الحراني في "الفوائد" - مخطوط من طريق يحيى، ثلاثتهم عن الأوزاعي، حدثني ميمون بن مهران، قال: سُئلت عائشة: ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض؟ قالت: ما فوق الإزار".
وأخرجه الطبري في "التفسير" (4246) من طريق الحجاج بن أرطأة، عن ميمون به.
وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2144) أخبرنا سعيد، حدثنا هشيم، حدثنا ليث، عن ميمون به.
وأخرج الفضل بن دكين في "الصلاة" (11) حدثنا الحسن بن علي العمري، قال: حدثتنا الصهباء بنت كريم، أنها سألت عائشة:
"ما للرجل من امرأته وهي حائض؟ قالت: كل شيء منها إلا الجماع".
وأخرج الطحاوي في "شرح معاني" 3/ 38 من طريق بكير الأشج، عن أبي مرة مولى عقيل، عن حكيم بن عقال قال:
"سألت عائشة ما يحرم علي من امرأتي إذا حاضت؟ قالت: فرجها".

وجاء من حديث ميمونة رضي الله عنها:
أخرجه البخاري (303)، ومسلم (294)، وأبو داود (2167)، وأحمد 6/ 335 و 336، وابن أبي شيبة 4/ 254، وعبد بن حميد (1551) - المنتخب، والدارمي (1046)، وأبو يعلى (7082) و (7092)، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 36، وأبو عوانة (895)، والبيهقي 1/ 311 و 7/ 191، وفي "السنن الصغير (155) من طرق عن أبي إسحاق الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة قالت:
"كان النبي ﷺ يباشر نساءه فوق الإزار وهن حيض".

غريب الحديث:


 (يباشرها) المراد بالمباشرة هنا التقاء البشرتين، وليس معنى المباشرة الجماع، إنما هي ملاقاة البشرة البشرة، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها "وأيكم يملك إربه".

(فور حيضتها) بفتح الفاء وسكون الواو، وفي آخره راء، قال الخطابي: فور الحيض أوله ومعظمه.
 وقال القرطبي: فور الحيضة معظم صبها من فوران القدر وغليانها.

(إربه) بكسر الهمزة وسكون الراء ثم موحدة، قيل: المراد عضوه الذي يستمتع به، وقيل: حاجته والحاجة تسمى إربا بالكسر ثم السكون وأربا بفتح الهمزة والراء.


يستفاد من الحديث:


أولًا: مباشرة الحائض فيما فوق الإزار في فور حيضتها.

ثانيًا: أن هذه المباشرة إنما تجوز له إذا كان يضبط نفسه ويمنعها من الوقوع في الجماع، وإن كان لا يملك ذلك فلا يجوز له ذلك، لأن من رعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، وعليه بعض الشافعية، واستحسنه النووي.

ثالثًا: قال الحافظ في "الفتح" 1/ 404: "ذهب كثير من السلف والثوري وأحمد وإسحاق إلى أن الذي يمتنع من الاستمتاع بالحائض الفرج فقط، وبه قال محمد بن الحسن من الحنفية، ورجحه الطحاوي، وهو اختيار أصبغ من المالكية، وأحد القولين أو الوجهين للشافعية، واختاره ابن المنذر، وقال النووي: هو الأرجح دليلا لحديث أنس في مسلم - (302) - "اصنعوا كل شيء إلا الجماع"، وحملوا حديث الباب وشبهه على الاستحباب جمعا بين الأدلة، وقال ابن دقيق العيد: ليس في حديث الباب ما يقتضي منع ما تحت الإزار لأنه فعل مجرد انتهى. ويدل على الجواز أيضا ما رواه أبو داود - (272) - بإسناد قوي عن عكرمة عن بعض أزواج النبي ﷺ "أنه كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها ثوبا"، واستدل الطحاوي على الجواز بأن المباشرة تحت الإزار دون الفرج لا توجب حدا ولا غسلا فأشبهت المباشرة فوق الإزار".

رابعًا: أن التقييد بقولها (في فور حيضتها) يدل على الفرق بين ابتداء الحيض وما بعده، ويشهد لذلك ما رواه ابن ماجه في "سننه" بإسناد حسن عن أم سلمة، رضي الله تعالى عنها أنه ﷺ: "كان يتقي سورة الدم ثلاثا ثم يباشرها بعد ذلك" ولا منافاة بينه وبين الأحاديث الدالة على المباشرة مطلقا، لأنها تجمع بينها على اختلاف الحالتين، والله تعالى أعلم. أفاده العيني في "عمدة القاري" 3/ 268.
تنبيه قوله إن (ابن ماجه - روى - في "سننه" بإسناد حسن عن أم سلمة، رضي الله تعالى عنها أنه ﷺ: "كان يتقي سورة الدم ثلاثا ثم يباشرها بعد ذلك") لعلّه اقتبسه من "فتح الباري" 1/ 404، وهو وهم فلم يروه ابن ماجه، إنما أخرجه ابن الأعرابي في "المعجم" (448)، والطبراني 23/ (864)، وفي "الأوسط" (4682)، وفي "مسند الشاميين" (2676)، والإسماعيلي في "معجم شيوخه" (349)، ومن طريقه الخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 223 من طريق محمد بن بكار قال: حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن، عن أمه، عن أم سلمة، قالت: "كان رسول الله ﷺ يكره سورة الدم ثلاثا، ثم يباشر بعد الثلاث"، وزاد الطبراني في "الشاميين"، والاسماعيلي والخطيب "بغير إزار".
ولفظ ابن الأعرابي "نهى أن يجامع المرأة في سور الدم ثلاثا".
وتحرّف في "مسند الشاميين" جملة (يكره سورة الدم ثلاثا) إلى (يكون سرده ثلاثا)!
وإسناده ضعيف لضعف سعيد بن بشير.

خامسًا: قال ابن كثير في "التفسير" 1/ 440: "الذي أجمع العلماء على تحريمه هو المباشرة في الفرج، ثم من فعل ذلك فقد أثم، فيستغفر الله ويتوب إليه، وهل يلزمه مع ذلك كفارة أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما: نعم، لما رواه الإمام أحمد وأهل السنن عن ابن عباس، عن النبي ﷺ "في الذي يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو نصف دينار" [1]، وفي لفظ للترمذي "إذا كان دما أحمر فدينار، وإن كان دما أصفر فنصف دينار" وللإمام أحمد أيضا عنه أن رسول الله ﷺ "جعل في الحائض تصاب دينارا، فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل، فنصف دينار".
والقول الثاني: وهو الصحيح الجديد من مذهب الشافعي وقول الجمهور أنه لا شيء في ذلك، بل يستغفر الله عز وجل لأنه لم يصح عندهم رفع هذا الحديث، فإنه قد روي مرفوعا كما تقدم، وموقوفا وهو الصحيح عند كثير من أئمة الحديث".


هذا آخر باب من أبواب كتاب الطهارة، ويليه إن شاء الله تعالى كتاب الصلاة.






٭ ٭ ٭





[1] - قال الحافظ المنذري: "وهذا الحديث قد وقع الاضطراب في إسناده ومتنه، فروي مرفوعا وموقوفا، ومرسلا ومعضلا"، ويُنظر كلام الحافظ ابن عبد الهادي
في "تعليقة على العلل لابن أبي حاتم" (ص 108-119).

أحاديث الأحكام رواية ودراية - كتاب الطهارة (الحيض) حديث رقم (76)

تحريم الوطىء في الحيض


(76) عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبي ﷺ النبي ﷺ فأنزل الله تعالى {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض} [البقرة: 222] إلى آخر الآية، فقال رسول الله ﷺ: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير، وعباد بن بشر فقالا يا رسول الله، إن اليهود تقول: كذا وكذا، فلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله ﷺ حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي ﷺ، فأرسل في آثارهما فسقاهما، فعرفا أن لم يجد عليهما".

أخرجه مسلم (302)، وأبو داود (258) و (2165)، والترمذي (2977)، والنسائي (288) و (369)، وفي "الكبرى" (277) و (9049) و (10970)، وابن ماجه (644)، وأحمد 3/ 132-133 و 246، والطيالسي (2165)، والدارمي (1053)، وأبو يعلى (3533)، وابن المنذر في "الأوسط" (786)، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 38، وابن حبان (1362)، وأبو عوانة (903)، والبيهقي 1/ 313، وابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 163، والواحدي في "أسباب النزول" (ص46)، والبغوي في "شرح السنة" (314)، وفي "التفسير" 1/ 196، وابن الجوزي في "التحقيق" (292) من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس به.
وقال الترمذي:
"حديث حسن صحيح".
وأخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (2108)، وأبو عوانة (904)، وأبو جعفر النَّحَّاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 203) من طريق عمرو بن عاصم الكلابي، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، وعاصم الأحول، عن أنس به.

غريب الحديث:

(لم يجامعوهن) أي: لم يساكنوهن ولم يخالطوهن.

(المحيض) في اللغة: قد يكون موضع الحيضة، وهو الفرج وهذا فصيح معروف، فتكون الآية حينئذ موافقة لخبر أنس، وهذا هو الذي صح عمن جاء عنه في ذلك شيء من الصحابة، قال مسروق: سألت عائشة: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قالت: " كل شيء إلا الفرج ".
وعن علي، وابن عباس، وأبي طلحة: " فاعتزلوا النساء في المحيض " قال اعتزلوا نكاح فروجهن، وهو قول أم سلمة ومسروق وعطاء وغيرهم. قاله الحافظ مغلطاي في "شرح ابن ماجه" (ص: 888).

(النكاح) المراد هنا الوطىء.

يستفاد من الحديث:


أولًا: تحريم الوطىء في الحيض.

ثانيًا: الاستمتاع بالحائض فيما دون الفرج.

ثالثًا: طهارة جسد الحائض، وعرقها، وسؤرها، وجواز أكل طبخها وعجنها، وما مسته من المائعات، والأكل معها ومساكنتها، وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
"كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي ﷺ فيضع فاه على موضع فِيّ، فيشرب، وأتعرق العرق وأنا حائض، ثم أناوله النبي ﷺ فيضع فاه على موضع فِيّ"
أخرجه مسلم (300)، وغيره.
وقالت رضي الله عنها: "كان رسول الله ﷺ يتكئ في حجري وأنا حائض، فيقرأ القرآن" أخرجه البخاري (297) و (7549)، ومسلم (301).
وقالت رضي الله عنها: "كنت أغسل رأس رسول الله ﷺ وأنا حائض" أخرجه البخاري (301) و (2031)، ومسلم (297).
وقالت: "كنت أرجل رأس رسول الله ﷺ وأنا حائض" أخرجه البخاري (295) و (2029) و (5925)، ومسلم (297).

رابعًا: فيه دليل على كثرة ما شرعه الله تعالى لنبيه ﷺ من مخالفة اليهود، حتى قالوا: ما يريد أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه.

خامسًا: مشروعية الغضب على من ارتكب ما لا يليق.

سادسًا: إعذار من أخطأ وكان قصده حسنًا.

سابعًا: مشروعية الملاطفة والمؤانسة بعد الغضب.

ثامنًا: لطف النبي ﷺ، وطيب نفسه مع أصحابه.

تاسعًا: حب الصحابة للنبي ﷺ وحرصهم الابتعاد عما يغضبه.

عاشرًا: أنه لا يجوز إغاظة العدو بما يخالف الشرع.





٭ ٭ ٭

أحاديث الأحكام رواية ودراية - كتاب الطهارة (الحيض) حديث رقم (75)

استثفار المستحاضة


(75) عن أم سلمة زوج النبي ﷺ: "أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله ﷺ، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله فقال: «لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها، فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلفت ذلك فلتغتسل، ثم لتستثفر بثوب، ثم لتصل فيه»".

صحيح - أخرجه أبو داود (274)، والنسائي (208) و (355)، وفي "الكبرى" (208)، وأحمد 6/ 320، والشافعي 1/ 46، وفي "الأم" 1/ 52، وفي "السنن المأثورة" (139)، وعبد الرزاق في "المصنف" (1182)، وإسحاق (1844)، وحرب الكرماني في "مسائله" (1048)، وابن المنذر في "الأوسط" (809)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2720) و (2721)، والطبراني 23/ (583) و (918)، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 156-157، والبيهقي 1/ 332-333، وفي "المعرفة" (2170)، والبغوي في "شرح السنة" (325) عن مالك ( وهو عنده في "الموطأ" 1/ 62 ) عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة به.
وتابع مالكا: عبيد الله بن عمر، وجرير بن حازم، والحجاج:
أما متابعة عبيد الله بن عمر:
فأخرجها أحمد 6/ 293، وابن أبي شيبة 1/ 126، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2722)، والطبراني 23/ (917) عن عبد الله بن نمير، وابن أبي شيبة 1/ 126، والنسائي (354)، وابن ماجه (623)، والدارقطني 1/ 217، والطبراني 23/ (917)، والدارقطني 1/ 403 عن أبي أسامة، والطبراني 23/ (578) و (917) من طريق عبدة بن سليمان، ومعتمر بن سليمان، أربعتهم عن عبيد الله بن عمر [1]، عن نافع به.
وأخرجه أبو داود (276)، ومن طريقه البيهقي 1/ 333، وابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 59 من طريق أنس بن عياض، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن رجل من الأنصار: أن امرأة كانت تهراق الدم فاستفتت لها أم سلمة رسول الله ﷺ فذكره.
فأدخل أنس بن عياض بين سليمان بن يسار وأم سلمة رجلا، قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" 1/ 334- مطبوع في حاشية "السنن الكبرى": "وأبو أسامة أجل من أنس بن عياض، وقد تابعه عبد الله بن نمير، فروايتهما مرجحة بالحفظ والكثرة".
قلت: وتابعهما أيضا عبدة بن سليمان، ومعتمر بن سليمان كما تقدّم في التخريج.
وأما متابعة جرير بن حازم:
فأخرجها الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2724) من طريق وهب بن جرير قال: حدثنا أبي قال: سمعت نافعا يحدث عن سليمان بن يسار:
"أن أم سلمة سألت النبي ﷺ عن فاطمة ابنة أبي حبيش "وكانت تهراق دما، فأمرها أن تدع الصلاة أقراءها وقدرهن من الشهر، ثم تغتسل وتستثفر بثوب، ثم تصلي".
وهذا صورته صورة المرسل.
وأما متابعة الحجاج:
فأخرجها الطبراني 23/ (577) من طريق يحيى الحماني، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن الحجاج، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة:
"أن فاطمة أتت رسول الله ﷺ، فقالت: إني أرى الدم، فأمرها رسول الله ﷺ أن تغتسل وتتوضأ لكل صلاة".
وإسناده ضعيف، يحيى الحماني: حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث كما في "التقريب".
والحجاج هو ابن أرطأة: صدوق كثير الخطأ والتدليس.
وقال البيهقي:
"سليمان بن يسار لم يسمعه من أم سلمة".
قلت: سليمان بن يسار ثقة فاضل أحد الفقهاء السبعة، ولم يعرف بتدليس، وقد ثبت سماعه من أم سلمة في حديث آخر، ففي صحيح مسلم (1109) من طريق محمد بن يوسف، عن سليمان بن يسار، أنه سأل أم سلمة رضي الله عنها، عن الرجل يصبح جنبا أيصوم؟، وفي مسند الإمام أحمد 6/ 306 من طريق أسامة بن زيد، قال: حدثنا سليمان بن يسار، أنه سمع أم سلمة، فثبت سماعه منها، ولا يجوز ترجيح رواية أنس بن عياض عن عبيد الله أبن عمر، التي أدخل فيها بين سليمان بن يسار وأم سلمة رجلا، فقد خالفه أربعة من الثقات - كما تقدم - فلم يذكروا فيها هذا الرجل، وسيأتي الكلام على رواية الليث بن سعد، ورواه عن نافع: موسى بن عقبة، واختلف فيه عليه:
فأخرجه إسحاق (1845) عن أبي قرة موسى بن طارق، والطبراني 23/ (920) من طريق ابن أبي حازم، كلاهما عن موسى بن عقبة، عن نافع، أن سليمان بن يسار، أخبره، عن أم سلمة به.
وخالفهما: إبراهيمُ بن طهمان فأدخل مرجانة بين سليمان بن يسار وأم سلمة:
أخرجه الطبراني 23/ (649)، والبيهقي 1/ 334 من طريق خالد بن نزار، عن إبراهيم بن طهمان، وخالد بن نزار: وثقه ابن وضاح، والدارقطني، وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" 8/ 223-224، وقال:
"يغرب، ويخطئ"، وقال الحافظ في "التقريب": "صدوق يخطىء".
وأخرجه أبو داود (277)، وابن الجارود في "المنتقى" (113)، والدارقطني 1/ 404، والبيهقي 1/ 333 من طريق صخر بن جويرية [2]، وأبو يعلى (6894)، والبيهقي 1/ 333 من طريق جويرية بن أسماء، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2725) من طريق يحيى بن سعيد، والبيهقي 1/ 333 من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، أربعتهم عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن رجل، عن أم سلمة به.
وهذه الطريق لا تعلّ بها رواية سليمان بن يسار عن أم سلمة بلا واسطة، لأنه لا مانع أن يكون رواه مرة بواسطة، ومرة عنها مباشرة فقد قال ابن التركماني في "الجوهر النقي":
"ذكر صاحب "الكمال " أن سليمان سمع من أم سلمة، فيحتمل أنه سمع هذا الحديث منها، ومن رجل عنها".
ورواه عن نافع: الليثُ بن سعد، واختلف فيه عليه:
فأخرجه أبو داود (275)، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 59-60 حدثنا قتيبة بن سعيد، ويزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب، والدارمي (780)، وابن المنذر في "الأوسط" (812) عن أحمد ابن عبد الله بن يونس، والبيهقي 1/ 333 من طريق يحيى بن بكير، أربعتهم عن الليث، عن نافع، عن سليمان بن يسار، أن رجلا أخبره، عن أم سلمة.
وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2726) من طريق عبد الله ابن صالح قال: حدثنا الليث قال: أخبرني ابن شهاب، عن سليمان بن يسار أن رجلا من الأنصار أخبره عن أم سلمة.
فجعله عبد الله بن صالح من حديث الزهري بدلا من حديث نافع، وعبد الله ابن صالح كاتب الليث: صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة كما في "التقريب"، فتكون رواية الليث محفوظة بإثبات الرجل فيما بين سليمان بن يسار وأم سلمة، وقد عرفتَ أنه لا مانع أن يكون رواه مرة بواسطة، ومرة عنها مباشرة لا سيما وقد تابع نافعًا: أيوب السختياني فلم يذكر الواسطة:
أخرجه أبو داود (278) حدثنا موسى بن إسماعيل، وأحمد 6/ 322-323، والبيهقي 1/ 334، وابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 58 عن عفان، والطبراني 23/ (575) [3] من طريق معلى بن أسد، ثلاثتهم عن وهيب، قال: حدثنا أيوب، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، أن فاطمة استحيضت، وكانت تغتسل في مركن لها، فتخرج وهي عالية الصفرة والكدرة، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله ﷺ فقال: "تنتظر أيام قرئها، أو أيام حيضها، فتدع فيه الصلاة، وتغتسل فيما سوى ذلك، وتستثفر بثوب، وتصلي".
وتابع وهيبا: سفيان بن عيينة، وعبد الوارث:
أما متابعة ابن عيينة:
فأخرجها الحميدي (304)، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 57، والطبراني 23/ (919) من طريق علي بن المديني، والدارقطني 1/ 384 من طريق أبي عبيد الله المخزومي، ثلاثتُهم (الحميدي، وابن المديني، وأبو عبيد الله المخزومي) عن سفيان قال: حدثنا أيوب السختياني، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة أنها قالت:
"كانت فاطمة بنت أبي حبيش تستحاض فسألت رسول الله ﷺ فقال: إنه ليس بالحيضة، ولكنه عرق وأمرها أن تدع الصلاة قدر أقرائها أو قدر حيضتها ثم تغتسل، فإن غلبها الدم استثفرت بثوب وصلت".
وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2723) من طريق الشافعي قال: قال: سفيان، عن أيوب، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة.
فأدخل نافعا فيما بين أيوب وسليمان بن يسار، وذكر المزي في "تحفة الأشراف" 13/ 8 أن أبا داود رواه من طريق وهيب، عن أَيوب، عن نافع، عن سليمان بن يسار، فتعقبه الحافظ في "النكت الظراف" بأن هذا وهم ليس عند أبي داود، وقد وقع الحافظ في "أطراف المسند" 9/ 395 بما وهّم فيه الحافظ المزي إذ قال "عن عفان عن وهيب عن أيوب عن نافع!"، وهذا وهم ليس عند أحمد.
وأما متابعة عبد الوارث بن سعيد:
فأخرجها الدارقطني 1/ 385 من طريق أبي معمر عبد الله بن عمرو بن أبى الحجاج، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن سليمان بن يسار:
" أن أم سلمة استفتت النبي ﷺ لفاطمة بنت أبي حبيش، فقال: تدع الصلاة قدر أقرائها ثم تغتسل وتصلي".
وهذا صورته صورة المرسل.
 وأخرجه الطبراني 23/ (576) حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا عبادة بن زياد، حدثنا أبو مريم، عن قتادة، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة.
وإسناده ضعيف، محمد بن عثمان بن أبى شيبة فيه اختلاف كثير، ودافع عنه العلّامة المعلمي في "التنكيل" 2/ 694 - 696، ولم أعرف أبا مريم.
وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 126 حدثنا إسماعيل ابن علية، وابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 56 من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب، عن سليمان بن يسار:
 "أن فاطمة ابنة أبي حبيش استحيضت، فسألت النبي ﷺ - أو سئل لها؟ - فأمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل فيما سوى ذلك، ثم تستثفر بثوب وتصلي".
وعند ابن عبد البر "فأمرت أم سلمة أن تسال لها".
وأخرجه أحمد 6/ 304، والطبراني 23/ (559)، والحاكم 4/ 56، والبيهقي 1/ 335 من طريق عبد الله بن عمر، عن سالم أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أم سلمة، قالت:
"جاءت فاطمة رسول الله ﷺ، فقالت: إني أستحاض، فقال: ليس ذلك بالحيض، إنما هو عرق، لتقعد أيام أقرائها، ثم لتغتسل، ثم لتستثفر بثوب، ولتصل".
وعبد الله بن عمر العمري: ضعيف، وقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قصة فاطمة بنت أبي حبيش، وقد تقدّم تخريجها برقم (74).

غريب الحديث:


(فإذا خلفت ذلك فلتغتسل) بتشديد اللام، أي: تركت قدر الليالي والأيام التي كانت تحيض فيهن فلتغتسل، لأن قدر ذلك من أيام حيضها فيما مضى، هو حيضها أيضا في هذا الوقت، فإذا خرج هذا خرجت هي من الحيض، ودخلت في حكم الاستحاضة، والمستحاضة تجري عليها أحكام الطاهرة.

(لتستثفر بثوب) هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطنا، وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها، فتمنع بذلك سيل الدم، وهو مأخوذ من ثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها. كذا في "النهاية" 1/ 214.


يستفاد من الحديث:


أولًا: أن المستحاضة المعتادة تجلس أيام عادتها، قال الخطابي في "معالم السنن" 1/ 85:
"هذا حكم المرأة يكون لها من الشهر أيام معلومة تحيضها في أيام الصحة قبل حدوث العلة، ثم تستحاض فتهريق الدماء ويستمر بها السيلان، أمرها رسول الله ﷺ أن تدع الصلاة من الشهر قدر الأيام التي كانت تحيضهن قبل أن يصيبها ما أصابها، فإذا استوفت عدد تلك الأيام اغتسلت مرة واحدة وصار حكمها حكم الطواهر في وجوب الصلاة والصوم عليها، وجواز الطواف إذا حجت، وغشيان الزوج إياها، إلاّ أنها إذا أرادت أن تصلي توضأت لكل صلاة تصليها لأن طهارتها طهارة ضرورية، فلا يجوز أن تصلي بها صلاتي فرض كالمتيمم ولولا أنها قد كانت تحفظ عدد أيامها التي كانت تحيضها أيام الصحة لم يكن لقوله ﷺ: (لتنظر عدد الأيام والليالي التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها)
معنى، إذ لا يجوز أن يردها إلى رأيها ونظرها في أمر هي غير عارفة بكنهه".

ثانيًا: فيه دليل على وجوب الغسل على المستحاضة إذا انقضى زمن الحيض.

ثالثًا: أن المستحاضة يجب عليها أن تستثفر وأن تعالج نفسها بما يسد المسلك ويرد الدم من قطن ونحوه.

رابعًا: فيه دليل على أن المستحاضة إذا لم تستثفر كان عليها إعادة الوضوء إذا خرج منها دم، قال الخطابي: "وإنما جاء قوله ﷺ (تصلي المستحاضة وإن قطر الدم على الحصير) فيمن قد تعالجت بالاستثفار ونحوه، فإذا جاء بعد ذلك شيء غالب لا يرده الثفر حتى تقطر لم يكن عليها إعادة الوضوء، فأما إذا لم تكن قدمت العلاج فهي غير معذورة، وإنما أتيت من قبل نفسها فلزمها الوضوء، وهكذا حكم من به سلس البول يجب عليه أن يسد المجرى بقطن ونحوه، ثم يشده بالعصائب فإن لم يفعل فقطر أعاد الوضوء".

خامسًا: أن من جهل شيئا من أمر دينه يطلب منه السؤال عنه أهل العلم.

سادسًا: جواز أخذ العلم بواسطة.
سابعًا: أن خبر الآحاد حجة يجب العمل به.

 ثامنًا: أنه يطلب من المسؤل أن يجيب السائل عما سأل عنه إذا كان عالما بالحكم.




٭ ٭ ٭




[1]  - تحرّف عبيد الله بن عمر عند الطبراني 23/ (917) إلى عبيد الله بن عمير! وهو انتقال نظر إلى ما قبله.
[2] - وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 9/ 35 من طريق هارون بن سليمان السلمي، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا صخر بن جويرية، عن نافع، عن مسلم بن يسار، أنه جاءه رجل، عن أم سلمة.
 ومسلم بن يسار تحريف، وصوابه سليمان بن يسار، فقد أخرجه أبو داود (277)، ومن طريقه البيهقي 1/ 333، وابن الجارود في "المنتقى" (113) عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، والدارقطني 1/ 404 من طريق أحمد بن سنان، كلاهما عبد الرحمن بن مهدي، عن صخر بن جويرية، عن نافع، عن سليمان بن يسار، أنه حدثه رجل، عن أم سلمة.
[3] - في المطبوع من "المعجم الكبير" (معلى بن راشد، ثنا وهب) وهذا تحريف، والصواب: معلى بن أسد، حدثنا وهيب.

حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام