words' theme=''/>

ندعو إلى التمسك بالمنهج الصحيح المتكامل لفهم الإسلام الصحيح والعمل به، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة، لنعود بك إلى الصدر الأول على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ومن سار على نهجهم من القرون الفاضلة إلى يوم الدين ...أبو سامي العبدان

الجمعة، 13 يوليو 2018

مراتب تغيير المنكر

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".

الحديث رواية


أخرجه مسلم (49-78)، وأحمد 3/ 54 ، وابن حبان (306) ، وأبو نعيم في "المستخرج" 1/ 136، وفي "الحلية" 10/ 27، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 260 من طريق وكيع، والترمذي (2172)، والنسائي (5008)، وأحمد 3/ 49 عن عبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق في "المصنف" (5649)، وعنه المؤمل في "جزءه" (ص 112)، وأبو عوانة (97)، والبيهقي 6/ 94 من طريق الفريابي، أربعتهم ( وكيع، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق، والفريابي ) عن سفيان الثوري، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، فقام إليه رجل، فقال: الصلاة قبل الخطبة، فقال: قد ترك ما هنالك، فقال أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره.
وقال الترمذي:
"هذا حديث حسن صحيح".

وأخرجه مسلم (49-78)، وأحمد 3/ 20 و 92، والطيالسي (2310)، وابن منده في "الإيمان" (181)، وأبو عوانة (97)، وأبو نعيم في "المستخرج" 1/ 136، وابن بشران في "أماليه" (964)، والبيهقي في "الشعب" (7153)، وقوّام السنة في "الترغيب" (293) من طريق شعبة، عن قيس بن مسلم به.

وأخرجه النسائي (5009)، ومن طريقه قوّام السنة في "الترغيب" (34) من طريق مالك بن مغول، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: قال أبو سعيد الخدري، سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم، يقول:
"من رأى منكرا فغيره بيده فقد برئ، ومن لم يستطع أن يغيره بيده، فغيره بلسانه فقد برئ، ومن لم يستطع أن يغيره بلسانه، فغيره بقلبه فقد برئ، وذلك أضعف الإيمان".

وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف" (11) من طريق حفص أبي عمر، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، قال:
"شهدت الصلاة مع مروان بن الحكم في يوم عيد فأخرج منبر رسول الله  صلى الله عليه وسلم، ثم قام يخطب عليه، فناداه رجل من القوم: يا مروان، يا مروان، فأقبل عليه مروان، فأنصت واشرأب الناس إليه، فقال: خالفت سنة رسول الله  صلى الله عليه وسلم أخرجت منبره ولم يك يخرج، وقدمت الخطبة وإنما الخطبة بعد الصلاة، فقال رجل من القوم: قضى، والذي نفسي بيده هذا ما عليه، سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكرا فلينكره بقلبه. فقلت: من هذا المتكلم؟ فقالوا: هذا أبو سعيد الخدري".
وإسناده ضعيف جدًا، حفص أبو عمر: هو ابن سليمان متروك الحديث مع إمامته في القراءة.

وأخرجه مسلم (49-79)، وأبو داود (1140) و (4340)، وابن ماجه (1275)
و (4013)، وأحمد 3/ 10، وابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف" (10)، وأبو يعلى (1203)، وابن منده في "الإيمان" (180)، وابن حبان (307)، وأبو نعيم في "المستخرج" 1/ 136-137، والبيهقي  3/ 296، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 258-259 من طريق أبي معاوية، حدثنا الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، وعن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، كلاهما عن أبي سعيد الخدري، قال:
"أخرج مروان المنبر في يوم عيد وبدأ بالخطبة قبل الصلاة، فقام رجل فقال: يا مروان خالفت السنة أخرجت المنبر في يوم عيد ولم يكن يخرج، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة ولم يكن يبدأ بها. فقال أبو سعيد من هذا قالوا: فلان بن فلان؟ قال أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع أن يغيره بيده فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".

وأخرجه أحمد 3/ 52، وعبد بن حميد (906-المنتخب)، والسرّاج في "حديثه" (2212) من طريق محمد بن عبيد، وأبو يعلى (1009)، وأبو نعيم في "المستخرج" 1/ 136-137، والبيهقي 3/ 296 و 7/ 265، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 259-260 من طريق ابن نمير، كلاهما عن الأعمش، عن إسماعيل، عن أبيه، قال:
"أخرج مروان المنبر فذكره .
وأخرجه البيهقي 10/ 90، وفي "الآداب" (181)، وفي "الاعتقاد" (ص 179) من طريق  محمد بن عبيد، حدثنا الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري به.

الحديث دراية


قوله (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ...) المعروف والمنكر بالقلب فرض لا يسقط عن أحد، فمن لم يعرفه هلك، وأما الإنكار باللسان واليد، فإنما يجب بحسب الطاقة.
قال النووي في "شرح مسلم" 2/ 22:
 "قوله  صلى الله عليه وسلم (فليغيره) فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين ولم يخالف في ذلك إلا بعض الرافضة ولا يعتد بخلافهم كما قال الإمام أبو المعالي إمام الحرمين لا يكترث بخلافهم في هذا فقد أجمع المسلمون عليه قبل أن ينبغ هؤلاء، ووجوبه بالشرع لا بالعقل خلافا للمعتزلة، وأما قول الله عز وجل ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ [المائدة: 105]، فليس مخالفا لما ذكرناه لأن المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم، مثل قوله تعالى ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾، وإذا كان كذلك فمما كلف به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك على الفاعل لكونه أدى ما عليه فإنما عليه الأمر والنهي لا القبول والله أعلم، ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف، ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به الا هو، أولا يتمكن من إزالته إلا هو وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف، قال العلماء رضي الله عنهم: ولا يسقط عن المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكونه لا يفيد في ظنه بل يجب عليه فعله، ﴿فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات: 55] وقد قدمنا أن الذي عليه الأمر والنهي لا القبول وكما قال الله عز وجل ﴿ما على الرسول إلا البلاغ﴾، ومثّل العلماء هذا بمن يرى إنسانا في الحمام أو غيره مكشوف بعض العورة ونحو ذلك والله أعلم قال العلماء: ولا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحال ممتثلا ما يأمر به مجتنبا ما ينهى عنه، بل عليه الأمر وإن كان مخلا بما يأمر به، والناهي وإن كان متلبسا بما ينهى عنه فإنه يجب عليه شيئان:
 أن يأمر نفسه وينهاها، ويأمر غيره وينهاه، فإذا أخل بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر.
 قال العلماء: ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأصحاب الولايات، بل ذلك جائز لآحاد المسلمين، قال إمام الحرمين: والدليل عليه إجماع المسلمين فإن غير الولاة في الصدر الأول والعصر الذي يليه، كانوا يأمرون الولاة بالمعروف وينهونهم عن المنكر مع تقرير المسلمين إياهم، وترك توبيخهم على التشاغل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير ولاية والله أعلم.
 ثم إنه إنما يأمر وينهى من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه، وذلك يختلف باختلاف الشيء فإن كان من الواجبات الظاهرة والمحرمات المشهورة كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها فكل المسلمين علماء بها، وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال، ومما يتعلق بالاجتهاد لم يكن للعوام مدخل فيه ولا لهم إنكاره بل ذلك للعلماء، ثم العلماء إنما ينكرون ما أجمع عليه، أما المختلف فيه فلا إنكار فيه، لأن على أحد المذهبين كل مجتهد مصيب وهذا هو المختار عند كثيرين من المحققين أو أكثرهم، وعلى المذهب الآخر المصيب واحد والمخطىء غير متعين لنا والإثم مرفوع عنه، لكن إن ندبه على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف فهو حسن محبوب مندوب إلى فعله برفق، فإن العلماء متفقون على الحث على الخروج من الخلاف إذا لم يلزم منه إخلال بسنة أو وقوع في خلاف آخر، وذكر أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي البصري الشافعي في كتابه "الأحكام السلطانية" خلافا بين العلماء في أن من قلده السلطان الحسبة هل له أن يحمل الناس على مذهبه فيما اختلف فيه الفقهاء إذا كان المحتسب من أهل الاجتهاد أم لا يغير ما كان على مذهب غيره؟ والأصح أنه لا يغير لما ذكرناه ولم يزل الخلاف في الفروع بين الصحابة والتابعين فمن بعدهم رضي الله عنهم أجمعين، ولا ينكر محتسب ولا غيره على غيره، وكذلك قالوا ليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف نصا أو اجماعا أو قياسا جليا والله أعلم.
 واعلم أن هذا الباب أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضيع أكثره من أزمان متطاولة ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدا وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه، واذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾ فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا الباب فإن نفعه عظيم لا سيما وقد ذهب معظمه، ويخلص نيته ولا يهابن من ينكر عليه لارتفاع مرتبته فإن الله تعالى قال ﴿ولينصرن الله من ينصره﴾ وقال تعالى ﴿ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم﴾ وقال تعالى ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا﴾ وقال تعالى ﴿أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين﴾ واعلم أن الأجر على قدر النصب، ولا يتاركه أيضا لصداقته ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة لديه، فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقا، ومن حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته وينقذه من مضارها، وصديق الإنسان ومحبه هو من سعى في عمارة آخرته، وإن أدى ذلك إلى نقص في دنياه، وعدوه من يسعى في ذهاب أو نقص آخرته، وإن حصل بسبب ذلك صورة نفع في دنياه، وإنما كان إبليس عدوا لنا لهذا، وكانت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أولياء للمؤمنين لسعيهم في مصالح آخرتهم وهدايتهم إليها، ونسأل الله الكريم توفيقنا وأحبابنا وسائر المسلمين لمرضاته وأن يعمنا بجوده ورحمته والله أعلم.
وينبغي للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يرفق ليكون أقرب إلى تحصيل المطلوب فقد قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه.
ومما يتساهل أكثر الناس فيه من هذا الباب ما إذا رأى إنسانا يبيع متاعا معيبا أو نحوه، فإنهم لا ينكرون ذلك ولا يعرفون المشتري بعيبه وهذا خطأ ظاهر وقد نص العلماء على أنه يجب على من علم ذلك أن ينكر على البائع وأن يعلم المشتري به والله أعلم.
 وأما صفة النهي ومراتبه فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح ( فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه ) فقوله  صلى الله عليه وسلم فبقلبه معناه: فليكرهه بقلبه وليس ذلك بإزالة وتغيير منه للمنكر، ولكنه هو الذي في وسعه وقوله  صلى الله عليه وسلم (وذلك أضعف الإيمان) معناه والله أعلم أقله ثمرة.
 قال القاضي عياض رحمه الله: هذا الحديث أصل في صفة التغيير فحق المغير أن يغيره بكل وجه أمكنه زواله به قولا كان أو فعلا، فيكسر آلات الباطل ويريق المسكر بنفسه أو يأمر من يفعله وينزع الغصوب ويردها إلى أصحابها بنفسه أو بأمره إذا أمكنه، ويرفق في التغيير جهده بالجاهل وبذي العزة الظالم المخوف شره إذ ذلك أدعى إلى قبول قوله كما يستحب أن يكون متولي ذلك من أهل الصلاح والفضل لهذا المعنى، ويغلظ على المتمادي في غيه والمسرف في بطالته إذا أمن أن يؤثر إغلاظه منكرا أشد مما غيره لكون جانبه محميا عن سطوة الظالم، فإن غلب على ظنه أن تغييره بيده يسبب منكرا أشد منه من قتله أو قتل غيره بسبب كف يده واقتصر على القول باللسان والوعظ والتخويف فإن خاف أن يسبب قوله مثل ذلك غير بقلبه وكان في سعة وهذا هو المراد بالحديث إن شاء الله تعالى ...".
وفي هذا الحديث دليل على أن من خاف القتل أو الضرب سقط عنه التغيير وهو مذهب المحققين سلفا وخلفا وذهبت طائفة من الغلاة إلى أنه لا يسقط وإن خاف ذلك.
وقال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم":
 "قال سعيد بن جبير: قلت لابن عباس: آمر السلطان بالمعروف وأنهاه عن المنكر؟ قال: إن خفت أن يقتلك فلا، ثم عدت، فقال لي مثل ذلك، ثم عدت، فقال لي مثل ذلك، وقال: إن كنت لابد فاعلا، ففيما بينك وبينه - أخرجه سعيد بن منصور (746) وغيره وهو حسن - وقال طاووس: أتى رجل ابن عباس، فقال: ألا أقوم إلى هذا السلطان فآمره وأنهاه؟ قال: لا تكن له فتنة، قال: أفرأيت إن أمرني بمعصية الله؟ قال: ذلك الذي تريد، فكن حينئذ رجلا - أخرجه عبد الرزاق كما في "الجامع لمعمر" (20722) بإسناد على شرط الشيخين - وقد ذكرنا حديث ابن مسعود الذي فيه: "يخلف من بعدهم خلوف، فمن جاهدهم بيده، فهو مؤمن" ... الحديث - أخرجه مسلم (50) -  وهذا يدل على جهاد الأمراء باليد، وقد استنكر الإمام أحمد هذا الحديث في رواية أبي داود، وقال: هو خلاف الأحاديث التي أمر رسول الله -  صلى الله عليه وسلم - فيها بالصبر على جور الأئمة، وقد يجاب عن ذلك: بأن التغيير باليد لا يستلزم القتال، وقد نص على ذلك أحمد أيضا في رواية صالح، فقال: التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح، وحينئذ فجهاد الأمراء باليد أن يزيل بيده ما فعلوه من المنكرات، مثل أن يريق خمورهم أو يكسر آلات الملاهي التي لهم، ونحو ذلك، أو يبطل بيده ما أمروا به من الظلم إن كان له قدرة على ذلك، وكل هذا جائز، وليس هو من باب قتالهم، ولا من الخروج عليهم الذي ورد النهي عنه، فإن هذا أكثر ما يخشى منه أن يقتل الآمر وحده.
وأما الخروج عليهم بالسيف، فيخشى منه الفتن التي تؤدي إلى سفك دماء المسلمين، نعم إن خشي في الإقدام على الإنكار على الملوك أن يؤذي أهله أو جيرانه، لم ينبغ له التعرض لهم حينئذ، لما فيه من تعدي الأذى إلى غيره، كذلك قال الفضيل بن عياض وغيره، ومع هذا، فمتى خاف منهم على نفسه السيف، أو السوط، أو الحبس، أو القيد، أو النفي، أو أخذ المال، أو نحو ذلك من الأذى؟ سقط أمرهم ونهيهم، وقد نص الأئمة على ذلك، منهم: مالك وأحمد وإسحاق وغيرهم.
قال أحمد: لا يتعرض للسلطان، فإن سيفه مسلول ...
وقال ابن رجب: وقد ورد ما يستدل به على سقوط الأمر والنهي عند عدم القبول والانتفاع به، ففي "سنن أبي داود" و"ابن ماجه" و"الترمذي" عن أبي ثعلبة الخشني، أنه قيل له: كيف تقول في هذه الآية: ﴿عليكم أنفسكم﴾؟ فقال: أما والله لقد سألت عنها رسول الله  صلى الله عليه وسلم، فقال: بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، ودع عنك أمر العوام" - حسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي، والحديث صحيح لغيره خرجّته في "أحاديث الغربة وآثارها" تحت الحديث الرابع - وفي "سنن أبي داود" عن عبد الله بن عمرو، قال:
"بينما نحن حول رسول الله  صلى الله عليه وسلم، إذ ذكر الفتنة، فقال: إذا رأيتم الناس مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم، وكانوا هكذا. وشبك بين أصابعه، فقمت إليه، فقلت: كيف أفعل عند ذلك، جعلني الله فداك؟ قال: الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ بما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة" - حديث صحيح ، خرّجته في "أحاديث الغربة وآثارها" الحديث الرابع - وكذلك روي عن طائفة من الصحابة في قوله تعالى: ﴿عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم﴾، قالوا: لم يأت تأويلها بعد، إنما تأويلها في آخر الزمان.
وعن ابن مسعود، قال: إذا اختلفت القلوب والأهواء، وألبستم شيعا، وذاق بعضكم بأس بعض، فيأمر الإنسان حينئذ نفسه، حينئذ تأويل هذه الآية.
وعن ابن عمر، قال: هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا، إن قالوا لم يقبل منهم.
وقال جبير بن نفير عن جماعة من الصحابة، قالوا: إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، لا يضرك من ضل إذا اهتديت.
وعن مكحول، قال: لم يأت تأويلها بعد، إذا هاب الواعظ، وأنكر الموعوظ، فعليك حينئذ بنفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت.
وعن الحسن: أنه كان إذا تلا هذه الآية، قال: يا لها من ثقة ما أوثقها! ومن سعة ما أوسعها!
وهذا كله قد يحمل على أن من عجز عن الأمر بالمعروف، أو خاف الضرر، سقط عنه، وكلام ابن عمر يدل على أن من علم أنه لا يقبل منه، لم يجب عليه، كما حكي رواية عن أحمد، وكذا قال الأوزاعي: مر من ترى أن يقبل منك.
وقوله  صلى الله عليه وسلم في الذي ينكر بقلبه: "وذلك أضعف الإيمان" يدل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصال الإيمان، ويدل على أن من قدر على خصلة من خصال الإيمان وفعلها، كان أفضل ممن تركها عجزا عنها، ويدل على ذلك أيضا قوله  صلى الله عليه وسلم  في حق النساء: "أما نقصان دينها، فإنها تمكث الأيام والليالي لا تصلي" يشير إلى أيام الحيض، مع أنها ممنوعة من الصلاة حينئذ، وقد جعل ذلك نقصا في دينها، فدل على أن من قدر على واجب وفعله، فهو أفضل ممن عجز عنه وتركه، وإن كان معذورا في تركه، والله أعلم ...
واعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تارة يحمل عليه رجاء ثوابه، وتارة خوف العقاب في تركه، وتارة الغضب لله على انتهاك محارمه، وتارة النصيحة للمؤمنين، والرحمة لهم، ورجاء إنقاذهم مما أوقعوا أنفسهم فيه من التعرض لغضب الله وعقوبته في الدنيا والآخرة، وتارة يحمل عليه إجلال الله وإعظامه ومحبته، وأنه أهل أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، وأن يفتدى من انتهاك محارمه بالنفوس والأموال، كما قال بعض السلف: وددت أن الخلق كلهم أطاعوا الله، وإن لحمي قرض بالمقاريض.
وكان عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز رحمهما الله يقول لأبيه: وددت أني غلت بي وبك القدور في الله عز وجل.
ومن لحظ هذا المقام والذي قبله، هان عليه كل ما يلقى من الأذى في الله تعالى، وربما دعا لمن آذاه، كما قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما ضربه قومه فجعل يمسح الدم عن وجهه، ويقول:
"رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" - أخرجه الشيخان - وبكل حال يتعين الرفق في الإنكار.
 قال سفيان الثوري: لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فيه خصال ثلاث: رفيق بما يأمر، رفيق بما ينهى، عدل بما يأمر، عدل بما ينهى، عالم بما يأمر، عالم بما ينهى.
وقال أحمد: الناس محتاجون إلى مداراة ورفق الأمر بالمعروف بلا غلظة إلا رجل معلن بالفسق، فلا حرمة له، قال: وكان أصحاب ابن مسعود إذا مروا بقوم يرون منهم ما يكرهون، يقولون: مهلا رحمكم الله، مهلا رحمكم الله.
وقال أحمد: يأمر بالرفق والخضوع، فإن أسمعوه ما يكره، لا يغضب، فيكون يريد ينتصر لنفسه".
وقال ابن عثيمين في "شرح رياض الصالحين":
"والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحتاج إلى أمور:
الأمر الأول: أن يكون الإنسان عالما بالمعروف والمنكر، فإن لم يكن عالما بالمعروف فإنه لا يجوز أن يأمر به، لأنه يأمر بماذا؟ قد يأمر بأمر يظنه معروفا وهو منكر ولا يدري، فلا بد أن يكون عالما أن هذا من المعروف الذي شرعه الله ورسوله، ولابد أن يكون عالما بالمنكر، أي: عالما بأن هذا منكر، فإن لم يكن عالما بذلك، فلا ينه عنه، لأنه قد ينهى عن شيء هو معروف فيترك المعروف بسببه، أو ينهى عن شيء وهو مباح فيضيق على عباد الله، بمنعهم مما أباح الله لهم، فلا بد أن يكون عالما بأن هذا منكر، وقد يتسرع كثير من إخواننا الغيورين، فينهون عن أمور مباحة يظنونها منكرا فيضيقون على عباد الله.
فالواجب أن لا تأمر بشيء إلا وأنت تدري أنه معروف، وأن لا تنه عن شيء إلا وأنت تدري أنه منكر.
الأمر الثاني: أن تعلم بأن هذا الرجل تارك للمعروف أو فاعل للمنكر، ولا تأخذ الناس بالتهمة أو بالظن، فإن الله تعالى يقول: ﴿يَا أيهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا﴾ [الحجرات: 12]، فإذا رأيت شخصا لا يصلي معك في المسجد، فلا يلزم من ذلك أنه لا يصلي في مسجد آخر، بل قد يصلي في مسجد آخر، وقد يكون معذورا، فلا تذهب من أجل أن تنكر عليه حتى تعلم أنه يتخلف بلا عذر.
نعم لا بأس أن تذهب وتسأله، وتقول: يا فلان، نحن نفقدك في المسجد، لا بأس عليك، أما أن تنكر أو أشد من ذلك أن تتكلم فيه في المجالس، فهذا لا يجوز، لأنك لا تدري، ربما أنه يصلي في مسجد آخر، أو يكون معذورا.
ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يستفهم أولاً قبل أن يأمر، فإنه ثبت في "صحيح مسلم":
"أن رجلاً دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس ولم يصل تحية المسجد، فقال النبي  صلى الله عليه وسلم: أصليت؟  قال: لا، قال: قم فصل ركعتين".
 ولم يأمره أن يصلي ركعتين حتى سأله: هل صلى أم لا؟ مع أن ظاهر الحال أنه رجلٌ دخل وجلس ولم يصل، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام خاف أن يكون قد صلى وهو لم يشعر به، فقال: "أصليت؟  فقال: لا، قال: قم فصل ركعتين".
كذلك في المنكر لا يجوز أن تنكر على شخص إلا إذا علمت أنه وقع في المنكر، فإذا رأيت امرأة مع شخص في سيارة مثلاً، فإنه لا يجوز أن تتكلم عليه أو على المرأة، لأنه ربما تكون هذه المرأة من محارمه، زوجة، أو أم، أو أخت، أو ما أشبه ذلك، حتى تعلم أنه قد أركب معه امرأة ليست من محارمه، أو وجدت شبهة قوية، وأمثال هذا كثيرٌ.
 المهم أنه لا بُد من علم الإنسان بأن هذا معروف ليأمر به، أو منكر لينهى عنه، ولا بد أن يعلم أيضا أن الذي وجّه إليه الأمر أو النهي قد وقع في أمر يحتاج إلى أمر فيه أو نهي عنه.
ثم أن الذي ينبغي للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون رفيقا بأمره في نهيه، لأنه إذا كان رفيقا أعطاه الله سبحانه وتعالى ما لا يعطي على العنف، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف".
 فأنت إذا عنَّفت على من تنصح ربما ينفر، وتأخذه العزة بالإثم، ولا ينقاد لك، ولكن إذا جئته بالتي هي أحسن فإنه ينتفع.
ويُذكر - قديما - أن رجلاً من أهل الحسبة - يعني من الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر - مرّ على شخص يستخرج الماء من البئر على إبله عند أذان المغرب، وكان من عادة هؤلاء العمال أن يحدوا بالإبل، يعني يُنشدون شعرا من أجل أن تخف الإبل، لأن الإبل تطرب لنشيد الشعر، فجاء هذا الرجل ومعه غيره، وتكلم بكلام قبيح على العامل الذي كان متعبا من العمل وضاقت عليه نفسه فضرب الرجل بعصا طويلة متينة كانت معه - فشرد الرجل وذهب إلى المسجد والتقى بالشيخ - عالم من العلماء من أحفاد الشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله وقال: إني فعلت كذا وكذا، وإن الرجل ضربني بالعصا، فلما كان من اليوم الثاني ذهب الشيخ بنفسه إلى المكان قبل غروب الشمس، وتوضأ ووضع مشلحه على خشبه حول البئر، ثم أذن المغرب فوقف كأنه يريد أن يأخذ المشلح، فقال له: يا فلان ... يا أخي جزاك الله خيرا، أنت تطلب الخير في العمل هذا، وأنت على خير، لكن الآن أذن للمغرب، لو أنك تذهب وتصلي المغرب وترجع ما فاتك شيء، وقال له كلاما هينا، فقال له: جزاك الله خيرا، مرّ علىّ أمس رجل جلف قام ينتهرني، وقال لي كلاما سيئا أغضبني، وما ملكت نفسي حتى ضربته بالعصا، قال: الأمر لا يحتاج إلى ضرب، أنت عاقل، ثم تكلم معه بكلام لين، فأسند العصا التي يضرب بها الإبل ثم ذهب يصلي بانقياد ورضا.
وكان هذا لأن الأول عامله بالعنف، والثاني عامله بالرفق، ونحن وإن لم تحصل هذه القضية فلدينا كلام الرسول  صلى الله عليه وسلم، يقول: "إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف".
ويقول  صلى الله عليه وسلم: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما ينزع من شيء إلا شانه" فعلى الآمر أن يحرص على أن يكون أمره ونهيه رفيقا.
الشرط الثالث: أن لا يزول المنكر إلى ما هو أعظم منه، فإن كان هذا المنكر لو نهينا عنه، زال إلى ما هو أعظم منه، فإنه لا يجوز أن ننهى عنه، درءا لكبرى المفسدتين بصغريهما، لأنه إذا تعارض عندنا مفسدتان وكان إحداهما أكبر من الأخرى، فإننا نتقي الكبرى بالصغرى.
مثال ذلك: لو أن رجلاً يشرب الدخان أمامك فأردت أن تنهاه وتقيمه من المجلس، ولكنك تعرف أنك لو فعلت لذهب يجلس مع السكارى، ومعلوم أن شرب الخمر أعظم من شرب الدخان، فهنا لا ننهاه، بل نعالجه بالتي هي أحسن لئلا يؤول الأمر إلى ما هو أنكر وأعظم.
ويُذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عليه مرّ بقوم في الشام من التتار ووجدهم يشربون الخمر، وكان معه صاحب له، فمرّ بهم شيخ الإسلام ولم ينههم، فقال له صاحبه: لماذا لم تنههم؟ قال: لو نهيناهم لذهبوا يهتكون أعراض المسلمين وينهبون أموالهم، وهذا أعظم من شربهم الخمر، فتركهم مخافة أن يفعلوا ما هو أنكر وأعظم، وهذا لا شك أنه من فقهه رحمه الله.
الشرط الرابع: اختلف العلماء رحمهم الله هل يشترط أن يكون الآمر والناهي فاعلاً لما أمر به، تاركاً لما نهى عنه أو لا؟ والصحيح أنه لا يشترط، وأنه إذا أمر بمعروف أو نهى عن منكر، وإن كان لا يفعل المعروف ولا يتجنب المنكر، فإن ذنبه عليه، لكن يجب أن يأمر وينهى، لأنه إذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكونه لا يفعل المأمور ولا يترك المحظور، لأضاف ذنبا إلى ذنبه، لذا فإنه يجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وإن كان يفعل المنكر ويترك المعروف.
ولكن في الغالب بمقتضى الطبيعة الفطرية أن الإنسان لا يأمر الناس بشيء لا يفعله، بل يستحي، ويخجل، ولا ينهى الناس عن شيء يفعله.
 لكن الواجب أن يأمر بما أمر به الشرع وإن كان لا يفعله وأن ينهي عما نهي عنه الشرع، وإن كان لا يتجنبه، لأن كل واحد منهم واجب منفصل عن الآخر، وهما متلازمين.
ثم إنه ينبغي للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يقصد بذلك إصلاح الخلق وإقامة شرع الله، لا أن يقصد الانتقام من العاصي، أو الانتصار لنفسه، فإنه إذا نوى هذه النية لم ينزل الله البركة في أمره ولا نهيه، بل يكون كالطبيب يريد معالجة الناس ودفع البلاء عنهم، فينوي بأمره ونهيه:
أولاً: إقامة شرع الله.
وثانياً: إصلاح عباد الله، حتى يكون مصلحا وصالحا، نسأل الله أن يجعلنا من الهُداة المهتدين المصلحين إنه جواد كريم".


يستفاد من الحديث



أولًا: وجوب تغيير المنكر بكل ما أمكنه مما ذكر، فلا يكفي الوعظ لمن تمكنه إزالته بيده، ولا القلب لمن تمكنه إزالته باللسان.

ثانيًا: أن الإنكار إنما يتعلق بتحقيق الشيء، وليس على الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر اقتحام الدور بالظنون، إلا إذا أخبره من يثق بقوله: أن رجلا خلا برجل ليقتله، أو بامرأة ليزني بها، أو نحو ذلك مما لا يتدارك، فإنه يجب عليه البحث خوف الفوات.

ثالثًا: أن من قدر على خصلة من خصال الإيمان، وفعلها أفضل ممن تركها عجزا، كما يدل عليه أيضا قوله  صلى الله عليه وسلم في النساء: ( أما نقصان دينها فإنها تمكث الأيام والليالي لا تصلي ) فدل على أن من قدر على الواجب وفعله أولى، وأفضل ممن تركه عجزا، أو معذورا.

رابعًا: المعروف والمنكر بالقلب فرض لا يسقط عن أحد، فمن لم يعرفه هلك وهو دليل على ذهاب الإيمان منه.

خامسًا: إنكار المنكر باللسان واليد، يجب بحسب الطاقة.

سادسًا: القلب له قول وله عمل، قوله عقيدته، وعمله حركته بنية أو رجاء أو خوف أو غير ذلك.

سابعًا: قال ابن عثيمين: "الإيمان عمل ونية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل هذه المراتب من الإيمان، والتغيير باليد عمل، وباللسان عمل، وبالقلب نية، وهو كذلك، فالإيمان يشمل جميع الأعمال، وليس خاصا بالعقيدة فقط، لقول النبي  صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أو قال: وستون شعبة، أعلاها: قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" فقول: لا إله إلا الله قول لسان، وإماطة الأذى عن الطريق فعل الجوارح، والحياء وهذا عمل قلب من الإيمان ولا حاجة أن نقول ما يدور الآن بين الشباب وطلبة العلم: هل الأعمال من كمال الإيمان أو من صحة الإيمان؟ فهذا السؤال لا داعي له، أي إنسان يسألك ويقول: هل الأعمال شرط لكمال الإيمان أو شرط لصحة الإيمان؟
نقول له: الصحابة رضي الله عنهم أشرف منك وأعلم منك وأحرص منك على الخير، ولم يسألوا الرسول  صلى الله عليه وسلم هذا السؤال، إذن يسعك ما يسعهم.
إذا دل الدليل على أن هذا العمل يخرج به الإنسان من الإسلام صار شرطا لصحة الإيمان، وإذا دل دليل على أنه لا يخرج صار شرطا لكمال الإيمان وانتهى الموضوع، أما أن تحاول الأخذ والرد والنزاع، ثم من خالفك قلت: هذا مرجىء، ومن وافقك رضيت عنه، وإن زاد قلت، هذا من الخوارج، وهذا غير صحيح" .

 كتبه الفقير إلى الله تعالى
أبو سامي العبدان
حسن التمام

٭ ٭ ٭



حقوق النشر لكل مسلم يريد نشر الخير إتفاقية الإستخدام | Privacy-Policy| سياسة الخصوصية

أبو سامي العبدان حسن التمام