words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الأحد، 26 فبراير 2017

أحاديث الأحاكم رواية ودراية - كتاب الطهارة (الوضوء) حديث رقم (35)

البداءة باليمين في الوضوء


(35) "إذا توضأتم أو لبستم فابدؤوا بميامنكم".

أخرجه أبو داود (4141)، وابن ماجه (402)، وأحمد 2/ 354، وأبو الحسن بن سلمة في "زوائده" على "ابن ماجه" تحت الحديث (402)، وابن خزيمة (178)، وابن حبان (1090)، وابن المنذر في "الأوسط"، والطبراني في "الأوسط" (1097)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (16)، والبيهقي 1/ 86، وفي "الشعب" (5868)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" 1/ 392 من طرق عن زهير بن معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: فذكره.
وأخرجه الترمذي (1766)، والنسائي في "السنن الكبرى" (9590)، وابن حبان (5422)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي ﷺ" (828)، والبغوي (3156) من طريق شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة:
"أن رسول الله ﷺ كان إذا لبس قميصا بدأ بميامنه".
وفي الباب:
" كان النبي ﷺ يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله، في طهوره، وترجله، وتنعله".
متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها.
وحديث أم عطية رضي الله عنها: أن النبي ﷺ قال لهن في غسل ابنته زينب رضي الله عنها: "ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها" متفق عليه.

يستفاد من الحديث:


أولًا: فيه دليل على البداءة بالميامن عند الوضوء في غسل اليدين والرجلين.

ثانيًا: البداءة باليمين مشروعة في جميع الأعمال الصالحة لفضل اليمين حسا في القوة وشرعا في الندب في تقديمها.

ثالثًا: شرعية البداءة باليمين قاعدة مستمرة في كل ما كان من باب التكريم والتشريف كغسل أعضاء الطهارة، ولبس الثوب، والسراويل، والنعل، ودخول المسجد، والأكل والشرب، والاكتحال، والأخذ والإعطاء، وتقليم الأظفار، وترجيل الشعر، والسلام من الصلاة، والخروج من الخلاء، والمصافحة، واستلام الحجر الأسود، وغير ذلك، مما هو في معناه مما يشرع فيه التيامن.
والبداءة باليسار، في كل ما هو ضد السابق، فمن ذلك خلع الثوب، والسراويل، والنعل، والخروج من المسجد، ودخول الخلاء، والاستنجاء، وتناول أحجار الاستجمار، والامتخاط، والاستنثار، وتعاطي المستقذرات وأشباهها، قال الحليمي: وجه الابتداء بالشمال عند الخلع أن اللبس كرامة، لأنه وقاية للبدن، فلما كانت اليمنى أكرم من اليسرى بدئ بها اللبس، وأخرت في الخلع لتكون الكرامة لها أدوم، وحظها منها أكثر.

رابعًا: نقل ابن المنذر، والنووي الإجماع على أنه لا إعادة على من بدأ بيساره في الوضوء قبل يمينه، وأن تقديم اليمين في الوضوء سنة من خالفها فاته الفضل وتم وضوءه.


٭ ٭ ٭


أحاديث الأحكام رواية ودراية - كتاب الطهارة (الوضوء) حديث رقم (38)

غسل بعض الأعضاء ثلاثًا وبعضها مرتين


(38) "عن عبد الله بن زيد غسل - يديه - مرتين، ثم مضمض واستنثر ثلاثا، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين، ثم مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه".

أخرجه البخاري (185)، ومسلم (235)، وأبو داود (118)، والترمذي (32)، والنسائي (97) و (98)، وفي "الكبرى" (104)، وابن ماجه (434)، وأحمد 4/ 38 و 39، وعبد الرزاق في "المصنف" (5) و (138) [1]، والشافعي 1/ 28، ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط" (350)، وأبو عبيد في "الطهور" (333)، والروياني في "مسنده" (1006)، وابن الجارود في "المنتقى" (73)، وابن خزيمة (157) و (155) و (173)، وأبو عوانة (658) و (678)، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 36، والشاشي في "مسنده" (1087)، وابن حبان (1084)، والبيهقي 1/ 59، وفي "المعرفة" (656)، والبغوي (223) عن مالك (وهو عنده في "الموطأ" 1/ 18) عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، أن رجلا، قال لعبد الله بن زيد، وهو جد عمرو بن يحيى أتستطيع أن تريني، كيف كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ فقال عبد الله بن زيد: نعم، فدعا بماء، فأفرغ على يديه فغسل ... فذكره.
 وأخرجه البخاري (186) و (192)، ومسلم (235)، وأبو عوانة (663) و (679)، وابن حبان (1077)، والبيهقي 1/ 50 و 80، وفي "السنن الصغير" (93)، وفي "المعرفة" (1686) و (1687) من طريق وهيب، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، قال: شهدت عمرو بن أبي حسن، سأل عبد الله بن زيد عن وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فدعا بتور من ماء فتوضأ لهم، فكفأ على يديه فغسلهما ثلاثا، ثم أدخل يده في الإناء فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثا، بثلاث غرفات من ماء، ثم أدخل يده في الإناء، فغسل وجهه ثلاثا،
ثم أدخل يده في الإناء، فغسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين، ثم أدخل يده في الإناء فمسح برأسه، فأقبل بيديه وأدبر بهما، ثم أدخل يده في الإناء فغسل رجليه".
قال البخاري: وحدثنا موسى قال: حدثنا وهيب قال: مسح رأسه مرة.
وقد تقدم تخريجه مستوفى عند صفة الوضوء.

يستفاد من الحديث:


أولًا: غسل اليدين قبل غمسهما في الإناء.

ثانيًا: الجمع بين والمضمضة والاستنشاق ثلاثا، بثلاث غرفات.

ثالثًا: غسل الوجه ثلاثا.

رابعًا: غسل اليدين إلى المرفقين مرتين.

خامسًا: استيعاب مسح الرأس، يبدأ بمقدم رأسه إلى قفاه ثم يرجع بهما من حيث بدأ.

سادسًا: الاقتصار في مسح الرأس على مرة واحدة.

سابعًا: غسل الرجلين إلى الكعبين، ولم يذكر عددا في غسلهما.
ثامنًا: قال النووي في "شرح مسلم" 3/ 123: "فيه دلالة على جواز مخالفة الأعضاء وغسل بعضها ثلاثا وبعضها مرتين وبعضها مرة وهذا جائز والوضوء على هذه الصفة صحيح بلا شك ولكن المستحب تطهير الأعضاء كلها ثلاثا ثلاثا - كما قدمناه - وإنما كانت مخالفتها من النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأوقات بيانا للجواز كما توضأ صلى الله عليه وسلم مرة مرة في بعض الأوقات بيانا للجواز، وكان في ذلك الوقت أفضل في حقه صلى الله عليه وسلم لأن البيان واجب عليه صلى الله عليه وسلم فإن قيل البيان يحصل بالقول فالجواب أنه أوقع بالفعل في النفوس وأبعد من التأويل والله أعلم".

تاسعًا: جواز الاستعانة في إحضار الماء.

عاشرًا: أن الاغتراف من الماء القليل لا يصيّره مستعملا.

الحادي عشر: التعليم بالفعل.


٭ ٭ ٭




[1] - سقط من المطبوع من "مصنف عبد الرزاق" في هذا الموضع والد عمرو بن يحيى المازني.

أحاديث الأحكام رواية ودراية - كتاب الطهارة (الوضوء) حديث رقم (37)

الوضوء لكل عضو مرة مرة


(37) "عن ابن عباس أنه توضأ فغسل وجهه، أخذ غرفة من ماء، فمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غرفة من ماء، فجعل بها هكذا، أضافها إلى يده الأخرى، فغسل بهما وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء، فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء، فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح برأسه، ثم أخذ غرفة من ماء، فرش على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى، فغسل بها رجله، يعني اليسرى، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ".

أخرجه البخاري (140)، وأحمد 1/ 268، والبيهقي 1/ 53 من طريق سليمان بن بلال، والبخاري (157)، وأبو داود (138)، والترمذي (42)، والنسائي (80)، وفي "الكبرى" (85)، وابن ماجه (411)، وأحمد 1/ 233 و 365، وعبد الرزاق في "المصنف" (28)، وفي "الأمالي في آثار الصحابة" (115)، وأبو عبيد في "الطهور" (103)، وعبد بن حميد (702) - المنتخب ، والدارمي (696) و (711)، وابن الجارود في "المنتقى" (69)، وابن المنذر في "الأوسط" (406)، وأبو بكر الباغندي في "الأمالي" (25)، والطحاوي 1/ 29، وابن حبان (1095)، والبيهقي 1/ 80، والبغوي (226) من طرق عن سفيان الثوري، والترمذي (36)،  والنسائي (102)، وفي "الكبرى" (106)، وابن ماجه (439)، وابن أبي شيبة 1/ 9 و 10 و 17 و 21 و 38، وأبو عبيد في "الطهور" (86)، وأبو يعلى (2486)، وابن المنذر في "الأوسط" (358) و (368) و (399) و (400)، وابن خزيمة (148)، وابن حبان (1078) و (1086)، والبيهقي 1/ 55 و 67 و 73 و 236 من طريق محمد بن عجلان، وأبو داود (137)، والطبراني 10/ (10759)، والبيهقي 1/ 58 و 72، وفي "المعرفة" (679) من طريق هشام بن سعد، والنسائي (101)، وفي "الكبرى" (93) و (170)، وابن ماجه (403)، وأبو عبيد في "الطهور" (105) و (294) و (351)، والدارمي (697)، وأبو يعلى (2670) و (2672)، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 32 و 35، وابن خزيمة (171)، وابن حبان (1076)، والبيهقي 1/ 50 و 72، وفي "المعرفة" (678) من طريق عبد العزيز الدراوردي، وأحمد 1/ 332، وعبد الرزاق في "المصنف" (127)، وفي "الأمالي في آثار الصحابة" (115)، وابن الجارود في "المنتقى" (69)، والبيهقي 1/ 80 عن داود بن قيس، وأحمد 1/ 336، وعبد الرزاق في "المصنف" (126)، وفي "الأمالي في آثار الصحابة" (115)، وابن الجارود في "المنتقى" (69)، والبيهقي 1/ 80 عن معمر، والطبراني في "المعجم الأوسط" (714) من طريق روح بن القاسم، ثمانيتُهم (سليمان بن بلال، وسفيان الثوري، ومحمد بن عجلان، وهشام بن سعد، والدراوردي، وداود بن قيس، ومعمر، وروح بن القاسم) تامًا ومختصرًا عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس به، واللفظ للبخاري.
وفي لفظ " ثم أخذ حفنة ماء فرش على قدميه وهو منتعل"، وقد جاء تفسيره عند البخاري وغيره بلفظ "ثم أخذ غرفة من ماء، فرش على رجله اليمنى حتى غسلها".
وأخرجه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" (378) من طريق عبد الصمد، والبيهقي 1/ 67 و73 من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن ورقاء، عن زيد بن أسلم به.
وأخرجه الطبراني 11/ (11394)، وفي "الأوسط" (9429) من طريق حجاج بن نصير، حدثنا ورقاء بن عمر، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعا.
وإسناده ضعيف، من أجل حجاج بن نصير: ضعفوه، وشذ ابن حبان فوثقه كما في "الكاشف"، والحديث محفوظ من حديث زيد بن أسلم، عن عطاء ابن يسار، عن ابن عباس.
وأخرجه الطيالسي (2782) حدثنا خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم بإسناده نحوه.
وإسناده ضعيف جدا، خارجة بن مصعب: متروك وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذبه.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (9188) من طريق زمعة بن صالح، عن زياد بن سعد، عن زيد بن أسلم بإسناده، وفيه "ثم مسح على ظهور قدميه فوق النعل، ثم قام فصلى".
تفرّد به زمعة بن صالح وهو ضعيف.
واستدركه الحاكم 1/ 147 و150-151 على الشيخين! بقوله:
"هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتفقا على حديث زيد بن أسلم، عن عطاء، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة، وهو مجمل، وحديث هشام بن سعد هذا مفسر".
قلت: قد أخرجه البخاري (140) بتمامه من طريق سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم به، وتعقبه الذهبي بقوله "أخرجا أوله!".
قلت: لم يروه مسلم مطلقا لا مختصرا ولا تاما.
وله طريق أخرى عن ابن عباس:
أخرجه أحمد 1/ 219 حدثنا الوليد بن مسلم، وأحمد أيضا 1/ 372 و2/ 28، وأبو يعلى (5777) عن روح بن عبادة، والطيالسي (2883) حدثنا ابن المبارك، ثلاثتُهم عن الأوزاعي، عن المطلب، عن ابن عباس: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة".
والمطلب بن عبد الله بن حنطب: صدوق كثير التدليس والإرسال كما في "التقريب"، قال أبو حاتم: روايته عن ابن عباس وابن عمر مرسلة.
وقال العلائي في "جامع التحصيل" (ص: 281): "قال البخاري: لا أعرف للمطلب بن حنطب عن أحد من الصحابة سماعا إلا قوله حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم.
 قال الترمذي: وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن - يعني الدارمي - يقول مثله.
 قال عبد الله وأنكر علي بن المديني أن يكون المطلب سمع من أنس بن مالك".
وجاء من حديث أبي رافع، وبريدة.
أما حديث أبي رافع:
فأخرجه الروياني في "مسنده" (727)، والطبراني في "الأوسط" (907) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي، وأبو زرعة كما في "العلل" (171) لابن أبي حاتم، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 44، والطبراني 1/ 937 من طريق أبي الوليد الطيالسي، والطبراني أيضا 1/ 937 من طريق القعنبي، ثلاثتُهم عن عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبي رافع قال:
"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فغسل وجهه ثلاثا، وغسل يديه ثلاثا، ومسح برأسه وأذنيه، وغسل رجليه ثلاثا، ورأيته مرة أخرى توضأ مرة مرة".
وعند الطبراني في "المعجم الكبير"، و"العلل" لابن أبي حاتم (عبيد الله بن أبي رافع) بدل (عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع).
وقال الطبراني:
"لا يروى هذا الحديث عن أبي رافع إلا بهذا الإسناد، تفرد به الدراوردي".
وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 30 من طريقين عن سعيد بن سليمان الواسطي، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا، ورأيته غسل مرة مرة".
وأخرجه البزار (3864) حدثنا أحمد بن أبان، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: أخبرنا عمرو بن أبي عمرو، عن ابن أبي رافع، عن أبيه رضي الله عنه:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة".
وأخرجه الدارقطني 1/ 138 من طريق عبد الله بن عمر الخطابي، حدثنا الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، قال:
"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ثلاثا ثلاثا ورأيته يتوضأ مرة مرة".
وأخرجه المروزي في "زياداته" على "الطهور" لأبي عبيد (101) حدثنا خلف بن هشام، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن [ أبي عمر (كذا)، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبي ] رافع.
قال محقق كتاب "الطهور": ما بين المعقوفتين بياض في الأصل، واستدركته من "المعجم الأوسط!".
قلت: الذي في "المعجم الأوسط" طريق سعيد بن سليمان الواسطي، عن الدراوردي، وأما طريق خلف بن هشام، عن الدراوردي، كان ينبغي استدراكها من كتاب "العلل" (1173) للدراقطني، لأن الإسنادين متغايران، فقد ذكر الدارقطني أن خلف بن هشام، يرويه عن الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، عن يعقوب بن خالد، عن أبي رافع.
وأخرجه أبو عبيد في "الطهور" (98) حدثنا نعيم بن حماد، عن عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن رجل - قال: قال عبد العزيز، نسيت اسمه - عن عبيد الله بن أبي نافع (كذا)، عن أبيه، قال: "توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة، وثلاثا ثلاثا".
وقال أبو عبيد: "وفي غير حديث نعيم، تسمية هذا الرجل أنه عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم".
قال الترمذي في "العلل الكبير" (ص: 37):
" قال محمد - يعني البخاري -: وحديث أبي رافع في هذا الباب فيه اضطراب".
وإذا ما أردنا الترجيح بين روايات الدراوردي الآنفة الذكر، فإن أقواها ما أخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 30 من طريقين عن سعيد بن سليمان الواسطي، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا، ورأيته غسل مرة مرة".
والسبب في ترجيح هذا الوجه أنه تابع عمرًا عليه: يعقوب بن عبد الله المخزومي:
أخرجه الروياني في "مسنده" (721) من طريق يعقوب بن عبد الله المخزومي، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، قال:
"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ ثلاثا ثلاثا، ورأيته يتوضأ مرة مرة ".
وقال الدارقطني في "العلل" 7/ 11:
"وأشبهها بالصواب حديث عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الله بن عبيد الله هو عباد [1]، عن أبيه، عن جده".
قلت: لكن يبقى النظر في عبيد الله بن أبي رافع، هكذا جاء بالتصغير عند الروياني، فكيف يسوغ حينئذ أن يكون عن أبيه، عن جده، والجادة أن يكون عن أبيه، فعبيد الله يروي عن أبي رافع مباشرة، والتصويب أنه عبد الله بالتكبير، ونسب إلى جده، وهذا كثير في الرواة أنهم ينسبون إلى أجدادهم، وقال الحافظ في ترجمته من "التقريب": "مقبول"، وهذا غير مقبول، فقد روى عنه: سعيد بن أبي هلال، وعمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، ومحمد بن عجلان، وسماه: عبادا، وأخوه محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات" 7 / 32، واستشهد به الإمام مسلم في "صحيحه"، وقال الحافظ مغلطاي في "إكمال تهذيب الكمال" 8/ 45: "وذكره ابن خلفون في كتاب "الثقات"، وخرّج أبو عوانة حديثه في صحيحه"، فهو صدوق، وحديثه حسن لذاته والله الموفق.

وأما حديث بريدة:
فأخرجه الروياني في "مسنده" (9)، وأبو عروبة في "جزء من حديثه" (52)، وابن المقرئ في "المعجم" (269)، وتمام في "الفوائد" (1327)، (1328) من طرق عن علي بن قادم، حدثنا سفيان، عن علقمة، عن ابن بريدة، عن أبيه:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة".
وإسناده ضعيف، علي بن قادم: مختلف فيه، يروي عن الثوري أحاديث غير محفوظة، قال أبو حاتم: محله الصدق.
 وقال ابن سعد: منكر الحديث، شديد التشيع.
وقال الساجي: صدوق، وفيه ضعف.
وقال ابن قانع: كوفي صالح.
وقال ابن القطان الفاسي في "الوهم والإيهام" 3/ 203: "وعلي بن قادم وإن كان صدوقا فإنه يستضعف، قال فيه ابن معين: ضعيف.
وقال أبو أحمد: نقمت عليه أحاديث رواها عن الثوري غير محفوظة".
وحديثه هذا منها، ومما يدل على ضعفه ما أخرجه البيهقي 1/ 271 من طريق أحمد بن مهران الأصبهاني، عن علي بن قادم، حدثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة - وهو سليمان بن بريدة - عن أبيه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة، ومسح على الخفين، وصلى الصلوات كلها بوضوء واحد، فقال له عمر: صنعت شيئا ما كنت تصنعه. فقال: عمدا فعلته يا عمر".
هذا الحديث محفوظ عن الثوري، ليس فيه "توضأ مرة مرة":
أخرجه مسلم (277) من طريق عبد الله بن نمير، ومسلم أيضا (277)، وأحمد 5/ 350، وأبو داود (172)، والنسائي (133)، وفي "السنن الكبرى" (133)، وابن الجارود (1)، وابن خزيمة (12)، والبيهقي 1/ 271، وفي "المعرفة" (894) عن يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرزاق (158)، والترمذي (61)، وأحمد 5/ 358، وأبو عبيد في "الطهور" (40)، وابن الجارود (1)، وابن خزيمة (12) عن عبد الرحمن بن مهدي، وأحمد 5/ 351، وابن أبي شيبة 1/ 177، وأبو عوانة (648) عن وكيع، والدارمي (659) أخبرنا عبيد الله بن موسى، وأبو عوانة (646) و (649) من طريق أبي عامر العقدي، والقاسم بن يزيد الجرمي، وأبي داود الحفري، وأبي بكر الحنفي، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 41 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، وأبي حذيفة النهدي، وابن حبان (1706) من طريق يحيى بن آدم، وأبو عوانة (647)، وابن حبان (1708) من طريق الفريابي، وابن حبان أيضا من طريق قبيصة بن عقبة، وابن المنذر في "الأوسط" (4) من طريق عبد الله بن الوليد العدني، والبيهقي 1/ 162 من طريق ابن وهب، كلهم عن سفيان، قال: حدثني علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال له عمر: لقد صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه، قال: عمدا صنعته يا عمر".
وأما حديث "توضأ مرة مرة":
فأخرجه البخاري (157)، وأبو داود (138)، والترمذي (42)، والنسائي (80)، وفي "الكبرى" (85)، وابن ماجه (411)، وأحمد 1/ 233 و 365، وعبد الرزاق في "المصنف" (28)، وفي "الأمالي في آثار الصحابة" (115)، وأبو عبيد في "الطهور" (103)، وعبد بن حميد (702) - المنتخب ، والدارمي (696) و (711)، وابن الجارود في "المنتقى" (69)، وابن المنذر في "الأوسط" (406)، وأبو بكر الباغندي في "الأمالي" (25)، والطحاوي 1/ 29، وابن حبان (1095)، والبيهقي 1/ 80، والبغوى (226) من طرق عن سفيان الثوري، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس به.
فجعلهما علي بن قادم حديثًا واحدا، وساقه من مسند بريدة!
وأخرجه ابن عدي في "الكامل في ضعفاء الرجال" 7/ 469 من طريق الفريابي، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة".
وقال ابن عدي:
"وهذا يعرف بعلي بن قادم عن الثوري بهذا الإسناد وقد رواه الفريابي، والفريابي له عن الثوري إفرادات وله حديث كثير عن الثوري وقد قدم الفريابي في سفيان الثوري على جماعة مثل عبد الرزاق ونظرائه".
وأخرجه الروياني (10) حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن ليث، عن عثمان بن عمير، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه:
"أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة".
وإسناده ضعيف، عثمان بن عمير: ضعيف واختلط وكان يدلس ويغلو فى التشيع كما في "التقريب".
وليث هو ابن أبي سليم: سيء الحفظ.
وشيخ الروياني هو محمد بن حميد بن حيان التميمي: ضعيف.

يستفاد من الحديث:


أولًا: جواز الوضوء لكل عضو مرة.

ثانيًا: أن الماء المستعمل في الوضوء طاهر مطهر.

ثالثًا: الجمع بين المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة.

رابعًا: البداءة باليمين في الوضوء.

خامسًا: أخذ الماء للوجه باليد الواحدة، ثم جمعهما كليهما فيعمم بهما غسل الوجه كله.

سادسًا: الرش يذكر ويراد به الغسل، فإن قوله (أخذ غرفة من ماء فرش على رجله اليمنى حتى غسلها) أراد بالرش ههنا صب الماء قليلا قليلا، وهو الغسل بعينه.
ومما يدل على أن الرش يراد به الغسل قوله صلى الله عليه وسلم - في دم الحيض يصيب الثوب - "حتيه ثم اقرصيه ثم رشيه وصلي فيه".
قال العيني في "عمدة القاري" 3/ 131: "ومعناه: إسالة الماء عليه من غير عرك، لأنه متى صب الماء عليه قليلا قليلا حتى تقاطر وسال حصل الغسل، لأن الغسل هو الإسالة".




٭ ٭ ٭




[1] - وفي المطبوع من "العلل" (عبادل)، وعبادل هو عبيد الله بن علي بن أبى رافع، وليس هو المراد هنا، فعبد الله بن عبيد الله، غير عبيد الله بن علي، وأيضا سباق الكلام يدل على عباد، فقد قال الدارقطني: "رواه سعيد بن سليمان، وسليم الشاذكوني، ونعيم بن حماد، عن الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الله ابن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده"، ثم رجّح هذا الوجه، فقال: "وأشبهها بالصواب حديث عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الله بن عبيد الله هو عباد، عن أبيه، عن جده".

حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام